بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

موقع الصدر من الأعراب الوطني
فعل حاضر مرفوع أو فعل ماضي ناقص

 

 

 

 

شبكة المنصور

علي الكاش / كاتب ومفكر عراقي

 

يقول الأديب البرازيلي باولو كويليو" إذا قدر ليً يوما أن يكون لي أحفاد, فسأقول لهم أن من يعيش مرحلة ما بعد النجاح, فأنه يكون قد فقد الإحساس بطعم الحياة", وأكاد أجزم أن السيد مقتدى الصدر في اعتزال الطوعي أو ألقسري لم يأخذ بهذا المنحى, فقد تتمسك بطعم الحياة مع علمنا إن النجاح الذي حققه لا يتجاوز النجاح الشخصي الذي حوله بين ليلة وضحاها من هاوي العاب الكترونية إلى قائد سياسي ومرجع ديني له قاعدة جماهيرية واسعة بين شريحة من الناس سريعي الانقياد جلهم من البسطاء والفقراء والجهلة ممن ولدوا وعاشوا في عمق المأساة, ووجدوا في الشاب مقتدى الراعي الذي سينقلهم إلى المروج الخضراء وينفض عنهم غبار السنين العجاف. ولم يدر بخلدهم بأنهم بعد تسمينهم سيكونون تحت رحمة الجزار واهين عاجزين مستسلمين لقدرهم المحتوم, ويستباح لحمهم وتهدر كرامتهم بهذه الطريقة الذليلة, بالرغم من محاولتهم التشبث بخيط من الرجاء قبل أن ينقطع وتنقطع كل السبل.

لم يكن التيار الصدري في مسيرته المتناقضة سوى جعجعة في تأريخ العراق الأحتلالي, تيار أشبه بتنين شره يأكل كل ما بدا أمامه, وما عزف عن أكله سحقه بقدميه أو رماه في متاهات المجهول, ورقة مزورة نزعت من مخطوطة ابتلاع العراق وألصقت في سجل الحضارة الإنسانية بغفلة من التأريخ وفي ظل شخير الضمير الإنساني في سبته العميق, فبدت نشازا لا تتلاءم مع الصفحات التي سبقتها أو تقدمتها, إنها ورقة صفراء مريرة تتحدث عن أخطار أعاصير هوجاء تعصف بصروح من خيال لتحولها إلى أطلال تنعق فيها غربان البرية, وما أكثر أطلالنا وما أكثر دموعنا عليها!

بعد انسحاب الصدر من تياره وانزوائه بعيدا عن أنصاره طرحت تساؤلات مقلقة عن مصيره ومصير تياره وجيشه, وخرجت تأويلات عديدة بين معارض ومؤيد, وطافت تحليلات واسعة على مداركنا تحفزنا على اخذ الدروس والعبر مما حصل, واخذ البعض يحمل الصدر نفسه فشل تجربته بعد أن أتهم هو قادة تياره بالتفرق عنه للحصول على مكاسب دنيوية, وبين سجال الاتهامات المتبادلة بين هذه الأطراف وتلك ضاعت علينا فرصة الاستقصاء الدقيق واستنهاض الوعي لنتبصر حقيقة الواقعة.

ولكن لابد من الرجوع قليلا إلى الوراء لنستذكر بعض الملامح البارزة من مسيرة التيار الصدري وهي مسيرة معتمة ولا تشرف بأي حال من الأحوال, فإفرازاتها نتنة تأنف منها وتعافها النفوس الزكية, وحتى تلك الأنفاس الكريهة التي أضفاها الغير عليها, فأنها تتحمل مسؤوليتها بشكل وآخر, فالقانون لا يحمي الأغبياء والعرف لا يعصم السفهاء والتجربة تدحض الحكماء, هكذا تعلمنا من التأريخ واستنبطنا من عبره, والتأريخ أفضل معلم.

كان المطب الأول للصدر عندما أتهم مع عدد من عناصره باغتيال عبد المجيد الخوئي احد أكبر العملاء والذي جاء مختالا فخورا على ظهر دبابة أمريكية مبشرا بالعهد الديمقراطي ألاحتلالي وكذلك زميله حيدر الكليدار في النجف, وقد أصدر حينها القاضي رائد جوحي مذكرة توقيف بحق مقتدى, وكانت تلك المذكرة قد قصقصت جناح الصدر, وأمست هاجسا يلازمه كظله وورقة ضغط يمكن ن تلعبها قوات الاحتلال متى شاءت, وكان من المفروض أن يقف الصدر بقوة أمام هذه القضية ويطالب بإجراء تحقيق فوري بالحادث ويبرأ نفسه من هذه التهمة, وبراءته أكيد ستكون أسهل من براءة الذئب من دم يعقوب, لكن سذاجته وسذاجة أتباعه بفنون السياسة وألاعيبها لم تمكنه من كشف الستار عن هذه اللعبة الخطرة وتداعياتها المستقبلية التي أمست تشكل تهديدا محدقا به في كل لحظة كما يحدق صياد بفريسة وهي واقعة في شركه.

