الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

عرض كتاب
قبل أن يغادرنا التاريخ
للفريق الركن رعد مجيد الحمداني
قائد فيلق الحرس الجمهوري العراقي الثاني (الفتح المبين)
(6)
العدوان الخميني المجوسي الكسروي على العراق العظيم
1980 – 1988

 

 

شبكة المنصور

د. صباح محمد سعيد الراوي / كييف – أوكرانيا

 

يوم 26/7/1983 شن العدو هجوما كبيرا في القاطع الشمالي منطقة حاج عمران، وتم له الاستيلاء عليها بالتعاون مع خونة الاكراد البرزانيين.... وفي يوم 29/7/1983 نفذ الفيلق الاول بقيادة اللواء الركن نعمة فارس المحياوي هجوما صاعقا ولأول مرة بالصولة المحمولة جوا، فتم تحرير العارضة الجبلية كردة مند...  

ثم تعرض العدو على قاطع زرباطية – مهران فاحتل منطقتي الصدور والدراجي فدارت معارك سجال بواسطة اللواء 37 واللواء 70 واللواء 18 ووحدات مغاوير الفيلق الثاني... فاستشهد أمر اللواء 70 العقيد الركن محمد جوهر...عندها تحركت الفرقة المدرعة الثالثة لمعالجة الموقف كما تحرك اللواء الاول حرس جمهوري كاحتياط مع لوائنا الى مندلي – قزانية....  

وفي 1/9/1983 حضر الشهيد صدام حسين للاطلاع على سير المعارك الدائرة بقيادة الفرقة الثالثة... فاشترك اللواء الاول حرس جمهوري بقيادة العقيد الركن عبد الرحمن لتعزيز موقف قواتنا في هذه المعركة الشديد... وفي 4/9/1983 استلمنا تكليفا يقضي باستلام أو تعزيز واجب اللواء الاول حرس جمهوري وذلك بواسطة المرافق الاقدم للشهيد صدام صباح مرزا..... الذي هبط بمروحيته في مقري... فتحركنا سريعا الى منطقة مخفر السيحة الجديد كمنطقة تحشد....واسعفنا في طريقنا عشرات الجرحى... وفي مرصد اللواء 606 التقيت بأحد مرافقي الشهيد صدام وهو ارشد ياسين فرجوته تخصيص مروحية لنقل الجرحى.... 

ثم اتجهنا نحو الجناح الايمن للعدو حيث كانت تجري معارك فك الطوق عن الفوج الاول من اللواء 417 الذي كان يقاتل ببطولة اسطورية لا مثيل لها... إلا أنه صدر أمر آخر بترك هذا القاطع فورا لاحتمال اندفاع العدو من مضيق حران لاحتلال مدينة مندلي... فتحركنا سريعا الى هناك، وعلمنا مع الاسف الشديد ان قواتنا فشلت في فك الحصار عن ذلك الفوج المغوار... ولم ينجو منه الا ثلاثة ضباط وخمسين من المراتب والباقي استشهد (في عام 2001 أوصلت ملاحظة للشهيد صدام عن هذا الفوج الذي لم يتذكره أحد، فأمر بتكريمه وأعاد تشكيله في معسكر الورار بإشراف مقر وزارة الدفاع)... وللفترة من 11/8/1983 ولغاية 21/9/1983 كنا نغلق فتحة مضيق حران كاحتياط للفرقة المدرعة الثانية عشرة التي كانت تقاتل هناك.... 

لقد تحسن الموقف الدولي كثيرا لصالحنا، فأعلن وزير خارجية فرنسا كلود شيسون أن فرنسا تقف الى جانب العراق، وأعلن عن موافقة وزارة الدفاع الفرنسية على اعارة القوة الجوية العراقية طائرات سوبر ايتندار المجهزة بصواريخ – جو – سطح اوكسيست لتدمير الاهداف البحرية...  

