الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

محمد سعيد الصحاف : إسم لن يغيب عن الذاكرة الشعبية العربية والأنسانية

 

 

شبكة المنصور

د.عادل البياتي - كاتب أكاديمي من العراق

 

خمس سنوات مرت على (جريمة العصر)، جريمة أشرس حروب القرن، معارك غزو العراق، التي إنطلقت فجر 19 آذار وحاولوا أيهامنا أنها إنتهت يوم 9 نيسان، لكنها في الواقع لم تنته حتى اليوم بفضل المقاومة العراقية الباسلة المتصاعدة. (جريمة العصر) بحق، كانت قمة في العدوان وإنتهاك الشرعية الدولية، وإستخدام أقذر أسلحة الإبادة المحرمة، وبقدر الألم الذي يعتصر قلب كل عربي ومسلم وإنسان شريف، لما آلت إليه الأمور من إنتهاك حرمة بلد مستقل ودولة ذات سيادة ومشروعية، وإشاعة الخراب والدمار والبؤس والشقاء، وموقف عربي رسمي بائس ومهين، لم يحقق المعتدون من أحلامهم وإدعاءاتهم الوردية شيئا فلا ديمقراطية تحققت ولا إعمار ولا رفاه ولا حرية، والعراق يسير من سئ إلى أسوأ رغم مرور 5 سنوات على الغزو. وإذ يستذكر العراقيون والعرب والعالم كله ذكريات تلك الأيام الدموية التدميرية، فإن صورة ذلك الرجل الذي قاد الحرب النفسية الأعلامية العراقية المضادة، (النجم)، بكل المقاييس، مازالت حاضرة في القلوب والنفوس، إنه الدكتور محمد سعيد الصحاف وزير إعلام العراق، ففي ربيع ذلك العام 2003 كانت صورة الصحاف هي الأكثر حضورا على شاشات الفضائيات وكل وسائل الأعلام في العالم، وفي الشارع العربي كان "الصحاف" هو الأقرب إلى قلوب الناس البسطاء، وهو يستخدم مصطلحات ومفردات مازالت متداولة حتى اليوم في وصف جنود العدو الغازي المعتدي بأقذع الأوصاف، وتلك هي واحدة من أساليب الحرب النفسية المضادة. ولقد زرت اليمن فما وجدت مدينة يمنية إلا وكان إسم الصحاف أو صورته على واجهة المحلات، بل إن محلات كثيرة تحمل إسم "الصحاف" حتى اليوم. ولعل شخصية الصحاف هي من أكثر الشخصيات التي ظلمت، وتم الأعتداء عليها من قبل مختلف الأوساط، ولمختلف الأسباب، فقد ظهرت في السوق عشرات من الكتب (عربية وأجنبية) تتحدث عن الصحاف، ولكنها للأسف جميعا تنساق في هوى واحد، هو الحقد والكراهية والتحيز ضد هذه الشخصية التي أدّت واجبها المهني بأبدع ما يمكن، في فترة تحولت أنظار العالم كله نحو "بغداد" المعتدى عليها، التي عاشت تحت وابل القصف الامريكي الظالم طيلة (21) يوما بلا إنقطاع ليلا ونهارا، وكان الصحاف يطلّ على الناس بالبيريه والبدلة العسكرية وباللغة الانجليزية الطليقة، كان الصحاف يطل يومياً على الناس في مؤتمره الصحفي الذي يتحدث فيه عن يوميات حرب ظالمة غير متكافئة، وتمكن الصحاف من أن يقدم إنموذجاً مختلفاً للاعلام العربي، غطت على صور أحمد سعيد ويونس بحري، اللذين كانا يبتدعان المواقف، ويفبركان الأنتصارات المزعومة، فالمواطنون الذين تابعوا تفاصيل العدوان على العراق، كانوا ميالين بطبعهم لتصديق خطاب الصحاف الذي ظل هادئاً في مدينة تشتعل فيها الحرائق من كل الاتجاهات. ظل محمد سعيد الصحاف محافظاً على هدوئه، منحازاً لقضيته عبر مصطلحاته التي صارت جزءاً من الاستخدامات الشعبية في وصف يوميات المعركة ومجرياتها، إنه رجل العراق الاكثر حضوراً في ذاكرة الناس, بسبب خروجه عن المألوف في قيادة المعركة من جانبها الاعلامي والنفسي، حيث امتلك القدرة على مخاطبة العدو بلغته، ومخاطبة المتسمّرين امام شاشات التلفزيون بلغتهم التي يحبون سماعها، محمد سعيد الصحاف, رفض الاعتراف بالهزيمة، وظل في خندقه بزيه العسكري الى صبيحة يوم دخول المعتدين الى بغداد، وحتى بعد ان اختل ميزان المعركة كثيراً، فالذين احبوا مصطلحات الصحاف ورددوها، مازالوا يعتقدون انه كان صادقاً، وسيظل حاضراً في الذاكرة الشعبية، حتى عند خصومه، الى اشعار آخر.

