الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

افتتاحية ( طليعة لبنان الواحد ) عدد آذار 2008
نيسان الذكرى الواحدة والستين
المقاومة المستمرة
حتى شروق الفجر القومي

 

 

شبكة المنصور

طليعة لبنــــان

 

في كل نيسان من كل عام يُضاف إلى سجل البعث عنوان جديد،فمنذ تأسيسه كان البعث يتجدد في نيسان حاملاً العطاءات الكبرى، وهو يحفر في جبل تتراكم على قممه وفي منخفضاته تلال من التخلف والأمراض، فجاء حاملاً علاجاته التي تمس حياة الأمة كلها من المحيط إلى الخليج، فرفع أنشودة العروبة والقومية مبشراً بأنه لا خلاص للأمة إلاَّ بوحدتها، ولا خلاص للتخلف الاقتصادي والاجتماعي إلاَّ بالاشتراكية، ولا علاج للجهل إلاَّ بحرية ينعم بفضاءاتها الواسعة كل إنسان العربي. إنسان يستعيد ثقته بنفسه يسهم في تغيير مسارات التخلف، وتتفجر فيه إرادة العطاء الواعية. وتغيِّر مفهومه التقليدي باعتباره عدداً تابعاً غير فاعل، يقلِّد ويتجمَّد عند حدود إملاءات الطبقة الحاكمة.

وفي كل نيسان، منذ ثورة السابع عشر/ الثلاثين من تموز في العام 1968، كان يطل علينا بالوفرة من حصاد النهوض والتقدم، على طريق بناء أنموذج قومي تجاوز الخطوط الحمراء التي رسمتها الرأسمالية العالمية، وجعلتها سقفاً ممنوعاً على الشعوب الأخرى أن ترتقي فوقه. فالرأسمالية العالمية هي التي بيدها خطط النهوض، وعلى الآخرين أن ينتظموا في طوابير التبعية والالتحاق.

على الأمم الأخرى أن تكون أفواهاً تستهلك، ومن غير المسموح لها أن تنتج.

على الأمم الأخرى أن تقدم ثرواتها لوحوش الرأسمالية لتتسع بها إهراءات غيلان الشركات الكبرى، أولئك الغيلان الذين أعدوا كل مخططات الاستيلاء على لبن الأمم الأخرى وعسلها.

أما العراق، بقيادة البعث، فقد اخترق كل السقوف المرسومة، فأعلن سيادته على ثروته في العام 1972.
والعراق، بقيادة البعث، أعلن أن بترول العرب للعرب، فوضع ترجمة للشعار، ثروته في سبيل الإنماء والتنمية والقضاء على الجوع والتخلف، وعممَّ ثقافة الإنتاج، وحوَّل الشعب العراقي إلى شعب منتج، وطلَّق مرحلة الشعب المستهلك. ووظَّف ثروته من أجل بناء جهاز عسكري دفاعي، يدافع بالطلقة التي تصنعها مختبراته، والصاروخ الذي صنَّعته أيد عراقية وتطلقه أيد عراقية.

فوُضع على أجندة المتمردين على إملاءات غيلان الإمبراطوريتين الأميركية والصهيونية..

وانتقلت الثورة من مواجهة التخلف الداخلي إلى مرحلة الثورة الشعبية المسلحة بعد احتلال العراق.
وبفعل هذه الثورة يطل نيسان هذا العام ببشرى القطاف الأكبر، قطاف معركة الحواسم.

إن معركة الحواسم ليست ككل المعارك. لقد جاءت رداً على المزاعم التي أطلقتها الإمبريالية والصهيونية، ورداً على تهديداتهما للعراق. جاءت تلك التهديدات لتطلب منه الرضوخ للاحتواء أو إعادته إلى العصر ما قبل الصناعي. ولما كان العراق بقيادة البعث عصياً على الاحتواء لأنه يدرك أن الوقوع تحت الهيمنة المعادية سيجعل من العراق تابعاً ومستهلكاً لصناعة الغرب ومؤتمراً بإملاءاته الاقتصادية والسياسية. وموقع المستهلك هو التبعية الاقتصادية بعينها، والقبول بالإملاءات هي التبعية السياسية فعلاً.

إن إعادة العراق إلى العصر ما قبل الصناعي، لها وجهان متشابهان:

-الوجه الأول: يُفرض بسياسة الاحتواء، وهو أسلوب سياسي له قوة التدمير العسكرية. فيصيب عصفورين بحجر واحد: جعل البنى الصناعية الوطنية ملحقات للشركات الكبرى. وسلب البنية السيادية الوطنية والقومية.

