الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

شهادة باتريوس والنصر المستحيل

 

 

شبكة المنصور

محسن خليل

 

في شهادته امام لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ الامريكي ، وعلى مدى ساعات ،توقع اعضاء اللجنة على الاقل ،ان يطلعوا من باتريوس على معلومات جديدة تختلف عن تلك التي قدمها مع كروكر في شهادتيهما في سبتمبر من العام 2007 ، فجاء تقريره والمناقشات التي أعقبته يوم 8/4/2008 عبارة عن اجترار وتكرار للتقرير والشهادة السابقتين . ليس هذا بسبب غبائه أو قلة حيلته ، وأنما امتدادا لنهج قيادته في الكذب والمراوغة على النفس وعلى الشعب الامريكي والعالم وتبريرا لأستمرار الاحتلال .

وفي الدوافع ، صمم باتريوس شهادته بتوجيه من قيادته ودفاعا عن مصالح اللوبي النفطي المهيمن على الادارة في واشنطن ،و صاغ تقريره ، بلغة سائبة النهايات ، تقول الشيء ونقيضه ،وتَعِدْ وتتنصل مما تَعِدْ في الجملة ذاتها ،وترسم صورة للواقع العراقي كما قررتها خطة الغزو والاحتلال وليست كما هي على الارض . ولم يعالج مشاكل جنوده القاتلة في العراق الا بصورة عابرة ،فقفز على أعداد القتلى والمعاقين وذوي الامراض العقلية ومدمني المخدرات ، ومشاكل التطوع ، وصعوبات التمويل وغير ذلك .. اما حال العراقيين فقد وصفها بعبارات ملونة وذكر ما ينعمون به من ترف ديمقراطية العراق الجديد وخيرات عشرات المليارات التي تنفقها الحكومة من اجل راحتهم وتوفير العمل والخدمات والامن لهم ، ومراعاة لمشاعرهم أستخدم كلمة الوفيات ليشير الى اعداد القتلى الذين يسقطون بأيدي قوات الاحتلال وميليشيات الاحزاب الحاكمة ،فهؤلاء متوفون ولم يقتلهم احد ..

لخص منجزات قوات الاحتلال التي تحققت بفضل تطبيق خطة زيادة القوات مطلع عام 2007 والتي أكتمل وصولها في يونيو حزيران 2007 بالنقاط التالية (انخفاض مستويات العنف والوفيات بين المدنيين انخفاضا مهما ،تسديد ضربات خطيرة إلى القاعدة وعدد من العناصر المتطرفة الأخرى ،نمو قدرات عناصر قوة الأمن العراقية ،اشتراك ملحوظ من قبل عراقيين محليين في الأمن المحلي ( والمقصود تشكيلات الصحوات العميلة).

والمتابع للشأن العراقي اليومي يدرك أن هذه منجزات وهمية ،وباتريوس نفسه تحسب لهذا الامر وكان يدرك وهو يضع تقريره ان عمليات المقاومة الوطنية العراقية ستنسف منجزاته الوهمية فوراً وعلى الارض ،فختم فقرة المنجزات هذه بعبارة أحترازية تقول (ومع ذلك فإن التقدم الذي تحقق منذ الربيع الماضي هش وقابل لأن يُعكس ) .

وفي معرض تسبيبه لما حققه من منجزات ، عمد الى الخداع والكذب مرة أخرى ، وأعزى التقدم الى عوامل عديدة منها (زيادة أعداد قوات التحالف والقوات العراقية ، قيام قوات التحالف والقوات العراقية بعمليات مشتركة ضد التمرد ، تشكيل الصحوات أواخر العام 2006 ،خفض تهديد القاعدة رغم أنه لا يزال جوهريا وفتاكا).

من بين هذه العوامل حصلت بالفعل زيادة قوات الاحتلال بمقدار 30 الف ، أما قوات الحكومة مع ميليشيات أحزابها الحاكمة : فقد بلغت قبل زيادة القوات اكثر من مليون و200 ألف مسلح ، ومع ذلك لم تستطع تأمين الحماية للمنطقة الخضراء ، أما العمليات المشتركة ،فمنذ تشكلت قوات الحكومة العميلة وهي تقوم بعمليات مشتركة مع قوات الاحتلال ، أما تشكيلات الصحوة فقد بلغت أعدادها 90 ألف ولم تكن فاعلة الا بالوشاية في بضعة مناطق محدودة وليس بالقتال ، ومن السذاجة ألادعاء ان تشكيلات الصحوة حققت ما فشلت في تحقيقه قوات الاحتلال وشركات المرتزقة ، وقوات الحكومة وميليشياتها.. والاكثر أثارة للأستهجان أن كل هذه الحشود حسب باتريوس موجهة للقاعدة وبعض الجماعات المتطرفة فقط ومع ذلك لا يزال تهديد القاعدة كما جاء في التقرير فتاكاً ، أي ان لعبة القاعدة سوف تستمر ولم تستنفذ أغراضها بعد .. أين المقاومة الوطنية العراقية أذن ؟؟

ثم ينتقل باتريوس لتوصيف طبيعة الصراع في العراق ، فيقول (في أيلول/سبتمبر2007، قمت بشرح الطبيعة الأساسية للنزاع في العراق على أنها تنافس بين مجتمعات عرقية وطائفية من أجل السلطة والموارد ) ... والهدف واضح ، وهو تغييب المقاومة العراقية من المشهد العراقي واعتبار الصراع بين العراقيين أنفسهم وأن أمريكا تقوم بمهمة (انسانية) وتحاول كبح الحرب الاهلية بينهم .

