الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

خيار المقاومة .. حق لكل عراقي

 

 

 

 

شبكة المنصور

ضحى عبد الرحمن / كاتبة عراقية

 

عندما تزداد الروافد يرتفع منسوب المقاومة, فالمقاومة العراقية نهر عذب بعذوبة ماء الرافدين وكلما ازدادت الروافد التي تصب فيه وتغذيه كلما ارتفع مستوى عطائه وغناه, وبانضمام الصدريين إليه سيرتفع منسوبه ليغطي العراق من أقصاه إلى أدناه بإذن الله وهمة الغيارى المجاهدين ممن رفعوا اسم العراق عاليا علو السحاب وأعادوا أليه كبريائه وشموخه اللذان حاولت قوات الاحتلال وعملائها تدنيسهما.

كنا ننتظر بشغف ورجاء بأن تتحول بعض الفصائل المشاركة في العملية السياسية الكسيحة إلى مكانها الصحيح كتيار مناهض للاحتلال وتترجم الشعارات التي تطلقها إلى واقع ملموس, فإنهاء الاحتلال الأمريكي للعراق يحتاج إلى تضافر كافة القوى الوطنية بغض النظر عن انتمائها الديني والمذهبي والعنصري والقومي, وأن العمليات الأخيرة التي قام بها التيار الصدري ضد قوات الاحتلال قد نالت تأييدا شعبيا كبيرا, ورغم إن البعض قد وجه إلينا اللوم والنقد لأننا وصفنا هذه الأعمال" الانتفاضة الصدرية الأولى" فانه تناسى عن وصفنا لها بالأولى, من المؤكد إن الكثير منا يشعر بالمرارة من الأحداث التي تلت تدمير العتبات المقدسة في سامراء التي شملت شريحة كبيرة من العراقيين وبالرغم من أن الأحداث قد ألصقت بالتيار الصدري فقط, فأننا على ثقة كبيرة بأن هناك أيادي خفية كانت تؤجج الفتنة وتحرض عليها رغم وقوفها في الظل, كما أن براءة الصدر ممن قاموا بهذه الأعمال الهمجية وعدم التزام البعض بهذه التوجيهات يعزز القناعة بأن هناك مندسين بين الصدريين يتآمرون عليه, وهذا لا يعني بأي حال من الأحوال تبرئة التيار الصدري, فهو يتحمل المسئولية الكبر لأنه كان من المفترض أن يغربل عناصره ويصفيه من العناصر المندسة والمسيئة والعصابات الإجرامية. وينظم جيشه تنظيما يتناسب مع حجمه الكبير وفرض قيادات تتمكن من أن تسيطر على عناصره.

ولا نظن بأن أحدا يخفى عليه بأن التيار الصدري مشهود له بمواقف مهمة لا يمكن إغفالها, فمنذ ولادته رفض مد يده إلى قوات الاحتلال ولحد الآن, كما انه مشاركته في الانتخابات والتصويت على الدستور وتشكيل الحكومة لم تحول دون وقوفه بالمرصاد ضد تمرير المشاريع المشبوهة ومنها مسألة كركوك و فدرالية الجنوب وتمديد وجود القوات الأمريكية في العراق ورفض إقامة قواعد أمريكية داخل العراق وامتناعه عن لقاء أي مسئول أمريكي داخل وخارج العراق وتحذيره المالكي من مغبة السفر إلى واشنطن والتي انتهت بتوقيعه اتفاقيات طويلة الأمد مع الإدارة الأمريكية, إضافة لمواقف عديدة, لذلك جاء تقييم بول بريمر للسيد مقتدى الصدر بأنه " العصا في الدولاب الشيعي " كما أعلن التيار الصدري مناهضته الاحتلال وهو شعار المقاومة الوطنية رغم أننا لم نشهد له صولات ضد قوات الاحتلال, وهناك أخطاء جسيمة ارتكبها بحق نفسه وحق الآخرين لكن هذه الأخطاء لم تصل إلى مستوى " أم الجرائم" التي ارتكبتها الأحزاب الساجدة في محراب الاحتلال في حق الوطن والشعب العراقي وهي جريمة العمالة أي الخيانة العظمى, ومن المؤسف أن يغفل التيار الصدري الكثير من النصائح والتحذيرات التي قدمها لهم العديد من الكتاب الوطنيين ومنهم على سبيل المثال سمير عبيد وعوني القلمجي وهارون محمد وعلي الكاش وجاسم الرصيف خشية الوقوع في الشرك الإيراني وحبائل المجلس الأعلى للثورة الإسلامية وحزب الدعوة, ومغبة الاندفاع المتعجل في اتخاذ المواقف علاوة على تعدد الناطقين بأسم الصدر وجلهم من الشباب الذين يفتقرون إلى التجربة والخبرة والحنكة السياسية والقدرة على التحليل والاستنباط, وضرورة توفر كوادر إعلامية وصحفية متخصصة لتلافي التعرض لسقطات متعددة كان التيار في غنى عنها, وجعلت بعض مواقفه ألغازا مبهمة يصعب تفسيرها.