وفي 7/8/1983 تحرك لوائنا الى قاطع مندلي لغرض الاندفاع لاحتلال حوض سومار من الجانب المعادي كأحد البدائل للقيادة فأكملنا الاستعدادات خلال 72 ساعة على أن تكون كتيبة دبابات الحمزة التابعة للحرس الجمهوري رأس الرمح...  

وفي 18/10/1983 أعلن ناطق عسكري أن العدو أكمل استعداداته للهجوم على قاطع بنجوين في الشمال الشرقي من القطر... وفعلا شرع العدو في اليوم التالي بهجومه على القاطع المتوقع فدارت معارك شديدة، تمكن العدو بعدها من احتلال بنجوين بالكامل في يوم 30/10/1983 وحين حاول الاندفاع لاستثمار هجومه نحو سيد صادق اوقفته قواتنا عند العارضة الجبلية الحيوية، وقد تمكن اللواء الاول حرس جمهوري من تحرير بعض الرواقم المهمة... والجدير بالذكر أن عناصر خونة الاكراد التابعين للخائن جلال الطلباني لعبت دورا مهما في انجاح مهمة العدو...وقد تركت استعادة بنجوين لوقت لاحق وعاد لوائنا الى بغداد كاحتياط عام يوم 20/11/1983....  

وفي هذا الوقت وصل الى بغداد دونالد رامسزفت (الذي هندس العدوان الاخير على العراق) وسلم رسالة من الرئيس ريغان الى (الشهيد) صدام حسين... كذلك تحسن الموقف السوفييتي وصار الى جانبنا بعدما ضرب حزب تودة الماركسي في إيران.... 

في 27/12/1983 عين آمر لوائنا بمنصب قائد الفرقة المدرعة الثانية عشرة بعدما أصيب قائد الفرقة السابق بجراح، واختير آمر اللواء المدرع الثاني عشر العقيد الركن أحمد ابراهيم حماش مكانه... وفي يوم 17/1/1984 اجتمع بنا الشهيد صدام في القصر الجمهوري وأبدى توجيهاته حول تطوير كفاءة وحدات الحرس الجمهوري وامكانية توسيع هذه القوات المهمة، وأنه قرر تنسيب العقيد الركن عبد العزيز الحديثي آمرا للواء الاول حرس جمهوري (وكان قد أمر بإخراجه من السجن، حيث كان قد تعرض له على ضوء جداله مع قائده حول طريقة عبور نهر الكارون حين كان يشغل منصب آمر اللواء السادس)...  

وفي يوم 27/1/1984 اعلن عن قيام طائرات التفوق الجوي العراقية نوع ميغ 25 بعشرات الطلعات التحذيرية فوق طهران وعشرين مدينة فارسية للحد من غلواء تهديدات العدو في الاعداد لهجوم الربيع الكاسح والحاسم وغير ذلك من العبارات الرنانة الجوفاء.... وترافق ذلك مع الاعلان عن شراء سربين من طائرات ميغ 29، وبالفعل قصفت الطائرات العراقية ديزفول "المدينة التي ينتمي اليها ابن صاحبة الراية المجرم المجوسي صولاغ" – بندر خميني – البتروكيماويات بصواريخ أرض – أرض كرد على قصف العدو لمدينة البصرة يومي 11 -12/2/1984...  

وفي يوم 12/2/1984 علمت بزيارة (الشهيد) صدام حسين لعائلتي القاطنة المجمع السكني في أم العظام، وذلك خلال تفقده لعوائل مقاتلي الحرس الجمهوري... 

في ليلة 22 -23/2/1984 شن العدو الفارسي تعرضا واسعا شمل كامل قاطع شرق البصرة، إلا أن الجهد الرئيسي لم يحدد بعد....وفي المنطقة الدفاعية (فرقة 8- مخفر بوبيان) صد الفيلق الثالث بقيادة اللواء الركن ماهر عبد الرشيد هجوما ثانويا للعدو.... لكن الجهد الرئيس للعدو كان قد اكمل احتلال معظم اهدافه في هور الحويزة... فسقطت كل حقول نفط مجنون الشمالية حيث كانت حمايتها قد تركت لوحدات من الشرطة والجيش الشعبي... وعلى الفور تحركنا... حيث اكملنا عبور شط العرب على جسر محمد القاسم بعد سلسلة من المتاعب...  

