بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

حينما تصبح أمريكا لعنه على الآخرين

 

 

 

 

شبكة المنصور

د فيصل الفهد

 

قبل فتره انهى الرئيس بوش زيارته التوديعيه الى القاره السوداء ويبدو انه كالعاده لم يجني شيئا كان يمني نفسه به واعجبني تعليق احد المواطنين من غانا على زيارة الرئيس الامريكي لبلده حينما قال ان امريكا اينما تحل فأنها ستجلب معها الارهاب وخشى هذا المواطن على بلده الذي يعيش بآمان ان يفقد هذا الامان اذا دخلت امريكا اليه!! ورغم ان حكومة هذا المواطن لم تشاطره الراي واحتفت ببوش واطلقت اسمه على احد اهم الشوارع في العاصمه الا ان في كلامه دلاله على ما تكنه الشعوب اينما كانت في افريقيا السوداء ام اسيا ام امريكا الجنوبيه وربما حتى في اوربا تجاه السياسات الحمقاء لبوش وادارته وما خلفته من كوارث ستترك اثارها على مستقبل البشريه لعقود عديده قادمه فبعد عقد من الان سيكون الرئيس الأميركي جورج بوش ونائب الرئيس الأميركي ديك تشيني في ذلك الوقت قد تقاعدا منذ زمن بعيد، وسيعيش الأول في مزرعته في تكساس والثاني في مزرعته في مونتانا الا ان سياستهما المتهورة طيلة فترة حكمهما من عام 2000 إلى 2008 ستكون قد أعطت ثمار بذور الحماقات التي قاما في حمق بغرسها.

بوش الذي ورط بلاده في حروب واحتلالات نجح في دخولها ولكنه لم يتلمس لحد الان الخطى للخروج منها بل لن يتلمسها ابدا ذلك لان ما خلفته هذه الحماقات من نتائج وتداعيات اكبر من ما كان يتوقعها اكثر مجرمي البيت الابيض تشاؤما وعلى سبيل المثال لا الحصر قدر المستشار الاقتصادي للبيت الابيض لورانس ليندسي في ايلول ,2002 ان تصل كلفة غزو العراق ما بين 100-200 مليار دولار. ووصف ميتش دانيالز, الذي كان يرأس في حينه مكتب موازنة البيت الابيض, تقديرات ليندسي "عالية جدا, جدا". وقال ان الحرب ستكلف من 50-60 مليار دولار وبعد ذلك بوقت قصير, غادر ليندسي البيت الابيض. وفي كانون الثاني ,2004 صدر تقرير عن مكتب الموازنة في الكونغرس, قدر فيه اجمالي كلفة اعادة اعمار العراق بين 50-100 مليار دولار. غير ان هذا المكتب ذاته قال في تقرير آخر جديد, صدر في تشرين الاول ,2007 ان الولايات المتحدة قد انفقت حتى تاريخه 368 مليار دولار على عملياتها العسكرية في العراق, اضافة الى 45 مليار دولار اخرى صرفت على خدمات ذات صلة بذلك (كالعناية بالمحاربين القدماء, والاجهزة الدبلوماسية, والتدريب), علاوة على ما يقرب من 200 مليار دولار في افغانستان.

وفي الفترة القريبة الماضية, نشرت مجموعة من الديمقراطيين الاعضاء في اللجنة الاقتصادية المشتركة في الكونغرس, تقريرا يقدر اجمالي كلفة العمليات في العراق وافغانستان, على المدى البعيد, بين 2.6-4.5 تريليون دولار, ويتوقف ذلك على سرعة سحب القوات منهما..وقد تكون هذه الارقام اقل من الحقيقه بكثير ومع ذلك فأنها تشكل عيئا كبيرا على الاقتصاد الامريكي الذي يعاني من اشكاليات خطيره

وفي سياق عالمي, يحتل انفاق الولايات المتحدة على الشؤون العسكرية مرتبة عالية. فحسب بيانات صادرة عن "معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام", في عام ,2005 تنفق الولايات المتحدة على الجهود الحربية اكثر من اي بلد آخر في العالم. ولو استثني الانفاق على الحرب, وكذلك مخصصات "الحرب الدولية على الارهاب", لظلت الميزانية العسكرية للولايات المتحدة اكبر سبع مرات من ميزانية اقرب منافساتها, وهي الصين. واذا اضيفت المصاريف الاخرى, فسيفوق الانفاق العسكري الامريكي انفاق جميع دول العالم مجتمعة ومع كل هذا الانفاق الخرافي فان تورط ادارة بوش في العراق اضعف قدرات القوات العسكريه الامريكيه بشكل لم يسبق له مثيل حيث نشرت صحيفة( فايننشيال تايمز) أخيرا دراسة لمجلس السياسة الخارجية ومركز الأمن الأمريكي شملت أكثر من 3400 ضابط أمريكي عامل ومتقاعد من بينهم أكثر من 200 جنرال وأميرال، كشفت عن أن حرب العراق أرهقت الجيش الأمريكي إلى درجة أنه لم يعد قادراً على خوض حرب أخرى واسعة النطاق.

