الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

عرض كتاب
قبل أن يغادرنا التاريخ
للفريق الركن رعد مجيد الحمداني
قائد فيلق الحرس الجمهوري العراقي الثاني (الفتح المبين)
(8)
العدوان الخميني المجوسي الكسروي على العراق العظيم
1980 – 1988

 

 

شبكة المنصور

د. صباح محمد سعيد الراوي / كييف – أوكرانيا

 

المرحلة الرابعة والاخيرة

معارك الحسم عام 1988

معركة تحرير الفاو ( ابتداءا من ص 143 من الكتاب )

 

في العام المنصرم حقق العدو بعض النجاحات واحتل بعض أجزاء وطننا الغالي، لكن نجاحاته لم تكن سهلة، بل مكلفة جدا.... هذه المرحلة هي مرحلة تحرير الاجزاء المغتصبة من وطننا الغالي، والتي بدأت بتحرير الفاو، وقد أسماها الشهيد صدام حينها (مدينة الفداء وبوابة النصر العظيم)، وانتهت هذه المرحلة بمعركة توكلنا على الله الرابعة التي أوصلتنا الى الانتصار الكبير في هذه الحرب... لقد تمنت القوى الكبرى المعادية أن يخسر العراق هذه الحرب ماديا ومعنويا لثنيه عن برنامجه الطموح والداعي الى إحياء ودعم مشروع تحرير فلسطين من الاحتلال الصهيوني... 

في الفترة من 17-22/1/1988 شن العدو سلسلة من الهجمات المتلاحقة في قاطع عمليات الفيلق الاول... سقطت فيها عارضة جبلية مهمة تدعى احمد رومي ... كذلك مواضع الالوية المدافعة فيها (اللواء 83 واللواء 603).... كانت الظروف المناخية صعبة للغاية... حيث غطت الثلوج المنطقة كلها.. وبلغت سماكة الثلج مترين.... وأسر واستشهد عدد كبير من جنودنا.... كان الموقف العسكري العام على جميع الجبهات في حالة ترقب شديد مع وجود احتمال كبير بقيام العدو بتوسيع فعالياته في الشمال... كل ذلك وسط جو إعلامي مؤذي للغاية حيث كانت تصريحات الخصوم السياسيين والعسكريين تطلق من دون حساب...  كان الكل يترقب اعلان عراقي بخسارة الحرب مع الفرس!!!! 

في 19/2/1988 أشيع في بغداد أن هناك حملة متوقعة لإخلائها من سكانها لاحتمال قيام العدو خلال ذوبان الثلوج بتدمير السدود المقامة شمال القطر وإغراق العاصمة.... وكانت تصدر بيانات من التصنيع العسكري تبشر بتطوير صناعة صواريخ أرض – أرض بمدى طويل يصل الى 1000كم.... 

في 25/2/1988 قصف العدو بغداد بصاروخين أرض – أرض.. فشنت طائراتنا المقاتلة يوم 27/2/ غارة عنيفة على مصافي النفط في طهران وكذلك قصفت طهران نفسها بصواريخ الحسين أرض – أرض التي يبلغ مدراها 650 كم.. وكانت انجازا عظيما للصناعة العسكرية العراقية... ثم وسع العراق ضرباته بقدرته الجوية المقتدرة لتشمل اصفهان اضافة الى العاصمة.... فرد العدو بقصف الموصل وتكريت... وكانت نسبة الصواريخ لصالح العراق بمعدل 6/2........ فعم الرعب بين المواطنين في كلا البلدين... وفي 10/3/1988 أعلن العراق من جانب واحد ايقاف حرب المدن بإنذار 24 ساعة شرط أن تكون آخر ضربة عراقية تعبيرا عن الاقتدار... فنفذت احدى عشر رمية صواريخ ارض – ارض و26 غارة على المدن الفارسية... 

