الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

عرض كتاب
قبل أن يغادرنا التاريخ
للفريق الركن رعد مجيد الحمداني
قائد فيلق الحرس الجمهوري العراقي الثاني (الفتح المبين)
(11)
أم المعارك

 

 

شبكة المنصور

د. صباح محمد سعيد الراوي / كييف – أوكرانيا

 

على حافة الحرب

(التسارع الرهيب للأحداث)

 

كانت الساعة تشير الى السادسة واربعين دقيقة وقد اكملنا اجتياز المطلاع، فأوعزت الى احدى عجلات القتال المدرعة بتدمير منطاد المطلاع الابيض الكبير، ولما لم ينفجر تركت المهمة للمعقبين... وانطلقنا مع آمر جحفل الفارس بالانطلاق على الطريق الدائري الخامس نحو ميناء الشيوخ ورأس الارض... حيث بدت لنا لوحات التعريف بالطرقات... ثم اصطدمنا بجحفل معركة كويتي من اللواء 35 المدرع.. فأشرنا لهم بعدم القتال... إلا أن دباباتهم استمرت بالرمي وكان رميا عشوائيا غير موفقا، ما يدل على عدم خبرتهم... وحسب سياق العمل تمت ازاحة تلك المقاومة سريعا....

ثم انطلقنا سريعا حتى الطريق الدائري السابع... وتحرك جحفل 17 تموز نحو هدفه المتمثل باحتلال المطار والقاعدة الجوية والفنطاس... ثم اجتزنا طرف محافظة الجهراء.... لقد هالني شدة ارتباك المواطنين الكويتيين وبعض الخليجيين على الطريق... وكانت الدهشة والرعب يعتريان الوجوه... فحاولنا جاهدين بعث الطمأنينية في النفوس وايقاف السير... لكن الارتباك كان عظيما.... ولقد بذل ضابط الركن المرافق لي مع زمرة من الجنود جهودا عظيمة لوقف حالة الارتباك والذعر والسيطرة على المدنيين الذين ازدادت اعدادهم... فاليوم كان يوم خميس ويخرج معظم الناس الى البر الصحراوي او لزيارة الاقارب في السعودية او العكس... لقد راعني منظر امرأة تضم اولادها الى صدرها خوفا من دباباتنا... 

وفي الساعة 08:30 كان تداخلنا مع ارتال السيارات المزدحمة قد بلغ حدا لايوصف... وتوقفت عجلتي القيادة مع عجلة المحطة اللاسلكية المعقبة في مفرق طرق حديث (تحت الانشاء)... ثم توقفت مدرعتان مملوءتان بالحرس الاميري مصوبين اسلحتهم نحونا.. لكنهم كانوا كالتماثيل... كذلك رأيت سيارات شرطة المرور... وكان هناك ثكنة قريبة لها ابراج.. وعلى يسارها كان يقع حي الفردوس السكني... وفيه أحد المصارف حيث تدافع الناس لسحب الاموال... وكان عناصر الشرطة ينادون بأجهزة الهوكي توكي ...  

وكانت المصيبة ان رتل دبابات القائد الذي يقوده المقدم الركن عبد حماد قد توقف بعيدا عنا... وكان الازدحام لايوصف والموقف صعب للغاية.. لكن الله سبحانه وتعالى منحنا القدرة على الصبر... وحين اوشك وقود عجلة المحطة اللاسلكية على النفاذ ناديت ضابط شرطة وكان برتبة ملازم أول، وكان منفعلا للغاية وهويتحدث بجهاز لاسلكي... طلبت منه أمرين: أن يساعدنا في فتح الطريق لأن هناك ألف دبابابة سوف تتقدم... (بالغت بالرقم كثيرا ) وقد تدهس الالاف من الابرياء... والامر الثاني بأن يساعدنا في ملء العجلات من الوقود... وكان مرتبكا جدا، ولما طمأنته استجاب لي... وحين كان سائقه يقوم بملء العجلات سألته عن الجنود الراكبين بالمدرعتين (الحرس الاميري) فأجابني بكل ممنونية... فتقدمت من الجنود وقلت لهم ان ينسحبوا على الفور الى الثكنات... فأجابني آمرهم وهو برتبة عريف: أمرك سيدي....  