وأشارت إلى ان 80% من المشاركين اعتبروا تكليف الجيش الأمريكي بخوض حرب أخرى ضخمة اليوم غير عقلاني، فيما رأى 37% منهم أن إيران حققت مكاسب استراتيجية ضخمة من وراء حرب العراق بالمقارنة مع 19% اعتبروا أن الولايات المتحدة هي التي حققت المكاسب الأكبر في وقت تزداد فيها قوة خصومها كالصين وغيرها اقتصاديا وعسكريا وليس بعيدا عن هذا التسابق الجديد القديم لحرب الفضاء الذي تصر عليه امريكا لاسيما ماادعته اخيرا من تدمير قمر صناعي في اجواء من شكوك روسيه صينيه بان امريكا تجرب سلاحا جديدا.

اما الظروف الداخليه في الولايات المتحده الامريكيه فهي تفرح العدو ولا تسر الصديق فعدى الازمات الاقتصاديه المتصاعده فان اخبار ارتكاب الجرائم والقتل الجماعي التي يبدو انها سمه من سمات المجتمع الامريكي الذي يعمل بوش وثلته على فرض مبادئه الديمقراطيه بالقوه على شعوب الارض اصبحت هذه الاخبار مصدر قلق دائم ليس على بوش حسب بل على مستقبل امريكا لاسيما وان هذه الجرائم تقع في اوساط الجامعات الامريكيه وبشكل مستمر وتشهد الولايات المتحدة التي ينص دستورها على حق امتلاك سلاح ناري، باستمرار حوادث اطلاق نار يروح ضحيتها العشرات من الطلاب.

وعلى رغم الأنباء التي تقول إن موضوع الاقتصاد قد غطى على حرب العراق، وأصبح يحتل قائمة اهتمامات الناخبين الأميركيين في الوقت الراهن، فإن الحقيقة هي أن تلك الحرب أو "العقلية التي زجت بالامريكيين في هذه الحرب" ستظل موضوعاً شديد الأهمية في سياق المنافسات الانتخابية التي ستجري في العام الحالي: فعلى رغم أن أخبار العراق قد تراجعت سواء في الصحف أو في نشرات الأخبار في أميركا، فإن العراق ذاته لا يزال يمثل صندوق بارود جاهزاً دوماً للانفجار.

فالاخبار القادمه من العراق كانت وستبقى رغم كل محاولات التزويق والتجميل والتحميل غير ساره فقد نشرت الحكومة البريطانية المسودة الأولى للملف المتعلق بأسلحة الدمار الشامل في العراق الذي أعده في 24 / تموز 2002 مدير الاتصالات في الحكومة البريطانية آنذاك جون ويليامز وكان يحمل عبارة "سري" وأورد فيه معلومات ملفقة عن قدرة العراق استخدام أسلحة دمار خلال 45 دقيقة وهذا ما اثار جدلا كبيرا زاد الطين بله لامريكا وحلفائها الذين تورطوا باحتلال العراق بحجج وذرائع باطله كذلك جاء اعلان الحكومه الاستراليه عن انهاء مهمتها في العراق وستسحب قواتها في منتصف العام الحالي وهي واحده من اهم دول التحالف العدواني التي اسهمت في احتلال العراق والاوضاع العسكريه المتردية في كل مدن العراق والاعلان عن ازدياد عدد القتلى في صفوف القوات الامريكيه وتشرذم قوات عملائها وتعكر صفو العلاقات بين من ارتضوا الدخول في اللعبه السياسيه للاحتلال الامريكي ناهيك عن زيادة حدة الخلافات فيما سموها بالصحوه حيث برزت الصراعات بين امراء الحرب والشيوخ ولا ضوء لامريكا ولبوش في نفق العراق المظلم على المحتلين وعملائهم.

