الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

محنة من ؟؟ أخي الكريم صلاح المختار

 

 

شبكة المنصور

كاظم عبد الحسين عباس  /  اكاديمي عراقي _ بغداد

 

كلما سمعنا عن موقف (قومي – عروبي) جليل من أحد أنظمة العرب تجاه العراق والعراقيين منذ سنوات الحصار الأربعة عشر حتى الاحتلال وما بعده يصعد الى رؤوسنا التساؤل الكبير: كيف يمكن لعربي أن يتخذ هكذا موقف؟ ألا يخجل من أبناء الامة؟ ألا يخجل من أبناء العراق؟ ألا يحسب حساب النظام الذي فتح قلب العراق ليضع فيه أبناء الأمة كلها دونما استثناء ووضع مقدرات العراق كلها تحت تصرف الأمة دونما حساب؟ ألا يخجلون من صدام حسين ورفاقه الذين لبسوا اكفانهم ثلاثون عاما" ليحموا نهضة قومية ولدت على أيديهم في بغداد العروبة؟ الى ان اغتالته يد الغدر والخيانة وهو يهتف عاشت الأمة!!

نحن نرى ان المحنة الحقيقية هي ليست لعراقي حُجز عند الحدود ومُنع من الدخول الى قطر عربي مجاور أو احتجز في مطار قطر عربي وهو يتوجه الى العراق أو الى بلد عربي آخر أو احتجز في دهاليز مباني المخابرات والامن العام التابعة للانظمة العربية أو أُبعد من أرض قطر عربي ليعود الى حيث خناجر الاحتلال والمليشيات الطائفية ومغاوير الداخلية العراقية بانتظاره لتحوله الى محض رقم في مواقع الموت المليونية بين أكداس القمامة أو في الانهار والجداول أو في برّادات الطب العدلي. وهي ايضا ليست محنة الفلسطيني اللاجئ في العراق ومضى على سكنه هنا في هذا البلد سنين طوال وصار هدفا" هو وعياله أطفالا" ونساء وشيوخ الى قنابل اميركا التي لم يكفيها انها قتلته وهجرته من فلسطين فلاحقته الى حيث المنافي والى رصاص المليشيات الطائفية المدعومة بكلاب الشركات الامنية المرتزقة على دماءنا. انها يقينا" ليست محنة أي عربي في أي بقعة من أرض الامة ... بل هي محنة حكام الامة ... وما أعظم هولها من محنة:

فكروا معي ... ماذا حلّ بمناضل عراقي مقاوم أوقفته السلطات الاردنية في مطار عمان لترجعه من حيث أتى خوفا" من مضامين محاضرة سيلقيها في محفل اردني مجاز رسميا" باقامة ندوة او مؤتمر ... أضناه الانتظار وحزّ بنفسه سوء التصرف وأرهقته وطأة الاحساس بالظلم ... مؤكد ... لكنه وهو يعود أدراجه كتب كلمات تُمجد الامة وابناءها الغيارى .. ومئات من عرب كانوا ينتظرون اللقاء به قد صاروا براكين غضب، فتحولوا الى مشاريع لفعل قومي كبير سيأتي, طال الزمن أم قصر. وصحف كتبت ومجلات صورت وفضائيات بثت ... كل هؤلاء, مَن أعلن منهم علنا" وصراحة ومن اختزن كاتما", كلهم تحولوا الى صرخة تاريخ تقض مضاجع الحاكم وتطرد الوسن عن عيونه وتلعن فعله.. تدينه .. تضيّق دائرة الولاء من حوله وتوسع دائرة الرفض حتى تحين ساعة قادمة لاريب فيها حيث يُرفع من قوائم الاسماء اليعربية .. قولو لي, من فضلكم, ماذا يبقى من انسان يُسحب منه اسمه؟

نعم .. انها محنة الحكام الذين فقدوا بوصلة الحركة، وليست محنة ابناء امتنا العظيمة, لان الشعب العربي يستطيع أن يعيش أياما" بلا خبز ويقاتل رمال الصحراء وينجو منتصرا" ويدخل في مصاعب التدريب العسكري ويمتهن السلاح ويمسك القلم فيتدرج من معلم وشرطي ومزارع وعامل بناء وصولا" الى قاض وطبيب ومحام وكاتب وصحفي واستاذ جامعة وضابط .. انساننا العربي يقدر ان يفعل هذا وسواه الكثير ويقدر أن يخوض في كل ماهو معروف وغير معروف من الاهوال ... لكن حكامنا أوهن من أن يتحملوا سطور نقد في جريدة وأضعف من ان يناموا ليلة واحدة من غير فراش ويصعب عليهم الحديث من غير ورقة يحفظون كلماتها قبل موعد التصوير ويخشون السير في الشوارع العامة من غير جيوش الحماية وان ركبوا سياراتهم فهم محاطون بالمدرعات. حكامنا يخشون منا ويهربون من مواجهتنا ويتحسبون إن نجحنا في مدارسنا ويحسبون ألف حساب إن سجلنا براءة اختراع أو فزنا في مسابقة للشعر او تالقنا في فن من الفنون ... ويا ويلنا ثم ويلنا ان أجدنا لعب ورقة في السياسة او العمل النقابي او في الاعلان عن رفضنا لواقع اغبر قد فرضوه علينا بقوة الموت ولمع السيوف والخناجر.