ولعلنا نتذكر جيداً كيف بلغ الكذب الاميركي والبريطاني في وقائع سير المعارك في الاسبوعين الاولين من العدوان المشترك لهما على العراق حداً جعل البيانات الاميركية العلنية اضحوكة امام البشرية كلها، وانطلقت عشرات الطرائف والنكات كلها تسخر من هذه البيانات، باحثة عن حقيقة ما يجري في العراق، بدل (النيران الصديقة) التي تسقط طائرات صديقة و(النيران الصديقة) التي تقتل جنوداً اصدقاء، و(الطرقات الصديقة!) التي تتسبب بحوادث مرور تقتل روادها الاصدقاء، والدبابات الصديقة التي تدمر دبابات الاصدقاء!! فضلاً عن احتلال مواقع بالكامل في الصباح ثم احتلال جزئي لها في المساء، ثم إطلاق أكذوبة أسر الآلاف من العراقيين في اليوم الاول، ثم اكتشاف ان مجموع الاسرى لم يتعد المئات في اليوم العاشر، ثم نفي لأسر أي جندي اميركي ظهراً والاعتراف بالاسرى بعد خروج صورهم بين ايدي العراقيين في إعلامهم المحاصر!. «علوج» الصحاف صارت كلمة متداولة في الشارع العربي بعد ان قدّمها بأسلوبه السهل الممتنع حين كان يقود الاعلام العراقي بزيه العسكري على مدار ثلاثة أسابيع لا تشبه غيرها، وحتى الذين اختلفوا مع الصحاف، كانوا ينصتون جيداً لمؤتمراته الصحفية، ويراقبون الرجل جيداً وهو يقود المعركة في جانبها الاعلامي النفسي، معركة كانت غير متكافئة في كل شيء مع قدرات اعدائه، ومع ذلك ظل يراهن على معنويات الناس، ويقدم لهم الحقيقة مهما كانت مرّة وقاسية، يكفيه أنه لم يخن، ولم يتزلف، ولم يتراجع عن مبادئه ومهمته التي كان أميناً عليها. تجربة الصحاف في الاعلام الحربي ليست تجربة عابرة، بل هي تجربة تستحق ان تدرس جيداً للتأشير على ما ابتكره الرجل في معركة ما زال فيها (مغول العصر) ينتحرون على اسوار بغداد، حتى بعد مرور 5 سنوات!

كان وزير إعلام مهني، يؤدي واجباً اخلاقياً ووطنياً وقومياً وانسانياً وهو ينقل بدقة اخبار المعارك على جبهات القتال من وجهة نظر عراقية، وهي وجهة نظر وطنه وجيشه والمقاومين المدافعين عن ارضهم، بينما تغيب المقالات والتحقيقات التي تكشف صورة جزئية عن السلوك الاميركي في التعامل الوحشي مع شعب العراق بعد التدمير الشامل لجيشه بكل انواع الاسلحة المحرمة، وبعد استباحة التراث الحضاري والانساني في المتاحف من اقصى العراق الى اقصاه، وتدمير الجامعات ونهب محتوياتها واحراق مكتباتها بما فيها من دراسات وابحاث علمية وانسانية، ثم توجيه الرعاع لتخريب المستشفيات ونهب الادوية وسحب الأسرّة من تحت اجساد المرضى المنهكة.

