الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

اليك أيها المقاوم الذي لولا لحن رصاصك لكانت السيادة هباء

 

 

 

 

شبكة المنصور

د. مصطفى توفيق الصباغ

 

خمسة أعوام مرت على احتلال الآلة العسكرية الصماء لبغداد عاصمة الرشيد وحاضرة الامة العربية ...

هى خمسة أعوام عجاف لا يزال الجفاف يغمر العيون العربية التي أصبحت لا ترتجف حتى لأنين الاطفال وصرخات الثكالى، ونداء الاستغاثة للماجدات, ولا قطرة دم تثور صونا للعرض وثأرا للكرامة.

كيف للعيون أن تذرف الدمع أ ذا كان الجسد يسبح في واحات الرذيلة والخديعة...كيف للدم أن يثور وهو غارق في مستنقع الخنوع الذي يرتوي منه كي يبقى ذليلاً...

كيف للعروق المتخمة بالنفط والدولار أن تنبض وتعلن موقفها الرافض للذل والاستسلام.
خمسة أعوام ونحن نبحث عن شريان حي في هذا الجسد المتهالك فوق فراش العهر الذي أصبح يرى كل الاشياء شيئا واحدا وكل الالوان لونا باهتا وهو لون الهزيمة الموشى بالعار والصمت.

خمسة أعوام مرت ولم تنتفض في عروق بعض العرب أية بارقة خجل لتبارك تلك البندقية الشريفة، بندقية المقاومة العراقية، والرصاصة المقدسة النزيهة والايمان بالنصر المتمثل بالكرامة والموت المؤدي الى علياء الاستشهاد...

كيف لا والحضارة الاميركية، اذا كانت هناك حضارة، جسدت نفسها بأقبح الصور في سجن أبي غريب التي طالت الاسرى العزل... نساء ورجالا وأطفالاً...

خمس سنوات عجاف، واجهتها خمس سنوات سمان مليئة بخصب المقاومة فغرست آلاف الجثث للمعتدين القتلى في المقابر الاميركية، وزرعت في الزوايا عشرات آلاف المعاقين الذين أصبحوا قنابل موقوتة قابلة للانفجار في كل لحظة في وجه إدارة بوش. مطرزة اللوحة الاميركية الباهتة الالوان بآلاف المرضى النفسيين الذين أصبحوا ريشة والوانا ترسم خارطة الهزيمة الاميركية لمشروع المحافظين الجدد، ويؤكدون أن من رسم آفاق الهزيمة هى المقاومة العراقية ...المقاومة الوطنية بكل أطيافها...بنورها ونارها...بفرسانها وإبداعاتها التي ألهبت ظهور المعتدين بحجارة من سجيل، أذلت الآلة المتغطرسة، ومرغت الانوف في وحل الذل، وأجبرت الاصوات في داخل أميركا أن ترتفع مطالبة بوقف العدوان وانهاء الاحتلال والانسحاب الذي يحفظ ماء الوجه قبل أن يأتي الانسحاب المهين.

إذن هى المقاومة الوطنية العراقية التي يحاول البعض أن ينتقص من حقها بل يحاول أن ينفي حتى وجودها، او أن ينسب اليها أفعال قتل المدنيين وغير ذلك من الافعال الشائنة...

وهل يعقل أن يكون المقاوم قاتلا؟
كلا. المقاوم محافظ على الحرمات ..مقدس للوطن والانسان.

إسألوا القتلة المأجورين..عملاء أمريكا وقواد العصابات الطائفيين والمذهبيين، أولئك الذين باعوا أنفسهم وأرواحهم للشيطان الاميركي الاكبر من أجل ثوب للذل تمن به امريكا عليهم.

لقد طبلوا وزمروا وباعوا شرفهم بأراجيف عن الحرية التي كانوا يدعون بأنهم محرومون منها..والديمقراطية التي كانوا يتباكون عليها حينما جاءوا تحت حراب الشيطان الاكبر. واصبحت الحرية والديمقراطية لديهم تتمثل بقتل أبناء الوطن الواحد وتهجيرهم، أولئك الأبناء الذين رفضوا منطق الخيانة والانتماء الضيق للطائفة والمذهب . ...

أولئك العملاء أدعياء الحرية والديمقراطية ...الذين كانوا وما زالوا يتنافسون بإراقة ماء وجوههم للمحتل كي لا يرحل ...وكي يستمر بانتهاك الحرمات وسرقة الثروات والاعتداء على كرامة البواسل و الماجدات ...
كيف لنا ونحن نسمع كلام بعض اولئك الجنود "الجندية كمبيرلي" وهى تقول أنها ارتعبت وهى ترى طفلة عراقية تمسك بيد والدها وبعمر طفلتها وهى تبكي من غير دموع ...أو ذلك الجندي الذي أستمر في سؤال الجنود الاميركيين اذا ما وجدوا أي سلاح للدمار الشامل والجواب كلا ....

ربما لانه قد تحرك لديهم طيف من الانسانية التي حاول أرباب الادارة الاميركية ..المحافظون الجدد أن يحولوه الى قنابل موقوتة تنفجر في وجه كل إنسان يقف صامدا مدافعا عن كرامته و عنفوانه وحريته.