في ليلة 13/2/1988 شن العدو هجوما محدودا على قاطع الفيلق الثاني، إلا أنه باء بالفشل الذريع.... وفي ليلة 15/2/1988 شن العدو تعرضا واسعا على القاطع الشمالي الشرقي مستهدفا منطقة خور مال – حلبجة، وتمكن من احتلالها وأسر قائد الفرقة المدافعة (الفرقة 34 مشاة، العميد الركن علي العلكاوي) مع عدد من الضباط والمراتب... فشكل ذلك صدمة في معنويات قواتنا.. واصبح الموقف مقلقا جدا ومشابها لما حدث عام 1986 حين خسرنا الفاو.... وفي محاولة لتردي الموقف اصدر قائد الفيلق اللواء الركن كامل وبدعم من رئيس أركان الجيش الفريق نزار الخزرجي أوامر بإعدام عدد من الضباط والجنود... لكن آمر اللواء 66 قوات خاصة، العميد الركن جعفر الصادق تسلل ليلا الى بغداد ووصل الى "الشهيد" صدام وقابله وترجاه الأمر بوقف الاعدامات.... فأوقفها... وكان مقدم اللواء العقيد الركن وفاء وعدد من الجنود قد نجوا منها... وزاد الامر سوءا في تلك الفترة ان تمكنت الفرقة 84 الفارسية من التوغل في مدينة حلبجة ((أرجوك انتبه أخي القاريء لإسم المدينة وللتاريخ الذي هاجمتها فيه الفرقة المجوسية... وقارن ذلك مع ضرب حلبجة بالكيماوي وتأكد بنفسك من الذي قصف حلبجة بالكيماوي... هل الجيش العراقي العظيم ام الجيش المجوسي الفارسي القذر؟؟))... بهدف مهاجمة مرتفعات شميران المشرفة على حلبجة ومن ثم الاندفاع نحو السليمانية عبر مفرق سيد صادق...  

لكن المشرف على الحرس الجمهوري اللواء (المرحوم .... شهيد الغضب حسين كامل) قاد آمري المدفعية (العميد س) وآمر الصنف الكيماوي العقيد الركن (ح) مع قوة مدفعية خاصة تتألف من ست كتائب، منها كتيبة راجمات الصواريخ محملة برؤوس كيماوية نوع صقر آمرها المقدم ر. م... فضربت الفرقة المجوسية الفارسية بآلاف المقذوفات وبـ 720 صاروخا... وكبدتها خسائر فادحة، ما اضطرها الى اخلاء المنطقة والانسحاب الى داخل الدولة الفارسية... ولكن للاسف وقع ضحية ذلك الهجوم 150 مواطن كردي لم يغادروا المنطقة... على ان معظم سكان حلبجة كانوا قد غادروها منذ بداء العمليات....

وأكدت بعض القيادات الكردية إضافة الى مصادر جيشنا أن الفرس استخدموا الاسلحة الكيماوية في تلك المعارك.... وبنفس الوقت تم تنفيذ خطة عسكرية كبيرة مخادعة حين فتحت القيادة العامة مقرا لها في السليمانية مع تغطية اعلامية لوزير الدفاع نائب القائد العام الفريق (المرحوم الشهيد) عدنان خير الله وذلك لابقاء الجهد الرئيسي المعادي في ذلك القاطع، ولتسهيل عملية تحرير الفاو التي أصر لشهيد صدام على تحريرها بأسرع وقت... 

في 19/3/1988 شنت المقاتلا العراقية سلسلة من الغارات العنيفة على أربع مدن فارسية... وأعلن بنفس الوقت عن نجاح هجوم صاعق نفذته القوات العراقية على أوكار الخائن جلال طلباني.. لكنه نجا ((مثلما ينجو الفأر من مخالب الذئب)) لأنه كان خارج وكره... وفي 2/4/1988 شنت الفرقة المدرعة العاشرة سلسلة من الهجمات في قاطع حلبجة.... لكن ليلا طويلا خيم على طول ساحة الحرب وبات الأمل بالنجاح ضئيلا... 

في 7/4/1988 طلب مني رئيس أركان الحرس الجمهوري اللواء الركن ابراهيم الآغا الحضور إلى دائرته... وإذ به يطلب مني أن أقسم على المصحف الشريف بكتمان التخطيط لمشروع عمليات تحرير شبه جزيرة الفاو بالتعاون مع الفيلق السابع، والقوة الجوية، والقوة البحرية، وطيران الجيش...  

