بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

جيم ياء شين جيش ... لولاه لا يحلو العيش

 

 

 

 

شبكة المنصور

ضحى عبد الرحمن / كاتبة عراقية

 

قيل سابقا أنما الأمم الأخلاق, عندما كانت هي المقياس الرئيسي لالتزام الدول بالقيم والمبادئ تجاه شعوبها ودول الجوار والعلاقات مع العالم الخارجي, ولكن بعد الزلال الذي هد أركان المعسكر الاشتراكي وانهياره بطريقة قطع الدومينو الواحد تلو الآخر, وبزوغ فجر القطب الواحد تراجع مد موجات الضمير العالمي إلى الخلف وتزايد جزر العولمة والمفاهيم الاصطلاحية الجديدة فتحولت الأمم إلى الأخذ بمقياس القوة وليس الأخلاق سيما في تعاملها مع العالم الخارجي للحفاظ على ديمومة مصالحها, ولتأمين هذا الجانب بدأت بتقوية جيوشها وتسليحها وفق تقنية عالية المستوى وتضاعف معدل الأنفاق العسكري ليهيمن على النفقات العامة في موازين الدول.

من هذا المنطلق رجعت فكرة سباق ألتسلح لتأخذ بعدا جديد وطابعا مختلفا فقد خرجت من شرنقة القطبين العالميين لتمتد إلى دول العالم الثالث التي أدركت أهمية القوة والسلاح للحفاظ على وحدتها وسيادتها وثروتها ومصالحها تجاه أطماع الغيلان الكبار فبدأت بتنمية جيوشها من ناحية العدد والعدة, ومن هذا المنطلق برز عدد من دول العالم قاطعا شوطا كبيرا في هذا المجال ومنها العراق خلال الحكم الوطني السابق, فقد أنفقت الحكومة العراقية بسخاء كبير لتنمية الجيش العراق في ضوء المخاطر المحدقة بالعراق والأمة العربية فالعراق له لمعان وإغراء الذهب بسبب موقعه الجغرافي فهو جسر أرضي يربط بين ثلاث قارات آسيا وإفريقيا وأوربا . كما انه يمثل البوابة الشرقية للعالم العربي, وهو ممر يصل بين المحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط وهو مهبط النبوات وفيه ثروة نفطية هائلة حتى قيل أن آخر برميل نفط سيخرج من أرض العراق. وللجيش العراقي سجل حافل بالمواقف التأريخية على الصعيدين المحلي والقومي, فهو سند قوي للأشقاء العرب ولم يتوانى في المشاركة ضد العدوان تجاه أي بلد عربي منذ عام 1948 ولغاية حله من قبل الإدارة الأمريكية بعد الغزو الغاشم.

حاولت قوى الشر الإساءة إلى هذا الجبل الشامخ ضمن إستراتيجية واضحة المعالم فكالت له شتى الاتهامات ومن بينها انه جيش استخدم لضرب القوى الوطنية كما زعم في عمليات الأنفال وما يسمى بانتفاضة الغوغاء, وهي حقا صفحة ملطخة بالعار لذلك سميت بصفحة الغدر والخيانة, فالأنفال لم تكن موجهة ضد شعبنا الكردي الأبي بقدر ما كانت موجهة ضد الأكراد الخونة المتواطئين مع العدو الإيراني والذين حملوه كالبغال على اكتافهم أدلاء وأذلاء إلى مدن الشمال لتطويق قطعات الجيش خلال الحرب العراقية الإيرانية, والتي انتهت باحتساء كأس من السم على نخب القيادة الإيرانية, وقد اعترف الكثير من القادة المنصفين بحقيقة الدور الكردي المشبوه في دعم قوى الشر ومنهم القائد الوطني الكردي جوهر الهيركي.

كما أن مسرحية حلبجة كما أشارت الولايات المتحدة الأمريكية نفسها كانت إيران تقف وراء إنتاجها وإخراجها, وقد جاءت تصريحات العالم النووي العراقي جعفر ضياء جعفر واعترافات جوهر الهيركي لتلقي المزيد من الضوء على هذه الحقيقة, كما إن تدخل الجيش العراقي لإطفاء جذوة الفتنة الطائفية عام 1991 كانت وجهة بالأساس إلى الجانب الإيراني الذي دس الألوف من الحرس الثوري في جنوب العراق فدمروا المؤسسات الحكومية ونهبوا مخازن الدولة واحرقوا المستشفيات والمدارس ولم يشهد العصر الحديث انتفاضة بمستوى هذه النذالة والسفالة, وقد اعترف مؤخرا عدد ممن شاركوا في هذه المؤامرة الدنيئة بحقيقة الدور الإيراني التخريبي فيها, وقد استدعت الضرورة تدخل الجيش العراقي لإنقاذ الجنوب من براثن الجارة اللدود إيران, والجيش العراقي معروف بمهنيته وأخلاقيته العالية والتزامه وضبطه, وكل ما أشيع من تخاريف حول انتهاكات بحقوق المدنيين كان مجرد ترهات وإرهاصات تافهة فقد كان معظم الجنود والضباط من مناطق الجنوب والوسط ولا يمكن أ يشاركوا في قتل ذويهم!

