الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

المواجهة التأريخية بين العراق والولايات المتحدة ... (6)
المحطة السادسة : مشهدين مختلفين .. ساحة الفردوس .. والاعظمية ، حقائق للتأريخ

 

 

شبكة المنصور

المقاتل الدكتور محمود عزام

 

كان عنوان المحطة الاولى هو خيوط المؤامرة التي بدات منذ العهد الاستعماري البريطاني القديم للعراق مرورا بافرازات حرب حزيران عام 1967 وكيف جعلت  ثورة 17 تموز 1968 شكل التآمر يتطور وتتنوع أساليبه التي امتدت لتصل الى غزو واحتلال العراق الغير شرعي والغير قانوني في آذار 2003. 

المحطة الثانية كانت بعنوان العدوان الثلاثيني وتجلي النصر العراقي ..وكيف كانت هجمة الاعداء الموغلة بالحقد والأذى..وبرغم ذلك على العراقيون ان يتذكروا وعليهم ان يفخروا ولاينسوا صمودهم وانتصاراتهم في هذه المواجهة التاريخية.. وعلينا ان لا ننسى كيف التحم الشعب مع القيادة وساندها ودعمها في هذا الظرف الصعب عندما انتصرنا على الفتنة.. واعدنا بناء العراق. 

والمحطة الثالثة كانت عن تطور المواجهة التي بدأت سياسية  مستمرة وديناميكية وتحولت من غير مباشرة الى عسكرية مباشرة لتتخذ بعدها صفة مواجهة العصر التأريخية والكونية. 

وتناولت المحطة الرابعة التحضير لبناء المقاومة الوطنية العراقية قبل الحرب  حيث تدارست القيادة في العراق خيارات المواجهة العسكرية والمنازلة المرتقبة.. وفي كل سيناريو كان هنالك دوما تفهم لدى قيادة الحزب والثورة والقيادة السياسية العراقية لضرورة الاسراع بالمباشرة والشروع ببناء المقاومة الوطنية العراقية التي يقودها حزب البعث العربي الاشتراكي..وهكذا بدات الخطوات الاولى لتشكيل نواة المقاومة العراقية من خلال تامين كل متطلباتها.. وجرى التأكيد خلال كل الفترات اللاحقة على الالتزام بثوابت اساسية ومهمة أهمها ان انطلاق وبقاء استمرارية المقاومة الوطنية العراقية مرهون ببقاء المحتل الغير شرعي وطالما كان هناك احتلال وبأي صيغة وعلى أي جزء من ارض العراق وبغض النظر عن القرارات الأممية اللاحقة للاحتلال..وان هدف المقاومة الوطنية العراقية الاساسي هو تحرير العراق.

والمحطة الخامسة كانت عن حرب الكذب والحقد والانتقام وكيف أصرت الولايات المتحدة وبريطانيا وخلافا للرأي العام والارادة الدولية وكل الدول المحبة للسلم العالمي والحريصة على مستقبل اجيالها على المضي في مشروعهم الذي يقضي بغزو واحتلال العراق واسقاط النظام الوطني فيه وبتبريرات باطلة وكاذبة  حيث بدات في الادعاء بان العراق لا يطبق قرارات الامم المتحدة المتعلقة بالسماح للجان التفتيش عن اسلحة الدمار الشامل بمزاولة أعمالها.. ثم بادعاء ان النظام العراقي لازال يطور أسلحة تدمير شامل ولا يتعاون في تطبيق قرار الامم المتحدة رقم 19 والخاص باعطاء بيانات كاملة عن (ترسانته من أسلحة الدمار الشامل..حيث ثبت عدم حيازة العراق لهذه الاسلحة ومن ثم ان النظام العراقي له علاقات مع تنظيم القاعدة والذي ثبت أيضا بطلانه ..وتطور التبرير ليصل الى الارادة الامريكية بنشر الديمقراطية في المنطقة ..ثم الترويج لفكرة مضحكة وهي ان ( العالم أكثر امنا بعد صدام حسين!)..وضرورة (تطبيق الديمقراطية!).. وكيف شنت الولايات المتحدة الحرب الظالمة على العراق .  