وكان مجمل تخطيط الحرس الجمهوري يقوم على الهجوم بجبهة فرقتين وعمق فرقة ثالثة مع الاحتفاظ بفرقة رابعة كاحتياط.... كنت العضو الثالث في فريق التخطيط الذي ضم بالاضافة الى ضابط استخبارات الحرس الجمهوري العقيد الركن حازم مهدي، والعقيد الركن نظام طه، إضافة للقائد ورئيس أركانه... كان عملنا مضنيا... لكنه كان مرغوبا لسببين: الثقة التي حصلنا عليها، والرغبة بالمشاركة في اعداد المشروع الكبير لتحرير جزء عزيز من الوطن....  

بدأنا بهيكل الخطة العامة (فكرة العمليات)، ثم جدول محاور الاستحضارات، مع جدول زمني لخطة التحشد وخطة المخادعة، وكان اجمالي الالوية المخصصة عشرين لواء مختلفا، و44 كتيبة مدفعية وصواريخ، بالاضافة الى آلاف الاطنان من مواد تموين القتال، وخمس كتائب هندسة... مع قيامنا بالاستطلاعات الرئيسية والتفصيلية لبعض المحاور والاهداف... وكان الموضوع حساسا جدا، وعليه كان يجب على قواتنا تحقيق النصر المنشود...  

وإلا...  

فسوف نخسر الحرب لامحالة... لقد كان قرار الشهيد صدام بابقاء مركز ثقل الاستراتيجية العراقية في أدنى الجنوب قرارا شجاعا مبنيا على حسابات دقيقة..مع مجازفة كبيرة في ظل ظروف قاسية.... ورافق ذلك خطة مخادعة سوقية (استراتيجية) أعدت بدقة عالية... حتى ان رئيس أركان الجيش الفريق نزار الخزرجي كان يعتقد ان تلك الخطة هي الحقيقة... وفقا لما سمعناه من مدير الاستخبارات العسكرية... وكان أمرا غريبا فعلا ان يستبعد رئيس أركان الجيش من المشاركة والاشراف على أخطر عملية في الحرب، في حين أشرك معاونه للعمليات الفريق الركن حسين رشيد التكريتي، ومدير الاستخبارات العسكرية اللواء الركن صابر عبد العزيز الدوري، ومعاونه ((الخائن الساقط الذي باع نفسه ووطنه بحفنة من الدولارات والدنانير والريالات)) وفيق السامرائي...... (سبحان الله.... وكأن من استبعد الفريق نزار كان يعلم بمستقبله.... بينما بقي الاسيرين البطلين، حسين وصابر على العهد..... تحاكمهما طغمة الفرس المجوسية الخمينية الكافرة على دورهما البطولي في القادسية الثانية العظيمة)... وهذا بالتأكيد أحرج رئيس الاركان وأثر على نفسيته وولائه للشهيد...  

وفي غرفة عمليات الحرس الجمهوري وحال تحرير الفاو، قال الشهيد لرئيس أركان الجيش بالحرف الواحد: لقد دخلت التاريخ يا فريق نزار من أوسع أبوابه في هذه المعركة... لأنك رئيس أركان هذا الجيش العظيم... فرد عليه: شكرا سيدي.. مع نظرة فيها الكثير من العتاب.. فسرتها وأنا اراقب ملامح وجهيهما بأن ذلك نوع من الترضية لرئيس أركان الجيش...  

(ثم كشف الزمن فيما بعد حقائق مثيرة تحتاج الى الكثير من التفسير... فهرب نزار والتحق بما يسمى المعارضة... وهرب وفيق السامرائي الذي كان حاصلا على دعم ورعاية مميزين من الشهيد... وقد أشيع أن الخائن للشعب الكردي..... السكير جلال طلباني قد أغواه للعمل لصالحه منذ عام 1982.... وهناك حادثة غامضة تقول ان وفيق السامرائي أعاد وبدون أمر رسمي أهم ضابط استخبارات فارسي ضمن عملية تبادل الاسرى المرضى... وحين وصل ذلك الضابط الى بلده اوشى عن مصدر معلومات مهم يعمل لصالح استخباراتنا، ومقرب من القيادة العسكرية الفارسية (يعني مجند من قبل المخابرات العراقية يوصل لها المعلومات) فأعدم ذلك المصدر على الفور... وهو ما أغضب الشهيد صدام من وفيق... فنقله الى منصب أدنى... لكن بعد فترة اعيد الى منصبه.....  