المطب الثاني تمثل بانقياد الصدر لطريقة المجلس الأعلى بشكل ببغاوي دون أن يعي مغبتها عندما بدأ بتزويق بعض الكلمات الطائفية ونشرها بين صفوف أنصاره ومنها التكفيريون والبعثيون والوهابيون والسلفيون والمروانيون وغيرها, وكان من أخطر هذه الصفات النواصب وهي تقابل الروافض وكلاهما صفتان ضحلتان تعبران عن صفاقة قائلها وأمعيته وجهله وحماقته إضافة إلى طائفيته البغيضة وحزبيته المريضة ومن المؤسف أن يجاهر الصدر بهذه الصفات في كل خطبة أو بيان له, وكان من أخطرها خطبته في مدينة النجف عندما طلب من جيشه بالاهتمام بمصالح أتباع البيت وحمايتهم من النواصب والتكفيريين والصداميين " احموا شيعة أهل البيت من إرهاب النواصب التكفيريين لعنهم الله", كما أصدر مكتب الصدر في النجف بيانًا ما نصه" 'أيها الممهدون، يا أتباع أهل البيت, لا تأخذكم في النواصب الوهابية التكفيرية البعثيين والصداميين رحمة, اضربوهم وضيقوا عليهم كي يتخلص عراق أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من أمثالهم, وأنتم أيها المؤمنون شدوا عليهم ولا تدعوا لهم ذكرًا" فضيع الصدر موقفه السابق الذي اتسم بالوطنية عندما طلب بإنهاء الحصار المفروض حينذاك على الفلوجة, حيث بدأ يعزف على وتر واحد فقط وهو وتر آل البيت متجاهلا انه كقائد سياسي يفترض أن يكسب جميع شرائح المجتمع العراقي وان يخرج من عنق الزجاجة الطائفية, وهذه من أبسط متطلبات القيادة الناجحة.

المطب الثالث تمثل في مأساة الأحداث التي رافقت تدمير العتبات المقدسة في سامراء, فلم يتصرف الصدر بحكمة عندما سمح لشراذم من جيشه بتدمير ما يزيد عن(100) جامع وقتل الآلاف على الهوية, دون أن يوجه اللوم إلى الحكومة أو قوات الاحتلال لمسئوليتهم المباشرة عن حماية المرقدين الشريفين, ودون أن يمهلهما فترة محددة لتبيان نتائج التحقيق الذي ما يزال لحد الآن مخفيا لغاية في قلب يعقوب! وكانت تلك المأساة قد أقصمت ظهر البعير وزادت من هوة الخلاف بين تياره والأحزاب القريبة من أطروحاته. ومع هذا كانت هناك فسحة من العفو والتسامح لو أعترف الصدر بمسئولية جيشه عن تلك الجرائم, ففي لقاء عقد بين وفد من علماء السنة ترأسه الشيخ الدكتورعبد السلام مع ممثل التيار الصدري عبد الهادي الدراجي في جامع الإمام الأعظم, قال له" يا شيخ عبد الهادي إذا قلت لي إن جيش المهدي استطال وكبر حجمه ولم تعد السيطرة عليه سأقبل منك الكلام, وإذا قلت لي إن هناك فرقاً اخترقت جيش المهدي وهي التي أقدمت على مثل هذه الفظائع سأقبل منك الكلام, ولكن إذا قلت لي لا علاقة لجيش المهدي بكل ما جرى فلنفض الاجتماع لأننا لن نلتقي بسبب أن البداية غير صادقة", وكانت تلك فرصة ذهبية للصدر كي يقوم الاعوجاج في مسيرة تياره, و تصفيته من العناصر الدخيلة والاعتراف بتسلل هذه العناصر المسيئة وتقديم الوعد بتطهير التيار منها, لكن الإصرار على الخطأ زاد من فداحته وفقس أخطاء أخرى لم تقل خطورة عن الأخطاء السابقة. ونستذكر في لقاء الدراجي مع عبد العظيم محمد في فضائية الجزيرة عندما سأله " أليس جيش المهدي بمخترق"؟ ردً الدراجي " لا يمكن ذلك أستاذ عبد العظيم لا يوجد دليل على ذلك"! وعندما أستفسر منه " عن سبب خروج جيش المهدي عن ضوابط التيار الصدري وقياداته السياسية" ؟ أجاب " هذا الكلام غير صحيح"!