فالولايات المتحدة غير جادة في اقناع حكومة الهالكي والزامها بتحقيق تقدم في اية خطوات في المجالات السياسية, وماهو البديل الذي يمكن لادارة بوش اتخاذه بعد ان ثبت زيف ادعاءات عملاء الاحتلال واخفاقهم في تحقيق موضوع التوافق السياسي, واصبح الحديث عن الامن وهم يعيش في عقول الاداره الامريكيه وان ما يعتقدون ان زيادة القوات المحتله قد حققته من تقدم حتى هذا لم يمكنهم المحافظة عليه ,مهمها بالغوا بالمراهنه على وضع الترتيبات لجذب المتطوعين من السنة لحماية مناطق سكناهم, بينما تقوم قوات الاحتلال الامريكية بمهمة الاشراف على وقف اطلاق النار بين المليشيات التابعه للاحزاب الايرانيه والصحوه.

ان هموم امريكا تتزايد وان هذه الهموم ستكون مصدر ازعاج وقلق شديدين ليس لبوش الذي كانت ادارته وراء اغلب ما يحدث في العالم بل لمن سيخلفه في البيت الاسود ففي باكستان تراجع دور برويز مشرف اقوى حلفاء امريكا فيما يسمى بالحرب على الارهاب وتلقى صفعه اخرى عندما اكتسحت الاحزاب المعارضه لسياسته الانتخابات النيابيه الاخيره ورغم نتائج هذه الانتخابات ( المشروطه) التي تبدو وكأنها طبيعيه الا ان معادلة اللا غالب واللا مغلوب وتقارب معدلات التمثيل تدلل ان هناك اغراض وراء هذه النتائج المتقاربه لكي لاتعطي الفرصه لمن يريد العبث مع حليف امريكا (برويز مشرف) فالامريكيين كانوا حاضرين في كل التفاصيل وسيضغطون على من فازوا لان يتبنوا منهج يحقق لامريكا وليس للباكستان مصالحها في منطقه هي الاخطر كما يراها كثير من الساسه الامريكيين لمحاربة ما يسموه بالارهاب ومن هذه الضغوط خيارات لتحالف هؤلاء الفائزين مع احزاب مؤيده للرئيس مشرف....وايا كانت المخرجات فان الباكستان ستواجه ايام حبلى بالمفاجئات وان احلاها سيكون مرا على الشعب الباكستاني.

اما استقلال كوسوفو فهو مشكله اخرى ستفتح ابواب الصراع مع روسيا التي تقف بالضد من كل ما قامت به امريكا لفصل هذا الاقليم عن صربيا بل انه تحد كبير ومهم لروسيا يجب على قادتها بذل الكثير لاثبات انه مازال للدب الروسي شأن يجب ان لايهمل من امريكا او غيرها.....ومن فلسطين حيث تتعثر المفاوضات الشكليه ولايوجد افصاح عن مساراتها في وقت تزداد الشكوك حول نجاحها الى حد ان اكثر المتحمسين لخوض غمارها اصبح مقتنعا انهم يدورون في حلقه مفرغه وان الفلسطينيين انما يركضون وراء سراب بل والانكى ان بعض الفلسطينيين باتوا يؤكدون ان الصهاينه ينفاوضون مع انفسهم وليس مع الجانب الفلسطيني....وفي لبنان فالظروف مفتوحه على كل الاحتمالات والاحداث الاخيره تنذر ان المشاكل لاتزال عصيه على ان تجد الحلول حتى الوسطيه او التوافقيه كما يحلو للبعض تسميتها فالكل يتهم والكل متهم وضاع على الشعب اللبناني الحابل والنابل.

اما حلفاء امريكا في مصر فوضعهم لايحسدون عليه فتضييق الحريات والاعتقالات في صفوف المعارضين اصبحت سياقات يوميه وكانت اعتقالات جماعة الاخوان الذين يرومون المشاركه في الانتخابات المحليه فضيحه جديده لنظام حسني مبارك اما في الاردن فالوضع تعدى القضايا الديمقراطيه وذهب بعيدا ليضع اوزاره على قوت المواطنيين وحياتهم..وخلاصة القول كل من يناصر امريكا سيتحمل تبعات لابد ان تكون اكبر من قدرات شعبه فأينما تحل امريكا يحل معها الخراب والمشاكل والارهاب.

 

 

 

 

شبكة المنصور

                                           الخميس /  06  ربيع الاول 1429 هـ   ***   الموافق  13 / أذار / 2008 م