((ثم لا يخجل هذا الخائن الساقط الرخيص من الظهور على الفضائيات المستعربة ليفتري، وبكل وقاحة وحقارة ووضاعة نفس.... على الشهيد رحمة الله عليه، وليؤلف القصص والروايات التي لا هدف لها الا الحصول على المزيد من دنانير ال الانبطاح وريالات ابن سعود وشهرة قنوات الدعارة مثل ام بي سي والعبرية)).....  

كان للقرار الاستراتيجي بتحرير شبه جزيرة الفاو له ما يبرره: 

-             70% من قدرة العدو تعمل في ساحة العمليات الشمالية.

-             60% من القوة المدافعة في قاطع شبه جزيرة الفاو المحتل قد تحركت شمالا.

-             توفر معظم قوات النخبة في الجيش العراقي في قاطع الجنوب، ومنها قوات الحرس الجمهوري..مركز ثقل الجيش..

-             اصبحت الفاو اكثر من هدف سياسي ووطني وشكلت حاجزا نفسيا صعبا للغاية.. وتحريرها سيشكل ولاشك منعطفا خطيرا لصالحنا.. 

وكان "كبير السحرة الدجالين" المنافق خامنئي، وعند احتلال الفاو، قد صرح "إذا ما تمكن صدام حسين من استرجاعها، فإنني سأذهب بنفسي إلى بغداد لتهنئته"... لكن صدام ورجاله حرروا الفاو وغير الفاو ودعسوا على رقبته وعلى رقبة الخميني وجرعوهم كأس السم الزعاف...ولم تتدنس شوارع بغداد بالحاخام الخامنئي.... 

كانت المعلومات المحصلة عن الفاو جيدة... فآخر تصوير جوي للقاطع كان بتاريخ 30/3/1988 احتوى على تفاصيل دقيقة جدا عن توزيع القطعات والاسلحة والعقد الدفاعية والاسلحة الساندة... وتم اعداد مسرح قتال مشابه لمسرح قاطع العمارة، وتدربت معظم الوحدات والتشكيلات على طبيعة الارض، وثابر قائد الحرس الجمهوري على رفع قدرة قواته لبلوغ المستوى الذين يؤمن لها الظفر بالمعركة لتحرير الفاو...... وهي المهمة التي أقسم على تحقيقها حين استلم مسؤولية الحرس الجمهوري، وكان الشهيد صدام موفقا في اختيار هذا القائد المثابر والشجاع جدا ((اللواء إياد فتيح الراوي)).......(( لاحظ أخي القاريء من هم قادة الجيش العراقي الذين تحاكمهم طغمة المجوس المتسلطة على رقاب الشعب العراقي المجاهد الصابر.. إنهم أبطال القادسية الصدامية المجيدة الثانية....)) 

كانت مهمة تحرير الجزء الغربي ملقاة على عاتق فرقة المدينة المنورة، حرس جمهوري، والذي يبدأ من خور عبد الله الى نصف قاطع المسؤولية، وبالعمق الى المشروع 81 (مشروع قديم لصواريخ البحرية العراقية)، أما مسؤولية فرقة بغداد، حرس جمهوري، فكانت على الطريق الاستراتيجي الذي يحد قاطع مسؤولية الفيلق السابع إلى الحدود الفاصلة مع فرقة المدينة المنورة حرس جمهوري وبالعمق الى نهاية منطقة المملحة.... أما مهمة فرقة حمورابي حرس جمهوري فكانت الصفحة الثانية، وهي تحرير الفاو بالتعاون مع جهد الفيلق السابع والاندفاع الى رأس البيشة، أي الى رأس المثلث البري العراقي المطل على الخليج العربي... أما فرقة نبوخذ نصر حرس جمهوري بقيادة العميد الركن أزهر عبد الله فهي فرقة احتياط....  