الحديث في هذا المجال طويل وتحدث عنه الكثير من المختصين والمحللين, لكننا سنقتصر على جانب واحد وهو الانتقاد الذي وجه للجيش بمشاركته في قمع المواطنين المدنيين كما يتشدق الزعماء الأكراد وبقية العملاء المتظللين بالفيء الأمريكي. فلا تخلو مناسبة إلا وتقيئوا علينا بمثل هذه القاذورات, حتى ضمنوه في دستورهم المسخ الذي أعده لهم الخبير الصهيوني نوح فيلدمن.

لنأخذ جيشهم الجديد والذي ينطبق عليه المثل " تمخض الجبل فولد فارا" ولا نريد أن نجري مقارنة بين الجيش الوطني السابقة وجيش العملاء الجديد لأننا بذلك نرتكب حماقة كبيرة تذكرنا بحكاية " الفيل والنملة" ونظلم جيشنا الوطني المغوار ومعاذ الله أن تسوغ لنا نفسنا بذلك! لنأخذ صورة جانبية لما يسمى بالجيش الجديد الذي بناه الاحتلال من عناصر طائفية هجينة لا تمتلك من الحس الوطني والكرامة ذرة, فلم نشهد له صولات في الميدان باستثناء المداهمات لبيوت العراقيين الآمنة ومرافقة قوات الاحتلال في ملاحقة رجال المقاومة الأشاوس, إنهم ذيول لقوات الاحتلال لا يقلون بشاعة عنهم ولا عن انتهاكاتهم الدنيئة, فقد تركوا مهامهم في حماية الوطن من أعدائه, وتركوا حدوده مفتوحة لكل من هب ودب, وتفرغوا لملاحقة العراقيين الأبرياء! فهل هذه مهام الجيش الحقيقية؟ لم تنتقدون الجيش الوطني السابق بتهمة انتهاك حرمات المدنيين كما تزعمون وترتكبون نفس الخطأ؟ ولم تتهمونه بأنه استخدم لإغراض سياسية وانتم تستخدمونه لنفس الغرض؟ ولم تتهمونه بقمع الانتفاضات الشعبية وانتم تستخدمونه لنفس الغرض؟

مع بداية( الانتفاضة الصدرية المباركة) الأولى ضد الاحتلال وأقزامه العملاء, قال مصدر حكومي بأن الجيش بدأ بعمليات عسكرية واسعة لمحاولة السيطرة على مدينة البصرة جنوبي البلاد, مفيدا بأنه في بعض المناطق خفت حدة الاشتباكات بسبب انسحاب الجيش العراقي من بعض المناطق وسط تحليق كثيف للطائرات المقاتلة وقصفها بعض الأهداف, وأضاف شاهد عيان أن المعركة بين الطرفين استخدمت فيها الدبابات والمدفعية والطائرات, وأن هناك رتلا عسكريا كبيرا جاء من كربلاء لدعم قوات الجيش التي تجد صعوبة لاختراق دفاعات عناصر جيش المهدي الحصينة. إنها إذن الحرب! مدافع ودبابات وطائرات ضد من؟ ضد مواطنين عراقيين كل ذنبهم إن لهم قاعدة جماهيرية كبيرة من شأنها أن تسيطر على مجالس المحافظات التي يسعى الحكيم والمالكي للاحتفاظ بها رغم أنف الجميع!

أليس من سخرية وعبث الأقدار أن يتولى المالكي بنفسه قيادة العمليات المسلحة ضد شعبه باعتباره القائد العام للقوات المنبطحة العراقية؟ وتتكل قيادته المظفرة بالهروب المؤزر من ميدان القتال إلى العمارة يجر خلفه خيبته ووزيره البولاني مستنجدا بقوات الاحتلال للخروج من هذه الورطة, بعد أن تحولت عملية " صولة الفرسان" بقيادته اللطيمه إلى ( صولة الطليان) وأسرت سرايا كاملة من الجيش الجديد مع أسلحتها الذليلة والمهانة على أيدي الثوار من جيش المهدي, لتكشف حقيقة هذا الجيش العراقي الذليل وتكشف حقيقة زمرة العملاء الذين كانوا ينتقدون الجيش الوطني السابق بتهمة قمع المدنين والانتفاضات الشعبية. ونتساءل أليست تلك بانتفاضة شعبية حقيقية؟ فعلام أستخدم الجيش لقمعها؟

إنها الانتفاضة الحقيقية للعراقيين ولنسميها (انتفاضة الصدريين الأولى) فهي بداية النهاية لحكومة الذل, ملحمة متواصلة من الجهاد والعطاء بغية الخروج من الظلام إلى النور.. حيث الحرية والكرامة والسيادة والعدالة والحق.. فالحق يعلو ولا يعلى عليه.. وتلك من أهم الحقائق. فهنيئا للصدريين انتفاضتهم الأولى والخزي والعار لقوات الاحتلال وحكومة المالكي وجيشها المنطح.

 

 

 

 

شبكة المنصور

                                           الجمعة  /  21  ربيع الاول 1429 هـ   ***   الموافق  28 / أذار / 2008 م