إن العقلية الاميركية أعادت استذكار صورتها المقززة في فيتنام وغيرها بالوهج الوحشي المقنع بالوان قوس قزح دموي ... وفي العراق حينما تم تدمير كل أشكال الحياة والوانها ...تدمير أقدم عاصمة في التاريخ ..تدمير شعب وثقافة وتاريخ لهو أفضل تعبير عن ذلك الوحش الرابض في قلب أمريكا، يستفيق كل فترة من الزمن فلا يستسيغ أن يرى معالم الحياة تزهر في أي مكان، ولا يطيق أن يرى بسمة على وجوه الاطفال أو فرحا للطيور او أي ابتسامة على وجنات الازهار.

هي خمسة أعوام تفصل ما بين الوجه المشرق لبغداد رغم الحصار وسوريالية القتل والخطف والتشريد وسلب كرامة الوطن والمواطن...

خمسة أعوام لا يزال العراق وبغداد يبحثان عن ذلك الحلم للعاشق الذي دفع حياته ثمنا للعز والكرامة ... للشموخ والعطاء راسما معالم البطولة في زمن الخوف... خمسة أعوام ولا يزال العراق يبحث عن الوان البهجة والفرح عن أسراب الطيور وبسمات الزهور وزقزقة العصافير... عن أغاني الاطفال ومواويل دجلة وألحان الفرات بين أطنان الموت والدمار.

خمسة أعوام الهبت ظهر العراق بأسواط الحقد والقهر لكن برأس مرفوع وهمة عالية وابتسامات ترتسم بألوان الفرح في لوحة تلونها الاطفال والرجال الرجال، وتطرزها أنامل الصبايا بخيوط من فجر الحرية وأشعة شمس النصر الاتي.

خمسة أعوام مرت ولا زلنا نؤكد أن امتنا موجودة حيث يحمل أبناؤها السلاح ...من لبنان الى فلسطين الى العراق الى الصومال وكل شبر من هذا الوطن ........خمسة أعوام كشفت عهر الادعياء الطائفيين والمذهبيين الذين ينعقون بشعارات ضد المحتل في الليل ثم يلتفون بعباءته يطلقون النار ويصدرون أوامرهم الشرعية الملزمة بعدم رفع السلاح ضد القوات الحكومية العميلة أو لنقل حتى ضد قوات الاحتلال في وضح النهار...

خمس سنوات كافية لكشف المستور من الهرطقة عن أدعياء الدين وحب الوطن وكافية لتبين الخيط الابيض للعمل المقاوم من الخيط الاسود للخيانة والذل والتبعية ..وهل هناك أنصع من احداث. البصرة الاخيرة كاكبر شاهد على ذلك.

أن نرى وطنا ينزف بسبب الخيانة لبعض من ينتمون اليه عنوة شيء طبيعي ..أن يسرق وطن وينهب ويقدم على طاولة اللئام فهذا طبع الغدر عند أدعياء الوطنية ...

هى خمسة أعوام ونحن ننتظر نسائم الحب أن تأتي محملة ببشارة النصر التي وعدتنا بها يا بغداد. أذكر فيها ما كنت أرتوي به من مياهك الطاهرة وأعانق الكتاب في مقاعد الدراسة أعبُّ فيها من ينابيع الحب والكرامة والرجولة على كل ذرة من ترابك.

أنا يا بغداد أعلم أن الفجر سيبزغ من عيني طفلة عراقية كانت ترقص على الرصيف طربا لمن أحبت ...وعلى شفتي كل ماجدة طرزت من كلماتها ثوبا للرجولة لفرسان الامة الذين يسطرون أروع الصور على أرض الرافدين ...وفي أهزوجة كل عجوز تختزل صفحات التاريخ....

يا أيتها المقاومة اليتيمة من الاهل الغنية بمقاوميك... أنت التي تسطرين برجالك البواسل من كل الاطياف أروع صور البطولة والرجولة وأنت ترسمين ملامح المستقبل لهذه الامة.

أنت ايتها المقاومة التي أضاءت عتمة ليالينا وحولتها الى نهار مشرق، فمن زنود أبطالك انبلج فجر الحرية، وأشرقت شمسك لتعلن بدء نهارنا المضاء بدماء الشهداء.

أنت يا بغداد وهبت للانسانية شرفا عظيما لا يوازيه شرف..شرف الرجولة والبطولة والاستشهاد...هذا الشرف الذي جسده قائد رمز لم يبخل بنفسه وأولاده وكل مباهج الحياة ..ليبقى للحق كلمته. ليبقى للحق سيفا يقاوم في ساحات الشرف والكبرياء ولتبقى النخلة العربية على أرض الرافدين شامخة مكرمة.

عذرك أيتها المقاومة التي أعادت الى وجهي ووجه كل عربي بريقاً أرهقته معالم الهزائم. وأنا اراك تسطرين أروع صور المجد والبطولة وتعطينا البشارة بالنصر الاتي لا محالة على العدوان والشر والشيطان ...فهل تقبلين من محب اعتذار؟

 

د. مصطفى توفيق الصباغ
عضو الهيئة التأسيسية للهيئة الوطنية اللبنانية لدعم المقاومة والشعب العراقي

 

 

 

حول طباعة المقال

 

شبكة المنصور

                                           الاثنين  /  01  ربيع الثاني 1429 هـ   ***   الموافق  07 / نيســـــــان / 2008 م