وبعد العرض جرت تعديلات على خطتي فرقة المدينة المنور بقيادة العميد الركن أحمد حماش، وفرقة حمورابي بقيادة العميد الركن ابراهيم عبد الستار... أما خطة فرقة بغداد حرس جمهوري بقيادة العميد الركن عبد الواحد شنان فكانت مستوفية... وكانت أعقد الاعمال والمهام هي الجهد الهندسي الذي كان يتمحور على فتح الممرات والمجازات وتأمين اكساء المنطقة الرخوة لتسمح باندفاع الدروع والعجلات عبر فرش حصر معدنية، وكذلك اكساء الممرات بمادة السبيس والحصى، علاوة على تأمين الجسور الصغيرة وتهيئة وسائد الاحذية العريضة لمنع غوص أرجل قطعات الصولة... وكانت الهمة عالية والحمد لله... وكانت ضمن واجباتي كضابط ركن عمليات عرض ما نتوصل اليه على معاون رئيس أركان الجيش، ومنه الى الشهيد صدام، حيث كنت استقل طائرة مروحية الى مديرية الاستخبارات العسكرية برئاسة اللواء صابر عبد العزيز الدوري لاطلاع الشخص المخول على الخطة، وهو وفيق السامرائي... ثم استقل احدى عجلات ديوان الرئاسة الى مبنى القيادة التي اتخذت آنذاك من أحد قصور الضيافة مقرا لها (قصر بغداد).... 

يوم بدء العمليات تأخر الى يوم 17/4/1988 لعدم تكامل استحضارات الفيلق السابع بقيادة اللواء الركن ماهر عبد الرشيد، وكان هذا اليوم يصادف أول يوم رمضان، فأطلق الشهيد صدام على هذه العملية مسمى عملية رمضان... وكانت عناية الله سبحانه وتعالى لصالحنا... حيث ساءت الاحوال الجوية مما حد من إمكانيات الرصد المعادي... حيث كان للعدو أكثر من 70 برجا كبيرا للمراقبة... 

ليلة الهجوم الكبير حضر الشهيدان صدام وعدنان خير الله الى مقرنا....وأدارا جزءا من المعركة من غرفة عمليات قوات الحرس الجمهوري... وقد كلف نجليه (الشهيدين عدي وقصي) بمشاركة قائدي الحرس الجمهوري والفيلق السابع... فعدي كان مع الحرس، وقصي مع الفيلق السابع ((تزوج الشهيد قصي من ابنة اللواء ماهر وأنجب منها شبلا بلغ مبلغ الرجال اطلق عليه اسم مصطفى، وقد استشهد الفتى مع ابيه وعمه اثر معركة بطولية استمرت ست ساعات خاضوها مع عشرات العلوج الامريكان في الموصل بعد تدنيس العراق)).... 

في الساعة الرابعة والنصف من فجر يوم 17/4/1988 أطلقت أكثر من ألف فوهة نيران القصف التمهيدي المركز... ومن ضمنها ضربة بالسلاح الكيماوي... وبدءا من الساعة السادسة شاركت الدبابات المخصصة لتدمير النقاط الحصينة الامامية من على منصات صنعت لها... وشاركت القوة الجوية وعدد من زوارق البحرية في مرحلة القصف التمهيدي... وفي تمام الساعة السادسة والنصف انطلقت وحدات الصولة لاقتحام الحاجز النفسي الكبير... سرعان ما بدأنا نستمع من خلال الاتصالات البشائر الاولى للنصر... لم تتأخر القطعات المعقبة الاخرى من زف أخبار النصر الواحد تلو الاخر ونحن غير مصدقين من سرعة ذلك النجاح... وبعد مرور ست ساعات كانت كل التشكيلات الامامية في أهدافها عدا قاطع لواء القوات الخاصة السادس عشر حرس جمهوري، الذي كان بإمرة العقيد الركن طلال القيسي.... حيث كان المانع المائي كبيرا وعميقا... وقد تركزت أمامه قوة معادية كبيرة جدا... ومن خلال مواطيء النجاح الاولى، تم دفع القدمة الثانية من الصولة، ومن خلال قاطع اللواء السادس بقيادة العقيد الركن رعد رشاد تم الالتفاف حول مقاومة اللواء السادس عشر... فتم تدميرها بالكامل... وانطلقت الالوية المدرعة بالاندفاع نحو العمق... ومع حلول ليل ذلك اليوم اكملت كافة تشكيلاتنا اهدافها للصفحة الاولى بكل مراحلها.... كذلك وردتنا أخبار النصر في قاطع الفيلق السابع الذي كان يقاتل في القسم الشرقي.... 

في ليلة 17-18/4/1988 وبعد أن اكملت فرقتنا احتلال أهدافها وكذلك فرق الفيلق السابع، قام آمر مدفعية هذا الفيلق اللواء نايف قصب جنديل بزيارة مقرنا على ضوء توجيه الشهيد صدام بضرورة تكثيف اجراءات التنسيق... فاطلع على موقفنا واطلعنا على مواقف قوات فيلقه.... كان هناك تنافس شديد لكسب شرف دخول الفاو بين الفيلق السابع وقوات الحرس الجمهوري... 

