الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

يومان في يوم واحد

 

 

شبكة المنصور

المقاتل الدكتور محمود عزام

 

يوم ولا كل الأيام .. يوم 9 نيسان 2003 في العراق وفي بغداد بالتحديد..كان في هذا اليوم الذي يذكره العالم  يومان..

يوم احتلال بغداد.. لايوم سقوطها ولايوم استسلامها وخضوعها وخنوعها وقبولها ..يوم تخيل الأعداء والحاقدون أنه يوم انتصار الكذب والخداع والتزوير وجني ربح المقامرة المليئة بالاثم والرذيلة والعار ..يوم قناعة الحاقدين والمفسدين بنزول علم العراق الشرعي والوطني وتمزيق القانون والعدالة ورفع علم االمحتل ونشر قانون الغاب وتجريم البريء وتبرئة المجرم والقاتل والسارق والخائن لتراب الوطن  ..تخيل المغتصبون ومن جاء معهم انه يوم شيوع الرذيلة وثقافة الخيانة واللاشرعية والنهب والسلب وهدم سلطة القانون ..يوم بداية حياة بل قيم ومباديء وأعراف وتكريس الطائفية والشوفينية والسعي المحموم لأضعاف العراق ونهب ثرواته وتقسيمه وتفتيت وحدته الاجتماعية والثقافية والحضارية وسلخه من انتماءه العربي بفعل المباركة الامريكية واستخدامها لكل طاقتها العسكرية والاقتصادية والاعلامية والسياسية من اجل تعميم مفهمو جديد على العالم أما ان تكون معهم او ضدهم!..لقد تخيل الاعداء انه يوم توقف النمو والتطور وعدم طلب العلم وشيوع الجهل والتخلف والعودة بالعراق عقودا الى الماضي وسيكون هذا اليوم هو اول خطوات الاعداء في تصفية قدرات العراق العلمية والفنية والاكاديمية وتنصيب الجهلة والاميين لادارة مرافق الدولة بعد تنحية واغتيال وتصفية واعتقال مفكريها وكوادرها ووطنييها..هم يتصورون انه يوم الكسب اللامشروع والسريع والمتهافت وبيع العراق ترابا وثروة ومقدرات ورهن سيادته تحت  شعارات وهمية بنشر الديمقراطية والحرية والرفاهية التي حولت العراق الغني والقوي الى بلد الفقر والجوع والفاقة والضعف واسكات الافواه ولجم الحقيقة وقطع الالسن وقطع الرقاب والاطراف والقاء الجثث على قارعة الطريق وفي المزابل  بلا حرمة ولا مراسم لمن خدم وأسس وصمم وبنى العراق ودافع عنه وقدم من أجل شعبه التضحيات .. يوم تخيل وتوقع المحتل وأذنابه انه يوم ضياع العفة والنزاهة والكرامة التي تربى عليها العراقيون وعاشوا عليها بعد ان أصبحت رمزا من رموز شرفهم وقدموا انهارا من الدماء من أجلها ..هم يتوهمون انه يوم نشر ثقافة وسلوك نسيان الواجب القومي والوطني والتغاضي عنه والنفور من الادعاء به واشاعة شرعية التعامل والانتماء والولاء للاجنبي وللمحتل وتكفير مقاومته وتحريم  حب الوطن والدفاع عنه .. كان أمنية تأريخية لهم لأن يكون يوم تقديم الشرف والتنازل عنه للأجنبي على راحة اليد وتخويله مصادرة سيادة وارادة الارض والسماء والماء والمقدرات والثروات واعطاءه صك الحرية في قتل واغتيال واعتقال خيرة شباب العراق وعلماءه وكفاءاته وتدمير الدولة ومؤسساتها وكياناتها وهدم تقاليدها الوظيفية المهنية الرصينة واشاعة الفوضى والفساد والسرقة والنهب والسلب واقصاء الاشخاص المؤهلين والكفوئين وتسليم مقدرات الدولة بكل دوائرها الى الجهلة والسراق والحاقدين والمنتقمين والمزورين والطائفيين والمرتبطين نهجا وسلوكا بأجندة ايران التوسعية شوفينيا والغائرة في كره العراق والراغبة بالانتقام من كل تأريخه وخاصة من رجال ورموز الحقبة التي أذاقته مر الهزيمة وعارها في القادسية .. هم واهمون أنه يوم ضياع القيم وتداخل الرؤى وغياب الحق وشيوع الباطل..