المطب الرابع كان موقفه المتناقض من الانتخابات التي جرت برعاية العم سام وما أفرزته من حكومة منقعة من رأسها حتى قدميها بالعمالة والرذالة, ومن المدهش أن يبرر الصدر مشاركته بطريقة مسرحية بقوله "لقد تنازلت حفاظا على وحدة الصف ولم أقف ضد الانتخابات التي جرت في ظل الاحتلال، وما سكوتي إلا لتكون مقاومة سياسية لوجود المحتل.. لكن هذه المواقف لن تثني أميركا عن غيها وظلت تعتدي وستبقى تعتدي وسأبقى رافضا لكل سياسات المحتل" وهو كما يبدو جهل مطبق بالسياسة فهو يعترف بأنها جرت تحت رعاية الاحتلال ومع هذا كان من ابرز الداعمين لها, والأدهى أن يعتبر هذا الموقف الذليل نوعا من المقاومة السياسية! من ثم يجيب على نفسه بأن هذه المواقف لا تثني أمريكا عن العدوان! مفسرا الماء بعد الجهد بالماء. وكرر نفس الخطأ بالتصويت على الدستور المسخ الذي صاغه اليهودي نوح فيلدمان, فقد أنتقد الدستور واعتبره"شركي" ومع هذا فأنه قد دعمه بقوه وساعد على تمريره.

المطب الخامس كان في المواقف المتذبذبة من الاحتلال, فالصدر أتخذ مواقف متناقضة تدعو ليس للشك فحسب وإنما للتندر, فهو يدعي بأنه ضد الاحتلال وقد شرعن المقاومة, ولكنه يحذر أتباعه على" عدم الدخول مع القوات الأمريكية في قتال لأنها مكيدة" من ثم يدعي بأن العدوان الأمريكي سيستمر ويطالب بخروج المحتل, ولكن من جهة ثانية يدعو أنصاره إلى" شن حرب سلمية شعبية ضد الأمريكان دون إراقة نقطة دم واحدة" ولا نعرف مقاومة في الأرض استرجعت ما أخذ بالقوة دون أن تريق قطرة دم واحدة بما في ذلك مقاومة الزعيم الهندي غاندي. وفي الوقت الذي يصفهم بالأعداء فانه يسميهم أيضا بالضيوف مطالبا بتطبيق مراسم الضيافة بحقهم, ومن جهة أخرى يعترف بأن قوات الاحتلال تقود حملة منظمة لتصفية عناصر جيشه ومع هذا يدعو إلى مقاومة سلمية.

المطب السادس حول موقفه التذبذب من حكومة الاحتلال, فعند زيارة المالكي لولايات المتحدة استحلفه الصدر بدماء الشهيدين الصدريين بأن لا يذهب " إلا إذا أراد المالكي أن يمشي المؤمنون مطأطئي الرؤوس" ومع هذا تمت الزيارة ووصفت بالناجحة. وبالرغم من مطالبة الصدر للمالكي بعدم توقيع أتفاق أو أمر لإبقاء القوات المحتلة في العراق, ألا أن المالكي وقع على اتفاقيات طويلة الأجل حول تمديد وبقاء هذه القوات! ويصف الصدر الحكومة العراقية بأنها " هزيلة لا تستطيع لنفسها نفعا ولا ضررا ولا تستطيع خدمة الشعب بتوفير الأمن والخدمات الحياتية" وفي نفس الوقت يتجاهل بأنه كان السبب الرئيسي لولادة هذه الحكومة عبر دعم المالكي, ويشارك بوزراء ونواب لتمشية أمورها, بل من السخرية أنه ينتقد تردي مستوى الخدمات في الوقت لذي يشرف تياره على الوزارات الخدمية!