ثم قامت مفرزة من الشرطة بتنظيم حركة المرور وفتح الطريق لنا، فأسرعنا نحو هدفنا... وعند أول الطريق الصاعد (طريق مجسر) الذي يمر من تحته طريق الغرب السريع نحو السعودية مرورا بالاحمدي شاهدت رتلا طويلا من السيارات الحكومية السوداء تتخللها مدرعات الفهد للحماية.... فأيقنت بأن الحكومة الكويتية قد افلتت من الاسر... وطبعا سبقها الطاقم الاميري... في هذه الاثناء مر الى جانبي ضابط كويتي برتبة عقيد... بعد أن ترك سيارته نوع كابريس... فطلبت منه المساعدة في افساح السير لنا... فابتسم لي وأشار الى سائقه العسكري للمساعدة.... وبعد قليل وصلت العجلات المدرعة الى مقري، وكان فيها مقدم اللواء مع عجلة القيادة للمدفعية.... 

في الساعة 09:30 وصلنا الى فندق المسيلة، فشاهدت مياه الخليج الزرقاء وحمدت الله عز وجل على هذا النجاح السريع... ثم وصلت كتيبة دبابات القائد والفوج الثالث قوات خاصة حرس جمهوري الذي هبط بواسطة الطائرات على هضبة المطلاع فجر نفس اليوم... فانطلقت سريعا في طريق الخليج العربي الحولي رأس الارض للالتقاء بجحفل معركة الفارس الذي أخذ بتدمير سرية مدرعات حماية القصر الاميري (السيف) حين اصرت على القتال....  

وعند وزارتي الدفاع والداخلية كان هناك مقاومة شديدة... لكن عالجنا الامور بروية قدر الامكان مع تقديم الاسناد للواء السادس عشر قوات خاصة... واشرت عليهم انه من الافضل اعطاء المقاومين فرصة الهروب... مع الاشارة الى ضرورة حماية الفنادق والاسواق الثمينة واغلاق مداخلها... وبسرعة وصلنا الى محيط السفارة العراقية في منطقة السالمية... كانت سيارات شرطة المرور والنجدة تسرع في كل الاتجاهات وكلها تطلق صفارات الانذار وبعضها ينقلب ومن شدة الارتباك او لتفادي الاصصدام بدروعنا... وقد طلبت من الفوج الثاني قوات خاصة بقيادة الرائد الركن ابراهيم الذي التحق بإمرتي السيطرة على الطريق لالقاء القبض على عناصر الحكومة وضباط الجيش ومن يراه مهما.... وبعد أزاحة المقاومة قرب السفارة العراقية تم الاتصال بجحفل الفارس في رأس الارض.... ثم اتخذت من الساحة الامامية لنادي بدع البحري مقرا لنا.... 

في ظهر نفس اليوم تجمع في مقري عدد كبير من العسكريين الكويتيين اقدمهم برتبة عميد ركن يدعى عدنان، وكان صائما لحلول الاول من رجب، فطلبت منه المساعدة في ايجاد مكان ملائم لهم فأشار لي بنادي الطيران الواقع في شارع الخليج العربي... أخذناهم جميعا الى هناك، وبعد القاء كلمة طمأنتهم جميعا... فطلب بعضهم الاتصال بأهله أو زيارة مريض فأجبت طلباتهم... وأبقيت الحرس الكويتي بكامل اسلحتهم لحمايتهم مع طاقم ضيافة.... وقمت بعزل ضابطين بريطانيين في غرفة خاصة، احدهما برتبة رائد صنف هندسة عسكرية، والثاني طيار هيليوكوبتر برتبة نقيب بعد ان سمحت لهما بالاتصال بالسفارة البريطانية.... وفي حدود الساعة الحادية عشرة التقيت مع قائدي ومع ضابط الركن العقيد الركن صلاح مجيد....واتضح لي أن طائراتنا تقوم بالصولة الجوية في سماء العاصمة بحثا عن الاذاعة والتلفزيون اللذين كانا مستمرين في اطلاق نداء الاستغاثة!!!  

