الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

تقرير عن وقائع المهرجان المركزي الذي أحياه حزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي بمناسبة تأسيس حزب البعث العربي الاشتراكي وانطلاقة المقاومة الوطنية العراقية

 

 

شبكة المنصور

 

 

في حضور شعبي وحزبي وسياسي لافت لبَّى دعوة حزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي للاحتفال بالذكرى الحادية والستين لتأسيس حزب البعث العربي الاشتراكي، والذكرى الخامسة للعدوان على العراق وانطلاقة المقاومة الوطنية العراقية،  و ذلك يوم الأحد في 6 \ 4\ 2008 في معرض الشهيد رشيد كرامي الدولي في طرابلس.

توالى على الكلام الدكتور خضير المرشدي عن المقاومة الوطنية العراقية، والأخ عباس زكي ممثل منظمة التحرير الفلسطينية، والمحامية بشرى الخليل، والأستاذ نزيه كبارة، واختتم الاحتفال الدكتور عبد المجيد الرافعي رئيس حزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي.

استهل الرفيق عمر شبلي المهرجان بأبيات من الشعر مجَّد فيها المناسبة، مُشيداً ببطولات المقاومة الوطنية العراقية، ثم قدَّم الخطباء ضمن هتافات الجمهور التي حيت شهادة الرفيق صدام حسين ورفاقه، كما حيت صمود الأسرى في سجون الاحتلال الأميركي، وبطولات المقاومين العراقيين، وصمود الشعب العراقي في مواجهة الاحتلال الأميركي.

الدكتور عبد المجيد الرافعي: دعوة لتقديم الدعم للمقاومة في العراق. وصهر الشعب اللبناني في مكوِّن وطني. وخيار المقاومة لاستعادة حقوق الشعب العربي الفلسطيني.

الدكتور خضير المرشدي ممثل البعث في العراق: أنجزنا مستلزمات معركة الحسم ضد الاحتلال.

الأخ عباس زكي: المقاومة والوحدة مرتكزات قوة الشعب الفلسطيني.

المحامية بشرى الخليل: المستهدف هو الرابط القومي والأحزاب القومية وليس الأصولي أو السلفي كما يزعم الأمريكي.

الأستاذ نزيه كبارة: علمتنا الأيام أن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة.

كلمة الدكتور عبد المجيد الرافعي:

يطل نيسان هذا العام حاملاً وعوداً تزهر، وآمالاً تتحقق، بعد ان كانت احلاماً كانت منذ واحد وستين عاماً، لتولد اليوم واقعاً جلياً ناصعاً يكلل هامات حزبنا، حزب البعث العربي الاشتراكي.

اعتبر حزبنا، منذ تأسيسه، ولا يزال، أن تناقض الأمة الرئيسي هو مع الاستعمار والصهيونية، و أن المواجهة معهما لا تمر إلاَّ عبر قانون الكفاح الشعبي المسلح فبالكفاح الشعبي المسلح تحصد الامة ثمار النصر، وتُلحق بعدونا الرئيسي الهزيمة تلو الهزيمة.

أيها الحفل الكريم

نيسان هذا العام هو نيسان الحصاد الأكبر،

هو نسيان المقاومة بامتياز

نيسان هذا العام، يتكلَّل بدماء أمينه العام الشهيد صدام حسين، ودماء رفاقه الأبطال طه ياسين رمضان وبرزان التكريتي وعواد البندر، وينقلنا إلى ضفة ثابتة من النصر، ضفة كنا نراها بعين الأمل والرجاء، بينما كان الآخرون يرونها بعين اليأس والمرارة.

نيسان هذا العام لا يزال يتكلل بصمود الأسرى في السجون الأميركية في العراق، وصمود الأسرى في السجون الصهيونية في فلسطين المحتلة.

هؤلاء الأسرى ينتظرون من أصحاب الضمير أن يثيروا قضيتهم بكل معانيها الوطنية والقومية والإنسانية.

نستقبل نيسان هذا العام، بآمال جديدة، ووعود أقلها النصر والتحرير.

نستقبله، ونزف البشرى إلى مؤسسي حزبنا الكبار الذين رحلوا أن حزبهم ينتصر وسيتقدم إليهم بأكاليل النصر والعزة ليكلل ناصيات تماثيلهم وسيعيدونها رموزاً تقرأ فيها الأجيال تاريخ أمتهم المجيدة.

أيها الحفل الكريم

إذا كان حزبنا قد أعلن تأسيسه في نيسان، فهو قد أطلق في العراق في هذا الشهر أيضاً، أكثر المقاومات الشعبية في التاريخ تأثيراً في مواجهة مشروع الشرق الأوسط القديم والجديد. وكانت تتويجاً لاستراتيجيته في الكفاح الشعبي المسلح.

إن حزبنا كان منذ تأسيسه، حزب المقاومة، ولا يزال. راهن عليها، وسار بالأمة إلى طريق الدفاع عن السيادة والعنفوان الوطني والقومي. وأعلنها استراتيجية للتحرير، ودعا إليها في مؤتمراته القومية ونشر ثقافتها منذ أوائل الستينيات، وساندها عندما انطلقت حركة فتح في 1/ 1/ 1965على أرض فلسطين، وأسس جبهة التحرير العربية فصيلاً من فصائل المقاومة الفلسطينية في أواخر الستينيات، ومهَّد لها في جنوب لبنان في أوائل السبعينيات، ودفع من أرواح شهدائه في الطيبة وكفركلا في وقت مبكر. وأسهم في مواجهة الاحتلال الصهيوني في العام 1982، وأعدَّ لها في العراق وأطلقها وقادها منذ العاشر من نيسان 2003.

أيها الحفل الكريم

إن المقاومة الوطنية العراقية، على الرغم من تجهيلها ومحاولة تشويهها فهي قد أنجزت ما لم تنجزه مقاومة أخرى في مواجهة إمبراطوريات الاستيلاء على العالم.

لقد كانت من أهم تمايزاتها، وفرادتها أنها:

1-رفضت إملاءات الإدارة الأميركية، بينما كان الحزب في العراق يُعدُّ العدة لمقاومة شعبية طويلة الأمد.

2-وقفت في وجه العدوان والاحتلال، ووعدت الأمة العربية، بأن المشروع الأميركي سيتحطم على أسوار بغداد، كما أعلنها صدام حسين شهيد الحزب والأمة.

إن الاحتلال يتحطم فعلاً على أسوار كل مدن العراق وقراه، كما يتحطم على أسوار البنتاغون أيضاً، فهناك انتحر عشرة آلاف جندي أميركي أعادتهم المقاومة العراقية معتوهين إلى طاغية العصر جورج بوش.

إن الاحتلال الذي كان يتوهم أنه سيغطي نفقات الحرب من بترول العراق، أرغمته المقاومة على أن يستنزف من جيب المكلف الأميركي ثلاثة آلاف مليار، لو أنفقتها إدارة الشر الأميركية على دول العالم الفقيرة لاجتثت الجوع العالمي من أصله.

كما أرغمت المقاومة الاحتلال على التفتيش عن مخارج مشرِّفة تقيها من شر إعلان الهزيمة. وإن الحركة الاستثنائية الآن التي نلمسها في معركة الانتخابات الرئاسية في أميركا تديرها وتتحكم بنتائجها تداعيات الوضع في العراق.

ففي أميركا يعتبر أكبر الاستراتيجيين والمفكرين والسياسيين والعسكريين، أن إدارة جورج بوش قد أدخلت أميركا في نفق مظلم في العالم، عندما احتلت العراق، وهم يضغطون على إدارتهم من أجل انسحاب مشرَّف منه.

وإننا لا نلمس تلك النتائج وتداعياتها في أميركا نفسها وحسب، بل في كل زوايا العالم، والنظام العربي الرسمي والإقليم المجاور أيضاً.

وفي العالم تبني الدول الكبرى استراتيجياتها المستقبلية على هزيمة المشروع الإمبراطوري في العراق، من روسيا والصين والاتحاد الأوروبي.

وفي الدول الرافضة للهيمنة الأميركية، تبرز ملامح قيام تحالفات بينها، وخاصة بعض دول أميركا اللاتينية.

وإن الشعوب الحرة أسقطت حكوماتها التي ساندت الولايات المتحدة الأميركية في العدوان على العراق كما حصل في اسبانيا وايطاليا واوستراليا

إننا نعتبر أن إسقاط مشروع الشرق الأوسط الجديد سيكون في العراق، وعلى أيدي المقاومة الوطنية العراقية، وإن كل مقاومة أخرى، وإن كانت تصب في مجرى الصراع الأساسي ولمصلحة الأمة، فإنها لن تحبط المشروع وإنما تعيقه إلى حين، لذلك حتى لا تخطئ الأمة في حساباتها، وكي لا تخطئ القوى المخلصة في تقديراتها، نخاطبها بأن أي عمل مقاوم أو ممانع لا يكون استراتيجيا وعمليا ما لم يمر عبر تقديم الدعم والعون للمقاومة في العراق.

كما أن أي قوة تساعد، أو تسهم في تخفيف المآزق الأميركية في العراق، كما يفعل النظام الإيراني تارة تحت صيغ لقاءات أو زيارات على أرض العراق، مع الشيطان الأميركي أو تحت مظلته، لهو عمل عدائي موجَّه ضد الأمة العربية كلها.

أيها الحفل الكريم

لا تزال الإدارة الأميركية نفسها، وعلى وقع خسائرها في العراق، مندفعة لتحصين مواقعها في الوطن العربي، فهي تخشى من أن تنعكس خسارتها في العراق خسارة لمواقع أخرى في الوطن العربي. هذا الاحتمال يدفع بإدارة جورج بوش إلى مزيد من الإمساك بالمواقع الموالية لأميركا تاريخياً، أو المواقع التي تخشى خسارتها. وتأتي في المقدمة منها فلسطين ولبنان، وكذلك في السودان والصومال.