يوم 24/2/1984 كانت جميع الاتجاهات توحي لنا الاشتباك مع العدو، إلا أن ايجازا سريعا من قبل ضابط الفيلق الثالث العميد الركن نبيل خليل سعيد وقد وضح لنا الموقف حين أفاد بأن المنطقة المحصورة ما بلين الطريق الموصل الى غزيل حيث موقع اللواء 56 بقيادة العقيد الركن محمد ابراهيم المحاصر والى امتداد حافة الهور حتى السويب يتواجد فيها العدو... وأن قطعات الفيلق تقاتل الان في منطقة شركة النفط لحقل مجنون... بناء على ذلك نظمت كتيبتي بتشكيل قتال صندوقي الشكل... فتمكنا من الانفتاح في الخط الدفاعي الثاني للفيلق، فتمت لنا السيطرة والتنسيق مع باقي جحافل معركة اللواء، حيث بدأنا نعمل بوضوح فدارات معركة شديدة في الليلة اللاحقة 25/2/1984 حيث تم للفيلق الثالث الاتصال باللواء 56 المحاصر، ثم بدأت الفرقة المدرعة السادسة بقيادة العميد الركن جميل نجم الدين بالهجوم المقابل على العدو من جهة حافة الهور وامتدادات السداد الترابية... ثم زجت الفرقة الرابعة بقيادة العميد الركن عبد الكريم العيثاوي وكسبت بعض الشيء.... وكانت المعارك سجال ما بين الخطين 32-36...وفوجيء العدو بكفاءة دباباتنا حين استعادت وحدتي موضع الفوج الثاني التابع للواء 95... ولم يستغرق منا استعادتها سوى ساعتين فقط.... في الوقت نفسه كانت قيادة شرق دجلة بقيادة اللواء الركن محمد عبد القادر تحقق نجاحات متتالية، فحررت منطقتي الصخرة والبيضة ونصف لسان عجيرة... وكان الموقف يوم 12/3/1984 مشجعا حيث تم استعادة الاماكن الواقعة بيد العدو من مخفر بوبيان – كشك البصري – غزيل – منطقة شركة نفط مجنون – السويب وخط التشميل 36 داخل الهور...  

وفي يوم 13/4/1984 الغي الواجب بعد ان اكملنا الصفحة التمهيدية بتدمير النقاط الامامية للعدو... وفي 14/4/1984 صدر لنا الامر بالعودة الى بغداد نظرا لاستقرار الموقف... وفي 28 من نفس الشهر صدر الامر بتشكيل مقر ميداني للحرس الجمهوري دعي "مقر فرقة الحرس الجمهوري بقيادة العميد الركن حسين رشيد التكريتي" وتشكيل لواء القوات الخاصة الثالث بإمرة حمد الحمود ولواء المشاة الرابع بإمرة خضر العامري... 

في 13/9/1984 انفتح اللواء العاشر حرس جمهوري في قاطع كركوك واللواء الثالث قوات خاصة حرس جمهوري في رايات شمال الوطن على ضوء بدء عمليات تصفية ما بين المقاتلين الاكراد للحزبين الرئيسين التابعين للخائنين (مسعور والطلباني)...وفي هذه الفترة كانت مياه البحر قد ابتلعت ألاف الاطنان من القدرة البحرية الفارسية والاسطول التجاري والنفطي نتيجة العمليات الجوية والبحرية العراقية البطولية.... 

وفي يوم 7/10/1984 شن العدو هجوما على قاطع سيف سعد (كان اللواء العاشر المدرع حرس جمهوري قد عاد الى مقره).. وخلال 72 ساعة درات معارك سجال بيننا وبينه....وتمكنت قواتنا من احتواء الهجوم المعادي واستعادة جزء مما كسبه العدو... وقد تفانى اللوائين الاول والثالث حرس جمهوري وقوات خاصة بالقتال... وفي الفترة الممتدة من 11/1984 الى 2/1985 شنت قواتنا وعلى طول ساحة الحرب سلسلة من الهجمات الناجحة ادت الى تعزيز الثقة بالنفس وكبدت العدو فيها خسائر فادحة في الارواح والمعدات... 