من هو الذي في محنة اذن اخي الحبيب صلاح المختار .. أنت وأنا أم جلادينا؟ ... أنت وأنا وأبن العروبة المظلومة في فلسطين وفي الاردن وسوريا ولبنان ومصر وموريتانيا أم حكامنا الذين سقطوا في وحل الظلام مرتين: مرة حينما يظلمون شعب هذه الامة العظيمة ومرة لانهم ظلمونا ليس بارادتهم بل خضوعا" وخنوعا" لارادة الاجنبي وتنفيذا" لرغباته ومصالحه. أرى صادقا" ومتبصرا" انها محنة الحكام وليست محنة الامة. فامتنا بخير، هي مليئة بالحياة ودليلنا كيف استطاع بضعة ألوف فقط من ابناءها في العراق من انهاك تكنولوجيا وعساكر امريكا ومعها ثلاثين دولة عظمى وكبرى وصغرى بعد شهر واحد فقط من محاولة احتلال العراق. انهم الآن في محنة مدلهمة الظلمة لانهم يرون اسيادهم يتخبطون يبحثون عن سبيل للخلاص من ورطتهم في عراقك العملاق ويتلمسون منفذا" للهرب ... فاين يهرب عندها جلادينا اخي أبا الآوس؟ الامريكان واعوانهم سيهربون الى بلدانهم، فالى اين سيهرب حكامنا؟ مَن اذن هو في محنة حقيقية؟

امتنا وشعبها الخلاق يُبدع وينتج ويقاتل ويقول الشعر البديع ويصنع السلاح في خنادق الجهاد وليس في المصانع. وهم يبحثون عن نساء الليل وعلب الكحول وأحدث قلعات الالبسة الواقية من الرصاص. كيف لا يخشونك وانت تنظر للتحرير والنصر وترتل تراتيل الجهاد المحمدية وهم مرغمين مجبرين يسمون فعلك الوطني القومي الجسور إرهابا ؟. أمتنا تتوحد كل لحظة تمر وتنظر باعمق العبارات التاريخية لوحدتها وهي تتمترس بملايين ابناءها خلف قناعات مشتركة لم يحصل في كل تاريخها ان انسجمت واقتنعت وتوافقت على مثلها من قبل الاّ في زمن الترف المحمدي العربي المقدس... فمن هو الواقع في فخ الرعب ومحنة اللا غد او اللا مستقبل.؟ أمتنا تنتصر لنفسها في فلسطين والعراق ولبنان والجزائر وتتوحد على هدف واحد ... شرف الامة وعرضها ومالها ودينها, وهم يشدَون من جحورهم الى حيث الرذيلة والفرقة والتناحر والااتفاق حتى وهم ياكلون لحم الغزلان على موائد قممهم الفاشلة.

شعبنا العربي في كل مكان يرفع صور شهدائه الخالدين من عمر المختار الى صدام حسين وانت وسواك من ابناء الامة ينظرون لغد مشرق ويوحدون الحشود على هدف مشترك وينظرون باطمئنان الى المستقبل لان الله والتاريخ والحق وقيم الانسانية كلها معهم. وهم راحلون الى حيث لا نتمنى لهم نحن الواقعين تحت ظلمهم. نعم لا نتمنى لهم السقوط التاريخي وعار الجُبن والخذلان. لكنهم ارتضوا الهوان فيالبؤس ما كسبوا في الدنيا وفي الاخرة.

انهم يعيشون محنة حقيقة مذ هدر صوت الامام الشهيد صدام حسين مخاطبا" وفد العراق المفاوض حول المنطقة الحدودية مع الاردن (اعطوهم الارض وقولوا لهم انها حصة الاردن في ثروة العراق !!!!) وحين فاضت خيرات العراق انهارا" على الاردن فحولته من حال الى حال افضل تعشقه كل عيوننا، ويوم احتضنت بغداد سبعة ملايين مصري وسوداني ويمني وتونسي وخليجي! ويوم زغردت نسوة الشام وسيناء لجحافل جيش العراق ولاعراس الشهادة هناك دفاعا عن الامة, ويوم احتضنت بغداد رد الامة الصارم على خيانة من خان وامتدت ذراع العراق تعبر الحدود لتقاتل مع فدائيو فلسطين بالرجال والسلاح والمال، وغير ذلك كثير. فقادهم رعبهم على قدر أسود آت سيلفهم جميعا"، الى ان ياتوا بالامريكان ليذبحوا العراق ومعه يذبحون الولادة العربية الواعدة بالحضارة والدور الانساني الخلاق.

فلا تبتئس يافارسا" عراقيا" يعربيا" سلاحه لسان حق يطالب باحقاق حق, وصوته اعلان عن ولادة الامة من جديد من تحت الانقاض التي ارادوا دفنها تحتها فانقلب السحر على السحرة وحول رجال البعث ومعهم نشامى العراق كارثة الاحتلال الى عرس ولادة رائدة ستطيح بهم كلهم يوم تهرب اميركا، وهو يوم نراه في أفقنا المزدهر بفعل البطولة والشهادة بالعين المجردة. ولا تبتأس اذ ثمة أرض يعربية وشعب يعربي مازالت تحتضنك ولاتبخل عليك بكرم الضيافة، بعضا" من وفاءها لقائد وعراق احبها وقدم لها معاني العروبة وشرف البطولة.

أنت نمت قرير العين يوما" بعد ان اعياك السفر والانتظار, وهم الآن حائرون في كيف يحتوون فعلهم الدوني وكيف يحتوون ردود الفعل التي بدأت ولن تنتهي .... حتى تتوحد أمتنا العظيمة وانت حي ترزق تشهد عصر الانبثاق العروبي المحمدي الجديد باذن الله.

عاش المجاهدون والله اكبر

النصر أو النصر ولاشئ غير النصر

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

                                            الاثنين  /  08  ربيع الثاني 1429 هـ   ***   الموافق  14 / نيســـــــان / 2008 م