بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

جابرعثرات الكرام ... عراقي

 

 

 

 

شبكة المنصور

عبيد حسين سعيد

 

تأنف الطبيعة البشرية إلا أن تبغض كل ما يخالف طباع السمو بالإنسان نحو ذرى المجد والخلود الأبدي.

فليس كل من يملك مالاً غنياً وليس من يعدمهُ فقيرأ إلا إذا اشترك عامل الإثرة .ولكي نكون اقرب إلى نبغي ففي إحدى الغزوات جيء بنسوة عربيات فقامت من بينهن واحدة وقالت: يا محمد انا ابنة الذي كان يفك العاني ,ويقري الضيف,الآمن دخيلهُ الحافظ لجواره .... فقال رسول الله:فكوا وثاقها فأنها ابنة حاتم الطائي لو أدرك أبوك الإسلام لدخل الجنة بكرمه....

ومن أروع القصص في التاريخ العربي كقصة (جابر عثرات الكرام)التي تحمل في صفحاتها معاني الكرم, وعزة,النفس, وإعانة الملهوف وما فيها من روائع الصفاة والتي ننشد ونتمنى ونبارك أن تتسع هذه القاعدة ,تعود وتحيا مرة أخرى ويصبح كل واحد منا جابراً لعثرات الزمان تجاه أخيه وان بعدت المسافات وقلت الحيل ولا ننكر إنّ في مجتمعنا الكثير من هذه الحالات وهذه الفضائل التي انعم الله بها على القليل من عباده والله لا يلتفت لعبد بسجية إلاّ محبةً ورضوان .... أبو عبد الله ألشمري جاري منذ عشرات السنين نسكن حي فقير أبوه فلاح طيب فيه من الفطرة قد تخلو من عند الكثير من أقرانه فهو كريم حد أن يندى جبينه توسلاً إن أراد أن يهديك شيئاً أو يحاول أن يكرم ما تيسر مما جادت به الأرض من بركات ويردد هذه( بركة من الله) لم يكن أبو عبد الله آنئذ سوى تلميذ تجاوز للتو المرحلة المتوسطة ولكنه تربى في جو من حب الآخرين يعرفون أو لا يعرفون ...

كبر صاحبنا وكبرت معه أحلامه وتنقل من صنعة إلى أخرى وبسبب دماثة خلقه وحياؤه الجم لم يعرف في قاموس حياته شيء اسمه الطمع او لموضوع اسمه ادخار شيء(لليوم اسود) كانت حياة الرجل مداً وجزْرا استمر الحال إلى العام 2003 وهو العام الذي أحتُلًَُّ فيه العراق واستبيح أهله قتلا وتهجيراً ..طردنا من وظائفنا وتركها آخرون خوفاً على حياتهم وبقينا دون عمل أو راتب تقاعدي يعيننا على التأقلم مع حياة الغربة وفراق الأهل والعشيرة...حياة جديدة,غريبة, ليس لك جار تعرفه ولا رفيق تأمنه بعد أن كنا لا يرد سائلنا ونتحسس حاجة الآخرين دون أن نكلفهم عناء الإفصاح عما يجول في خواطرهم ولكن الله لا يضيع اجر المحسنين فهو يكتب النوايا والأفعال كان الرجل يتصل بشقيقي الأصغر بين فترة وأخرى ويقول له أنا لا ستطيع أن أرد الجميل لأخي الأكبر ولا استطيع أن أتكلم معه بشخصه لأني احتشم منه وله دالّة معي فاتصلت به قلت: أنا اشكر معروفك معي ولكني أريد أن تخبرني أي موقف هذا الذي جعلك تقيم لي هذا الوزن وأنا هو هو ذلك الرجل ابن حارتك قال :أتَذْكُر يوم اتيتك وطلبت منك مبلغاً من مال كنت احتاج إليه وأدركت انك لا تملكه ولكن تهلل أساريرك وردك الجميل أغناني عن أن أعود إليك لآخذ المبلغ وبقي ذلك ديناً وهاجساً يعيش معي. .....هكذا هو العربي يحسب النوايا الطيبة أفعالا ويترجمها إلى مواقف لا تمحى من ذاكرة السنين ويتحين الفرصة للوفاء بدين لم يسجلهُ عليه احد ولكنها الهمّة والانتماء لأمة نادرا ما يخيب جارها ولا يرد سائل سألها فطوبى لها هذه قصة جابر عثرات الكرام ولكنها هذه المرة قصة عراقية....

أمست حلائل ماله تشكو الندى              وتعاتب الطلـــــاب والســـؤّالا
وكذا الكريم إذا أغار على العلى             أرضى العفاة وأسخط الاموالا

 

obeadhs@yahoo.com

 

 

 

شبكة المنصور

                                           الخميس /  06  ربيع الاول 1429 هـ   ***   الموافق  13 / أذار / 2008 م