معركة تاج المعارك عام 1985

أهم أحداث عام 1985 كانت معركة تاج المعارك، المعركة الدفاعية التعرضية المثالية التي أظهرت كفاءة قواتنا المسلحة بشكل رائع ومشرف على مستوى التخطيط والتنفيذ من رأس القيادة العامة وحتى مستوى الوحدات الفرعية المقاتلة والساندة... لقد كانت معركة تستحق التدريس في جميع الاكاديميات والكليات العسكرية... وقد كتب عنها الكثير... لقد وصف "الشهيد" صدام شكل وأبعاد هذه المعركة في لحظة اندلاعها على ورقة خضراء صغيرة... وتحققت صحة ذلك التصور... لقد كانت استخباراتنا تتلقى عونا من مصادر اقليمية ذات صلات دولية...وقد كتب السيد هاني وهيب، المستشار الصحفي عن استبصار السيد الرئيس لهذه المعركة فيما بعد.... 

في صباح 12/3/1985 عرجت على كتيـبة دبابـات الوحدة للواء 10 المدرع، حرس جمهوري، المحتشدة في شرق البصرة (كتيبان) وكان بصدد زيارة آمرها المقدم الركن عبد حمد مهاوش (استشهد وهو برتبة لواء ركن في معتقلات خنازير الامريكان بعد تدنيس العراق) الذي تربطني به علاقة تعود الى عام 1972 حيث اشتركنا بواجب حماية قاعدة الحبانية... ثم دخل علينا أحد ضباطه يقول عن قيام العدو بشن هجوم في القسم الشمالي من قاطعنا... فانصرفت على الفور الى مقر لوائنا المحتشد في منطقة الزريجي، فوجدت أمر اللواء مجتمعا بآمري الوحدات والضباط واستلمت منه الانذار للتهيؤ للقتال خلال ساعتنين... وعلمت بأن العدو يخترق هور الحويزة مجددا.... وفي ظهر نفس اليوم صدر بلاغ عن القيادة العامة حول هذا الهجوم المعادي مع الاشارة الى معركة الاحتواء لكلا الفرقتين (الفرقة المدرعة العاشرة بقيادة العميد الركن صبيح عمران طرفة في القسم الشمالي من قطاع الاختراق، والفرقة المدرعة السادسة في القسم الجنوبي منه، بقيادة العميد الركن اياد فتيح الراوي – الاسير حاليا، والذي تحاكمه مع رفاقه الطغمة الخمينية الكسروية المجوسية الكافرة المتسلطة على العراق)... استمر القتال بين الطرفين... واستطاعت قواتنا ايقاف ذروة الهجوم المعادي قرب الضفة الشرقية لنهر دجلة... وأخذت جبهة الاختراق المعادي تضيق يوميا... 

في يوم 14/3/1985 صدر الأمر لنا بالتحشد في منطقة المزيرعة ضمن منطقة قتال الفرقة 6 المدرعة... حيث استكمال جحفل لوائنا هناك... وكانت الفرقة المدرعة 6 تخضو القتال بشراسة... في الساعة الواحدة والنصف ظهرا نفس اليوم هبطت طائرة نائب القائد العام وزير الدفاع واصدر امره للمباشرة بتعزيز هجوم جخفل لواء المشاة الالي 25 من الفرقة المدرعة 6 بكتيبة دبابات الحمزة التي اقودها، وذلك بهدف استعادة منطقة همايون، وبإسناد من غرب نهر دجلة.. كتيبة دبابات العز... بقيادة المقدم الركن نظام طه.... وبحركة سريعة وصلنا الى منطقة اجتماع جحفل اللواء المكلف بالهجوم قبل عشر دقائق من الوقت المحدد... لكنني فؤجئت بأن القوة غير مستعدة للهجوم نتيجة التعب والارهاق الذي اصاباها في معركة الامس... فقلت لآمر الجحفل انني استلمت أمرا بالهجوم من اعلى مستوى قيادي ومن المحتمل انه سيراقب المعركة من طائرته السمتية (المروحية) ومهما كانت النتائج فإن موقفي لا يسمح بأي نقاش او تبرير وعليه توكلنا على الله....شرعنا بالهجوم واستخدمنا الدخان الذاتي للدبابات لتأمين ستارات الدخان للاقتراب الأمين وتقليل احتمالات الاصابة بأسلحة مقاومة الدبابات...  