أيها الحفل الكريم

اننا ونحن نحيي الذكرى الواحدة والستين لتأسيس حزبنا يستوقفنا الوضع في لبنان بكل تداعياته  السياسية والاقتصادية والاجتماعية. ففي الجانب السياسي تعيد الازمة انتاج نفسها بشكل أكثر تعقيداً مما شهدته مراحلها السابقة، نظراً للانشطار السياسي والتخندق في المواقع المتقابلة، وتقاذف لائحة الشروط والشروط المتقابلة في عملية اعادة تركيب السلطة، وبعد أكثر من خمسة أشهر على فراغ في سدة الرئاسة الاولى.

ان الازمة السياسية التي تعصف بلبنان، باتت ترخي ظلالها على كل مناحي الحياة، والمسؤولية فيما آلت اليه الاوضاع إنما يتحملها الجميع دون استثناء، لأنهم غير عابئين بالانكشاف السياسي للبنان امام كل اشكال التدخل في شؤونه الداخلية، وتوظيف تدخلها لخدمة الاستراتيجيات الاقليمية والدولية المتقابلة احياناً والمتقاطعة المصالح احياناً أخرى. وهذا ما يدفعنا لأن نرفع الصوت عالياً، مرددين مع القاعدة الشعبية العريضة، انه كفى ما حل بهذا البلد من تثقيل سياسي وأمني لم يكن في لحظة من اللحظات من أجل إعادة توحيده على الاسس الوطنية ولا تنظيم حياته العامة على قاعدة ديمقراطية الحياة السياسية فيه، وهذا ما جعل كل حل مرحلي لازمته السياسية مجرد هدنة لا تلبث أن تعود وتنفجر بشكل أكثر حدة وأكثر عنفاً مع بروز متغيرات إقليمية ودولية.

واننا في مناسبة تأسيس حزب الوحدة والحرية والاشتراكية، نقول: إن لبنان بحاجة إلى توحيد فعلي أرضاً وشعباً ومؤسسات. وهذه الوحدة لا تكون بإعادة تركيب السلطة على قاعدة المحاصصة الطائفية والمذهبية ، بل بصهر الشعب في مكون وطني يكون أساس الولاء فيه للوطن وليس للطائفة أو المذهب، وتكون المساواة في المواطنية هي الأساس في انتظام الحياة العامة وممارستها الحقوق وتأدية الواجبات، وليست المساواة في دوائر الانتماء الطائفي والمذهبي. وان المدخل الفعلي لذلك هو بإلغاء الطائفية من النصوص كما من النفوس. واذا كان الجميع حريصاً على تنفيذ اتفاق الطائف ،فلينفذوا نصوص هذا الاتفاق عبر تشكيل الهيئة الوطنية لالغاء الطائفية السياسية ووضع الآليات التنفيذية لذلك.

وفي مناسبة تأسيس حزب الحرية، نقول ان الحرية التي ندعو اليها، هي حرية الفرد في ممارسة حقوقه وواجباته وبما كفله الدستور، وممارسة الشعب لحريته في ممارسة حقه في تقرير مصيره بعيداً عن أية تبعية أو وصاية واحتواء، وحماية انجازاته الوطنية التي تحققت بفعل تضحيات ابنائه ومقاومتهم للاحتلال الصهيوني واستعدادهم للتصدي لأي عدوان  قد يتعرض له هذا البلد، وعلى قاعدة وحدة الموقف الشعبي والسياسي، لأن العدو الذي لم يخف اطماعه بلبنان لا يهدد فئة دون أخرى، ولا منطقة دون أخرى بل الجميع يدخلون ضمن مدايات الاستهداف الصهيوني.

وفي مناسبة تأسيس حزب الاشتراكية، نقول ان شعبنا في لبنان بحاجة الى عدالة اجتماعية والى تكافؤ في فرص العمل والى إنماء اجتماعي واقتصادي متوازن، وإنه بدون الحد من الهدر في المال العام وبدون وضع حد لحالة الفساد المستشري وبدون اعادة الاعتبار للقطاعات الانتاجية الاساسية من صناعة وتجارة وزراعة، عبثاً تجري المحاولات للحد من تفاقم المديونية العامة. ولن يطول الوقت كثيراً لتصل البلاد الى الافلاس الاقتصادي.

إننا في هذه المناسبة، مناسبة الذكرى الواحدة والستون لتأسيس حزب البعث العربي الاشتراكي، ندعو كافة القوى السياسية وخاصة تلك التي تملك الموقع المقرر في هذا الفريق او ذاك، للارتقاء الى المسؤولية الوطنية، والاقدام على تقديم تنازلات متقابلة، والاقلاع عن منطق التخوين المتقابل، وذلك عبر انتاج تسوية سياسية تحفظ حقوق الجميع، وتعيد تركيب المؤسسات على أسس متوازنة، وتغلب فيها المصلحة الوطنية على مصالح القوى والفئات وتغلب مصلحة الشعب على مصلحة الافراد، وعندها سيرى الجميع انهم رابحون في المقاييس الوطنية وان وجدوا انفسهم خاسرين في الحسابات الفئوية. وكمدخل سريع لوضع حدٍ لتداعيات الازمة، لا بد من انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وقد اجمع الكل عليه وهو قائد الجيش، وتشكيل حكومة على قاعدة المبادرة العربية. وصوغ قانون جديد للانتخابات، بقانون لا يجب حصره بدوائر تتسع أو تضيق وفقاً لاهواء الفئات النافذة وفق موازين القوى التي تسود في مرحلة من المراحل.

إننا ندعو للاسراع بإعادة تفعيل مؤسسات الدولة، التنفيذي منها والتشريعي والقضائي، لأن لبنان يواجه تحديات خطيرة، وفي الطليعة منها التحدي الصهيوني، كما تحدي المشاريع الاستعمارية الجديدة لاقامة ما يسمى بالشرق الاوسط الكبير، ونموذج العراق هو حي على ذلك.

إن لبنان بحاجة لأن تكون ساحته الداخلية على درجة عالية من التحصن السياسي والوطني كي يكون قادراً على مواجهة الاخطار المحدقة به، ولا سبيل لذلك الا بوحدة وطنية قوية وبانفتاح متفاعل ايجابي مع القوى العربية التي تتصدى للمشروع الاميركي، ومع قوى الممانعة العربية لاجل توفير نصاب لتوازن القوى يكون قادراً على الصمود أولاً في مواجهة هذه الهجمة والتصدي العملاني لها ثانياً على طريق دحرها وامكانات الامة العربية ليست قليلة في هذا المضمار.

أيها الحفل الكريم

تظل فلسطين قضيتنا المركزية ومحور نضالنا القومي، هي في عيوننا وقلوبنا. إذا اتجهنا إلى أي من الجهات الأربع كما قال عنها القائد الحبيب الشهيد صدام حسين، نرى في محنتها خلاصة محنة الأمة، كما نرى في استعادة أمتنا المجيدة لحقيقتها الوحدوية خلاص الأمة.

فلسطين هي قضية العصر، الشاهد على الظلم الدولي وازدواجية المعايير، على زيف ادعاءات الديموقراطية وحقوق الإنسان، كما أنها المعيار الكاشف لتردي النظام العربي المشارك في الجرائم التي ترتكب في العراق وفلسطين وأكثر من بقعة من وطننا الكبير.

إننا أمام ما يتعرض له شعبنا العربي الفلسطيني وما يواجه من مجازر وابتلاع للأرض، وكل أشكال القهر والعذابات، نؤكد أن مسيرة السنوات الطويلة قد أكدت عقم الرهان على التسوية فهي عبثية وهدر للوقت، كما أنها في كل الظروف والأحوال تنازل عن حقوق أمتنا المجيدة.

لذلك فإن المشروع المقاوم، المستند إلى إرادة الشعب وعزمه، يظل هو الخيار الأساس لاستعادة حقوق الشعب العربي الفلسطيني التاريخية والثابتة في أرضه ووطنه.

إننا بهذه المناسبة نشدد على أن الوحدة الوطنية الفلسطينية، بقيادة منظمة التحرير ،ممثل هذا الشعب الشرعي والوحيد، هي أحد أهم وسائل مواجهة التحديات الراهنة، وهي السبيل الضامن لتحقيق النصر. وان أجواء الفرقة والانقسام لا تخدم إلا الأعداء، ولن تعود إلا بالضرر على حركة الشعب الفلسطيني وكفاحه وقضيته العادلة. لذلك نرى في إعلان صنعاء مدخلاً حقيقياً وبداية جدية لاستعادة هذه الوحدة بعد أن أدمت الحالة الانقسامية القلوب وأثارت قلق كل الخيرين والحريصين على فلسطين أرضاً وشعباً وثورة.

ونأمل أن يكون هذا الإعلان مدخلاً لحوار فلسطيني شامل ومعمق بين مختلف الفصائل والقوى الوطنية والقومية والإسلامية الفلسطينية، وصولاً إلى برنامج وطني فلسطيني يعيد للقضية حيويتها ويقدمها للعرب والعالم أجمع أنموذجاً للحق في وجه الباطل، وللعدالة في مواجهة الظلم.

أيها الحفل الكريم

في الوقت الذي كنا ننتظر من القمة العربية الأخيرة أن تفك أسر القضايا الساخنة في الوطن العربي،  في العراق وفلسطين ولبنان، وتعالجها على أسس قومية واضحة،  إلاَّ أنها على العكس من ذلك، فقد أعلنت التمديد لها، واستسلمت لدور التابع للقوى الخارجية وتركتها لقمة سائغة في أيديها.