وبعد ظهر نفس اليوم تكاملت مهمة فرق نبوخذ نصر وأمكست بالمرافق الحيوية في العاصمة.... ثم بعثت الى مراكز الشرطة طالبا منهم مزاولة عملهم لحفظ الامن الداخلي كما طلبت من جميع الدبابات المطوقة للعاصمة توجيه مدافعها باتجاه البحر لإشعار المواطنين بالأمان... وفي المساء تناولت العشاء مع الضابطين البريطانيين في حجرة حارس نادي بدع البحري وذلك لمعرفة سبب تواجدهما في الكويت.. واتضح انهما ضمن طواقم تعليمية... وقد ابديا اعجابهما بالجيش العراقي والسلوك الحضاري الذي عاملناهما به... 

في الساعة 23:00 جاءني صديقاي من المخابرات العراقية: العقيد محمود الدفاعي والعقيد حسيب الرفاعي وقد أعلماني ان مدير المخابرات الدكتور سبعاوي (فك الله اسره مع اخوانه) يريدني لأمر هام في مقره في السفارة العراقية... ذهبت اليه... وبعد التحية والمجاملات والثناء على قوات الحرس الجمهوري اخبرني بأن لديهم معلومات تقول بأن سعد الصباح قد حشد قوة مؤلفة من لواءين قرب الحدود مع السعودية وينوي الهجوم غدا!!!  

فقلت له:  

بأنه من وجهة نظري كان لديهم ستة ألوية فجر هذا اليوم، ولم يتمكن من صدنا... فكيف يمكن له اعادة تنظيم قواته المهزومة والمتشردة خلال هذه الليلة وينفذ عمليات تعرضية تتطلب أضعاف المدافعين!!!! فقال ان هذه المعلومات التي لديه والتصرف تصرفكم...  

وفي صباح 3/8/1990 علمت أن وقتا هدر بالبحث عن حسين الزبن، القائد في الطيران الكويتي... واتضح انه كان مدعوا لحفل خاص...   

وفي الساعة العاشرة والنصف من نفس اليوم القت احدى قواتنا القبض على الشيخ سالم الفهد الصباح وهو صهر ولي العهد... وكان يرتدي ملابس الكاوبوي... استقبلته وعاملته بكل احترام... لكنه حاول الظهور امامي بمظهر غير الموزون، واخبرني انه مدمن كحول!!!! وطلب مني اطلاق سراحه لأن ذلك خير من بقاءه... وقد طمأنته بأني مقدر لظروفه... وعلمت منه كيف هربت الاسرة الحاكمة وتفاصيل ردود فعلهم حين علموا بدخول رجالنا ((حبذا لو بين الفريق رعد في كتابه كيف هربت الاسرة بالطوافة الامريكية))..... وبعد أن اطمأن الي طلب مني الذهاب الى قصره لاحكام اقفاله وايجاز الخدم فيه... فاستجبت لطلبه ورافقه ضابط ركن من مقر اللواء مع عنصر حماية... وبعدما انجز ما اراد تناول الغذاء معنا... ثم سلمناه الى ضابط أمن الفرقة المقدم رياض حسين الذي قاده بكل احترام... وعندها شكرني بشكل خاص واهداني هويته كتذكار... لكنه كان يحمل اربع هويات شخصية... وهو من مواليد 1954... وصف نفسه بأنه مترف وماجن كبير!!!! ((لا....شي حلو.... وخوش وصف والله)).... 