مشهدين مختلفين .. ساحة الفردوس .. والاعظمية 

منذ اللحظات الأولى لفجر يوم 20 آذار  ولحد يوم 9 نيسان والعراق يتعرض لأعنف قصف جوي وصاروخي على مر التأريخ ..وفي بغداد  لم يسلم مكان وحي وشارع من القصف الهمجي الذي طال كل ما على الارض من مؤسسات الدولة والمصانع والمعامل والمعسكرات والقواعد والمستودعات والاسواق ومحطات الكهرباء والماء والمجاري والاتصالات والطرق والجسور والمستشفيات والجامعات وحتى دور العبادة ودور المواطنين وبمعدل يصل الى غارة كل 45 ثانية وكانت حمم الدمار والترهيب التي تنهال لا تفرق بين التجمعات السكانية ومراكز القيادة وكثيرا ما تم  استهداف ونسف احياء بالكامل لمجرد وصول معلومة من الجواسيس والخونة في الداخل بوجود مسؤول ما في احد البيوت فيها .. 

وجاء يوم 9 نيسان 2003 .. 

كانت ساحة الفردوس في هذا اليوم مسرحا لأول أخراج كاذب  لمشهد رمزي مدبر باحكام شارك فيه  ممثلون تم تهيئتهم مسبقا من جنود أمريكان وممثلين من وكالات الانباء والقنوات الفضائية الاجنبية وبعض الدخلاء والمأجورين..تركز الفصل المسرحي على اظهار تمكن الاحتلال وزمرته الخائبة والخائنة من ( اسقاط ) الشرعية من خلال مسرحية اسقاط تمثال الرمز العراقي الكبير والشامخ والذي ظل لعشرات السنين شوكة بعيون اعداء العراق والامة وصوتا للحق والبطولة والرجولة والفروسية .. 

وقد مثلت هذه العملية لاحقا واحدة من صفحات الاستمرار في استخدام الكذب والتزوير والتلفيق  للتآمر على الحقيقة والصدق والذي أصبح نهجا معروفا وواضحا لما يعرف (بالمشهد العراقي) بعد ( التحرير!) والذي تطور الى (العراق الجديد) وأضافوا اليه فيما بعد العديد من الاوصاف الامريكية ..في اشارة الى ( بداية جديدة للعراق الحر!).. 

مشهد كاذب وتمثيل انطلى على الكثيرين ..تماما كمشهد ابنة السفير الكويتي في واشنطن عندما ظهرت للاعلام (كمواطنة كويتية!) بسيطة ومغلوب على امرها  وهي تتحدث باكية عن ( عدم انسانية الجنود العراقيين في مستشفيات الكويت!!) في حين ان الأيام أثبتت ان الجنود العراقيون هم الذين قاموا بنقل المرضى والاجهزة الى اماكن اكثر أمنا!..وتمثيلية الطيور الملوثة بالنفط على ساحل الخليج العربي التي ظهر لاحقا انها مأخوذة من أفلام أرشيفية خاصة بهجرة الطيور ولا علاقة لهذا النوع من الطيور بالمنطقة!..ثم الاداء الفاشل للممثل كولن باول وهو يبين مواقع اسلحة الدمار الشامل العراقية التي زودته بها وكالة المخابرات المركزية والاقمار الصناعية وطائرات التجسس ويجلس خلفه مدير وكالة المخابرات مؤيدا بشدة والتي كلفته سمعته وشرفه العسكري حسب قوله هو!..وغيرها من الفصول المسرحية التي كذبتها اجهزتهم هم.. وثبت بطلانها جميعا .. 

أن مشهد ساحة الفردوس الذي يقولون عليه انه بقي عالقا في الاذهان ..نعم  قد بقى عالقا في أذهان العراقيين لانه مثل بداية المهانة والذل والقتل والاغتيال والظلم والغدر والحرمان والتخلف وفقدان السيادة والارادة ورهن العراق بيد الاجنبي وتنصيب زمرة خائنة وسارقة للتحكم بمقدرات العراق ونهب ثروتهوقتل أبناءه  ..بداية صفحة مظلمة من تأريخ العراق تشبه بتفاصيلها صفحة الظلمة والسواد والقتل والنهب التي عمت عليها في الغزو المغولي.. 

لم يسقط النظام الشرعي ولم يسقط البعث باسقاط الرمز ..ولكن الذي سقط هو سمعة العراق وسيادته وارادته وتأريخه وعنفوانه .. 

ليتذكر العراقيون أن هذا اليوم هو يوم انزال العلم العراقي عن الراقم والجبل والسهل والمدينة..انه يوم تمزيق العلم العراقي الذي كان يرفرف فوق الهضاب ومباني ومؤسسات الدولة العراقية التي كانت تهز العالم ..أنه يوم تحطيم الشرف ومجيء من لاشرف لهم ..انه بداية النيل من القيم والمباديء والرجولة ..يوم نزول رمز الرجال وصعود رمز الفساد والرذيلة..  

وكان في موقع آخر من بغداد وفي نفس اليوم واللحظة مشهد آخر .. 