وبالرغم من تأخر صحوة التيار الصدري, فأن هذه الصحوة مطلوبة سيما إذا كانت فعلية وخارج نطاق التصفيات الحزبية والصراع على الثروة النفطية سيما أن الأخوة الأعداء كجماعة الحكيم وحزب الدعوة وغيرهم يتربصون للإيقاع بالتيار الصدري, ومع هذا كانت القوى الوطنية تنتظر هذه الصحوة الوطنية لتضم التيار الصدري إلى أحضانها الدافئة باعتبار إن هذا هو المكان الصحيح والمناسب لها, وهذا هو الميدان الفعلي لترجمة شعاراتها ضد الاحتلال, فالتيار الصدري وضع على المحك بعد أن انكشفت خيوط المؤامرة التي حكيت ضده في أروقة الحكومة ودهاليز الاحتلال, وقد تبين له الخيط الأبيض من الاسود فلا حجة ولا تكتيك وكما قيل لا توجد منطقة وسطى بين الوطنية والعمالة!

ومع تزايد الشكوك عند الكثير الذين خبروا عن التيار الصدري المواقف المتناقضة وردود الفعل الانفعالية غير المدروسة والتراجع عن المواقف فأن ظهور السيد مقتدى الصدر في قناة الجزيرة الفضائية قد وضع النقاط على الحروف, فقد أعلن بشكل واضح وصريح بأن انتفاضته موجهة ضد الاحتلال وعملائه, مؤكدا حق الشعب العراقي بمقارعة الاحتلال والدفاع عن سيادة العراق وكرامته وهويته. وأشار الصدر بأن المقاومة حق شرعي للشعوب الواقعة تحت الاحتلال مؤكدا بأن المهمة الرئيسية لجيش المهدي هو تحرير العراق وهو واجب وطني مقدس, وأكد بأن المقاومة المسلحة مطلوبة لتحرير العراق على أن لا تلحق الخسائر في صفوف المدنيين, وأطلق عبارته " لن أتنازل عن تحرير العراق" كما طالب الأمم المتحدة والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي الاعتراف بالمقاومة العراقية.