بعد ظهر نفس اليوم اصبح لوائي بإمرة فرقة نبوخذ نصر حرس جمهوري بقيادة العميد الركن محمود دهام، والتي صارت مسؤولة عن العاصمة.... وتم في ذلك اليوم القضاء على بعض المقاومات الطفيفة هنا وهناك... وخاصة في منطقة وزارتي الداخلية والدفاع.. بعدها اصبحت كل الاراضي الكويتية تحت سيطرتنا التامة، بما في ذلك القاعدتين الجويتين احمد الجابر جنوب الكويت، وعلي السالم على طريق السالمي.... وبعد صلاة الجمعة جاءتني مجموعة من الشباب العرب يتحدثون عن بعض حوادث السرقة التي قامت بها العمالة الاسيوية الوافدة... فاتخذنا الاجراءات اللازمة واعدنا سيارة مسروقة لصاحبها (وهو يمني الجنسية) وطلبت من عناصر مخفر شرطة السالمي البقاء على رأس عملهم والقيام بواجباتهم.... 

وفي يوم 4/8/1990 اصبح مقري في نادي النصر الرياضي، وقد اخترته لانه غير محاط بمنطقة سكنية ولانه واسع....وحين حاولت الاتصال بإدارة النادي رفضوا القدوم لخشيتهم.. ومن خلال طواقم الخدمة، وهم من الجنسيتين المصرية والنبجلاديشية حصرت امامهم جميع الموجودات في النادي... وقمت بمنع أي جندي من جنودنا بالدخول الى الحي السكني "خيطان" المجاور للنادي... وعبثا حاولنا اقناع الكثير من الناس بعدم مغادرة بيوتهم وان هروبهم سيخلق فراغا قد يساء التصرف به... ولكن دون جدوى....ومن خلال مشاهدتي للمواطنين الكويتيين بدا لي انهم غير مكترثين بما يجري... وكان الكويتيين والمقيمين يقدمون لجنودنا الطعام بسخاء... وقد وقفت امام صورة لجابر وبقربها لوحة مرورية تقول: توقع ما ليس متوقعا..... فقلت لاحد المواطنين بأنه كان يجب وضع هذه العبارة امام دوائر المسؤولين والسياسيين والعسكريين الكويتيين....اشير الى ان الحدايق والشوارع بقيت كما هي وبقي النظام الآلي لري الحدائق يعمل بلا انقطاع، كما بقيت منظومتا الماء والكهرباء تعملان حتى بعد مغادرتنا وانسحابنا من المدينة.... 

من الصفحة 215 – 218 يتحدث الفريق رعد عن تحرك الوحدات العسكرية وعن امور سياسية خارجية، اعتقد بحثناها سابقا في الموضوع الذي نشرته شبكة البصرة سابقا عن هذه الازمة بالذات (دور ال الصباح في المؤامرة على العراق)... ويقول في الصفحة 217 ان القيادة العراقية ارتكبت أكبر الاخطاء الاستراتيجية باحتلالها للكويت.... 

((في الصفحات 219 و220 يوجد خرائط تبين دخول القوات العراقية الى أرض الكويت)).. 

الفصل السادس من الكتاب... ص 221 ... 

(( أشير إلى أنني أدرج بعض الفقرات كاملة بدون نقصان))....  

مما لاشك فيه أن احتلال العراق للكويت كان أمرا مرفوضا على كل المستويات الدولية والاقليمية والمحلية والاخلاقية والقانونية، وعلى الرغم انه من الثابت تاريخيا أن الكويت كانت جزءا من ولاية البصرة العراقية في العهد العثماني، إلا أن التاريخ نفسه يثبت أيضا أن العراق كان جزءا من الامبراطورية العثمانية حتى 11/3/1917 عندما دخل الجنرال مود بغداد محتلا على رأس جيوشه البريطانية والهندية... 

((والتاريخ أيضا يقول أن بلاد الشام كلها كانت جزءا من الامبراطورية العثمانية وكذلك كانت مصر، والحجاز ولم يكن هناك شيء اسمه دول الخليج... وانضوت كذلك تحت الراية العثمانية بعض دول أوروبا مثل البوسنة والبلقان وألبانيا وجزء من اليونان...)) 