مشهد غير مفتعل والذي شارك فيه فيه مقاتلون وعراقيون لايجيدون فن التمثيل والاخراج ..انه مشهد الاعظمية .. 

ففي الوقت الذي كان فيه الممثلون والمأجورون في ساحة الفردوس يحتسون الخمر ويرقصون طربا على (اسقاط) الرمز واحتلال بغداد التي حطمت اسطورة التفوق الاسرائيلي وكذبة امنهم الذي لا يقهر ..بغداد التي بقت صامدة لمدة ثماني سنوات وهي تدافع عن شرف العرب ضد الهجمة الصفراء التي هبت من قم وطهران واذاقت الفرس مر الهزيمة والهوان ..في الوقت الذي كان فيه الجنود الامريكان والأدلاء يتفننون في تمزيق عفة العراق ..كان القائد الشهيد الخالد صدام حسين وعدد من رفاقه يصلون في جامع الامام الاعظم ويبتهلون الى الله أن ينصر العراق على أعداءه المارقين قبل ان يبدأوا مرحلة جديدة من مراحل المسيرة الكفاحية والنضالية والجهادية للطليعة التي لم تذق طعم الراحة والسكينة ..مرحلة كانت الاستعدادات اليها قد اتخذت منذ زمن بعيد.. 

وعندما كان المأجورين يقومون بفعالية رمزية لأنهاء السلطة الشرعية للعراق..كان الشعب والقائد يقومون بوضع اللمسات النهائية لانطلاقة صفحة جديدة من صفحات الكفاح والنضال والمقاومة والتصدي والرفض والتضحية .. 

ومن هذه الساحة التي التف فيها الشعب بعفوية حول قائده انطلقت الثورة الشعبية العراقية لتحرير العراق والتي قام الشهيد الخالد باعداد مستلزماتها واحتياجاتها واركانها وحدد لها الاهداف والمهمات والمراحل ورسم لها الطريق بوضوح لا لبس فيه قبل مدة طويلة من بدء الغزو الامريكي للعراق ..مقاومة وطنية عراقية مسلحة ضميرها وقلبها النابض حزب الثورة العربية الشاملة ومعين طبقاتها المكافحة حزب البعث العربي الاشتراكي .. 

وعندما وضع الجندي الامريكي العلم الامريكي على وجه تمثال الشهيد القائد في ساحة الفردوس في اشارة رمزية الى قيام الولايات المتحدة بفرض ارادتها على الشعب والعراق واسقاط الشرعية ..صعد الرئيس الشهيد الخالد على سيارته البيضاء  في ساحة الاعظمية ملوحا بيديه الى الجماهير المحتشدة الغير خائفة من قصف الغزاة وطائراتهم وصواريخهم وقنابلهم ..في اشارة تأريخية الى أن العراق لن يقبل بالعلم الامريكي ولا بمن جاء معه..ولا بمسرحياتهم الهزيلة واعلامهم الكاذب ..وسيرتفع رمزنا ليعلو اسم العراق اليوم ..أو غدا.. 

وأن سقط لنا في ساحات المنازلة رمز ..تظهر لنا رموزا من جديد في كل مكان من أرض العراق وهي اكثر اصرارا وعزيمة وقوة وبأس .. 

من ساحة الاعظمية وفي مشهد الرد الفوري للشعب وقائده وهو يقف على سيارته التي غطتها الجماهير المحتشدة قال الرئيس الشهيد الخالد كلمته التأريخية والتي قد لا يعرفها البعض: 

(اليوم بدأت معركتنا الحقيقية مع الأعداء ،هذه المعركة نحن الذين سنحدد مسارها ، وانتم العراقيين الذين ستلقنون الأميركيين الغزاة دروسا لن ينسوها).. 

ومنذ ذلك اليوم ولحد الآن والاعظمية بيد المقاومة العراقية وحزب البعث .. 

ومنذ ذلك اليوم ونحن نحدد مسارات المواجهة معهم ونلقنهم الدرس تلو الدرس . 

ومنذ ذلك التأريخ ونحن ندير دفة الصراع مع الاعداء والغزاة ونحدد طبيعتها وأساليبها وتوقيتاتها.. 

ومنذ ذلك اليوم ونحن نذيق العدو الامريكي المعتدي والمتغطرس مر الهزيمة وعارها .. 

هم يزدادوا يأسا .. ونحن نزداد بأسا.. 

في ساحة الفردوس انفض المحتفلون كل الى غايته في النهب والسلب والقتل والتي لاعلاقة لها بالحدث ..وفي ساحة الاعظمية انفض الثوار الى غاية واحدة وهدف واحد .. 

