الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

العجب العجاب في مجلس النواب

 

 

 

 

شبكة المنصور

ضحى عبد الرحمن / كاتبة عراقية

 

من المعروف في التأريخ أن العجائب في الدنيا سبعة , وجرت محاولات العام الماضي لإضافة عجائب عشرة أخرى إليها, ولكن بقيت حصة العراق مع هذه الإضافات عجيبة واحدة فلم يحالفه التوفيق لإضافة عجيبة ثانية إلى الجنائن المعلقة التي تحولت بفعل القوات البولندية إلى خرائب مغلقه, مع أن العجائب عندنا والحمد لله كثر, وكان بإمكاننا أن لا نفوت هذه الفرصة الثمينة كما ضيعنا ملايين الفرص الذهبية التي اقتنصها غيرنا بشطارة, ونرشح مجلس النواب العراقي كعجيبة ثامنة من عجائب الدنيا, لأنه من أحدى عجائب البرلمانات في العالم القديم والمعاصر فهو البرلمان الوحيد الذي يضم عناصر من غير مواطنيه ومن جنسيات أجنبية, وهو أكثر برلمان في العالم تسيبا لأعضائه, كما انه أول برلمان في العالم لا يمثل مصالح الشعب, وهو البرلمان الوحيد الذي معظم أعضائه حجاج بيت الله الحرام, وهو البرلمان الوحيد الذي يتقاضى أعضائه رواتب مليونية أعلى من نواب أوربا وأمريكا, وهو البرلمان الوحيد الذي لكل نائب(30) حارس شخصي, وهو البرلمان الوحيد الذي يضم عناصر إرهابية وقادة ميليشيات إجرامية, كما أنه البرلمان الوحيد الذي لم ينتخب بنزاهة وإرادة شعبية, وهو البرلمان الوحيد الذي تشمشم الكلاب الأمريكية نوابه قبل دخولهم البرلمان, وهو البرلمان الوحيد الذي زرعت مفخخات داخله وقتل وجرح نواب بسببها, وهو البرلمان الوحيد الذي يحق لقوات الاحتلال أن يفتشوا نوابه ويمنعوهم من الدخول أو يطئوا رؤوسهم بالبساطيل, كما انه البرلمان الوحيد الذي يجهل ما يجري في ساحته, وهو البرلمان الوحيد الثاني بعد إيران في عدد النواب المعممين, وهو البرلمان الوحيد الذي لا يستطيع نوابه لقاء الشعب أو التجول خارج حصون المنطقة الخضراء!

لا نظن انه يوجد برلمان آخر عجيب كبرلماننا ونتحدى العالم ما بين القطبين بأن يأتوا بشيبه له أو أقل منه, وكلامنا من موضع القوة والاقتدار لأنهم سيعجزون في سعيهم؟ ومن حقنا كعراقيين أن نفتخر بمجلسنا ونلطع الأصبع الذي بصمنا به ورقة الانتخابات بلذة لاختيار هذه الدواب ممثلة عنا!

من آخر طرائف (مجلس الدواب) كما سماه احد كتابنا الأفاضل- وهي تسمية منصفة وتتناسب مع طبيعة وأداء المجلس وعفونة حظيرته التي أزكمت كل الضمائر الحية- ما حصل خلال صولة الفرسان بقيادة الفارس المغوار المنظر العسكري والفاتح الكبير وصاحب الخطط الحربية مونتغمري العراق المالكي مع جيش المهدي, فقد رفض مجلس النواب مناقشة موضوع حقن دماء العراقيين بناء على طلب الكتلة الصدرية بدون أن يوضح المبررات ويفسر عدم حصول الأصوات اللازمة لحفظ دماء العراقيين! وبعد يوم واحد يرجع في كلامه ويوافق على عقد جلسة استثنائية ولكن نواب المجلس الأعلى وحزب الدعوة امتنعوا عن الحضور لغاية لا تخفى عن كل لبيب!

من ثم تشكل لجنة برئاسة محمود المشهداني وأربعة أعضاء آخرين لتقريب وجهات النظر والتوسط لإنهاء المعارك, وقبل أن تباشر اللجنة مهامها تشكل لجنة جانبية أخرى من حزب الدعوة والمجلس دون علم رئيس المجلس وتضم علي الأديب وهادي العامري وأعضاء آخرين وتتوجه إلى إيران للقاء مقتدى الصدر والتفاوض معه!

