الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

مع العام السادس للمقاومة .. يبدأ العد التنازلي لهزيمة الاحتلال

 

 

شبكة المنصور

محسن خليل

 

بعد خمس سنوات على احتلال العراق ، وقعت القوات الامريكية فريسة لسياسة الصدمة والترويع التي طبقتها على الشعب العراقي بهدف ترويعه وأفقاده توازنه وشل قدرته على المقاومة .. اليوم انعكس الوضع ، فقوات الاحتلال هي التي فقدت توازنها وهي التي أصيبت أرادتها بالشلل وهي التي تعاني من الرعب بعدما وصل عدد المصابين منهم بالامراض العقلية والعصبية الى 28% وعدد الذين يعانون من مشاكل الادمان على الكحول والمخدرات والخلافات الزوجية واضطراب علاقاتهم بشكل عام الى اكثر من 85% ، وهو ما يفسر حالة أنهيار معنوياتهم وهستيريا أطلاق نيران بنادقهم العشوائي ضد المدنيين.. فربع الجيش الأمريكي من المجانين رسميا، يقتلون الأبرياء، ويغتصبون الضحايا .. والاسوياء منهم يفتك بهم الخوف من كارثة الاعاقة وشبح الموت الذي يترصدهم أينما حلوا حتى داخل المنطقة الخضراء.. ولم يبق من قدرة جيش أقوى دولة في العالم سوى أستخدام ذراعه الطويلة؛ سلاح الطيران لتدمير المدن والاحياء السكنية وأرتكاب جرائم ابادة جماعية ضحيتها مدنيين أبرياء في محاولة يائسة لوقف المقاومة الوطنية الباسلة وفك ارتباط الشعب الوثيق بها .

في الاسابيع الاولى للأحتلال أصدر تومي فرانكس قائد القيادة المركزية تعليمات صارمة لقواته في العراق موجهة للعراقيين وتقول بلغة المغرور الواثق مما يقول( عليكم ان تستسلموا او نقتلكم)،وطالب قواته بأستخدام أقصى درجات الفتك بالمقاومة التي ظهرت فجأة أمام قواته (أنا مهتم بقتل اولئك الذين يجب قتلهم .. ليعلم الفتيان (أي الجنود) بأن الامر الوحيد الذي سنتفاوض عليه هو: أما ان تستسلموا او نقتلكم ... كونوا قساة في المفاوضات : أما أن تستسلموا او نقتلكم ) .. ورصد بريمر في كتابه (عامي في العراق) وعبر اتصالاته ومراسلاته المباشرة مع بوش شخصيا تطور المقاومة خلال 2003 – 2004 وروى بعض محطات هذا التطور كما رآها هو.. ورغم تقصده الواضح للتقليل من شان المقاومة تلاحظ في صفحات كتابه اعترافات مهمة تتصل برصده الدقيق لمحطات تطور المقاومة .. يذكربريمر في كتابه (قلت للرئيس: دعنا نبدأ بالامن .. الوضع في بغداد يتحسن ولكن لا تزال تواجهنا مشكلات، فالعنف يأتينا من ثلاث جهات : النهابون والبعثيون والمخابرات السابقة). ويضيف (وسأل الرئيس: "ماذا عن الامن في المناطق الاخرى"؟ .. قلت: "مازال هناك المزيد الذي يجب علينا عمله في غرب وشمال بغداد ... ان معظم القوات العراقية التي اختفت بعد الحرب، اختلطت مع السكان وعلينا عمل المزيد لتعقبهم). ثم يشير الى محاولته طمانة عملاء الاحتلال من تنامي قوة المقاومة فيقول (اكدت للجعفري ان "التحالف لن يسمح البتة للبعثيين باستعادة السيطرة على هذا البلد).