صعق العدو من الكفاءة الفنية والتعبوية لدباباتنا... وأجبروا على خفض رؤوسهم (ورؤوسهم مهانة على أية حال لأنهم فرس مجوس) ما حال دون استخدام اسلحتهم بشكل كفؤ ضدنا علاوة على تكبيدهم خسائر فادحة... وكانت كتيبة دبابات العز تؤمن الاسناد بالمرمى المباشر عبر نهر دجلة... ونالت تلك المعركة اعجاب وزير الدفاع.... وبعد ساعتين شن العدو هجوما مقابلا علينا تم دحره بسرعة حين فتحت نيران رشاشات دباباتنا المصوبة بدقة بالاستعانة بالضياء الابيض بعد رفع المرشحات عن بواعث الانارة الليلية.... وكانت خسائرنا لاتتعدى بعض الجرحى وتعطل دبابتين... 

وفي يوم 15/3/1985 استلمت أمرا بتقدم اللواء شمالا باتجاه منطقة العزير حيث سيكون عملنا اللاحق مع الرتل الشمالي – الفرقة المدرعة 10 في شمال مسرح القتال، وكان معنا اللواء المدرع العاشر – حرس جمهوري بقيادة العقيد الركن ابراهيم عبد الستار... اتخذنا تشكيل المسير بعد عبور نهر دجلة من جسر عبد الله شمال القرنة، وعلمت أن اللواء العاشر المدرع قد سبقنا بالحركة....وحين وصلنا الى مكان تكاملنا الجديد... ومع اشراقة الشمس شاهدت حركة كثيفة للاشخاص عن ذلك المعبر... فظننت ان تلك المجاميع تعود لاحدى وحدات قوات شرق دجلة المسحوبة عبر النهر... لكن وفي خلال لحظات اتخذت تلك المجموعات اوضاع الرمي وفتحت نيرانها الكثيفة علينا... فانطلق سائق الدبابة بأقصى سرعة بدون توقف، وطلبت من الذين خلفي الهجوم لاقتحام هذه المقاومة المفاجئة لأن أي توقف يعني تدمير دباباتنا، وهي ضمن مدى تأثير الاسلحة المقاومة للدبابات... واستطاع مساعدي الشهم قدري شاكر – الذي استشهد بنهاية الحرب – ازاحة الدبابة الى خارج الرمي المباشر ونجونا بفضل الله... عندها شاهدت معركة سحق المقاومة المعادية وكان أداء مقاتلينا رائعا.....  

وفي الساعة الثالثة بعد الظهر من نفس اليوم انفتح جحفل لوائنا خلف اللواء 42 المدرع – الفرقة 10 المدرعة بقيادة العقيد الركن موحان حافظ المشتبك مع العدو منذ ليلتين سابقتين على خط نهر يدعى الرويف، وكانت طبيعة المعركة هي التراشق بالنيران من مديات قصيرة دون تحقيق اي نتيجة... أصيب آمر هذا اللواء بجروح بسيطة... وفي المساء اصبح بإمرة جحفل لوائنا الفوج 3 من قوة الطواريء (حرس الشهيد صدام) يقوده الرائد طارق التكريتي، كذلك أصبح بإمرتنا الفوج الثاني من اللواء 702 بقيادة العقيد الركن أزهر سعد الله، بالوقت الذي أوكلت قيادة فرقة الحرس الجمهوري الى أمين السر العام العميد الركن طالع الدوري لأن قائد فرقتنا العميد الركن حسين رشيد وضابط ركنه علي اللهيبي اصيبا بجراح بليغة خلال تنقلهما من القطاع الجنوبي الى الشمالي.... 