الكويت دولة مستقلة معترف بها عربيا واقليميا ودوليا منذ العام 1962 ((حصلوا على ذلك الاعتراف بالرشاوي والوساطات...)) على إثر مطالبة رئيس الوزراء العراقي آنذاك عبد الكريم قاسم بضمها إلى لواء البصرة. في ذلك الوقت كانت هذه الدولة مشيخة خليجية محمية من قبل بريطانيا، وكان الملك غازي قد سبق عبد الكريم قاسم في ثلاثينيات القرن الماضي بالمطالبة بضم الكويت، وربما يتساءل بعض المراقبين ما هي اسباب الازمات المتكررة بين العراق والكويت منذ بداية التكوين السياسي الحديث للعراق في العام 1920؟ في الحقيقة لقد شـكلت الكويت عائقا أمام العراق نحو المياه العميقـة في الخليج..... خاصة أن نسبة جزيرتي وربة وبوبيان للكويت قد خنقت المجـال الطبيعي للعراق نحو المياه ..... فحدت كثيرا من حركة التجارة البحرية العراقية، لأن الجغرافية الطبيعية للعراق تستوجب تلك الاطلالة، وفي رأيي أنه من الحكمة إيجاد حل يرضي الطرفين لهذا الاختناق الطبيعي لنزع الفتيل الرئيسي للأزمات المتكررة ما بين الجارين الشقيقين... 

((الحل الذي سيرضي يا سيادة الفريق هو عودة الفرع للأصل إن عاجلا أم آجلا... حتى ينتهي العالم بأسره من شرور أسرة ال الانبطاح الشاذة المتأمرة على العراق.... والتي دفعت مليارات الدولارات لأجل إدامة الحصار الجائر... ومن ثم لأجل العدوان الصهيوصفوي مغولي على العراق)) 

مما لاشك فيه أن قرار احتلال العراق للكويت كان خطأ استراتيجا 100% ارتكبه الشهيد صدام حسين، (بغض النظر عن شجاعته)... صحيح أنه كان لغرور وطموح الرئيس العراقي واحساسه باستحقاق الزعامة على الامة العربية وهمينة أوهام القوة الخادعة على وعيه وافتقاره للاحساس الحقيقي بحركة الزمن جعله يستخف بالمواثيق العربية والدولية لتحقيق تلك الرغبات، فما كان يصبو اليه تجاوزه العصر كثيرا (( مع الاسف أن يصدر هذا الكلام من أحد رجال الجيش العراقي العظيم.... إلا إذا كان نسخه من كتاب آخر....))... إلا أن الجامعة العربية المتمثلة بالدول العربية الاساسية تتحمل جزءا كبيرا من مسؤولية هذا الغزو، فقد كان بالامكان تحجيم تلك الازمة الخطيرة كثيرا وابقائها في مجال الحل العربي وعدم تركها لمنظمة الامم المتحدة والدول العظمى لتدخلها ضمن ما تتطلبه مصالحها وفق ما رأه الكثير من المختصين بالعلوم السياسية.... سيما وأن بعض الدول العربية اسرعت بإعطاء موافقتها على إرسال قواتها تحت راية الامم المتحدة في الوقت الذي أعلن فيه عن نشاطات عسكرية دولية كبيرة لحشد سريع لقوات دولية في المملكة العربية السعودية..... والحق يقال أنه لم تكن هناك أية اجراءات عسكرية أو نوايا عراقية ضد المملكة العربية السعودية...((ص 222))... 

((ربما – أقول ربما – هذه الفقرة السابقة مقتبسة من كتاب آخر استعان به الفريق رعد في تأليفه لكتابه... لأنني أذكر أنا شخصيا، وخلال اعدادي لبحث المؤامرة على العراق وما حدث عام 1990 أنني قرأت مثلها بالضبط في أحد الكتب والمراجع التي استعنت بها... ولكن للأسف لم أعد أتذكر اسم الكتاب..... أو.....ربما هي كلام الفريق رعد نفسه وغير مقتبسة... 