من ثم يستقيل رئيس اللجنة الأولى المشهداني ويليه عضوا اللجنة مهدي الحافظ وأسامة النجيفي ويذكر الأخير أن سبب استقالته يعود إلى عدم قناعته بعملها " فالوضع غامض بالنسبة إلى مجلس النواب في البصرة مما يستلزم كشف الحقائق" ويكشف بان" اللجنة تم تجاوزها بلجنة أخرى وذهبت إلى إيران ووقعت اتفاقيات هناك, وان هناك قرار بعدم وصول الحقائق إلى البرلمان "؟ يا للهول إن كانت اللجنة برئاسة المشهداني قد ركلت بالأقدام جانبا فكيف لو كانت برئاسة نائب حاف؟ وإذا كانت أعلى سلطة تشريعية في البلد تعترف بوجود قرار بعدم إيصال الحقائق إليها فمن يا ترى صاحب هذا القرار؟ وهل هناك سلطة باستثناء سلطة الاحتلال أعلى من السلطة التشريعية؟

وكيف يكون الوضع غامض لمجلس النواب عن عملية عسكرية بهذا الحجم يقودها ورئيس الوزراء بنفسه؟ وما هو سبب وسر هذا الغموض؟ وهل هناك ألغاز تستدعي حضور أجاثا كريستي لتكشفها لنا؟

وما هي الاتفاقيات التي تمت ووقعت في إيران بين الأطراف المتحاورة؟ ولماذا لا يفصح عنها ليس للشعب المبتلى بهذه الشراذم فحسب وإنما لبرلماننا اليتيم نفسه؟ وما يؤكد وجود هذه الاتفاقيات إن النائب عن التيار الصدري بهاء الاعرجي هدد المالكي من مغبة عدم التزامه ببنود اللجنة الخماسية, وأضاف " إن المالكي لم يلتزم ببنود اللجنة الخماسية رغم إنها ملزمة، وإذا لم يستجيب للتهدئة فنحن حاضرون لمعركة حاسمة". كما تساءلت صحيفة الغارديان" إن الأسئلة الكبيرة تظل في تلك المفاوضات السرية التي أدت إلى وقف القتال"؟

وما يثير الأعصاب ويقزز النفس إن رئيس الوزراء المالكي أكد من جانبه بأنه لم يعقد اتفاقا مع التيار الصدري لإنهاء القتال! من ثم يباغتنا كاللصوص معلنا بعد يوم واحد فقط بان حكومته بدأت في تحقيق مطالب التيار الصدري!

ولم تنتهي الحتوتة إلى هذا الحد, فقد ظهر فرخ البط العوام محسن عبد العزيز الحكيم من قفصه في إيران ليؤكد معرفته الكلية بهذا الاتفاق, ويصرح بأن لإيران دور كبير في الوساطة بين المالكي والصدر وتهدئة الموقف, في حين يجهل مجلس النواب هذا الاتفاق وبنوده؟ فما شأن هذا الفرخ بالشأن العراقي الداخلي؟ وما هو موقعه من الإعراب؟ ألا يكفينا أخوه عمار الحكيم ليدس انفه هو الآخر في شؤوننا؟ ولماذا هو قابع في إيران ولا يأتي للعراق ليقطف من ثمار الديمقراطية الناضجة التي جلبها المحتل وأبوه إلينا؟

إنها مهزلة ما بعدها مهزلة وعار ما بعده عار عندما تمثل هذه الضفادع البشرية الشعب العراقي ويستمع العالم إلى نقيقها المزعج!

لكن ليس هناك من وجه للغرابة ! أليس هذا المجلس هو أحد إفرازات الاحتلال الكريهة؟
ولكن لابد أن نلوم أنفسنا قبل أن نلوم الآخرين ونعض بقوة أصابعنا التي لوثت بالحبر وهي تنتخب هذه الضفادع البشرية.

رحم الله أبا العلاء المعري وهو يشكو حظه " هذا ما جناه أبي علي وما جنيت على أحد" ونشكو نحن حظنا العاثر ونقول هذا ما جناه عليً المحتل وأصبعي, وما جنيت على احد.

 

 

 

 

حول طباعة المقال

 

شبكة المنصور

                                           الاثنين  /  01  ربيع الثاني 1429 هـ   ***   الموافق  07 / نيســـــــان / 2008 م