ومن جهة اخرى كان هذا اليوم بداية انطلاق النخوة المتأصلة والهمة الكامنة والرجولة الحقة والفروسية الغائبة.. يوم الانتصار والانتفاض للتوحد ونكران الذات واحترام وتقدير وتقديم الآخر على النفس والبدء بما خطط لمرحلة جديدة وفعالة للبدء بالمقاومة الشعبية المنظمة وحشد الطاقات كافة للمواجهة والتضحية بكل شيء من اجل العراق وحريته واستقلاله ..يوم النهوض الاخلاقي والانساني والنضالي لكل قوى العراق الوطنية التي انتفضت بعد الكبوة الناجمة من حجم القوة المعادية وايغالها في التدمير والهدم والترويع والترهيب الذي استخدمته في خطتها لاحتلال العراق بعد معركة دامت 12 عاما منذ عدوانها المدمر الغادر عام 1991 واستمرار الحصار الجائر الذي منع حتى حليب الاطفال وأقلام الرصاص عن العراقيين بقصد انهاك العراق واضعاف قدرته على المطاولة ..انه يوم انطلاق الرفض الوطني الشعبي المقاوم والمجاهد والمكافح الذي لم يعطي للمحتل وأذنابه وخونة تراب العراق الوقت لألتقاط الانفاس واستثمار الجريمة وتقاسم الغنيمة المنكرة التي حصلوا عليها بغفلة من الزمن ..يوم بداية حشر المحتل وأدلائه ومروجي بضاعته في  مناطق محددة بهم تستهلك امكاناتهم في الحماية والتحصين وتمنع حريتهم في نشر سمومهم وتشل قدرتهم على بسط اليد على تراب العراق المقدس ..الى ان هربوا ذعرا الى أقفاص سجنهم   السوداء والتي سموها سموها بالمنطقة الخضراء وقد  تحدتهم قوى المقاومة منذ اليوم الاول وتتحداهم اليوم ان يخرجوا من جحورهم فيها بعد ان تحدت بوش ونائبه وسفيره في بغداد وقائد قواته بالتواجد بحرية في أي مكان من العراق ..أنه يوم للاجيال والعالم لتعلم الدروس في كيفية الايمان بان الارادة فوق القوة ..انه يوم استلام المقاومة البطلة والمجاهدة لزمام المبادرة والسيطرة على وقت وطبيعة المواجهة ومكانها فساحة المواجهة هي كل العراق .. كان يوما لبداية كشف فضيحة مسرحياتهم الكاذبة وحيلهم الملفقة وتبريراتهم المزيفة لغزو العراق واحتلاله بعد ان توضحت الصورة لشعوبهم وللعالم ..انه يوم الانحدار وانهيار القوة العسكرية الامريكية المتعجرفة والقدرة الاقتصادية المؤثرة في العالم ..يوما لأفول الهيمنة التي تستند للغدر والخوف والقوة الغاشمة والشروق الجديد لامة لا يظهر معدنها الا وقت المحن ..يوما لتعبيد الطريق بالدم والذي بدونه لاتقدس التضحيات ولايذكرها التاريخ ولا تستلهم منه الاجيال نبراسا للنهوض من جديد .يوم نزعنا فيه قشور الدنيا وربطنا الاحزمة وتوشحنا بالعلم والكفن لنبدأ نضالنا من أجل اعادة الحق الى أصحابه وتحرير العراق من المحتل الغاصب وطرد زمرته من السراق والخونة والمزورين واعادتهم من حيث أتوا..

يومان يوم كاذب ووهم السراب لهم.. ويوم الحق ووبداية رسم التأريخ لنا ..

وجهان لمواجهة في الصراع بين الحق والباطل..بين الايمان والكفر ..

يوم لمن لا قضية له ولا منهج يموت من اجله .. 

ويوم لمن ولد من هذه الارض ونما فيها وحدد له مكانا أزليا ليدفن فيه بين اجداده وأسلافه .  

انه يوم النهاية لهم ..ويوم البداية لنا.. 

9 نيسان 2008

 

mah.azam@yahoo.com

 

حول طباعة المقال

 

شبكة المنصور

                                           الثلاثاء  /  02  ربيع الثاني 1429 هـ   ***   الموافق  08 / نيســـــــان / 2008 م