وسرعان ما ينتقل القلق من تنامي المقاومة الى بريمر نفسه فيذكر أنه (تم استبدال فريق الحراسة المرافق لي بآخر يضم رجالا اشداء من قوات NAVY SEALS بسبب زيادة الاخطار التي أتعرض لها، هذه الخطوة عززت الاحساس بأن العراق اصبح اكثر خطورة من ذي قبل. فقد اصبح موكبنا يتألف من عربتي همفي مصفحتين، اضافة الى سوبربان مصفحة في مقدمة الموكب، وعدد من القناصة، وسيارتي المصفحة ،وسوبربان اخرى فيها المزيد من القناصة ،وعربتي همفي اخريين تتبعان الموكب).. ويعترف بريمر أن قوة المقاومة أوقفت عملية نهب الشركات الامركية لثروة العراق بأسم الاعمار فيقول (ظل التمرد يشكل تهديدا خطيرا في المثلث السني واجزاء عديدة من بغداد، وهذا بدأ يلقي بظلاله على جهود التحالف لاعادة اعمار العراق. فقد شعر بعض المقاولين الاوروبيين بالخوف من الكمائن والهجمات على سياراتهم ومواقع العمل).

وبريمر كذب في حصره (التمرد) بالمثلث السني ،ودوافع كذبه معروفة ومكشوفة ، أذ لو كان الامر كذلك لأنتظمت اعمال الاعمار في المناطق الامنة المزعومة خارج المثلث !!. وحول تفاهة شلة العملاء أحزاب الاحتلال يقول بريمر في كتابه (سألني الرئيس بوش: ما رأيك بمقترح نقل الصلاحيات والسيادة الى مجلس الحكم .. قلت له : لست متحمسا له، فهؤلاء الناس لا يستطيعون تنظيم مهرجان، فكيف بادارة بلاد ؟!). ثم يصف وضع قوات الاحتلال في الفلوجة فيقول (يوم 5 يونيو .. الوضع في الفلوجة كان يبعث على القلق فالتقارير تشير الى ان كتائب الفلوجة ما زالت تخيب آمال المارينز في ان تعينه على فرض النظام في المدينة). وحول تعاونه مع السيستاني قال بريمر ( ورغم ان آية الله كان رافضا للالتقاء بسلطات الاحتلال، فانني تبادلت معه طيلة الشهور الاربعة عشر الماضية ما يزيد عن 30 رسالة عبر وسطاء عديدين، وهي رسائل أعتبرها من ناحيتي "مفيدة جدا"). وعندما حانت ساعة رحيله عن العراق ، كان بريمر يشعر بالرعب ولم يكن واثقا من انه سيغادر العراق حياً ،ويصف جانبا من هواجسه المضطربة بقوله (لقد ازداد افراد المفرزة المسؤولة عن سلامتي طيلة الاسبوع الماضي قلقا بشأن كيفية اخراجي من البلاد حيا . وكنت طيلة فترة تربو على العام استخدم بصورة شبه دائمة الطائرة سي 130 في تنقلاتي بين داخل العراق وخارجه. وكان هذا النوع من الطائرات مزودا ببالونات حرارية لتضليل معظم الصواريخ ارض جو وليس كلها، وقد اطلقت هذه الصواريخ عدة مرات على الطائرات التي كنت استقلها. والآن يخشى غالاغر ان يحظى الارهابيون بالوقت الكافي لإعداد هجوم صاروخي ضد اي طائرة من طراز سي130).

ويلخص بريمر التطور الذي بلغته المقاومة منتصف 2004 في رسالة الى بوش يقول عنها (عبرت في كتابي الى الرئيس عن خيبتي ازاء عجزنا عن خلق بيئة آمنة فقد اثبتت المجموعات المتمردة انها اكثر تنظيما، وان اختراقها اصعب مما كنا نتوقع ،وأنهم استطاعوا ان يحولوا العراق الى الخط الامامي لحربهم الشيطانية).

كان هذا رصد أنتقائي سجله بريمر من غير أن يقصد لتطور المقاومة في العام الاول من الاحتلال .. أما تعليمات فرانكس التي أصدرها لقواته في بداية الاحتلال فأن فصائل المقاومة العراقية تتداولها في بداية العام السادس للمقاومة ولكن باتجاه معكوس ، فالتعليمات موجهة هذه المرة من قيادات جميع فصائل المقاومة الى مجاهديها وهي تقول ( الامر الوحيد الذي سنتفاوض عليه مع قوات الاحتلال هو ان ترحلوا عن بلادنا او نلحق بكم هزيمة مهينة .. ترحلوا عن بلادنا أو تتحولوا الى جيش من المجانين والمعاقين والقتلى )..