-الوجه الثاني: يُفرَض مباشرة بالتدمير العسكري للبنى التحتية الصناعية، لكنه لا يستطيع تدمير البنية السيادية الوطنية والقومية.

وفي معرض الموازنة بين أن تفقد الدول بنيتها التحتية بقوة التدمير العسكرية، تبقى مسألة تدمير البنية السيادية عصية على التدمير، فهي كفيلة بإعادة إعمار البنية المادية. أما لو دُمِّرت هذه فسوف تخسر الدول كل شيء، بما فيها بنيتها الاقتصادية والسيادية معاً. فاختارت قيادة البعث أن تسلك الوجه الثاني مع الاستعمار والصهيونية. وأعدَّت لمقاومة شعبية طويلة الأمد، فبالمقاومة تحرم الاحتلال من الاستقرار الأمني أولاً، وتحرمه من سرقة ثروات العراق ثانياً.

هذا هو المشهد الذي آلت إليه تطورات الوقائع الميدانية: احتلال لكن من دون ضمان لأمن قواته بل قتل وقنص ومعارك دائمة يأتيهم المقاومون من أمامهم وخلفهم. وحرمان من الاستفادة من الثروات وسرقتها.
تلك هي معركة الحواسم، في جانبها العلائقي مع الاحتلال الأم. أما في جانبه الخاص بعملاء الاحتلال من العراقيين وبعض الأنظمة العربية الرسمية، فقد فشل الخونة من العراقيين من بناء نظام سياسي أمني اقتصادي، وكان مصيرهم ليس أقل مأزومية من الاحتلال نفسه. ولما وقع الاحتلال في مآزق لا يستطيع ولن يستطيع أن يجد لها حلاً، فهل يمكن لأنظمة تابعة عميلة أن تنجح فيما فشل فيه المتبوع؟

ودول الجوار الجغرافي، وبالتحديد إيران، فقد راهنت على استغفال الاحتلال الأميركي عندما تسللت تحت قبعته، تحمي عملاءها بخيمة الغطاء الجوي الأميركي، وتتحصن بحديد دروعه البرية، طامعة بالنجاح في الاستيلاء على جنوب العراق، وهو ما عجزت عنه طوال ثماني سنوات من الحرب الطاحنة. لقد فشلت منفردة في تحقيق أطماعها، وهي مأزومة تحت غطاء الاحتلال الأميركي، وهي ستهرب أيضاً تحت غطاء انسحابه، وإذا كابرت وتوهمت أنها ستحقق الاستقرار فإنها ستتعرَّض لأكثر المعارك شراسة من سكان جنوب العراق وشرفائه قبل غيرهم من أبناء العراق في الوسط والشمال.

إن ملامح حصاد نيسان هذا العام أصبحت واضحة وضوح الشمس، وجلية المعالم.

يحمل نيسان تباشير النصر على أجنحة فشل أهداف الاحتلال الأميركي، الواقع الذي أعلنه الشارع الأميركي قبل غيره، كما أعلنته منظومة الدول الكبرى المتواطئة مع إدارة جورج بوش بانسحابها واحدة تلو الأخرى من العراق، كما تعلنه بشكل مبطن كل من روسيا والصين، وهذا ما تؤكده أيضاً سواعد المقاتلين العراقيين وتضحياتهم.

إن المقاومين العراقيين، الذين دخلوا معركة التحدي ضد كل تلك القوى: أميركا والصهيونية، وبعض من الخونة من العراقيين، وبعض الأنظمة العربية الرسمية التابعة لهما، وبعض دول الجوار الجغرافي الواهمة بتحقيق حلم عفى عليه الزمن وأصبح من مخلفات ما قبل العصر القومي العربي.

إن المقاومين العراقيين هؤلاء يحق لهم أن يهتفوا ويفخروا بأنهم ربحوا معركة الحواسم، والدليل على أنها حاسمة هو أنه لأجيال طويلة قادمة لن تجرأ قوة من كل هؤلاء على النظر إلى الأمة العربية كأمة مستباحة الأرض والسيادة والثروات.

فإلى إطلالة نيسان القادم، ستكون الشمس قد أشرقت بعد انبلاج الفجر القومي القادم على حصان البعث، وأحصنة كل من أجادوا في تلقين كل أعداء الأمة العربية درساً في بلاغة المقاومة وخطابها الحاسم في الرد على كل أطماعهم ومراميهم الخبيثة.

فهل من يستجيب لاستراتيجية البعث الحاسمة وملاقاته في وسط الطريق؟

 

 

حول طباعة المقال

 

شبكة المنصور

                                          الاربعاء  /  03  ربيع الثاني 1429 هـ   ***   الموافق  09 / نيســـــــان / 2008 م