إن استقالة النظام العربي الرسمي عن مهمته في تعريب كل قضايا الأمة لهي من أخطر المراحل التي نمر بها، وهل هناك أخطر من أن تترك المتآمرين على القضية القومية، فكراً وسياسة ومنهجاً، يلعبون دور الحكم فيها؟

وإذا كان حزبنا قد شخَّص الداء في النظام العربي الرسمي، إلاَّ أنه عقد الأمل على الحركة الشعبية العربية في مناصرة كل مظاهر المقاومة العربية ودعمها ومشاركتها. والحركة الشعبية العربية مطالبة اليوم بدعم جهود المقاومة في العراق وفلسطين ولبنان ودفع المشاريع الاستعمارية المعادية للأمة إلى الانتحار على أسوار بغداد والقدس وبيروت.

***

كلمة الدكتور خضير المرشدي:

كلمة المقاومة العراقية ألقاها الدكتور خضير المرشدي

ممثل البعث في العراق ناطقه الرسمي

بسم اللّه الرحمن الرحيم

السيدات ... والسادة الحضور

الرفيقات ... والرفاق الأعزاء

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يسرني أن أحيِيكم تحية المحبة والتقدير والاعتزاز... وانقل لكم تحيات قيادة البعث في العراق والقيادة العليا للجهاد والتحريِر... وعلى رأسها شيخ المجاهديِن، ورافع رايِة الإيمان والجهاد والمقاومة، المجاهد عزت إبراهيم، أمين عام حزب البعث العربي الاشتراكي، والقائد الأعلى للجهاد والتحرير.. وأنقل لكم تحيات رفاقكم وإخوانكم من مجاهدي ومناضلي البعث في العراق.

كما ويسرني أن احيِي الرفيق المناضل الدكتور عبد المجيد الرافعي نائب الأمين العام للحزب، مع خالص الأمنيات له ولرفاقه المناضلين في حزب طليعة لبنان، بالصحة ودوام التقدم ووافر التوفيق.

إن ذكرى مولد حزبنا العظيم، حزب الرسالة الخالدة، حزب التضحيات والبطولات والمعاني العالية، حزب الأمة المعبر عن آمالها وطموحاتها في الوحدة والحرية والعدالة والتقدم والتي جاءت متزامنة مع ذكرى أكبر وأخطر منازلة بين الأمة ومكوناتها وتاريخها وحزبها العظيِم، وبين أعدائها التاريِخيين الإمبريالية الأمريكية والصهيونية العالمية والفارسية العنصرية، تتطلب منا وقفة نحن أبناء البعث وأبناء العروبة والإسلام، وقفة تتسم بالثبات على المبادئ، والإيمان المطلق والتصميِم والإرادة في تحقيق النصر بهذه المنازلة التاريِخية بين الحق والباطل، بين الإيمان والكفر، بين الحياة والموت.

في العراق يتقابل الاحتلال والمقاومة

ومن هنا اسمحوا لي أيِها الأعزاء أن أدخل في ما أريد أن أقوله عما يجري في بلدكم العراق العظيم، حيث إن هناك احتلال وما سببه من تدمير وقتل وفوضى، ولكن هناك في الوقت نفسه، في بغداد ترتسم معالم نهضة هذه الأمة، وصناعة أمجاد غابت عنها منذ زمن بعيد، حيث الانتصار لكرامة هدرت، وأرواح زهقت، وأعراض انتهكت، وثروات نهبت، وحضارة دمرت، وأنهار من الدماء سالت. نعم إن ما يجري في العراق الآن هي بطولات وتضحيات قل نظيرها في تاريخ الإنسانية، يسطرها رجال العراق من وطنيين وقومييِن وإسلاميين، كان لرفاقكم رجال البعث ومجاهديه شرف الصولة فيها، ويشكلون عناوين بارزة ومهمة في هياكلها وتصدر صفوفها.

إنجازات المقاومة في بناء أسس جبهوية راسخة

هذه المقاومة الباسلة، قد حققت إنجازات كبرى، من المناسب أن أبدأ حديثي حولها لحضرتكم، إنها أعظم وأنبل وأسرع مقاومة في تاريخ حروب التحرير على الإطلاق، هذه المقاومة العراقية التي كانت بحق عراقية المنشأ.. وعراقية المولد.. وعراقية المورد، لم تمد يدها إلى أحد، ولم تمتد إليها يد أحد.

إن هذه المقاومة الباسلة هي مقاومة شعب حر وكريم، وإنها قد ترسخت في ضمير كل عراقي  وعربي ومسلم، بدأت تشكل هياكلها الجهادية بعد أن كانت فصائلاًَ متعددة، ودخلت في حوارات ولقاءات مكثفة على طريق توحيد برامجها الجهادية والقتالية والسيِاسيِة والإعلامية وتكللت تلك الجهود والحمد لله بتشكيل القيادة العليا للجهاد والتحرير والتي بدأت بتوحيد (22 فصيلاً) حتى وصلت الآن إلى أكثر من (30 فصيلاً)، إلى جانبها أشقاء من مختلف القوى الوطنية والقومية والإسلامية والذين هم أيضاً أعلنوا تشكيل جبهات للجهاد في العراق، كجبهة الجهاد والتغيِير، والجهاد والخلاص الوطني، والجهاد والإصلاح، و أن جهوداًَ تبذل وحوارات تجري بإخلاص ونية صادقة لتوحيد هذه الجبهات في قيادة مركزية واحدة أو مجلس وطني واحد لتنسيق عملها الجهادي والسياسي والإعلامي، ومن وراءها قوى وأحزاب وحركات وشخصيات وعشائر ورجال دين ومنظمات اجتماعية كبيرة وشعب عظيم مساند لها ومتبني لخطابها، حيث انخرطت هذه القوى في جبهات وهيئات ومؤتمرات وطنية، الجبهة الوطنية والقومية والإسلامية، التي ينضوي تحت لوائها أحزاب وقوى وتيارات ومنظمات ونقابات مهنية وشعبية تناهض وتقاوم الاحتلال وعمليِته السياسية البغيضة، وهيئة علماء المسلمين، والمؤتمر التأسيسي العراقي وجبهات وتجمعات أخرى مناهضة ومقاومة للاحتلال.

إن هذه المقاومة قد استنزفت قدرات العدو المحتل طيلة السنوات الخمس الماضية وأرهقته، وأردته صريعاً يتمرغ بدمائه في ارض العراق يتوسل بهذا الطرف أو ذاك لإنقاذه من موت محتم... حيث تأكد باعترافهم إن أكثر من ثلث الجيش الأمريكي المحتل للعراق قد أخرجته المقاومة من الخدمة، عندما أعلنوا، إن عدد القتلى تجاوز أربعة آلاف قتيل، وعدد الجرحى تجاوز 40200 جريح عدا عن الإصابات النفسية وحالات الانتحار والهروب من جحيم المقاومة وطلب اللجوء إلى بلدان مختلفة، علماً بأن إحصائيات المقاومة بجميع فصائلها تشير إلى أضعاف هذا العدد من القتلى والجرحى والذين لم يعلن عنهم لأنهم ليسوا ممن يحملون الجنسية الأمريكية من المرتزقة والعاملين في الشـركات الأمنية.

وهذه المقاومة العظيمة قد أكملت تشكيل هياكلها وهيئة أركانها ومؤسساتها القتالية والإدارية والتطويرية حتى إن مجاهدي الفصائل من علماء ورجال التصنيع والتطوير العسكري قد زفوا لنا البشرى بتصنيع أسلحة متطورة وبقدرات وخبرات وإمكانات عراقية مئة بالمئة ستكون عنصراً حاسماً في عملية الصراع الجاري مع المحتل الباغي.

المقاومة أنجزت مستلزمات يوم الحسم

ولا بد من القول والذي هو بشرى للمؤمنين الصادقين من العراقيين والعرب والمسلمين والأحرار في العالم، إن هذه المقاومة الأصيلة المؤمنة قد أكملت مستلزمات يوم الحسم الكبير بطرد المحتل ومن يتعاون معه وتحرير العراق تحريراً شاملاً وكاملاً وعميقاً... وأن ذلك اليوم نراه قريباً كما نرى الشمس في وضح النهار.

إن مقاومتنا اليوم لا تستطيع أي قوة في الأرض النيِل منها، أو التأثير عليها، إنها مقاومة الشعب العظيم، إنها مقاومة البعث العظيم، إنها مقاومة القوى الوطنية والقوميِة والإسلامية، تضم رجالاً من جميع الطوائف والأديان والقوميِات، إنها المقاومة الباسلة الدائمة الخالدة مهما طال الزمن وغلت التضحيات وستتوارثها الأجيال القادمة جيلاً بعد جيل حتى تسحق وتكتسح كل أعداء العروبة والإسلام، هذه هي إستراتيجية المقاومة، ولا نقبل بشيء دون التحرير الكامل والشامل والعميق لوطننا وأمتنا من كل أشكال الاستعمار والهيمنة والسيِطرة والابتزاز والاستغلال والطائفيِة والتطرف والإرهاب والعنصرية حتى نبني دولة العروبة والإسلام، دولة الإيِمان والحريِة المبادئة على أداء دورها التاريخي في الحيِاة.