أن خفض (العنف والوفيات) لم يحصل نتيجة تحسن الوضع الامني والاستقرار بفضل زيادة القوات الامريكية ، وانما حصل من خلال اصدار تعليمات لقوات الاحتلال وفرق الموت والميليشيات والاجهزة الامنية بتخفيض وتائر جرائمها ضد المدنيين لأظهار جدوى ونجاعة استراتيجية زيادة القوات . والعراقيون يعرفون هذه الحقيقة ...

باتريوس لم ينس ان يركز الاضواء على الدور الايراني في دعم ( العنف ) ، مع ان هذا الدور كان ملازما للأحتلال منذ يومه الاول ، ولكن دوافع التركيز الان على ايران والقاعدة ، كمصادر تهديد لأمن قوات الاحتلال والامن الامريكي هدفه أستثارة مخاوف الراي العام الامريكي للسكوت على بقاء القوات في العراق ، ومادامت المقاومة العراقية قوية وتتطور ،فسيظل الجهد الامريكي منصب على توجيه الانظار الى أن المعركة قائمة بين ايران والقاعدة من جهة والولايات المتحدة (الغيورة ) على العراق من جهة ثانية ..

ختم باتريوس تقريره بتوصيات عملياتية وأستراتيجية وهي كسائر أجزاء تقريره لا تقول شيئاً موضوعيا ، وتفاصيل التقرير كثيرة ، ومتابعتها لا تقدم أضاءآت جديدة لواقع قوات الاحتلال أو لوضع المقاومة العراقية ،وهي لا تختلف في الجوهر عن ألاستراتيجية القومية للنصر التي أعلنها بوش في 2005 ولا عن توصيات لجنة بيكر هاملتون وجميعها لم تملك ما ينقذ الاحتلال من مأزقه . الثابت في تقرير باتريوس رغم المفردات السلبية التي وصف بها الدور الايراني ،هو ان التعاون الايراني الامريكي في العراق قائم على قدم وساق ، وأن الاشتباكات الموقعية هنا وهناك والتي يذهب ضحيتها أبناء العراق البسطاء المتورطون في ميليشيا مقتدى وغيرها ،لا تحرك ضمير أحد لا في قم وطهران ولا في واشنطن ، والمهم عند الطرفان التعاون لسحق المقاومة العراقية وتغذية مخطط أقلمة الفتنة الطائفية وتصديرها الى الاقطار العربية الاخرى ، ففي ذلك ضمان كما يخططون ، لنجاح مشروع الاحتلال ، ونجاح مشروع تصدير ثورة ملالي قم الى الخليج العربي والوطن العربي .

وبحساب بسيط للسنوات الخمس ،هناك في صف الاحتلال يتكدس أكبر حشد للقوة بكل صورها ، في حين تقف المقاومة وحيدة تعتمد على قدراتها الذاتية وعلى التفاف شعب العراق حولها ، والفارق بينهما أن معسكر الاحتلال يضم جنود يقاتلون بدون قناعة ومعهم جيوش من العملاء واللصوص والفاسدين ،وأما جبهة المقاومة فتضم مجاهدين عاهدوا الله وشعبهم على حمل الامانة ومواصلة الجهاد حتى التحرير .. والتحرير قادم انشاء الله طال الزمن أو قصر ..

رايان كروكر قال في شهادته (إن المكاسب وما تحقق في الاشهر الماضية تعتبر هامة، ولكنها هشة وقابلة للتلاشي في الوقت نفسه).وقال أيضا (أنه لا يمكنه ضمان النجاح في العراق لكنه أعرب عن قناعته بأن أي تغيير أساسي في التعاطي الحالي بالشأن العراقي سيؤدي إلى الفشل) . . أما بوش في خطابه يوم 10/4 /2008 فقد أعاد ترديد تلك المقولة التافهة عن أستقبال العراقيين لقوات الاحتلال بالورود بطريقة أخرى أكثر تفاهة وسذاجة .. قال بوش أن (المواطنون الذين كانوا معادين للتحالف في وقت من الأوقات بدلوا مواقفهم وأصبحوا الآن ينضمون الى صفوفنا) .. انتهت المشكلة اذن !!!

 

صحيفة الموقف العربي / القاهرة

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

                                           السبت  /  06  ربيع الثاني 1429 هـ   ***   الموافق  12 / نيســـــــان / 2008 م