في يوم 17/3/1985 كان اصرار القيادة العامة شديدا على حسم الموقف لأن القتال اصبح بطيئا ومكلفا... وسيشجع العدو على الاستمرار بتعزيز قواته هناك عبر هور الحويزة... عندها أصحبت أعصاب آمرينا مشدودة على الآخر... وعلى الخط الآخر تكبدت كتيبة دبابات المجد بقيادة المقدم الركن عبد الصمد حسن يوسف خسائر غير قليلة، أما الفوج الآلي بقيادة المقدم الركن سعد رشيد الدليمي فكانت خسائره أقل... حينها، وبعد استطلاع قمت به، أوجزت لآمري السرايا فكرتي وهي المناورة من اليسار من خلال الفتحة الفاصلة بيننا وبين اللواء العاشر المدرع – حرس جمهوري – إذا تمكنا من تأمين معبر عبر المانع بواسطة الجرافات الالية الثلاث التي بحوزتنا والتي يقودها ضابط هندسة شجاع اسمه محمد... وقد وجدت أن هذه النقطة اضعف ما يكون في مقاومة العدو... وذهب بواسطة عجلة استطلاع الى مرصد آمر اللواء لأخبره مقصدي.... فوجدته قد استلم أمرا قاطعا وفوريا باقتحام المقاومة المعادية، وكان أمره ينص على اندفاع كتيبتي بمحاذاة نهر دجلة وعبر بساتين النخيل هناك، اي من اليمين، حيث ان الاندفاع بهذا الاتجاه في خطورة قصوى لأنه مركز دفاعات العدو... وبعد حوار ساخن رجوته ان يسمح بالمناورة من الجناح الايسر للاحاطة بالعدو من الخلف، لأن هذا الاتجاه هو الاضمن وهو الذي سيحسم الامر لصالحنا.. فوافق على مضض مع تحميلي المسؤولية الكاملة في حالة الاخفاق كمخالف للأوامر، وأشهد ضابط ركنه الرائد نجيب الصالحي على ذلك.... 

استخدمت جهاز اللاسلكي لأصدر الاوامر لآمري السرايا... وحسب الخطة المتفق عليها والحمد لله كان الاداء سريعا ومتقنا... اسرنا اولا سبعة جنود للعدو... ثم تدفقت السرايا الاربع على شكل حركة مروحية ينتهي محورها عند نهر آخر يدعى مطيوي بمسافة 5 كم تقريبا... أصيب العدو بذعر كبير حين ظهرت دباباتنا خلفه... دمرنا عدد من الاسلحة المقاومة للدروع من عيار 106 ملم المركبة على عجلات جيب... ثم قامت دبابات اللواء 30 المدرع بقيادة العقيد الركن قيس الاعظمي بالرمي المباشر عبر نهر دجلة... لكن طلبنا منهم بواسطة المقدم فاضل السعيدي التوقف عن الرمي حيث انه ينهال علينا....وكانت تلك الساعة ليست ككل الساعات فكررنا نفس آلية العمل ولكن ليلا هذه المرة مع اقتحام مباشر باستخدام الضياء الابيض لدروعنا، فتم احتلال الهدف وأسرنا بعض عناصر أحد أفواج اللواء 55 المظلي المعادي ومن ضمنهم ضابطان أحدهما برتبة نقيب، والثاني برتبة ملازم يدعى حسن... عندها أعطيت الموقف لمقرنا الاعلى وطلبت التعزيز بالمشاة فتم ذلك بعمل مشترك وبالتعاون مع الفوج 16 الآلي للوائنا الذي كان أداؤه رائعا... 