ومدت المقاومة يدها السمحة إلى التيار الصدري لتسنده وتدعم سبل تصعيد الكفاح المسلح, فقامت القيادة السياسية للجبهة الوطنية والقومية والإسلامية بإعلان التعبئة الوطنية العامة تضامنا مع الانتفاضة الصدرية, وهي تضم التحالف الوطني العراقي والحزب الشيوعي العراقي والتجمع الوحدوي الناصري في الجنوب ومنظمة الوطنيين التركمان وكتلة العسكريين الوطنية ومجلس شورى الفلوجة ومجلس عموم عشائر الجبور ومجلس زعماء القبائل وشيوخ العشائر الوطني العراقي, منظمة الطلبة ضد الاحتلال وفصائل من المقاومة الوطنية والجهادية في الموصل والانبار والراشدية والمدائن وأبو غريب والبصرة والعمارة .
واهتز نخيل العراق فرحا وابتهاجا وتعانق سعفها الطري بانضمام أنصار المجاهد آية الله الحسني الصرخي ويرتفع صوت آية الله المالكي مؤذنا بإطلاق تسمية الانتفاضة الشعبية ليسمو على سكوت المراجع الخرساء والمتخاذلة. وتتعانق منارتي الأمام موسى الكاظم والأمام أبو حنيفة عليهما أفضل السلام, وتتقابل شفتا ضفتي دجلة بعد فراق خمس سنوات عجاف يظللهما جسر الأئمة بحياء ودمعة فرح تتلألأ كالبلور مستذكرا شعر الخنساء" يا عين صار الدمع عندك سجية ... تبكين من فرح ومن أحزان" ويشمر أبناء الاعظمية الأشاوس سواعدهم المتينة المباركة ليحطموا جدران برلين التي فرقت بين الأجساد لكنها عجزت عن تفريق الأرواح, وتنهار الخرسانات الطائفية وهي تئن وجعا تحت معاول أرادات حديدية صلبة, وتنهار معها كل خرافات الفدرالية وخطط التقسيم والعزل الطائفي, ويفتح جسر الأئمة ذراعيه ليبسط احدهما إلى جهة الأعظمية والأخرى إلى جهة الكاظمية مرحبا بضيوفه الكرام.

وتسرع الفلوجة لإسعاف أبنائها الصدريين بالغذاء والدواء ويقدم أبناء صلاح الدين دمائهم الكريمة بسخاء لإخوانهم الجرحى من التيار الصدري, هكذا تكتمل صورة العراق وشعبه الأبي, وهكذا تتجمع الإرادات الحرة وتتوحد لتضرب بيد واحدة من حديد على رأس الأفعى وذيلها العميل.

وكما يقول المثل العراقي بأن " الماء يكذب الغطاس" فأن الأيام القادمة ستكون هي المقياس الحقيقي لالتزام التيار الصدري بمنهج المقاومة الوطنية وتوجيه عناصره لمقارعة قوى الاحتلال والطغيان, إنها الفرصة الذهبية وربما الأخيرة لتصفية النوايا وتوحيد الإرادات فجميع العراقيين يواجهون مصيرا مشتركا وهم ركاب سفينة واحدة تمخر عباب بحر الهلاك, وينتظرون أن ترسو إلى مرفأ الأمان والسلامة.

وكما انتهت شريعة هولاكو ستنتهي شريعة الاحتلال وكل شرائع الموت والضلال والظلام, وتطوى صفحة الماضي بكل ما حوته من موت وتدمير وخراب, ويبدأ التأريخ ليسجل من جديد ملحمة الجهاد الأكبر, إنها ملحمة البطولة والتضحية والفداء, ومعركة الوحدة والتوحد والمصير المشترك, معركة العراقيين كل العراقيين الشرفاء من اجل التحرير.

وسيسجل التأريخ أسماء أبنائه الغيارى الذين دافعوا عن سيادته وكرامته, وسيسجل في صفحة أخرى أسماء العملاء أحفاد ابن العلقمي وأبي رغال وغيرهم من الخونة.
الأيام القادمة هي الفيصل لمعرفة النوايا والتوجهات وان غدا لناظره لقريب.
الله وأكبر.. الله وأكبر
فالعراق باق ... والاحتلال إلى زوال

 

 

ملاحظة حول طباعة المقال
 

شبكة المنصور

                                           الجمعة  /  28  ربيع الاول 1429 هـ   ***   الموافق  04 / نيســـــــان / 2008 م