لا مساومة على ثوابت المقاومة

هناك من يقول، ويعلن، ويصرح من بين العراقيين والعرب بحسن نية أو لعجز أو استسلام للأمر الواقع أو بسوء نيِة وقصد، أو بإيحاء ودفع من العدو المحتل، إن شروط البعث ومجاهديه وحلفائه في الميدان، تعجيزية، وسقفها عالي، وعليهم أن يعيدوا النظر فيها أو بجزء منها، ولهؤلاء ولشعبنا وأمتنا وللعالم أجمع نؤكد ونعلن بصوت عالي، أنه بيننا وبين العدو الغازي المحتل لبلدنا العزيز المجيد، بلد مدمر ومخرب ومهدد في كل قيمه ومبادئه وحرماته ومقدساته، وبيننا وبينه أمة عريقة مجيدة مكبلة بأغلاله وقيوده، وبيننا وبينه أنهار من الدماء الشريفة نزفها شعبنا، ومئات الآلاف من الشهداء والمعوقين، ومئات الآلاف من الأسرى والمعتقلين، والملايِين من المشرديِن الذين نهبت أموالهم ودمرت مساكنهم، وانتهكت أعراضهم، هذا هو الذي بيننا وبين العدو، فكيف يجرؤ البعض ويسمح لنفسه ليقول بما لا يرضي الله والوطن والشعب، القانون الدولي المستباح نفسه يقر بها، ناهيك عن قوانين الله ونواميس الأرض ومقتضيِات الشرف والأخلاق والموقف الوطني ومتطلبات الرجولة الحقة، سوف لن نستردها، ونجبر العدو لكي يدفع ثمنها غالياً إلا بالقوة القاهرة نفسها التي جاءنا بها.

فليسمع العالم كله، ولتعلم كل القوى الخيرة في شعبنا وأمتنا، سيقاتل شعبنا العظيم عبر مقاومته الباسلة جيلاً بعد جيل حتى تحقيق هذا الهدف العزيز وأن منهجنا الإستراتيجي الثابت هو الجهاد الشامل والكامل والعميق وبكل الوسائل، وفى قمتها الكفاح المسلح، مع المقاطعة الشاملة للعدو وعملائه حتى تدمير وتحطيم جبروته وانهياره على أرضنا الطاهرة، أو الإذعان لثوابتنا ثوابت التحرير بدون قيد أو شرط.

وأعلموا أنه من اختار غير هذا الطريق من قوى الجهاد والرفض، فهو إما قد أخطأ الطريق وعليه أن يصحح فوراً ويعود إلى صف الجهاد والمقاومة، وإما قد أراد وذهب إلى جبهة العدو مهما برر أو ادعى ودجل، فلا يلومن إلا نفسه وسوف يندم كثيراً يوم لا ينفع الندم.

وليسمع العالم وليعلم من يريد أن يعلم، أن العدوان والاحتلال لبلدنا باطل ولذلك فكل ما أحدثه في بلدنا هو باطل وغير مشروع، فلا انتخابات ولا دستور ولا سلطة عملية ولا مؤسسات لخدمته، كل ما فوق التراب مما صنعه أو أحدثه العدو باطل ومرفوض ومحارب، انه جهاد مقدس ودائم حتى يهرب العدو من بلدنا مدحوراً مذموماً يجر أذيال الخيبة والخسران، وأن أمامه فرصة الإذعان لإرادة الشعب ومقاومته الباسلة ويعترف بحقوق الوطن كاملة غير منقوصة ويستعد رسمياً لتنفيذها، والخروج فوراً من بلدنا وبدون قيد أو شرط معترفاً بجريمته الكبرى، متعهداً بالتعويض الكامل لكل الخسائر المادية والمعنوية التي أصابت العراق جراء احتلاله الغاشم، عند ذاك سيكون الطريق مفتوحاً لخروجه حقناً للدماء وإيقافاً للدمار، وأن هذا الخيار سوف لن يتحقق، ما لم يعترف على لسان قيادته العليا بشروط وثوابت البعث ومجاهديه وحلفائه وأصدقائه في الميدان.

التفاوض مع العدو مرهون بإعلانه الانسحاب

عندها سنقبل اللقاء معه مباشرة وبدون وسطاء للتفاوض على وضع برنامج لتنفيذها ولمعاونته على الخروج من بلدنا، وستقيم دولة العراق الحرة بل التحرير أفضل العلاقات وأوسعها مع شعوب دول العالم عدا الكيان الصهيوني المجرم المغتصب لأرض فلسطين العربية، على أساس الند للند وعلى أساس المصالح المتبادلة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية واحترام السيادة والاستقلال وإرادة  الآخرين.

ومن أجل ذلك ليس أمامنا كقوى وطنية مناهضة ومقاومة للاحتلال، إلا أن نشكل مرجعية وطنية واحدة تتكلم بلسان واحد وتفكر بعقل واحد وتنطق بخطاب واحد يتضمن حقوق الوطن وثوابت التحرير، إنه الوقت المناسب والحاسم لتشكيل هذه الجبهة لكي تقود الشعب نحو التحرير الشامل والكامل.. وإقامة النظام الوطني الديمقراطي التعددي الذي تكون فيه الكلمة لشعب العراق العظيم في اختيار قيادته وممثليه.

إن هذا العمل يتطلب منا جميعاً أن نضع مصلحة الوطن فوق أي اعتبار، وأن نتسامى فوق جروحنا، وأن لا يتصور أي منا انه فوق الجميع أو أكبر من الآخرين، وأن لا يعتقد أحد بأنه قادر لوحده في قيادة عملية التحرير والبناء.

أيتها السيدات...  أيها السادة

إن ما جرى ويجرىِ في العراق والأمة يتمثل بالحقائق التالية:

الحقيقة الأولى:

إن العدوان على العراق وغزوه كان يستهدف التصدي لمشروع الأمة الحضاري النهضويِ الذي يقوده البعث وتدميره نهائياً، بل إنه تجاوز الخطوط الحمر التي وضعتها هذه القوى لأمم العالم وشعوبها. ولأنه أصبح يمثل تهديداً جدياً وحاسماً لمصالحها الإمبريالية الاستعمارية ليس في وطننا الكبير فحسب بل وفي العالم كله.

وسيبقى هذا الصراع التاريخي بين قطب الظلم والعدوان ممثلاً بالإمبريالية والصهيونية والفارسية، ضد قطب الإيمان ممثلاً في أمة العروبة والإسلام وطليعتها الثورية البعث العربي الاشتراكي وقاعدته الأساسية شعب العراق المجاهد الصابر. إن أي فهم غير هذا الفهم سيبنى عليِه تصرف منحرف ومرتد يتخلى أو يبتعد عن مركز الإيمان والحق، مركز البعث وحلفائه، وانه حتماً سيصب في خدمة معسكر الشر، سواء علم أصحابه أم لم يعلموا، حيث:

-إن قسماً من أعوان المحتل شنوا حملة تشويش كبيرة وعنيفة على عقيدة البعث وفكره ومنهجه ومبادئه وتاريخه وتدمير إنجازاته الحضارية الإنسانية التي حققها في العراق عبر مسيرة 35 عاماً من الكفاح والبناء والإبداع.

-والقسم الأخر للأسف ممن هم من صفوف القوى المناهضة للاحتلال أو تدعي مقاومته، تتصدى للبعث ودوره، بخبث أو حقد أو ضغينة أو قصر نظر، عبر تصريحات وكتابات غير مسؤولة، وهو تطاول على البعث ومجاهديه، لن نقبله من أحد أي كان بعد اليوم.

لهم جميعاً نقول: البعث ومجاهدوه ومناضلوه انتخوا منذ زمن بعيد لأنفسهم ولشعبهم ولأمتهم وللإنسانية، فلم يلقوا السلاح ولم يستسلموا ولم يساوموا ولم يهادنوا، بل انطلقوا منذ اليوم الأول للاحتلال يفجرون ثورة بوجه المحتل الغاشم ويقدمون الشهداء يتصدرهم قائد البعث والعراق شهيد الأمة الخالد صدام حسين، حتى تجاوز من سقط من رجال البعث على مذبح حرية هذا الشعب أكثر من مئة وعشرين ألف شهيد، فهل يخدم التطاول على البعث ومسيرته الرائدة سوى أعداء الله والوطن والدين؟؟...

وهي دعوة للجميع، بل وإنها فرصة التعبير عن الموقف المشرف والأخلاقي والوطني لكل عراقي يناهض ويقاوم الاحتلال وعملاءه، أن يتحالف مع البعث، في مواجهة قوى الشر والعدوان.

ومن هنا نود القول بأن البعث بقيادته المجاهدة في الميدان ممثلة بشيخ المجاهدين عزة إبراهيم، أمين عام الحزب هو، بعث للجهاد والتحرير، وبعثٌ للعروبة والإسلام، وبعث للقيم الخالدة والمعاني العالية، بعثٌ يصنع مستقبلاً زاهراً ومشرقاً ببطولاته وتضحيات رجاله، إنه بعث موحد واحد يمثل شجرة وارفة الظلال ذات أغصان مورقة خضراء يانعة تفيء بظلالها على العراق والأمة. وانه ليس كما يقول البعض من أصحاب الغرض السيئ إن البعث لم يعد بعثاً واحداً، وانه مجموعة من التيارات، وأن هناك انشقاقات وكتل الخ.. نقول لهؤلاء، بأنكم على خطأ مبين، لأن أي حزب كحزب البعث عندما يتعرض إلى ما يتعرض له من رياح سوداء عاتية، فبالتأكيد تتساقط منه ومن شجرته الوارفة كل الأوراق الصفراء والأغصان اليابسة وهذا ما حدث عندما هبت الريح العاتية من قوى الشر ضد شجرة البعث الكبيرة.

ومن هنا نطلق دعوة لكل من اشتطت به الطريق عن مسيرة البعث الشرعية سابقاً وحاضراً ولربما مستقبلاً نقول، بأن حضن البعث دافئ وسفيِنته سفينة الأمان تتسع الجميع إلا أصحاب الخيانة والانحراف لا سمح الله، وما على من يتقول بما يسمى (مجلس قطري)، أو (مؤتمر قطري استثنائي) أو (قيادة مؤقتة)، إلا أن يصحح الشطط الذي تعرض له وأن يعود إلى المنبع الصافي، منبع البعث المجاهد والمقاوم.