في ليلة 17-18/3/1985 شعرنا بانهيار العدو وبدء عملية انسحابه، وسمعنا صيحات الجنود والنداءات فيما بينهم، كذلك سمعنا أصوات سحب الآليات مما أكد على احكام دفاعنا لجميع الجبهات... وما أن اشرقت شمس ذلك اليوم حتى تأكد لنا هزيمة العدو... لقد أثار منظر العشرات من جنود العدو المذعورين الذين يقفزون من مواضعهم الاعتزاز في نفوسنا، فمنهم من كان يركض هاربا ومنهم من كان يرفع يديه مستسلما وقد تركوا قتلاهم وجرحاهم في أرض المعركة.... وفي تمام الساعة الثامنة وصلنا الروطة... ثم وصلت الينا طلائع الفرقة 6 المدرعة وقد شكل الالتقاء بيننا لوحة دراماتيكية مؤثرة... وبعد قليل حلقت فوقنا طائرات عراقية لوح لنا من كان فيها بحرارة فائقة... فهبط من احداها "المرحوم الشهيد" عدنان خير الله وحيانا بحرارة وبعدها استمعنا الى بيان القيادة العامة لزف بشرى النصر للشعب العراقي العظيم مبتدئا بعبارة (ياحوم اتبع لوجرينا) وكان هذا مثلا بدويا بحجم الخسائر الكبيرة للعدو الفارسي... وتأكد لي ولرفاقي ان حركات الاحاطة للدروع واستخدام الدخان يحققان النجاحات بأقل الخسائر والتضحيات بالاضافة الى الصدمة في نفوس الاعداء... ففي معركة الرتل الشمالي لم نخسر أية دبابة ولم نخسر أي مقاتل سوى 17 جريحا، في حين كلفتنا معركة اقتحام الطريق شهيدا واحدا وسبعة جرحة وتدمير ثلاث دبابات واعطاب رابعة... 

صباح يوم 24/3/1985 غادرنا مسرح القتال الى منطقة قلعة صالح جنوب مدينة العمارة... ثم عدنا الى بغداد، وتعبيرا عن خيبة العدو الفارسي راح بكل حقارة وسفالة يطلق صواريخ نوع ارض – ارض على بغداد العز أصابت تلك الصواريخ حيا مدنيا (لاحظوا نفسية الفرس النجسة الحاقدة)...  

وفي يوم 10/4/1985 تم استدعاؤنا الى نادي الفارس قرب المطار الدولي غرب بغداد حيث استقبلنا الشهيد صدام حسين، الذي كان قد انهى اجتماعين لمجلس قيادة الثورة والقيادة العامة، وبعد المصافحة جلسنا معه، حيث اخبرنا بوجود معلومات تشير الى قيام العدو بحشد فرقتين شرق هور الحويزة للمباشرة بعدوان جديد كرد فعل على الهزيمة المرة التي تلقاها في المعركة الاخيرة... وطلب منا إعادة تشكيلاتنا ووحداتنا إلى قاطع العمليات السابق زيادة في الاحتراس... 

في هذه الفترة شنت طائراتنا وقواتنا الصاروخية سلسلة من الهجمات العقابية على العدو، ردا على هجماته الصاروخية على بغداد وكركوك والموصل، ولعبت طائرات الميراج وميغ 25 دورا مهما في قصف العدو بالعمق وخاصة العاصمة طهران، وكانت تلك المرة الاولى منذ ان اوقفت قاصفاتنا الاستراتيجية تي يو 22 قصفها للعمق منذ بداية الحرب....لقد تطورت قواتنا الجوية فنيا في هذه الحرب حيث يمكن الارضاع الجوي لطائرات الميراج والميغ، وهذا ما جعلها قادرة على قصف الاهداف البعيدة.... ان اسبوعين من القصف الاستراتيجي للاهداف المعادية العميقة اشعر العدو وخاصة سكان طهران بوطأة الحرب. 