ماهي مؤشرات مصداقية هذه التعليمات ؟ هل وصلت المقاومة الى هذا المستوى من الاقتدار وهي تدخل عامها السادس ؟ نعم ..

1- أن احتلال العراق لم يوقف الحرب يوما واحدا ،أذ أستمرت المقاومة وفق قتالات الحرب الشعبية ،بمجاهدي المقاومة من البعثيين والوطنيين من مختلف التيارات ومن كل العراقيين دون أستثناء ، وامتدت الى كل أنحاء العراق من البصرة الى زاخو . وارتقت تنظيمات المقاومة من مستوى تعبوي بتشكيلات صغيرة ومناطقية الى مستوى السوق بوحدات وصل تعداد بعض فصائلها الى أكثر من فيلق بالمعايير العددية للجيش النظامي الوطني العراقي . وتوحدت عشرات الفصائل في عدد محدود من الجبهات القتالية تمهيدا لتوحيدها جميعا في جبهة واحدة على مستوى الوطن .فأصبحت في الميدان الجبهات الرئيسية التالية

1- القيادة العليا للجهاد والتحرير مكونة من 31 فصيل .

2- جبهة الجهاد والتغيير مكونة من 9 فصائل .

3- جبهة الجهاد والاصلاح مكونة من 4 فصائل .

4- جبهة الجهاد والخلاص الوطني مكونة من 7 فصائل .

والى جانب هذه الجبهات هناك عدد غير قليل من الفصائل مازالت تعمل منفردة ولدى بعضها حوارات مع واحدة أو اخرى من الجبهات القائمة للأنضمام اليها . وجميعها تسعى وتتطلع الى الالتقاء في جبهة واحدة ولن يكون هذا اليوم بعيدا .

2- فشل مشروع الاحتلال بشقيه العسكري والسياسي . العسكري منه اصيب بالاحباط ،وفشلت جميع الخطط العسكرية في التغلب على المقاومة او اضعافها وأضطرت ادارة بوش وقادتها العسكريين الى الاعتراف في نهاية السنة الخامسة للاحتلال بأنهم لم يكسبوا الحرب ،والديمقراطيون من جانبهم يصفون مكابرة بوش بالبقاء في العراق للتغطية على هزيمته في الحرب ويؤكدون أستحالة كسبها ، وهيلاري كلنتون وعدت بسحب القوات الامريكية من العراق خلال 60 يوما اذا فازت بالانتخابات الرئاسية . وسواءً صدقت أم نافقت بوعدها الانتخابي ،فهو يعكس نبض الراي العام الامريكي ورفضه أستمرار الحرب وهذا لا يوفر لبوش بيئة مناسبة لكسب الحرب تحت أي ظرف .انهيار معنويات جنود الاحتلال وارتفاع تكاليف الحرب الى أرقام فلكية لم تخطر على بال أدارة بوش ، وانعكاساتها السلبية على ركود الاقتصاد الامريكي وأرتفاع ديونه الداخلية وعجزه التجاري وتدهور قيمة الدولار وأثارها السلبية على تدفق الاستثمارت في الولايات المتحدة الخ التداعيات المعروفة ، تجعل بقاء الولايات المتحدة في العراق لفترة طويلة بمثابة أنتحار على أسوار بغداد ، وهو ما بدات ترصده مراكز البحوث الامريكية وكبار اعضاء الكونكرس والسياسيين الامريكيين من تراجع هيبة أمريكا عالميا وضعف قدرتها التأثيرية في الاحداث والتطورات العالمية ، واهمالها العديد من الملفات العالمية بسبب أستنزافها في العراق ،الامر الذي قد يغري قوى دولية منافسة مثل روسيا والصين في توريطها بمزيد من الحروب الاقليمية على غرار الحرب في العراق وأفغانستان لأنهاكها وأفقادها موقع الهيمنة المنفرد على النظام الدولي ..