الحقيقة الثانية:

إن العدوان والغزو يهدفان إلى الانتقام من العروبة ورسالتها الإسلام الخالد، حيث إن هذا العدو ذهب مباشرة لينتقم في مشروعه من العروبة ورسالتها الخالدة، الإسلام العظيم الذي جسده البعث العربي الاشتراكي كرسالة خالدة حضارية للعرب والإنسانية على امتداد 60 عاماً من النضال والكفاح والجهاد والبناء والإبداع وخاصة في ما تحقق في العراق من تحول حضاري وإنساني وإيماني هائل في حياة الإيمان والمجتمع.

الحقيقة الثالثة:

إن العملية السياسية المخابراتية البغيضة التي جاءت بعد الفشل العسكري للمحتل، وذلك بفعل المفاجأة الكبرى للعدو وللعالم بالرد السريع والحاسم من رجال البعث ومقاومته وكل الخيرين المجاهدين من أبناء العراق في إطلاق المقاومة. ولهذا فأنه لم يعد يعول على الجانب العسكري لأنه قد فشل عسكرياً في العراق وأن عملية استنزافه كبيرة ومؤثرة طيلة عمر الاحتلال. إن هذا الفعل الكبير والمشرف للمقاومة الذي أفشل التفوق العسكري الأمريكي جعلهم يلجأون إلى صفحات وميادين أخرى ومؤامرات واتفاقات ومؤتمرات وحوارات مع دول إقليمية على حساب مصالح شعب العراق وتطلعاته، وأطلقوا عملية سياسية مخابراتية حشدوا لها كل عملائهم وأذنابهم وجواسيسهم من خائني الوطن والذين لم يستوعبوا إلى اليوم، النصر الكبير الذي حققته المقاومة وشعبها العظيم، أمامهم فرصة التوبة والعودة للصف الوطني المقاوم والرافض للاحتلال ونتائجه والعيش بسلام بين صفوف الشعب.

استنهاض طاقات الأمة العربية

أيتها الأخوات... أيها الأخوة

لا بد إذن من وضع برنامج استراتيجي شامل وعميق وبعيد المدى يستوعب كل إمكانات الشعب والأمة وطاقاتها المتاحة كي يتصدى بقوة ووعي عالٍ إلى كل ما يحيط بشعبنا ووطننا وأمتنا من مخاطر، على أن يستند هذا البرنامج إلى المرتكزات الأساسية ومكامن القوة لدينا وذلك بالعودة بقوة وشجاعة وبسالة إلى ما يلي:

1- العودة الحقيقية إلى منهج وفكر وقيم وعقيدة البعث العربي الاشتراكي المؤمن المجاهد، كما عهدناه وعرفناه وآمنا به من قبل، يمثل جوهر الأمة وقوتها وعزمها وإرادتها وتطلعها ونزوعها إلى الانبعاث والتجدد، يرفع شعارها المقدس (أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة) ويحمل أهدافها الكبرى (الوحدة والحرية والاشتراكية). ونتمسك بوحدة الحزب الفكرية والتنظيمية والسياسية ورؤيته الجديدة للأحداث وبرنامجه الجهادي على وفق دستور البعث ونظامه الداخلي وتقاليده الأخلاقية والإنسانية.

2- العودة إلى شعبنا العراقي العظيم، قاعدتنا وأساسنا العريض المتين المجاهد المبدع الولود، شعب الرسالات والحضارات، نستمد من حاضره البطولي الذي أرعب قوى الشرك والكفر والظلم والطغيان والرذيلة في الأرض، ننهل منه كل العوامل المادية والمعنوية والروحية التي نصول ونجول بها على أعدائنا وبها نقاتل ونجاهد أعداء الله وأعداء الإنسانية، وان نؤكد انه لا قيمة لنا بدون البعث، ولا قيمة  للبعث بدون الشعب، الذي هو معينه وأساس قوته ومصدر إلهامه.

3- استنهاض طاقات أمتنا العربية المجيدة، أمة الرسالة الخالدة، أمة الحضارات العريقة ونعود إلى عمقنا الاستراتيجي شعبنا العربي، والذي نعاتبه عتاب المحب ... ونقول له، أين أنتم أيها الأحبة من إخوانكم في العراق؟

أنهم يريدون وقوفكم الدائم معهم في إدانة الغزو والاحتلال ورفضه وفضحه ورفض كل ما يترتب عليه من متغيرات تهدد وحدة العرق وسيادته واستقلاله ولحمة مجتمعه وهويته العربية الإسلامية، ودعم المقاومة العراقية الباسلة بكل وسائل الدعم المادية والمعنوية. ويطالبونكم بالضغط على النظام العربي الرسمي والمجتمع الدولي ومؤسساته الرسمية للاعتراف بالمقاومة الباسلة من أنها الممثل الشرعي الوحيد للعراق وشعبه المجاهد، والاعتراف بحقها المشروع في الجهاد والمقاومة المسلحة لطرد المحتل وتحرير الوطن. يطالبونكم بالعمل الجاد على تجسيد قومية المعركة ووحدتها والربط فكرياً وسياسياً وجهادياً بين مشروعها التحرري في العراق وفلسطين ولبنان، وأن يجري تبادل واسع للخبرات والمعلومات بين هذه المقاومة الباسلة وبين المقاومة الفلسطينية واللبنانية.

4- أن نذهب إلى المجتمع الدولي عبر مؤسساته الشعبية والرسمية بقوة نهز فيها الضمير الإنساني، ولا بد من أن نشير إلى أن كل قوى التقدم والحرية والسلام في العالم مطالبة  اليوم بان توطد علاقاتها مع حركة التحرر في العراق، وأن تفتح أبوابها لاستقبال ممثليِ المقاومة العراقية الباسلة، ودعمها مادياً ومعنوياً وسياسياً وإلا ما معنى ان نقول بأنها قوى للتقدم والحرية والسلام.

حماية حدود العراق الشرقية حماية للحدود القومية

أيتها الأخوات... أيها الأخوة

إذا قرأنا التاريخ، سنجد انه، لم تغز الأمة في تاريخها إلا عبر تحطيم جدارها الشرقي، والعرب اليوم في غفلة أو في تغافل عما يجري في العراق وما سيجري غداً للأمة. ونقول لهم إن نجح مشروع العدوان  الامبريالي الصهيوني الفارسي في العراق لا سمح الله، فسوف لن يبقى من يقف أمامه وقفة شعب العراق ومجاهديه التاريخية، وسوف يسلم له الجميع، وتذهب الأمة إلى غياب طويل لا يعلم مداه إلا  الله والراسخون في العلم من أبنائها البررة.

هكذا أراد العدو ان يمسح العراق من خارطة الأمة وأن يلغي دوره الحضاري الطليعي المبدع في مسيرة الأمة الجهادية التاريخية الحضارية إلى الأبد، وليس مجرد السيطرة على منابع النفط واستغلالها، وليس مجرد تغيير قوى الموازنة بين العرب والكيان الصهيوني كي يعيش ذلك الكيان المسخ بسلام وأمان. وليس مجرد إسقاط النظام الوطني في العراق، نظام البعث ذي الرسالة الخالدة، وإبداله بنظام عميل لتنفيذ مشروع صهيوني بغيض. وليس لإقامة النموذج الديمقراطي الذي تزعمه الإدارة الأمريكية الصليبية المتصهينة فحسب، بل الأهم من تلك النتائج لهذا المشروع البغيض... هو  إلغاء دور الأمة الحضاري الإنساني في الحياة من خلال تدمير العراق واجتثاثه من جذوره العربية الإسلامية التاريخية.

هذا هو معنى قرارهم الهادف إلى ما يسمى اجتثاث البعث، والذي هو في معناه المباشر، الظاهر والباطن، يعني اجتثاث العروبة، والإسلام الذي يمثل رسالتها الخالدة، و اجتثاث تاريخ هذا الشعب وفكره وقيمه، لكي يضيع ولكي يعيش بلا هوية، وبلا أمل وبلا تطلع، لكي يستسلم إلى الأبد لعدوه الإمبريالي الصهيوني.

أين العرب من هذا؟؟

أين حكام الأمة الذين ظلموها؟

أين المسلمون وحكام المسلمين؟؟

أين الجميع مما يجري في قلب الأمة، ومن حولهم؟

أين هم والخطر يدق أبواب بيوتهم ومدنهم وقراهم؟؟؟

أيها الرفاق الأعزاء... أيها الأخوة،

أرجو أن ننظر جميعاً لهذه الحقيقة المرة، وأن يعرفها الشعب العربي وجميع الشعوب الإسلامية والأحرار في العالم، لكي تستعد الأمة للتصدي لهذا العدوان، وأن تضع هذه الحقيقة واضحة ناصعة أمام القوى السياسية الوطنية والقومية والإسلامية الرافضة للاحتلال  والمناضلة في جميع أقطار الأمة، من أجل طرده ولتحرير الوطن.

دعوة لإيران من أجل إثبات حسن نواياها

أيها الحضور الكريم.... يا أبناء امتنا المجيدة... وشعبنا الأبي

أمام هذا كله فان دولة إقليمية مهمة وهي إيران.. قد استغلت وضع العراق وتداعيات الاحتلال الذيِ ساهمت في تسهيل مهمته في العراق منذ اللحظة الأولى، وأصبحت لاعباً أساسياً في المنطقة والعراق تحديداً من أجل تنفيذ مشروع توسعي قائم على الهيمنة والتسلط والنفوذ في المنطقة العربية والإسلامية على وفق مشروع إمبراطوري قديم- وجديد. وفق شعار تصدير الثورة التي رفعته القيادة الإيرانية، وكان من تداعياته شن حرب على العراق دامت ثماني سنوات عجاف راح ضحيتها مئات الآلاف من أبناء العراق وإيران بسبب إصرار إيران على استمرارها. وما لبثت إيران تتدخل في شؤون العراق الداخلية مستغلة بما تعتبره فرصة خلقها الاحتلال الأمريكي للعراق، وبدأت بتنفيذ هذا المشروع باعترافها بحكومة الاحتلال ودعمها، وزيارة رئيسها مؤخراً إلى العراق بحماية أمريكية لإسناد هذه الحكومة، وبدعمها أحزاباً وميليشيات وفرق موت، يشرفون على قيادتها وتجهيزها بالأموال والأسلحة والخبرات، وهي ذاتها أحزاب حليفة و تابعة للمحتل وتشكل أذرعاً لتنفيذ مشروعه البغيِض، رغم ادعاء الحكومة الإيرانية بالتصدي للمشروع الأمريكي في العراق والمنطقة، مجسدة ازدواجية في المعايير ونفاقاً مفضوحاً في ممارسة العمل السياسي.

