الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

شهادة زور امريكية جديدة وشهادة صمت عربي معيبة

 

 

شبكة المنصور

صابرين دياب

 

ابداع مسرحي استعماري جديد,تم التحضير له في سراديب ادارة جورج بوش المعتمة واخراجه وتقديمه على خشبة مسرح الكونغرس الامريكي,في الثامن من شهر نيسان الجاري,وبطلا العمل الدرامي وكيلي الغزو الاحتلالي الامريكي المعتمدين من قبل ادارة عولمة ارهاب الدولة المنظم في العراق المحتل,"الدويتو",الحاكم العسكري الامريكي للعراق,ديفيد بتريوس والسفير الامريكي في العراق كروكر,حول الحالة الامنية السياسية في العراق المحتل خلال الستة اشهر الماضية,اي منذ التقرير السابق الذي قدمه المذكوران امام الكونغرس,ليكبر التساؤل :هل ادت تلبية طلبات بتريوس وكروكر من الكونغرس بزيادة عدد قوات الغزو الامريكي وزيادة الدعم المادي بمليارات الدولارات لدعم الوجود الاحتلالي الامريكي وشراء المرتزقة من العراقيين,هل ادى كل ذلك الى تحسين الوضع الامني السياسي للاحتلال والمحتلين في ارض الرافدين؟.ويجب الا يغيب عن بالنا,ولو للحظة واحدة,ان توقيت عقد جلسة الاستماع الى مندوبي الاحتلال الامريكي في العراق جاء في اوج الصراع والمنافسة على ساحة المعركة الانتخابية الرئاسية والنيابية بين الحزبين المركزيين الممثلين للطغمة المالية العسكرية والمدنية,الحزب الجمهوري"حزب بوش"والحزب الديمقراطي,والتي ستجري في شهر تشرين الثاني من العام الجاري,اي بعد حوالي سبعة اشهر فقط,كما ان توقيت هذه"الجلسة"جاء في وقت مرّ فيه على الاحتلال الانجلو امريكي للعراق خمسة اعوام,وفي وقت يشغل فيه الموقف من غزو العراق واثره على تطور الاحداث الاقتصادية-الاجتماعية والامنية والدمقراطية وحقوق الانسان القضية المركزية على اجندة الصراع بين الحزبين الجمهوري والدمقراطي وبين المتنافسين على كرسي الرئاسة في"البيت الابيض"من كلا الجانبين

طبيعي وبديهي جدا,ان يلجاْ"المختصون"الذين عملوا على صياغة نصوص خطابي بتريوس وكروكر,وبشكل منهجي,الى العمل على تجميل صورة الواقع الماْساوي في العراق تحت ظل الاحتلال,او على الاقل تقزيم واقع ماْساة الشعب العراقي ضحية جرائم المحتل واللجوء بشكل لوجستي لتزوير الواقع ومعطياته لاظهار"تحسّن"ما على الوضع الامني السياسي في العراق واستغلال صورة الحقائق المشوهة لرفع اسعار اسهم ادارة بوش وحزبه الجمهوري المنهارة في بورصة المنافسة الانتخابية الى حد انتشار الشائعة والقول ان حرب العراق الثانية ستقود الى تجنيز وسقوط بوش الصغير واليمين المحافظ في الانتخابات المرتقبة
وقد سبق تقديم افادة بتريوس وكروكر ان اعتلى منصة الحديث مرشح الحزب الجمهوري للرئاسة جون ماكين,احد صقور اليمين المحافظ,المقرب من بوش والمؤيد بحماس لاستراتيجية الهيمنة الامريكية كونيا بقوة العدوان العسكري,وفي كلمته عاد وكرر مواقفه العنجهية التي رددها من خلال مسيرة حملته الانتخابية والتي مدلولها تبرير احتلال العراق وشرعنته لحماية مصالح امريكا النفطية ودفاعا عن الامن القومي الامريكي ولمواجهة"قوى الارهاب في المنطقة",وانه يتوجب عدم جدولة زمن الانسحاب من العراق قبل ضمان امن المصالح الامريكية في العراق وتوفير الامن والاستقرار في العراق المحتل,وان اي قرار متسرع بالانسحاب يعتبر هزيمة لامريكا.وهذا المرشح المغامر من انصار نائب الرئيس ديك تشيني ومن الداعين لزرع العراق بقواعد عسكرية امريكية وتقسيم العراق الى دويلات اثنية وطائفية تحت سقف نظام مركزي مربوط بحبال التبعية للامريكان