إن ما تعرض ويتعرض له الصحاف من (سخرية) من مواقفه وتصريحاته وبياناته خلال المؤتمرات الصحافية التي كان يعقدها اثناء العدوان الانكلو أميركي على العراق، لايمكن وصفه إلا بنوع من (السادية) التي تبدو لدى البعض محاولة للتكفير الذاتي عن الخطيئة، وتبدو لدى البعض الآخر محاولة لتبرئة النفس من الحاجة الى معرفة الحقيقة التي سعت على لسان الصحاف لخلق توازن متواضع مع آلة الكذب الاميركية الضخمة. نعم، كان الصحاف يشكل لوحده اضخم جهاز اعلامي عربي وعراقي في مواجهة كل اجهزة الاعلام الاميركية والبريطانية المعادية، ليس فقط في تعبيرها عن الموقف السياسي، بل في كل ما صدر عنها في نشر الحقيقة وفي الكذب وفي التـزوير وفي التضليل وفي (إستغباء) جمهورها وفي محاولة تضليل الجمهور العربي. لقد نجح الصحاف في أن يقيم توازناً حقيقياً يومياً مع اجهزة الاعلام والسياسة والمخابرات الاميركية والبريطانية المندمجة كلها في حرب ضروس ضد العراق والعقل العربي لا تقل ضراوة عن حمم القذائف ودمار الصواريخ وقاذفات القنابل ودك المدفعية ونيران الدبابات.