ثم لا أدري كيف يتحدث الفريق رعد بكل براءة عن أنه كان يجب على الدول العربية والجامعة "الهزيلة التافهة" تحجيم تلك الازمة وابقائها في مجال الحل العربي... إن الدول العربية يا سيادة الفريق ممثلة بمصر ودويلات الخليج والسعودية وأدت الحل العربي قبل أن يولد بأوامر من أمريكا.. وما مؤامرة مؤتمر القاهرة الامريكي الصهيوني عام 1990 إلا أكبر دليل على وأد ذلك الحل... والدول العربية نفسها التي طالبتها بتحجيم الازمة هي نفسها الدول التي تسابقت لكسب ود الامريكان والصهاينة والفرس من أجل المساهمة في العدوان على العراق ومن ثم احتلاله.... إن الشهيد يستحق، وهو وحده يستحق دونا عن غيره، لأن يكون زعيما وقائدا للعرب من المحيط إلى الخليج... لأنه كان إنسانا صادقا مؤمنا لايكذب ولايخادع... يكفيه شرفا وفخرا تلك النهاية السعيدة.... بينما نهاية كل من ساهم بالعدوان على العراق في جهنم وبئس المصير إن شاء الله)).... 

في يوم 17/8/1990 صدرت لنا الأوامر بالقيام باستطلاعات مكثفة للحدود السعودية – الكويتية تحسبا لقيام الامريكيين بتنفيذ وعودهم بالاعتداء على العراق... وقد رصدت أنا شخصيا العديد من زمر الاستطلاع في المخافر السعودية وهم يرتدون ملابس عسكرية مختلفة الاشكال والعديد منهم ذوو ملامح أوروبية وأمريكية...... 

برز الدهاء السياسي الفارسي في الاستغلال الامثل لمشاكل العراق مع الولايات المتحدة والعالم... في حين كان الفرس يصفون امريكا بالشيطان الاكبر... فقد كانت هذه بداية الفرصة الذهبية لتصفية حسابات الفرس مع العراق من خلال الآخرين... وهنا طالبت دويلات ومشيخات الخليج العراق الاعتراف بخطأ احتلاله للكويت والانسحاب الفوري.. وكان هذا أهون على العراق من عداء وحرب مع ايران داما سنوات طوال وانتهيا بجرة قلم... وهذا بالتأكيد طلب منطقي... إلا أن حماقة السياسة العراقية رفضت ذلك بشدة!!؟؟؟؟ ((ص 224))..... 

نشير إلى أن الحجج الملفقة التي استند اليها الوغد تشيني عن تهديد عراقي محتمل للسعودية ظهرت دلائله من خلال صور جوية لعدد من الدروع العراقية المتجهة صوب الحدود السعودية، ما قد يشير الى بداية هجوم عراقي قريب لاحتلال السعودية!!!!!! وحقيقة الامر ان الصور كانت تعود الى ثماني دبابات كويتية من اللواء الخامس والثلاثون المدرع.... كانت جنازيرها قد غرزت في أرض رملية رخوة جدا خلال هروبها من مواجهة الجيش العراقي!!! وحين تأخر اخلاء تلك الدبابات بقيت في مكانها..... ألامر الذي أغضب الشهيد صدام..... فأحيـل على التقاعد من جراء هذه الحادثة كل من العميد الركن بشار أيوب قائد الفرقة الخامسة، والعقيد الركن سامي أحمد آمر اللواء السادس والعشرين المدرع.. لتقصيرهما في اخلاء الدبابات...... حيث كانت ضمن قاطع الفرقة الخامسة.... واستمر الموقف العام سوءا والرئيس صدام يزداد عنادا...... فقد عرفوا كيف يستفزونه ثم يستدرجونه إلى سلسلة من الافخاخ المعدة بكفاءة..... ((ص 226))... 