بدأت الصفحة الثانية بقصف تمهيدي ونار ساترة، فدارت معركة شديدة... وفي تمام الساعة الثانية عشرة أعلن اللواء 20 حرس جمهوري تتقدمه كتيبة دبابات الفارس التي يقودها المقدم ركن سالم حافظ من اللواء السابع عشر المدرع حرس جمهوري دخول الفاو... وتم رفع العلم العراقي... وتداخل ذلك أيضا مع دخول قطعات اللواء 30 المدرع من الفيلق السابع... فزفت البشرى الكبرى..  

وهنا أمر الشهيد صدام حسين بدمج وتداخل الصفحة التالية دون انتظار مرحلة ترصين الهدف، حيث اندفعت فرقة حمورابي حرس جمهوري لتحقيق واكمال الصفحة الثالثة... فواصل لواء المشاة 23 حرس جمهوري بقيادة العقيد الركن صالح يوسف الى رأس البيشة... فأمر الشهيد صدام بالسماح للعدو المهزوم بعبور شط العرب على جسر الانابيب المقام من قبلة لاشاعة روح الهزيمة في قطعات العدو في الضفة الشرقية لشط العرب... ثم وبناء على رجاء أعضاء القيادة العامة، وخاصة الطيار الحكم التكريتي، اكتفينا بتدمير ذلك الجسر بالقوة الجوية... ذلك أن الشهيد تساءل فيما لو كان لنا امكانية العبور الى الاراضي الفارسية لتأكيد الاقتدار العراقي.... وفيما بعد كتب الشهيد صدام بيان النصر العربي المبين وأملاه بالهاتف على وزير الاعلام يومها لطيف نصيف جاسم، واذيع البيان على الشعب العراقي العظيم.. فكانت البشرى عظيمة والفرحة أعظم وكان حدثا عربيا عراقيا عظيما.... 

قلب هذا النصر موازين القوى، فارتفعت معنويات قواتنا وشعبنا الى عنان السماء، وحصلت الصدمة بالعدو الفارسي، وكأنه لم يصدق ما حدث... وعصر ذلك اليوم حلق الشهيدان صدام وعدنان بالمروحية فوق الاراضي المحررة... وكانت آثار القصف المدفعي والصاروخي احدى الملاحظات التي تحدث عنها الشهيد صدام فيما بعد.... لقد تفوق مركز الثقل العراقي الذي نفذ الهجوم على قدرة الخصم... فلم تبد منه ردة فعل نظرا لبعد مركز ثقل قواته المتواجد في أقصى الشمال.... وكانت تضحياتنا مقبولة نوعا ما... فلم تتجاوز الف شهيد.. في حين عند احتلال الفاو خسرنا حوالي الخمسين الف شهيد... ولا شك ان العدو خسر الالاف المؤلفه من جنوده في تلك المعركة الميمونة المظفرة... لقد دلت هذه المعركة على حب الوطن وقدرة قواته المسلحة وعلى استعداد الشعب للتضحية من اجل كرامة الوطن وطهارة ترابه... 

لقد حدث ما توقعه الشهيد صدام في أن معركة تحرير الفاو هي بوابة النصر الكبير، وانها معركة المنعطف لكسب الحرب... وهنا ادعى الاعداء الفرس ان كسب معركة الفاو كان نتيجة تحالف امريكي عراقي، وان جنودا امريكيين شاركوا بالمعركة الى جانب الجنود العراقيين!!!! وذهب بعض التافهين والناعقين والمتفلسفين والمستعربين والمدعين أنهم محللين الى الزعم ان تخطيط هذه المعركة يعود الى ضباط ركن مصريين!!!! وفي الحقيقة كان كلا الادعائين باطلين.... فمعركة تحرير الفاو من الالف الى الياء كانت معركة عراقية مائة بالمائة... لم يتدخل فيها لا الامريكان ولا المصريين ولا غيرهم..... 

في الصفحة 156 من الكتاب يوجد خريطة معركة تحرير الفاو... 

 

يتبع.... 

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

                                             الاحد  /  07  ربيع الثاني 1429 هـ   ***   الموافق  13 / نيســـــــان / 2008 م