عند ذلك كله نقول ونعلن موقفاً واضحاً صريحاً باسم البعث ومناضليه ومجاهديه... أن من يريد أن يسقط المشروع الأمريكي- الصهِيوني في العراق والمنطقة، عليه أن يقف مع المقاومة العراقية بجميع فصائلها الوطنية والقومية والإسلامية دون استثناء ويمد لها يد العون والمساندة والدعم المادي والسياسي والإعلامي، وان يتبنى مشروعها التحرري، وأن يعترف بحقوق العراق المثبتة في برنامـج التحرير والاستقلال وفى مقدمتها الاعتراف بالمقاومة كممثل لشعب العراق والعمل معها على إنهاء هذا الاحتلال ومخلفاته، والذي يهدد المنطقة برمتها.

من هنا نستطيع القول بان فضاءات للقاء والحوار يمكن أن تتم مع إيران، بما يعزز العمل الجهاديِ والمقاوم للاحتلال، ويجنب المنطقة والعالم حالة من الصراع والتشرذم والتفتت التي يهدف إليها مشروع الاحتلال، وفي الوقت نفسه تؤسس لعلاقات مستقبلية قائمة على أساس وحدة المصير والشراكة وضمان المصالح المشتركة واحترام حق الجيرة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.

حول التدخل التركي

أما بخصوص تركيا وتدخلها المستمر في الشمال العراقي، فنود أن نؤكد الحقائق التالية:

ذلك إننا في الوقت الذي نرفض فيه أي تدخل في شؤون العراق سواء كان عسكرياً أو سياسياً أو أمنياً أو اقتصادياً أو غير ذلك، فإننا نحمل الحزبين العميلين في شمالي العراق مسؤولية ما يجري، وفي الوقت الذي نحرص أن لا يكون العراق منطلقاً لعمل عسكري يهدد أمن واستقلال ووحدة أراضي تركيا، فإننا نرفض التدخل ذاته من قبل تركيا لفرض أمر واقع على الأرض قد يزيد الوضع في العراق تعقيداً... ونرى أن المدخل الصحيح للحل هو أن تتعاون تركيا مع قيادة المقاومة، بما يؤدي إلى صياغة اتفاقية تعاون بينهما، يضمن دعماً متواصلاً للمقاومة بما يساعد على عملية تحرير العراق من الاحتلال وإسقاط مشروعه البغيض الذي أعطي لعملائه في شمالي العراق فرصة التآمر على وحدة تركيا واستقلالها، كما أعطى ذات الفرصة لهم لتقسيم العراق وتدمير دولته الوطنية.

وللقادة العرب

للقادة العرب .... نقول ان الخطيئة التاريخية التي ارتكبت من قبل الغالبية العظمى من الدول العربية باستثناءات قليلة جداً، في المشاركة الفعلية في العدوان والغزو، أو تقديم الدعم اللوجستي أو المالي أو تسهيل مرور القوات الغازية أو القبول باحتلال العراق، والاعتراف بحكومته العميلة وقبولها عضواً في الجامعة العربية، وما نتج عن ذلك من تدخل إيراني سافر، وحصول هذه الدولة على منطقة نفوذ فيه والتمدد من خلاله إلى المنطقة العربية بأجمعها، وفي قراءة موضوعية لواقع هذا النفوذ سنجد أن الخطر قائم وكبير يهدد جميع دول المنطقة بدون استثناء، وستصل النار إلى الأبواب ان لم تكن قد وصلت فعلاً. والمتابع لما يجري في ارض العرب من تغيير اثني وعرقي وطائفي سيجد الأدلة حاضرة في معظم بلاد العرب... من هنا فان الموقف الوطني والقومي والإنساني والتاريخي الذي يضع حداً لهذا التداعي الخطير هو، بتصحيح الخطيئة الكبرى بحق العراق والأمة، وذلك بوقوف الدول العربية إلى جانب مقاومة شعب العراق ودعمها بجميع وسائل الدعم والاعتراف بها، وسحب اعترافهم بحكومة الاحتلال فاقدة الشرعية والمقومات الوطنية والأخلاقية، ومقاطعة ممثليها وعدم استقبالهم أو الاستماع إليهم على المستوى الرسمي أو الشعبي.

أحداث البصرة تنفيذ لأجندات إقليمية

ولا بد من الإشارة إلى أن الأحداث التي جرت، في البصرة وبعض مدن الجنوب والعاصمة بغداد، فإنها صراعات بين مليشيات تابعة لأحزاب وتيارات تتصارع من أجل النفوذ والمصالح الآنية والاختلاف في معقدات وتوجهات لم تكن بعيدة مطلقاً عن تنفيذ أجندات إقليمية، وأن الفائز فيها، هو خاسر لأنها تجري في ظل الاحتلال وبإرادته ودعمه لهذا الطرف على حساب الطرف الأخر، ولكن الخاسر الأساسي فيها هو أبناء تلك المناطق بسبب ما تعرضوا له من تدمير وقتل ونهب وفوضى، وإنها تصب في مصلحة الاحتلال، لتضيف له مبررات أخرى لإطالة أمد احتلاله للعراق، والقول بان العراقيين غير  قادرين على التعايش مع بعضهم البعض، حتى وإن كانوا من طائفة واحدة. وان تلك الأحداث قد عكست جملة من الحقائق المهمة وهى:

-إن الاحتلال هو المستفيد الأول كما ذكرنا من عملية الصراع هذه والتي تنفذ من قبل ميليشيات ساهمت جميعها بفرق موت قامت بعمليات قتل ضد العراقيين  وتصدت لرجال المقاومة والبعث والوطنيين العراقيين الرافضين للاحتلال وحكومته العميلة وكذلك ارتكبت جرائم كثيرة ضد الكفاءات والكوادر الوطنية العراقية.

-والشيء الثاني أن عملية الصراع الجارية عكست واقع حكومة الاحتلال الهزيل والهش والتي لا يمكنها أن تحكم خارج حدود المنطقة الخضراء... وانها زائلة بزوال الاحتلال.

الدعوة للقاء وطني عراقي لمقاومة المحتل

من هنا ندعو باسم البعث ومجاهديه بأن الطريق مفتوح أمام جميع العراقيين ومن مختلف توجهاتهم وانتماءاتهم وأطيافهم للقاء والحوار الانفتاح والاتفاق والعمل الجبهوي أو التنسيقي المشترك من أجل طرد المحتل وإسقاط عمليته السياسية البغيضة وإزالة آثاره وإفرازاته والحفاظ على وحدة العراق وعروبته وانتمائه الإسلامي ليعود العراق حراً عربياً مسلماً مستقلاً وسيداً لا وجود فيه لأي أجنبي محتل أو عميل.

هذا هو الطريق الصحيح والمبدئي والصادق لمن يريدون تحرير العراق ويدعون بذلك، لا أن يعرقلوا شعار التحرير، وفي الوقت ذاته يشاركون في عمليته السياسية الاستخبارية البغيضة. ولكن للأسف نسمع تصريحات غير مسئولة من هذا الطرف أو ذاك ممن يدعون الوطنية ومقاومة المحتل، تنم عن حقدٍ دفين، ولتنفيذ أهداف دول أجنبية، وذلك من خلال استهداف البعث وفكره وعقيدته والتصديِ لمناضليه بالتصفية والتشريد والاجتثاث مشتركين بذلك مع برنامج حكومة الاحتلال ومنفذين لرغبات وقرارات هذا الاحتلال في تصفية الفكر العروبي الرسالي العميق الذي يمثله البعث العظيم والمساهمة في اجتثاثه.

البعث يفتح صفحة جديدة للتائبين

إننا نعتبر أي موقف يستهدف البعث ورجاله ويستهدف القوى الوطنية والقومية والإسلامية المناهضة والمقاومة للاحتلال من قبل أي كان هذا الموقف، ومهما كانت طبيعة هذا الموقف، إنما يصب في خدمة المحتل بالدرجة الأساس وفي خدمة أجندات دول إقليمية ولربما عربية في استئصال هذا الفكر الذي يمثل جزءاً حيوياً وطليعياً من تاريخ العراق والأمة وحضارتها وقيمها. وإن هذا الموقف بدون شك يكشف النيات السيئة والنفاق السياسي الذي يمارسه البعض باسم الوطن والوطنية وباسم مقاومة المحتل.

ورغم ذلك كله وانطلاقاً من الشعور العالي بالمسؤولية الوطنية وارتقاءاً لمستوى التحدي الذي يواجه العراق والأمة، فان البعث ومجاهديه ومناضليه مستعدين لتجاوز أي خلاف وموقف اتخذ ضدهم من قبل أي كان، ويفتحون قلوبهم وعقولهم وأيديهم وبنية صادقة للقاء والحوار بكل توادد ومحبة، وتجاوز عقد وإضغان وأحقاد الماضي ورواسبه ومخلفاته، وصولاً إلى التحالف والوحدة في مواجهة المحتل ومقاومته وإسقاط نتائجه وكنس إفرازاته.