(( يبدو أن سيادة الفريق رعد نسي أن الموقف السياسي العراقي كان ينوي الانسحاب العسكري من أرض الكويت فعلا.. لكن الذي حصل أنه لما أراد العراق الانسحاب اغلقوا عليه الباب ((العرب المستعربة والامريكان والصهاينة والفرس على السواء))... فوجد العراق نفسه كالرجل الذي دخل بيتا كبيرا بإرادته... ولهذا البيت أكثر من خمسين باب للخروج... وحين حاول يخرج من الباب الاول وجده مغلقا من الخارج بإحكام.... فاتجه للباب الثاني، فوجده أيضا مغلق.. ولما اتجه الى الثالث أيضا وجده مغلق... والرابع مغلق... والخامس والسادس... وهكذا... كلما أتجه إلى باب من الابواب الخمسين وجده مغلقا... والإغلاق المحكم من الخارج وليس من الداخل....))... وحين حاول الشهيد صدام عقد لقاء مع فهد – بواسطة من السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان - لأجل حل هذا الموضوع... رفض فهد بحث الموضوع مع السلطان من أساسه... والرفض كان بناءا على أوامر أمريكية.... 

صباح يوم 23/8/1990 تم استدعاؤنا الى مقر الحرس الجمهوري في البرجسية (البصرة) احيث اجرينا تحليلا لمعركة استعادة الكويت.. وقد تعرفت على بعض المشكلات التي واجهت بعض التشكيلات... ثم عدنا سريعا الى تشكيلاتنا القتالية في الكويت... 

في الصفحات 227 -228 يقول الفريق رعد ان الشهيد صدام تدارس مع القيادة العسكرية تقديرا للموقف الدفاعي الاستراتيجي في ساحة العمليات الكويتية... وأن القيادة العسكرية كانت بعيدة عن هذا العمل الخطير... (لأن الذي نفذ "الغـزو" الحرس الجمهوري).... بل تفاجأت به على مسـتوى وزارة الدفاع (كـان الوزيـر يومهـا الفـريـق الـركــن عبد الجبار شنشل) أو على مستوى رئاسة أركان الجيش ممثلة بالفريق نزار الخزرجي ومعاونيه..... وفيما بعد أحاط الدكتور عبد الوهاب القصاب – كان يعمل ضابط ركن في رئاسة أركان الجيش – الفريق رعد علما أن الشهيد استدعى رئيس أركان الجيش لاستطلاع رأيه باستراتيجية الدفاع... فأجاب رئيس الأركان مؤشرا على الخريطة بأن خط الدفاع ينبغي أن يبدأ من عارضة المطلاع (سلسلة التلال شمال الجهراء) وبأنه من الحكمة استثمار ذلك سياسيا والانسحاب الى الاراضي العراقية... فبان عدم الارتياح على وجه الشهيد صدام... وأحال بعدها الفريق نزار على التقاعد واستبدله بالفريق حسين رشيد التكريتي.... 

((من الصفحة 229 الى الصفحة 233 يتحدث الفريق رعد عن الموقف الاستراتيجي العراقي في الدفاع، وعن مرتكزات الاستراتيجية الدفاعية العراقية...وعن تخصيص مساحة 120 كم مربع كمنطقة انفتاح لتقليل تأثير الضربات الجوية مع اخفاء كامل للاسلحة والدروع تحت مستوى الارض... وعملية إعادة انتشار جيش تعداد 750 الف مقاتل....كذلك اجراء سلسلة من الاستطلاعات الميدانية المفصلة... حيث توفرت معلومات دقيقة عن العدو من خلال استنطاق ثلاثة اسرى فرنسيين أحدهم برتبة نقيب عندما وقعوا اسرى بيد احدى الكمائن العراقية المتقدمة.... ثم حديث عن تشكيل قيادتين ميدانيتين للدفاع عن العاصمة الكويت بقيادة الفريق كامل ساجت وبمساعدة الفريق بارق الحاج... وقيادة الخليج بقيادة اللواء الركن محمود فيزي الهزاع... ليرتفع تعداد القوات العراقية الى 850 الف مقاتل بما فيها الحرس الجمهوري...)).. 

يتبع.....

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

                                          الاربعاء /  10  ربيع الثاني 1429 هـ   ***   الموافق  16 / نيســـــــان / 2008 م