في 26/5/1985 ازداد القصف الجوي العراقي للاهداف الفارسية، وذلك ردا على عملية انتحارية استهدفت شيخ الكويت جابر، كان الفرس وراءها، فقد قصفت الطائرات العراقية منشأت العدو البترولية، كجزيرة خرج وارصفة التحميل وناقلات النفط في شمال الخليج العربي، وكانت ذروة هجومنا الجوي يوم 3/6/1985 حين هاجمت 73 طائرة عراقية العاصمة طهران، وجزيرة خرج، ومجمع البتروكيماويات في بندر خميني ومعسكر خانة الفارسي.... استمر ذلك القصف الشديد حتى يوم 15/6/1985 حين اعلن الشهيد صدام حسين ايقافه لمدة اسبوعين بسبب اقتراب موعد عيد الفطر المبارك (19/6/1985)... وساد احساس عام لدى العراق بأن قواته المسلحة بلغت شأنا كبيرا في الاداء القتالي والتسليح العالي الحديث مع توسع كبير في مجال التصنيع العسكري... واستمر تصاعد الفعاليات التعبوية الناجحة لقواتنا في ساحات العمليات المختلفة امتدادا للنجاح الكبير في تاج المعارك. 

يوم 17/7/1985 شن العدو تعرضا في الشمال بأسلوب التسلل بالتعاون مع خونة الشعب الكردي... فردت طائراتنا الجوية بالقصف الشديد لجزيرة خرج، واصبح ذلك من المهام القتالية الجوية الاعتيادية... وفي 1/10/1985 اعتدت الطائرات الصهيونية على مقر المرحوم ياسر عرفات في تونس، إلا أنه نجا من ذلك الاعتداء لكونه كان خارج المقر... واعقب ذلك اجبار الطائرات الامريكية طائرة مصرية على الهبوط في أيطاليا، وكان من ضمن الركاب ابوالعباس (القيادي الذي توفي في المعتقل الامريكي عقب تدنيس العراق)... فحدثت ازمة سياسية بين مصر وايطاليا والولايات المتحدة... وعلى المستوى العربي كانت هناك محاولات لاعادة العلاقات الدبلوماسية بين كل من العراق والاردن من جهة وسورية من جهة أخرى.... أما من الناحية الاقتصادية فقد أنجز العراق المرحلة الاولى من مشروع ايصال النفط العراقي الى ميناء ينبع في السعودية على البحر الاحمر لزيادة القدرة على تصدير النفط العراقي... هذا في الوقت الذي كان فيه اقتصاد الدولة الفارسية يعاني مصاعب جمة.... 

يوم 25/10/1985 عين آمر لوائنا قائدا للفرقة المدرعة السادسة... وعين بدلا منه محمد يونس التكريتي... وفي يوم 11/12/1985 علمنا بقيام العدو بعمليات حشد كبيرة لقواته في القاطع الجنوبي، كما علمنا بأن القوة الجوية العراقية تقوم بسلسلة من الغارات العنيفة على تلك التحشدات حيث نفذت خلال ستة أيام 749 مهمة قتالية.... أيضا شاهدنا انجازات كبيرة لتحسين مسارح العمليات لاغراض الدفاع عدا المنطقة الدفاعية للفرقة 29 بقيادة العميد الركن عبد الواحد شنان المدافعة في هور ام النعاج... إلا أن دلائل الهجوم المعادي كانت واضحة في قاطع عمليات الفيلق السابع بعكس ما تشير اليه تقارير الاستخبارات بأن الهجوم المعادي المرتقب سيكون في قاطع عمليات الفيلق السادس.... 

انتهى عام 1985 وبدأ عام 1986 ونحن نترقب عدوانا واسعا للعدو... إلا أن الشيء المؤكد لنا كان أن العام المنصرم هو عام الانتصارات لقواتنا المسلحة الباسلة... 

الفصل القادم سيحكي عن وقوع الفاو أسيرة بيد العدو المجوسي الفارسي... 

يتبع.....

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

                                           الجمعة  /  05  ربيع الثاني 1429 هـ   ***   الموافق  11 / نيســـــــان / 2008 م