إنها دعوة خالصة وواضحة من هنا، وفى هذا الحشد المبارك، لكل أبناء شعبنا الكريم بدون استثناء وفقآ لتمسكهم بحقوق الوطن وثوابت التحرير لكي نلتقي ونتحاور ونتوحد، عندما يعلن أي منهم عن تمسكه بهذه الحقوق، فهو حصة البعث والبعثيين، وحصة الوطن والوطنيين، وحصة الأمة بأجمعها سنقف معه ونتعاون ونتكاتف ونقاتل معاً في خندق الإيمان، وعلى هذا الأساس فان المصالحة الحقيقية والوفاق الوطني الصميمي الذي يدعو إليه البعث ويتمسك به ويعمل من أجله هو ذلك الوفاق وتلك المصالحة التي يمكن أن تتحقق مع أي عراقي عندما يتمسك بحقوق الوطن ويرفض الاحتلال وعمليته السياسية وإفرازاته وما نتج عنه، ويتوكل على الله في مقارعة ومناهضة ومقاومة الاحتلال، بغض النظر عن موقفه السابق للاحتلال.

تحيه لشهداء البعث وقادته العظام، القائد المؤسس احمد ميشيل عفلق

وشهيد البعث والإنسانية القائد الخالد صدام حسين.

تحية لشهداء فلسطين ولبنان وشهداء الأمتين العربية والإسلامية.

تحية دائمة للمجاهدين ورجال المقاومة في العراق وفلسطين ولبنان

وتحية لكل من يرفض ويقاوم الظلم والطغيان والاحتلال وعملائه

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

6/4/2008

***

 

كلمة الأخ عباس زكي:

كلمة الأخ عباس زكي ممثل منظمة التحرير الفلسطينية

أهم ما جاء في كلمته:

بداية خاطب الحفل قائلا: يشرفني في هذا المهرجان أن أنقل لكم تحيات الشعب الفلسطيني الذي لا يجمع إلا على هذه المناسبة. مناسبة الاحتفال بتأسيس البعث، وانطلاقة المقاومة العراقية. شعبنا الفلسطيني كان له المصلحة بأمة واحدة. كما يؤمن بأن مواجهة الاحتلال الصهيوني تحتاج إلى الوحدة. والسبب أن الأمة الواحدة ارهبت الأعداء، لذلك فالرسالة الخالدة محل التآمر.

الرسالة كانت تطبق تطبيقاً خلاقاً منذ البداية، وظلت مستمرة على لسان القائد صدام حتى في ظروف استشهاده، وهو الذي ختم حياته بقوله: عاشت فلسطين حرة عربية كما بدأ فيها.

واستطرد قائلاً: لا نستطيع بعجالة أن نعطي للبعث كل حقه. فالعراق في زمن البعث كان له الصدى في العالم، وكان أمل كل عربي يواجه معضلة أو صعوبة. إنه موقع العراقيين الواثقين من أنفسهم، إنها مقاومتهم القومية المستمرة. هذه المقاومة تمد يدها إلى الجميع، ويجب أن لا يزايد عليها أحد بمبررات تنتمي إلى القومية.

واستعرض واقع حال الأمة في هذه المرحلة، وقال: إن ما تمر به المنطقة خطير بعد أن استفرد الأميركيون بحكم العالم. إن عهد بوش يسيء حتى للولايات المتحدة، كما يسيء إلى منطقتنا.

وعن موقع البعثيين في حياة الأمة العربية، أشار إلى أنهم كانوا يؤكدون عروبة العراق، ولهذا أمل الأميركيون في أن ينهوا عروبة العراق بعد القضاء على البعث. ولكن العراق سيبقى عربياً وعلى الأمة أن تنهض.

ووجه التحية إلى: هذا الحزب العظيم، وحتى الآن عزت إبراهيم يقود المقاومة التي تؤكد على أنها ستهزمهم. وأن هذه المقاومة تستدعي منا وقفة جادة نفكر بها:

أين نحن من مقاومة العراق عملياً؟ لا بد من العقول والمؤسسات  أن ترفدها لأن انتصارها سيحمي البوابة الشرقية.

ودعا أخيراًُ إلى أنه لا فرق بين العراق وفلسطين. نحن الآن لا نعرف يوم راحة ويوم هدنة. وان كان لنا أمل وقوة دفع فهو بصمود شعبنا. وأكد على أن الشعب الفلسطيني لن يستسلم وسيبقى صاحب التغيير الأساسي لرد الصاع صاعين.

أما عن الشأن الفلسطيني فقد كشف الأخ عباس زكي، قائلاً: إننا نقوم في هذا الظرف بترتيب بيتنا الداخلي لأننا هبطنا إلى القرارات الدولية والعربية لكي لا يتهمنا أحد بأننا أكثر منه ثورية!!! وإذا أرادوا أن تستمر اللعبة وترحيل الأزمات فنقول لهم إننا أمام خيارات لا تنجح إلا بإعادة العقل لأطراف فلسطينية. نريد أن يراجع كل فصيل فلسطيني نفسه، وأدعو إلى وحدة موقف فلسطيني.

واستطرد قائلاً: كما نحن نؤمن جيداً بأن الفدائي لا يقل أهمية عن الاستشهادي وغيرهم، نؤمن أيضاً بأن المقاومة والوحدة مرتكزات قوة. لذا نقول: استمروا في المقاومة وهو ما سيرفع منسوب التفاهم مع الآخرين.

وخاطب العرب قائلاً: فليتأكد المراقبون والجوار أن دوره سيأتي بعد العراق وأن لا يفرحوا. وعليهم أن يعرفوا أن مواجهة الخط القادم انبعاث جميع القوى للمواجهة.

وختم كلمته بتوجيه تحية إلى الشعب العراقي الأصيل وأن يعرفوا أن العراق لم يكن ملحقاً بأحد.

***

كلمة المحامية بشرى الخليل:

بسم الله الرحمن الرحيم

أيها الأخوة... أيها الأحبة

السلام عليكم

لقد أحس المنظمون صنعاً باختيارهم الفيحاء طرابلس كمكان لهذا الاحتفال... حيث يطيب الكلام أكثر... وتنجلي ألوانه ومعانيه أكثر عندما تتماهى المناسبة مع المكان...

وحيث، في الفيحاء، للعروبة مذاق خاص...

ولانبعاثها، كصلة دمٍ ورحمٍ وثقافةٍ ولغةٍ وتاريخ، بصمة البدايات الأولى...

وحيث في الفيحاء أيضاً... تختلط رائحة زهر الليمون بعبق التاريخ

وحيث في الفيحاء... يختلط هدير نهر أبو علي مع هدير الدم العربي في العروق المقاومة كلما أصاب جرحٌ جنباً في جسد الأمة...

وحيث بين الفيحاء وبغداد العرب حبل موصول وعروة وثقى...

فأكرم بالفيحاء.. وأجمل بها موعد الالتقاط لحظة التقاء جميل بين ولادة البعث وانبعاث المقاومة.

في القلب.. تحية ... ووردةٌ ... وقارورة عطر لكِ.. ولأهليك الآمنين يا طرابلس... يا فيحاء..

أيها الأخوة

في بدايات القرن العشرين ولد البعث كمشروع سياسي مستقبلي لبناء الدولة العربية الموحدة، طارحاً القومية العربية كشعار رئيسي.. عارضاً مفهوماً أخلاقياً لها لا يرتكز على عنصرية عرقية.. بل على بُعدٍ حضاري إنساني ينظر إلى العروبة كثقافة وكخيار استراتيجي، ويرى فيها مصلحة مشتركة وعنصراً جامعاً يتلاءم مع التكوين النفسي والنسيج العصبي للإنسان العربي.

كذلك جعلها نقطة ارتكاز أساسية في مخططه لمواجهة المشروع الصهيوني مشخصاً الصراع الرائد حول فلسطين بصراع "عربي إسرائيلي"... محدداً دور الإسلام فيه كعمق استراتيجي للعروبة.. رافضاً قلب التصنيف، ورافضاً أيضاً المخططات الغربية التي كانت تهدف لوضع الإسلام في مواجهة العروبة.. على اعتبار أنه لا يمكن للمسلم في سيرلنكا أو الهند أو الصين أن يكون معنياً مثلاً ببيت لحم والناصرة أكثر من المسيحي العربي ابن بيت لحم والناصرة...

لقد نجح هذا الفكر بالوصول إلى قيادة دولتين محوريتين في الأمة... دولتان، باستطاعة الممسك بهما أن يمسك بدفة الصراع في المنطقة وأن يدير دفة الأمة في هذا الصراع بالاتجاه الذي يريد..

ولذلك كان دائماً العراق وسوريا هما محور أي مخطط غربي يهدف إلى إضعاف الأمة وتفكيكها...

ومن هنا نفهم لماذا كان استهداف العراق واحتلاله..

ولماذا الإصرار على قتل الرئيس الشهيد صدام حسين ورفاقه..

ولذلك أيضاً لم يكتف الأمريكي بالزلزال الذي أحدثه في المنطقة احتلال العراق وتدميره.. بل أصرَّ، وبشراسة، على "اجتثاث البعث"... ووضع ما يزيد عن 23 ألف قيادي بعثي في المعتقلات وأعدم من أعدم وصفى من صفى..

وهو إنما يقصد بذلك اجتثاث "الفكرة" القومية من العراق.. وأن يستجيب بالتالي العراق سياسياً وثقافياً وفكرياً من العروبة ويدخل في قوقعته الداخلية وحدوده المرتسمة له جغرافياً..