إن الكتابة اليوم، وسط أجواء التضليل الأعلامي (العالمي والعربي)، عن شخصية مثل (الصحاف) يبدو كأنه (سباحة) ضد التيار، فالرجل واجه وما زال يواجه، حملة إعلامية ضارية، شارك فيها رئيس الولايات المتحدة الأمريكية بنفسه، فضلاً عن معظم الصحف ومحطات التليفزيون العربية، وهى حرب تطمس الحقائق، وليس المقصود منها الصحاف نفسه، بقدر ما هو مقصود منها ملايين البسطاء فى العالم، الذين تعلقت أفئدتهم به خلال 21 يوماً من المقاومة العراقية الشرسة لقوات الغزو الأمريكى المتوحشة. وهذه الحرب الإعلامية ما هى إلا جوهر حرب نفسية ليست موجهة ضد العرب فقط، بقدر ما هى موجهة ضد ملايين البشر الذين خرجوا فى معظم دول العالم منددين بأكبر عملية سطو مسلح جرت فى التاريخ قامت بها عصابة من الأمريكيين لمصلحة كارتلات النفط . إن هذه الحرب الإعلامية التى يتعرض لها محمد سعيد الصحاف، تستهدف العديد من الأهداف، على رأسها إقناع الشعب الأمريكى أن ما حققته إدارتهم وجيشهم فى العراق هو (نصر عسكرى!)، لكى يخفوا أن ما حققوه هو كارثة عسكرية عليهم وعلى المنطقة، وأيضاً إقناع البسطاء فى العالم، وعلى الأخص فى العالم العربى أنه لا جدوى من مقاومة التنين الأمريكى الذى يقضى على الأخضر واليابس، لأن هذه الحرب تقوم على أساس مصنوع وغير حقيقى، وهو أن كل ما قاله محمد سعيد الصحاف، عبر مؤتمراته الصحافية على مدى 21 يوماً كان كذباً وتلفيقاً، وأنه لم تكن هناك مقاومة عراقية ضارية ضد قوات الاستعمار الأمريكى. ولم يكلف أى من القائمين على هذه الحملة نفسه عناء دحض أو تكذيب معلومة واحدة فقط من تلك التى ذكرها الصحاف. وتناسوا أن وكالات الأنباء والصحف، ومحطات التليفزيون الغربية كانت تؤيد كلام الصحاف من خلال التقارير التى يرسل بها مراسلوها فى العراق، وأن البث المباشر لبعض القنوات المحايدة كان يؤكدها أيضاً بما دفع مجرمى الحرب الأمريكيون رامسفيلد ومايرز وفرانكس إلى اعتبار هذه المحطات أهدافاً عسكرية ويقصفونها بالقنابل والصواريخ كما يقصفون أية أهداف عسكرية أخرى. لقد ذهب الصحاف وغادر موقعه وهو اليوم في ذمة التاريخ، لكن الحرب الإعلامية الموجهة إلى الصحاف لا تستهدفه هو فقط، لكنها تستهدف كل من تعلق بالمقاومة العراقية وآمن ويؤمن بأنه يمكن مقاومة الآلة العسكرية الأمريكية المتوحشة، ومن ضحك بسبب استهزاء الصحاف بقوات الغزو وقياداتها، لأنه كان يحرص على القول أنه يفصل بين هؤلاء والشعب الأمريكى، وشعوب الدول المشاركة فى غزو العراق. وكانت مصداقية الصحاف تستند إلى صحة المعلومات التى ينقلها، فى الوقت الذى كان الكذب الأمريكى واضحاً لأغبى الأغبياء، فأم قصر بإدعائهم سقطت 7 مرات، والبصرة عدة مرات، والفاو 3 مرات. والفرقة 51 استسلمت، ثم أسرت القوات الأمريكية كل مقاتليها، وعددهم 8 آلاف، وعندما جاء رئيس الفرقة بنفسه لينفى هذا الأمر ! سكتوا ولم يعلقوا، فى الوقت الذى كانوا يقولون فيه أن إجمالى الأسرى العراقيين كانوا ألفين فقط!! والطائرات تسقط ليس بواسطة المدفعية العراقية، ولكن بسبب (النيران الصديقة)، وإذا أعلن العراق عن وجود أسرى، قالوا أنه ليس هناك أسرى، وعندما يقول أنه سيعرضهم على شاشات التليفزيون يتراجعوا ويقولوا أن لديهم مفقودين، وهذا سلسلة من الكذب لا تنتهى. والارتباك الأمريكى و الصدق العراقى جعل خبراء الإعلام يؤكدون أن العراق كسب الحرب الإعلامية من الولايات المتحدة. ولأن من يكذب كذبة يصدقها فى النهاية، فقد صدقوا أنفسهم، ولكى يتم هذا الأمر لا بد وأن يكون الصحاف كاذباً، وبدأت الحملة الإعلامية المغرضة، التى شارك (بعض منا فيها للأسف!) وهم لا يدرون أنهم المستهدفون الأصليون، وليس الصحاف ذاته. الأمر الآخر الذي أعطى للصحاف هذا الوضع فى قلوب الملايين، ليس من العرب فقط، ولكن فى شتى أنحاء الأرض، أنه لم يوارب ويلجأ للمسميات الدبلوماسية، وكان يسمى الأشياء بمسمياتها الحقيقية، فالجيش الذى يحارب العراق هم من (المرتزقة!)، وهذا أمر صحيح، لأن هذا الجيش كان 15% من قوته من حاملى جنسيات أخرى غير الأمريكية والبريطانية، وشاركوا فى الحرب من أجل الحصول على الجنسية الأمريكية. وهم يحاربون ليس دفاعاً عن قضية، ولكن من أجل المال، لأنهم يواجهون البطالة فى مجتمعاتهم، ويدركون أنهم يقوموا بعملية سطو مسلح فى عز الظهيرة من أجل زيادة أرباح شركات يعرفونها بالاسم. وكان الصحاف يسخر من هذه الجيوش ومن السياسيين الذين أرسلوها إلى القتال، وهم ساسة تبدو ملامح الغباء على وجوههم، ومازالت تمطرهم شعوبهم بالنكات والسخرية، لأنهم لا يستحقون إلا ذلك، وكلنا يعرف النكات التى صدرت فى الولايات المتحدة بسبب تدنى نسبة ذكاء معظم رموز الإدارة الأمريكية، وعلى رأسهم الرئيس بوش نفسه، فهؤلاء السياسيون لا يستحقون إلا السخرية، وقد قام الصحاف بهذا الأمر بنجاح بما أثلج صدورنا وصدور المكبوتين فى العالم من هذه العصابة الأمريكية. وقد استطاع الصحاف ببراعة وبجزء من الفطرة العربية السليمة أن يضع هؤلاء فى أحجامهم الحقيقية، فوصل كلامه إلى قلوب المظلومين وتماس معهم وأحبوه، لأنه أقتص لهم، ولو لفظياً، من هذه الطغمة الظالمة، ورددوا مفرداته، مثل "العلوج" و "المرتزقة" و "العكاريت" و غيرها.