في افادته,لم نستغرب لجوء الحاكم العسكري للعراق المحتل,بتريوس,الى تزوير الحقائق,واللجوء احيانا الى طرح انصاف وارباع الحقائق,فحسب راْيه ان قرار الكونغرس قبل ستة اشهر بتلبية طلب قوات الاحتلال الامريكي في العراق بزيادة الدعم المادي وعدد قوات الغزو الامريكي لمواجهة تحديات المقاومة العراقية,هذا القرار اثبت مصداقيته على ارض الواقع!!!فمن النتائج"الايجابية"انه انخفض نسبيا عدد القتلى والجرحى من الجنود الامريكيين مقابل زيادة ملحوظة في عدد القتلى من بين الجنود والعملاء العراقيين خدام الاحتلال الامريكي,ولا يذكر بتريوس بالتاْكيد في افادته,الجرائم ضد البشرية والمدنيين العراقيين التي يرتكبها جند الاحتلال الصهيو امريكي وطائراتهم بقصف احياء سكنية مدنية عراقية وممارسة عقوبات اعدام جماعية ضد سكان تلك الاحياء واعتبارهم"دروعا بشرية"لحماية المقاومين مما يشرعن حسب قانون الغاب الامريكي قتل الاطفال والنساء والشيوخ وهدم المساجد والمدارس والكنائس,ويتحدث بتريوس عن استقرار امني نسبي في العراق!!!رغم كل مظاهر الموت والدمار والتشريد والتجويع والتمييز الطائفي المريض الذي شوّه العراق العربي على مراْى من العرب والعالم كله

لقد صدق بتريوس في افادته ان الاحتلال الامريكي"نجح"في لبننة الصراع على الساحة العراقية,بزرع وتاْجيج الصراع الدموي والفتن الطائفية والاثنية والقومية,بين السنة والشيعة,وبين مختلف فرق وفصائل المقاومة العراقية.لقد اعترف بتريوس ضمنيا ان الاحتلال الامريكي في العراق ولمواجهة المقاومة العراقية المشتعلة والمتسعة والمتصاعدة ينفق الاموال الطائلة لاقامة وتطوير جيش من المرتزقة وعصابات مسلحة مدجنة امريكيا تخدم مصالح الاحتلال الامريكي التي تتناقض ومصالح السيادة الوطنية والكرامة الوطنية للشعب العراقي الماجد,وركز بتريوس في افادته على دور فرق وعصابات الصحوة في توفير الامن والاستقرار النسبيين في بعض المناطق والمدن والاحياء العراقية.وفرق الصحوة كما يعرف عنها عبارة عن قوى مختلفة,بعضها يعلن من حيث الموقف انه ضد الاحتلال الامريكي ومن اجل التخلص من براثنه ولكنه من ناحية اخرى ضد هيمنة"فرق القاعدة",اما الغالبية الساحقة من فرق الصحوة فهي عبارة عن عصابات عشائرية وقبلية وغيرها يمولها المحتل ويسلحها مقابل خدماتها ضد المقاومة العراقية,ويستغل المحتل الامريكي عدم وحدة قوى المقاومة العراقية تحت سقف تنظيمي كفاحي واحد للدس وزرع الفرقة والفتنة الطائفية والعقائدية فيما بينها.وقد اعترف بتريوس في افادته الى حاجة المحتل في العراق الى ميزانية اضافية يقرها الكونغرس للانفاق على تمويل اكثر من تسعين الفا من القوات الامنية العراقية المدجنة امريكيا وللانفاق على المرتزقة من عصابات الصحوة.وحذر بتريوس باْن عدم الاستجابة لهذا الطلب سيقضي على"النجاحات"الهشة التي تحققت في مجالي الامن والاستقرار