نعم.. هذه هي خارطة المشروع الأميركي لتفكيك المنطقة والذي يرتكز بصورة أولية على إضعاف الرابط القومي.. وهذا ما يجب أن ندركه جميعاً.. المستهدف هو الرابط القومي والأحزاب القومية وليس الأصولي أو السلفي كما يزعم الأمريكي.. وأن الأمريكي في زعمه الحرب على الإرهاب والتطرف الأصولي استهدف الحالات القومية التي لم يسجل لها أنها قامت في أي يوم من الأيام بعمل إرهابي داخل الولايات المتحدة أو أي بلد غربي..

أيها الأخوة

لست داعية بعثية.. ولكنني بدون شك داعية قومية.. حيث في عروقي يهدر الدم عربياً.. وإن القلب عربي.. والعقل عربي.. والعصب عربي، ودماء الجلد عربي، واللسان عربي.. والعنفوان عربي.. والقران عربي... ومحمد عربي... وعمر عربي.. وعلي عربي...

فكيف يمكن أن يرتسموا في داخلي حدودا...

وهل يمكن أي منكم أن يرتسم في داخله حدودا؟

صحيح أن النظام الحزبي جنح نحو الفردية وهمَّش الفكر الآخر..

وصحيح أن الكثير من الأخطاء قد ارتكبت..

إلا أن خطط التعليم والتوجيه والتنشئة التي التزمت تربية الشعب على الانتماء العربي والتمسك بالثوابت القومية..

وتأطير الشعب في منظمات وهيئات، وتدريبها على العمل الجماعي وتنظيم المجتمع المدني وقيادته.. كانت السبب الرئيسي في قوة المقاومة في العراق، وهي التي مكنتها من الإمساك بزمام الأمور بقوة وثبات منذ اللحظات الأولى للاحتلال...

وهي التي مكنت الشعب العراقي من الخروج من صدمة الاحتلال واستعادة توازنه بسرعة قياسية..

وهي التي حالت دون وقوع الحرب الأهلية في العراق، ودون استفحال الحالة المذهبية، التي هي الآن في حالة ضمور بعكس ما خطط لها...

وهي التي وضعت الولايات المتحدة الأميركية في المأزق الكبير الذي تعيشه الآن في العراق...

وهي التي ستؤدي بإذن الله إلى هزيمة المشروع الأميركي في العراق..

فألف تحية للفكر القومي الذي حكم العراق..

وألف تحية للمقاومة العراقية والتي ستحرر العراق..

وألف ألف تحية لشهيد الفكر القومي الرئيس الشهيد البطل صدام حسين ورفاقه من شهداء مسيرة النضال القومي طه ياسين رمضان وبرزان وعواد البندر.

والسلام عليكم

***

كلمة الأستاذ نزيه كبارة:

إن تحرير الشعوب من غاصبيها والأرض من محتليها لا يكون إلا بالمقاومة، فقد علمتنا الأيام أن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة.

والمقاومة حق مقدس تمارسه كل الشعوب المغلوبة على أمرها والمستضعفة والمحتلة أرضها. هي حق مقدس كرسته إعلانات الحقوق والمواثيق الدولية، في نصوص واضحة لا لبس فيها، وهي النصوص التي تحاول بعض الأجهزة، التي تدور في فلك الاستعمار الجديد والصهيونية، تشويه حقيقتها ووصفها بأنها أعمال إرهابية.

والمقاومة التي هي حق مقدس دوافعها نبيلةٌ، تكتسب شرعيتها من الحق في صد المعتدي وإخراج المحتل بالقوة وبالوسائل المشروعة.

ولقد تعرَّض العراق الشقيق لعملية غزو غير مسبوقة قامت به القوات الحليفة، متذرعة بامتلاك العراق أسلحة الدمار الشامل. وقد تبين كذب هذه الادعاءات التي كانت ولا تزال تخفي أطماع الولايات المتحدة الأميركية بثروات العراق ونفطه.

أما الإعلان عن محاربة النظام والتمهيد لإسقاطه بسبب ما أدعته من استبداده وديكتاتوريته، والإيهام بأنها تسعى إلى زرع الديمقراطية في العراق الشقيق فأقل ما يقال فيه إنه من جملة التخرصات: فمن يصدق أن الديمقراطية يمكن أن تفرض على شعب من الشعوب بالحديد والنار؟!

وهل إحراق البلد وتدمير بناه التحتية وإفقار ناسه وتقتيلهم وتشريدهم هو الوسيلة الوحيدة لتصيير البلد ديمقراطياً؟!

وهل الانتقال من أوضاع غير ديمقراطية، حسب ادعاءاتهم، إلى أوضاع ديمقراطية يتم من خارج إرادة الناس المطلوب تصييرهم ديمقراطيين؟!

أولاً يتعارض هذا كلياً مع حق الشعب في تقرير مصيره، وحقه في أن يقرر، بحرية مطلقة، كيانه السياسي، كما نص على ذلك ميثاق الأمم المتحدة، والمادة الأولى من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية؟!

إن الديمقراطية أسلوب حياة، فلا يمكن أن تحصل بين ليلة وضحاها. إنها تحتاج إلى الوعي بأهميتها في ترقية الحياة، والى ممارسة خلاقة ومبدعة في مؤسسات المجتمع كلها: في البيت وفي المدرسة، في الجامعة وفي النادي، في الجمعية وفي النقابة...

أيها السادة

بقدر ما هي أليمة وموجعة الذكرى الخامسة للاحتلال الغاشم، بقدر ما تثير في الأحرار والمقاومين مشاعر العزة والكرامة. وكيف لا؟ أليست المقاومة الوطنية عنواناً على إرادة الحياة فينا؟ أليست المقاومة رمزاً لرفض الظلم والبغي والعدوان، والطريق الأقصر إلى التحرير والنصر؟

حسب المقاومة أنها قاتلت وتقاتل بضراوة، ويستشهد منها أبطال.

حسبها ان مسيرتها لم تتوقف، بل ازدادت عمقاً وتجذرا في أرض الرافدين.

حسب المقاومة أنها أكدت للعالم كله، للصديق وللعدو، أن العراق لم يستسلم وأن شمس الحرية لا بد من أن تستطع عما قريب.

حسب المقاومة أنها أبقت روح المقاومة والممانعة قوية فينا، تضخ الزيت في شعلة التحرر لتضيء في ليل العرب البهيم.

حسب المقاومة شرفا أن المقاوم الذي لا يستشهد يعود إما مكللاً بالغار أو يقع في الأسر ليستشهد من شدة التعذيب، وهو راضٍ قانع بمصيره، لأنه لا يرى لنفسه كرامة إلا إذا كانت كرامة وطنه وأمته مصانة محفوظة.

أيها السادة

من هنا، من طرابلس الأبية، العصية على الذل والهوان، شريكة العرب كل العرب في أفراحهم والأتراح، الرافعة لواء العروبة الحضارية، الرافضة لما يجري في العراق من مآسٍ، المتطلعة إلى عودته واحد موحداً، ليستأنف مسيرته في النهضة، وفي صنع التقدم للأمة العربية، حراً سيداً مستقلاً...

من هنا، من طرابلس تحية إجلال وإكبار لكل شهيد في بلاد الرافدين وفي فلسطين المحتلة وفي الجنوب الصامد..

تحية إجلال لمن حمل على كتفيه إخفاقات الأنظمة وهزائمها، وثار على حياة ليس فيها عزيزا كريما، فحمل الكفن ورحل إلى الشهادة يطلبها، رافضاً ذل الحياة والعفن.

تحية إجلال لمن لا يهدأ ولا يستكين: أنا أعرف أنك لا تنتظر غوثا يأتيك من قمة هنا وقمة هناك، أعرف أنك مدفوع إلى شفا اليأس لتستسلم، وأنك محاصر بأبي لهب، لكنني أعرف أنك والشهادة على موعد، وأن طواغيت العالم يتآمرون عليك وعلى أمتك، وأن كبارنا يتحسسون رؤوسهم خوفاً على الكراسي والمواقع... وأعرف أنك أنت تعرف كل هذا، وأنك لم تيأس، ولم تقنط من رحمة الله.. وأنك ما زلت تؤمن بحقك في حياة حرة كريمة، وباسترجاع أرض هي أرضك وأرض آبائك وأجدادك، وأنك تبذل روحك رخيصة في سبيل أن يبقى عراقك واحداً مواحداً سيداً حراً عربياً.

عجيباً يا شهيد، كيف يقولون عنك إرهابي، ميثاق الأمم المتحدة الذي يفسرونه وفق أهوائهم ومصالحهم يعطيك الحق في تقرير المصير والدفاع عن نفسك وعن حريتك وحرية بلادك واستقلالهم بكل الوسائل؟!

ألست أنت الذبيح، وأنت المظلوم، وأنت المستباحة أرضك وإنسانيتك؟!

أيُّ عدل هو هذا العدل الذي يحكم على المجني عليه بالإعدام، ويطلق سراح الجاني؟!

أيُّ عدل هذا العدل الذي يتعامى عن إرهاب الدولة واغتيال المناضلين، وتدمير البيوت فوق رؤوس أصحابها، وعن إطلاق الصواريخ لقتل الناس وإبادتهم... ولا يرى في مقاومة المعتدي والجاني والغاصب والمحتل إلا إرهاباً؟!

تحية إجلال للأبطال الذين يقاومون المحتل الغاصب وعينهم على شعب يراد له أن يتشظى طوائف ومذاهب، وخوفهم على أرض يراد لها أن تقسم وعلى سيادة يراد لها أن تنتقص، وعلى ثروات وطنية بُردت ولا تزال تبرد؟؟

تحية إجلال لهؤلاء الأبطال الذين عينهم عل علم العراق الذي يزينه (الله أكبر) والذي لا بد من أن يرفرف عاجلاً فوق كل حبة تراب في عراقنا الحبيب.

 

 

حول طباعة المقال

 

شبكة المنصور

                                           الثلاثاء  /  02  ربيع الثاني 1429 هـ   ***   الموافق  08 / نيســـــــان / 2008 م