في الاعظمية عانق الابن أباه والأخ أخوته وأحباءه وذهب كل منهم الى هدف الشرفاء في مقاتلة الاعداء ..والشهيد الخالد صدام حسين وولده الشهيد قصي تعانقا طويلا وودع احدهم الآخر ولم يلتقيا بعد ذلك!.. 

ومن أدق وأبلغ وأعمق التعليقات التي قيلت عن مسرحية اسقاط التمثال في ساحة الفردوس ماقاله شهيدالعراق والامة  الخالد القائد الى الابد صدام حسين وهو في ساحة الاعظمية وجنود الاحتلال وزبانيتهم يحاولون اسقاطه ..حيث قال الكلام البليغ التالي: 

(إن من قام بهذا الفعل الخسيس ليس عراقيا ، العراقيون منشغلون بالاستعداد للدفاع عن وطنهم ، أما هؤلاء فهم خدم الاحتلال وعملاؤه الذين جاءوا على ظهر الدبابات الأميركية الغازية.).. 

من لم يدافع عن العراق ليس عراقيا.. 

واذا كان من أحد يقول انه سبقنا في الرد ومقاومة المحتل فليدلي بدلوه .. 

بعد معارك عدة من بداية نيسان..هاهو الرئيس الشهيد الخالد بين المقاتلين الابطال والمجاهدين العرب المتطوعين ينازل العدو من شارع الى شارع ..في صبيحة يوم 9 نيسان 2003 يقف علم العراق على أحدى العجلات أمام جامع ام الطبول ليقول للمقاتلين الذين يحيطون به من كل مكان كلمته : 

(دافعوا عن بلدكم .. لاتدافعوا عن صدام حسين .. هذا بلدكم .. العراق يتعرض الى الإحتلال). 

ثم انطلق راجلا لمقاتلة الامريكان وجها لوجه 

وفي يوم 10 نيسان 2003 صوب الشهيد الخالد قاذفته نوع آر.بي.جي.7 ليطيح ببرج احدى الدبابات الامريكية من نوع أبرامز في نفق الشرطة لتندلع فيها النيران وتنفجر بمن فيها .. ويذكر المقاتلون كيف سارعت طائرات الانقاذ الامريكية لرفع حمم هذه الدبابة من الموقع .. 

ويتوجه الشهيد الخالد الرمز رغما عن مسرحيتهم في ساحة الفردوس وردا على ايحاءاتهم مباشرة من نفق الشرطة الى ساحة 14 رمضان ويقوم بتدمير دبابة اخرى للعدو الامريكي امام الاسواق المركزية في المنصور وهو يقف بين المقاتلين وهم يحيطون به ..  

وانتقل الشهيد الخالد الى الأعظمية مرة اخرى ليقود معركة مشاة راجل شارك فيها مناضلي الحزب وحمايته الشخصية وفدائيي صدام والمتطوعين العرب  لمواجهة سرايا دبابات العدو ومدرعاته حيث دارت معركة طاحنة خسر فيها العدو اعدادا كبيرة من دباباته ومدرعاته وجنوده واستشهد في هذه المعركة أكثر من 30 مقاتلا من مناضلي الحزب وفدائيي صدام ومن حماية الشهيد الخالد والمتطوعين العرب الابطال الذين قاتلوا نيابة عن الامة حيث قام سيادته رحمه الله في فجر اليوم التالي بدفن شهداء هذه المعركة بيده في الحديقة الامامية لمسجد الامام ابي حنيفة.. 

وسيأتي اليوم الذي يكشف فيه النقاب عن تفاصيل بطولاتنا في ملحمة مطار صدام الدولي الخالدة.. 

وكيف ان الرئيس القائد الشهيد الخالد وصل الى المطار يوم 6 نيسان 2003 وهو يقود احدى الدبابات وقاد معركة فريدة من نوعها في التأريخ .. 

عاش العراق ..عاش العراق..عاش العراق.. 

المجد والخلود لشهيد الانسانية والحق والرجولة والفروسية الشهيد الخالد صدام حسين .. 

المجد والخلود لشهداء الحزب والجيش والشعب.. 

وسنعود .. 

لتمتليء ساحاتك يابغداد برموز الرجولة والبطولة الذين ضحوا بانفسهم من أجل العراق..

 

mah.azam@yahoo.com

 

حول طباعة المقال

 

شبكة المنصور

                                           الثلاثاء  /  02  ربيع الثاني 1429 هـ   ***   الموافق  08 / نيســـــــان / 2008 م