لقد اقر واعترف كل من بتريوس وكروكر انه لم يتم بعد انجاز الامن والاستقرار المطلق في العراق,ولكن عند الحديث عن عوامل واسباب غياب الامن والاستقرار فانهما يركزان على عوامل واسباب خارجية وكان وجود الاحتلال الجاثم على صدر وارض الشعب العراقي وما يرتكبه من جرائم همجية بحق البشر والحجر والشجر بريئ من دم عثمان!!وركز مندوبا الاحتلال في العراق بتوجيه اصبع الاتهام الى النظام الايراني وتحميله مسؤولية احداث القلاقل في العراق ودعم بعض القوى والميليشيات الشيعية مثل التيار الصدري وجيش المهدي,وغيرهم في مقاومة الاحتلال الامريكي وضرب"المنطقة الخضراء"المحصنة امريكيا بالصواريخ وادق الاجهزة الراصدة للهجمات المسلحة,وتبدو المفارقة والتجاذبات الامريكية الايرانية في العراق عجيبة غريبة,ولكنها ليست وليدة الصدفة,ولا احد يقدر ان ينكر ان لايران نفوذها في العراق العربي المحتل,ولها مصالحها فيه ومنطقة الخليج ايضا,ويعمل نظامها ليكون له دور مركزي على ساحة التطور في الشرق الاوسط,ولكن نظرة فاحصة لهوية مركبات الخارطة السياسية في العراق المحتل نجد ان الرموز الاساسية من الدواجن الامريكية في حكومة الدمى الامريكية القائمة في العراق المحتل,من رئيس الحكومة المالكي الى رئيس الدولة الطالباني وغيرهما يكنان ولاء مزدوجا للامريكان وايران

وفي راْينا ان تركيز بتريوس وكروكر التحريض على ايران امام اعضاء الكونغرس الامريكي يستهدف احد امرين,اما تهيئة الراْي العام الامريكي لتبرير اي عدوان عسكري امريكي على ايران ياْمل المغامرون في"البيت الابيض"ان يرفع من اسهم الحزب الجمهوري ومرشحه في الانتخابات الامريكية القريبة,وقد صرح بوش مؤخرا باْن بلاده ستدافع عن مصالحها اذا ما اقتضت الضرورة الى ذلك وكان هذا التصريح بعد مراوغته بالقول ان امريكا لا تنوي مواجهة ايران عسكريا,واما استغلال هذا التحريض للضغط على النظام الايراني لاستئناف المحادثات الامريكية-الايرانيةحول العراق العربي المحتل,وبهدف التقاسم الوظائفي في خدمة مصالح الطرفين

وبالتاْكيد لم تنس سهام تحريض بتريوس وكروكر التي طالت سوريا واتهامها باْنها لم تعمل وتنشط كفاية لمنع عبور مقاومين وقوافل مقاومين للاحتلال الامريكي عبر الحدود السورية الى العراق.كما طالت سهام بتريوس وكروكر مختلف الانظمة العربية,خاصة"المعتدلة"منها والمرضي عنها امريكيا وصهيونيا,مطالبة اياها الاعتراف بواقع الاحتلال الامريكي للعراق ومهر ذلك بفتح سفارات لها في بغداد الرشيد تشرعن حكم دمى الاحتلال الاجنبي

ومن المثير للاسى, صمت الصوت العربي ازاء شهادة الثنائي بتريوس وكروكر التي بثّت رسالة اساسية تتلخص باْمرين مركزيين خطيرين,الامر الاول,انه لا يجري في الافق الزمني القريب جلاء القوات الامريكية الغازية عن العراق,وان الاحتلال والوجود العسكري الامريكي سيبقى طويلا حتى يتم ضمان امن واستقرار العراق!!!!اي حتى انجاز تحويل العراق الى قاعدة عسكرية امريكية وبلورة نظام مدجن وقادر على حماية المصالح الاستراتيجية الامريكية وابرزها ولايتها الاسرائيلية,وبتريوس تحدث عن تجميد وتقليل عدد القوات خلال 45 يوما بعد تموز القادم من العام الجاري.والامر الثاني,انه لمواجهة المقاومة العراقية وحماية مصالح الاحتلال الاقتصادية النفطية والاستراتيجية,لا مفر من زيادة ميزانية الدعم المادي من الخزينة الامريكية للانفاق على قوى الاحتلال وخدامهم, وبالطبع فان النظم العربية عاجزة عن التنديد بتشويه وتجريح العراق كما عجزت عن الاعتراض من اسر الرئيس العراقي الراحل صدام حسين ثم جريمة اغتياله تلك الجريمة التي انبثقت من الجريمة الاكبر والاعظم-غزو العراق وتدميره-وما كنا ناْمله من الجامعة العربية على الاقل ان يخرج امينها العام او ممثل عنه"ويبدي تذمره"من مدلولات شهادة الزور الامريكية,وذلك اضعف الايمان بحق اعرق بلد عربي لم يقصّر بحماية الامن القومي العربي ونصرة قضاياه .

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

                                            الاثنين  /  08  ربيع الثاني 1429 هـ   ***   الموافق  14 / نيســـــــان / 2008 م