أما سياسيا ن فقد انهارت العملية السياسية وفقدت ثقة الشعب العراقي ، وتعرضت الائتلافات التي تتشكل منها العملية السياسية الى تفكك وانحلال . فالبعض أنسحب من حكومة الاحتلال والبعض الاخر قاطعها ،ومجلس النواب عجز عن عقد جلسة واحدة بنصاب نظامي ومعظم وزراء الحكومة خارج العراق ، والنظام السياسي الذي اوجدته العملية السياسية أشبه بمزاد في سوق شعبي ، لا أحد يحترم الاخر ، لا الرئيس يحترم رئيس وزرائه ولا الاخير يحترم رئيسه ، ولا الوزراء يلتزمون بتعليمات رئيس وزرائهم وكل طرف منهم يصرح على هواه ويعقد اتفاقات مع دول لا يعرف الطرف الاخر عنها شيء، والثقة مفقودة بين الجميع والكل متربص بالكل .. حالة من الفوضى لايوجد نموذج يشابهها في أي مكان من العالم .. اضافة الى ذلك خاضت أطراف العملية السياسية مع بعضها البعض حربا شرسة آخرها الاشتباكات المسلحة في البصرة ومحافظات الجنوب بين جيش مقتدى الصدر من جهة والمجلس الاعلى وحزب الدعوة من جهة ثانية . والخلاصة انهيار على الجبهة العسكرية وأنكشاف بوش أمام شعبه ومنافسيه ، وأنهيار على الجبهة السياسية ورفض عراقي يكاد يكون بالاجماع للحكومة العميلة .

3- مجاهدي المقاومة أنخرطوا في عملياتهم القتالية بدوافع الواجب الشرعي بالدفاع عن الوطن ضد الاحتلال ، وباعوا انفسهم لله وللوطن ،لا ينتظرون سوى رضا الله والجنة لشهدائهم ، والتحرير لوطنهم ، انهم رجال يقاتلون بعقيدة صادقة وباندفاع طوعي ذاتي لا يتلقون أجراً ولا أمتيازاً وكل واحد منهم مشروع أستشهاد في أي لحظة ، ويحتضنهم شعبهم الذي تحمل هو الاخر من التضحيات لدعمهم وحمايتهم ما يفوق التحمل ويتجاوز الممكن دون أن تهتز لديه أرادة المقاومة وتواصلها حتى النصر.

بالمقابل يستند المحتل الى مجاميع من المرتزقة والعملاء أبتداءً باحزاب الاحتلال السبعة وميليشياتها وما سمي بشرطة الداخلية والجيش العميل ، وكل هؤلاء الذين أرتضوا ان يعملوا تحت مظلة المحتل ضد شعبهم لم يحركهم سوى دافع الارتزاق للبسطاء والسذج ،والعمالة لكبار السياسيين ، والاخيرين عندما ارتضوا العمالة فمن أجل ان ينهبوا البلد ويتمتعوا بحياتهم وليس لأفتداء المحتل ومشروعه بحياتهم ،لذلك قبعوا داخل المنطقة الخضراء كالفئران المذعورة ، وحين تأزف ساعة الحسم سيسابقون المحتل في الهروب نحو الحدود .. أدوات المحتل من عملاء وانتهازيين ومرتزقة ومأجورين ومن أرتضى ان يبيع ذمته لن يطول بهم الزمن حتى ينهاروا كليا ، ولن يصمدوا أمام صبر ومطاولة مجاهدي العقيدة والوجب الوطني .. وحرب التحرير بالاساس هي حرب مطاولة وصبر لا يقدر عليها الا المؤمنون أصحاب العقيدة والمثل يقول (النائحة الثكلى ليست كالنائحة المستأجرة) ..

العام السادس للمقاومة هو عام العد التنازلي لأنهيار الاحتلال وهزيمته بأذن الله ..

 

صحيفة الموقف العربي / القاهرة

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

                                           السبت  /  06  ربيع الثاني 1429 هـ   ***   الموافق  12 / نيســـــــان / 2008 م