محمد سعيد الصحاف، العراقي الشيعي العروبي، ابن الفرات الاوسط ومدينة الحلة, الذي قاد الاذاعة والتلفزيون العراقي أول السبعينيات، وعمل في حقلي الدبلوماسية والاعلام، إذ شغل منصب سفير العراق في أكثر من عاصمة، إبتدأ حياته ضابطا عسكريا، ثم إنتقل للأعلام، ثم سفيرا في أكثر من عاصمة، لينتهي به المطاف الدبلوماسي وزيرا للخارجية، ثم عاد للأعلام وزيرا حتى يوم غزو العراق. الصحاف كان مثالاْ للقوه والجرأه والفصاحه العربيه المنعدمة المثيل في الوقت الحاضر، نجح في أن يشكك الأعداء بأنفسهم وبقواتهم وأستطاع العبث بهم بكل سخرية. نجح الصحاف في (كتمان) الألم الذي كان يتملكه، كإنسان وطني، وهو يرى آلة الموت الامريكية تحصد الآلاف من جند العراق، بمباركة بل ومشاركة عربية من الأشقاء!، وإستطاع أن يحافظ على (رباطة الجأش) وأداء المهمة بكل مهنية وإخلاص، كان الرجل (فريداً) في تلقين دروس الإعلام الحربي النفسي المضاد، ولم يكن مثل (ببغاوات) الأعلام العربي التي (تخدع) الناس، من أجل (إرضاء) الحكام، كانت الساحة الاعلامية العربية مفتوحة بشكل كامل لنقل وجهة النظر الاميركية الى جانب وجهة النظر العربية وكان بينها وسائل اعلامية عربية متبنية بالكامل الادعاء والكذب الاميركي والبريطاني. وكان المحللون والسياسيون ورجال المخابرات الاميركية والبريطانية عرباً واميركيين وبريطانيين يحتلون مساحات هائلة من الوقت في معظم فترات بث وسائل اعلام عربية وكانت المؤتمرات اليومية لقادة العدوان الاميركي البريطاني تنقل مباشرة من القواعد في مدن عربية، على جميع اقنية الفضائيات العربية بترجمة فورية حرفية دون تعليق يتبعها من حياديين ودون مقارنة تكشف كذبها والفارق بين ما كان يقوله القائد الاميركي ليلاً وما كان يقوله هو نفسه صباحاً..

محمد سعيد الصحاف اسم لن يغيب عن الذاكرة العربية الشعبية، ربما لان الشارع صدقه حين تحدث بلغة بعيدة عن السائد والمألوف في حياة الناس, وتحولت صورة الصحاف واسمه الى "علامات تجارية" في سوق الاعلان الدولي الذي يجيز كل شيء لمصالحه المادية. وتحولت سيرته الى حكايات يتداولها الناس في مجالسهم الاجتماعية. كان يؤدي واجباً اخلاقياً ووطنياً وقومياً وانسانياً وهو ينقل بدقة اخبار المعارك على جبهات القتال من وجهة نظر عراقية وهي وجهة نظر وطنه وجيشه والمقاومين المدافعين عن ارضهم، بينما تغيب المقالات والتحقيقات التي تكشف صورة جزئية عن السلوك الاميركي في التعامل الوحشي مع شعب العراق بعد التدمير الشامل لجيشه بكل انواع الاسلحة وبعد استباحة التراث الحضاري والانساني في المتاحف من اقصى العراق الى اقصاه وتدمير الجامعات ونهب محتوياتها وافراغ مكتباتها وما فيها من دراسات وابحاث علمية وانسانية ثم توجيه الرعاع لتخريب المستشفيات واحراق الادوية وسحب الأسرّة من تحت اجساد المرضى المنهكة. أخيرا نقول للعرب (الحكوميين!!) الشامتين المتسترين على دورهم المخزي في إسناد غزو العراق، "من كان منكم بلا وزير إعلام كاذب، فليرم محمد سعيد الصحاف بحجر". والف تحية للدكتور محمد سعيد الصحاف حيث يكون، من مواطن عربي لم يلتق بالصحاف عن قرب، لكن الصحاف مازال يعيش في ذاكرته وذاكرة كل عربي مخلص لعروبته...

 

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

                                          الاربعاء  /  03  ربيع الثاني 1429 هـ   ***   الموافق  09 / نيســـــــان / 2008 م