بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

مؤتمرين أم متآمرين

 

 

 

 

شبكة المنصور

ضحى عبد الرحمن / كاتبة عراقية

 

لدينا مثل عراقي معروف ومشهور " عصفور كفل زرزور والاثنين طيارة" يتردد على ألسنة الكثير من الناس في إشارة إلى توافق أثنين على أمر يحقق مصلحتهما, وهو غالبا ما يكون ذو جانب سلبي فالعصفور والزرزور من الطيور الضعيفة التي لا حول لها ولا قوة, ويستشهد في هذا المثل في المجالس العامة والخاصة, وهو ينطبق على الكثير من الحالات التي تمر في حياتنا ومنها ما نتحدث عنه الآن في المؤتمر الثالث عشر لما يسمى بالاتحاد البرلماني العربي في دورته الخمسين الذي عقد في محافظة أربيل وهي أرض مسلوخة من العراق في الوقت الحاضر ويتخذها أعدائه التقليدين من إسرائيليين وإيرانيين وبقية الجنسيات عشا دائما للتآمر على وحدة العراق وشعبه بالتعاون مع الزمر الكردية الضالة.

في الوقت الذي يحاول الأكراد أن يمسخوا العراق لمصلحة إقليمهم الزائف وقد فرضوا في دستورهم الهجين رفع عروبة العراق كجزء من الأمة العربية, ويوجهون الانتقادات تلو الانتقادات إلى الدول العربية وحكامها, ويهينون العرب في برلمانهم وجامعاتهم ومدارسهم وصحفهم ويهددون بالاستقلال عن العراق وتأسيس دولتهم الشبحية, فأن عقد البرلمان العربي في إقليمهم جاء وفق حسابات ذكية منها امتصاص نقمة الدول العربية من نزعتهم الانفصالية, ومحاولة التقرب من العرب لترويج مشروعاتهم المشبوهة تحت غطاء التقارب العربي الكردي, وفرض الاعتراف بإقليمهم من خلال اتخاذه مكانا لعقد المؤتمر, ومن ثم فرض علمهم والعلم المسخ الجديد كواقع حال على المؤتمرين, ومن ثم تغير اتجاه ريح الاحتلال وتحويلها إلى نسائم مقبولة من قبل المؤتمرين, وبالرغم من الدعوات الشعبية التي حاولت أن إفهام المشاركين بأن العراق بلد محتل, وان إرادة العراقيين ترفض أن يعقد المؤتمر تحت خيمة الاحتلال في أرض مسلوخة من الوطن ومستباحة من قبل الأعداء, لكن القطب الأمريكي كان يمتلك قوة جذب ساحرة لعقول مفتونة بالدولار وإرضاء العم سام وتنفيذ أجندته الخبيثة.

من المؤكد أن الجوقة البرلمانية قبل عرض المسرحية البرلمانية كانت تعزف على أوتار قيثارة متهرئة لذلك جاءت أنغامها نشازا أزعجت السامعين, وكانت بداية الفصل الأول من المشهد عندما قام رئيس وفد الجامعة العربية علي الجاويش بتأدية دوره بشكل متزن وجدي, معتبرا العراق بدلا محتلا من قبل الولايات المتحدة الأمريكية, ولكن يبدو أن هذا الدور لم يكن يناسب بعض الممثلين الهزليين من نجوم الشباك الذين رفضوا أن تتحول المسرحية من كوميدية إلى جادة لأن الموقف سيخرج عن السياق المطلوب رغم انه سيوائم أذواق الجمهور العربي والعراقي, لكنه لا يتناسب مع فكرة المنتج الأمريكي ورؤية المخرج الكردي, لذا أنبرى ممثل إيران الدائم في البرلمان العراقي خالد العطية رافضا هذه التسمية ومؤكدا بان العراق ليس بلدا محتلا وانه يتمتع بسيادة كاملة, والغريب أن هذا التابع الذليل لم يرفض تسمية رئيسه احمد نجادي القوات الأمريكية بقوات الاحتلال عندما طالبها بالرحيل عن العراق وإنهاء الاحتلال؟ لكن المسكين من حيث يعرف أو لا يعرف فقد حول الفصل كله إلى نكتة عندما ذكر بأن العراق لو كان محتلا لخرج العراقيون كل يحمل سلاحه لإنهاء الاحتلال!

وانبرى رئيس مجلس الأمة الكويتي الخرافي, ويبدو أن هذه التسمية لم تأتي من عدم, وإنما هناك جذورا من الخرافة متأصلة في عروقه أستمد منها لقبه لذي يذكرنا بالديناصورات الخرافية, للدفاع عن الشيخ العطية مطالبا بحذف هذه التسمية( الاحتلال) وعدم تكرار هذا الخطأ الجسيم, متسائلا ببلاهة جحا, بأنه لم يسمع قرارا من الجامعة العربية وغيرها بأن العراق محتلا!

ليس غريبا أن يستحمر الخرافي قرار الأمم المتحدة المرقم 1483/2003 الذي أعتبر العراق بلدا محتلا, ولكن الغريب أن يقف على أرض عراقية ليتقيأ ويفرغ حقدا دفينا يمتد إلى أكثر من خمسة عشر عاما! ويتشفى من مصاب أمة كان بلده عنصرا فعالاً في إثارتها وتفعيلها, ونسأل المخرف هل تعتقد إن قرارات الجامعة العربية اشد وأمضى من قرارات الأمم المتحدة؟ ألم تستمع إلى كلمات رئيس الجامعة العربية عمر موسى في جميع دوراتها وهو يطالب بإنهاء الاحتلال؟ لماذا لم يعترض بقية الأعضاء على الكلمة سواك والعطية فقط؟ أليس هذا بحد ذاته إقرارا بموافقة بقية المؤتمرين على كلمة الاحتلال؟ وأنت كضيف غير مرغوب به أليس من الواجب أن تحترم أصول الضيافة وتحترم مشاعر الشعب العراقي في جهاده المستمر لإنهاء الاحتلال واسترداد كرامته الوطنية وهويته وسيادته؟ إذا كان الشيخ العطية فعل لازم ألا ترى بأنك فعل معتدي تجاوز حدوده! لماذا تعملون على إلباس الحق جلباب الباطل, وتحاولون إخفاء الحقائق بغربال لا يقدم ولا يؤخر؟ لماذا تحاولون اختزال إرادة شعب كامل في الذود عن حقوقه وسلامته وكرامته وتصورونه كشعب راض بالاحتلال؟ لماذا تحاولون تجريد المقاومة الوطنية الشامخة من حقها السماوي والطبيعي لتطهير البلاد من أردان الاحتلال وجرائمه المنكرة؟

أما الخرافي فنقول له مستعيذين برب الناس: نسأل الله أن يشحذ قلوبكم بالمحبة والسلام, وأن يقتلع من قلوبكم جذور الحقد والغل والضغينة, وأن يشفيكم من فرحة التشفي بمصائبنا, ويمن عليكم بما منتم به علينا أضعافا مضاعفة, وان لا تغفلوا حقيقة أننا قدركم وأنتم قدرنا, وأن الزمن دوار يوما لكم ويوم عليكم, والعبرة لأولي الألباب.

 

 

 

 

شبكة المنصور

                                           الاربعاء /  19  ربيع الاول 1429 هـ   ***   الموافق  26 / أذار / 2008 م