المطب السابع, مواقف غير ملقحة وطنيا لا تفقس نتائج نافعة, لم تقتصر حالات التخبط السياسي على الواقع العراقي بل تعدتها إلى الواقع العربي بطريقة مخزية, فمع مواجهة حزب الله اللبناني للقوات الإسرائيلية في ملحمة رائعة شهدها الجنوب اللبناني تكللت بنصر صاعق لحزب الله عززت مكانته العربية والدولية, قام جيش المهدي بمسيرة عسكرية في مدينة الصدر, وحمل المسلحون أسلحتهم الخفيفة والمتوسطة وسط هتافات صدحت" لبيك مقتدى لبيك نصر الله" و" سيبقى جيش المهدي وحزب الله يدا بيد للدفاع عن الدين والمذهب" واتهم الزعيم الصدري الولايات المتحدة والكيان الصهيوني بالعدوان على لبنان وتدمير البنى التحتية, وتم تشكيل قوة قتالية بحدود(1500) مقاتل للذهاب إلى لبنان والمشاركة في القتال ضد القوات الأمريكية والإسرائيلية, ورغم تسفيه الخبير الإستراتيجي انتوني كوردسمان لأهمية هذه المشاركة وأعتبرها مبالغ فيها, وأن إغراضها دعائية ولا تزيد عن ذلك إلا أن التيار الصدري كان قد هيأ نفسه للمشاركة في القتال. ويبدو أن الصدر قد أقحم نفسه بمشكلة هو في غنى عنها ولكنه أراد أن تظهر صورته مع صورة السيد حسن نصر الله, بالرغم من تباين الصورتين في اللون والحجم والشخصية, وبدأت تثار الكثير من التساؤلات عن المشاركة الصدرية في لبنان! أليس من الأولى أن يحارب الصدر الأمريكان والصهاينة الموجودين قربه دون الحاجة إلى تحمل مشاقة الرحيل إلى لبنان؟ وهل هناك فرق بين الاحتلال الأمريكي للعراق والاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان؟ أليس العدو واحد والجبهة نفسها والعقيدة نفسها؟ الم يتندر التيار الصدري على بعض المجاهدين العرب الذين يقاتلون في العراق ضد قوت الاحتلال, ودعاهم إلى قتال الأمريكان في بلدانهم وليس في العراق؟ ولتفترض جدلا أن وحدة المصير والمشاعر المشتركة والعقيدة تكمن وراء مشاركة الصدر حزب الله, وكذلك الدفاع عن المذهب وهو الشعار الذي رفعه الصدريون في استعراضهم العسكري وراء هذه الالتفاتة. فكيف سيصل المقاتلون إلى الجنوب اللبناني إذا استبعدنا حكاية البساط السحري أو معونة السوبرمان؟ أما مقولة الزعيم الصدري السيد مجتبى بأن" مقاومة المهدي الشعبية تعرف كيف توصل مقاتليها بدون الحاجة إلى مساعدة الحكومة العراقية" فأنها ربما تستند إلى طلاسم سحرية لم يتوصل إليها العلم الحديث, أو ربما كان السيد مجتبى قد شاهد فيلم " طاقية الخفاء" وأعجبته الفكرة فأراد أن يسقطها على علم الجغرافية! ومع كل هذه الحقائق يخرج لنا احد فرسان التيار ويدعى رياض الثوري ليعلن بغباء منقطع النظير بأن التيار الصدري ليس له جيش مسلح, فهو " جيش ثقافي عقائدي رسالي لا يحمل السلاح وليس لدينا سلاح" وهو نفس ما أكده النائب الصدري بهاء الأعرجي بقوله " أن جيش المهدي ليس ميليشيات مسلحة"!

وكان تصريح البداية في حرب لبنان للسيد مقتدى" أننا في العراق لن نقف مكتوفي الأيدي أمام الزحف الصهيوني, فهو سيستعبدنا لا محالة أن سكتنا" أما الخاتمة فهي دمعات وحسرات وتقلصات وآلام وآهات, فقد ختمها الصدر بقوله" أن العين لتدمع والقلب يعتصر ألما وحزنا على أهلنا وأحبتنا في لبنان الحبيب لما يقوم به العدو الصهيوني الإرهابي بدعم من عدوة الشعوب أمريكا" وضاعت فرصة جدية لإشعال الجبهة العراقية ضد الاحتلال بالتزامن مع العدوان الإسرائيلي على الجنوب اللبناني سيما أن العامل المعنوي كان بصفنا بعد أن سطر حزب الله انتصارات كبيرة على فلول الصهاينة المهزومين, وكان من السهولة استقطاب الجماهير العربية لتأييد المقاومة العراقية واللبنانية معا.

المطب الثامن: الموقف الشاذ من المقاومة العراقية الباسلة, من المعروف عن التيار الصدري بأن شكل وشرعن من أجل مقاومة الاحتلال كما جاء على لسان السيد مقتدى وغيره من قادة تياره, ورغم أن هذا الادعاء سمعناه صدى في السماء لكننا لم نشهده له وقائع على الأرض, بل العكس من ذلك فقد كان التيار يغلف المقاومة العراقية بأغطية مختلفة منها البعثيين والتكفيريين والإرهابيين وأزلام النظام والصداميين والنواصب وغيرها من التسميات التي فتحت نيرانها على المقاومة زورا وبهتانا, ولم نشهد للصدر خطبة أشاد بها بالمقاومة العراقية أو أتخذ موقفا ايجابيا منها, وهو على دراية كافية بأن هناك بون شاسع بين المقاومة والإرهاب, فالمقاومة حق سماوي وقانوني أجازته كل الشرائع السماوية الوضعية, ولا يمكن أن نبخس المقاومة حقها في تحرير الأرض من دنس الاحتلال, فأن كنت لا تؤمن بنظرية الكفاح المسلح وترغب بتحرير العراق بالوسائل السلمية فهذا شأنك ولكن ليس من حقك أن تفرض رؤيتك هذه على بقية فصائل المقاومة وليس من حقك أن تصنفها في خانة الإرهاب, وليس من حقك أن تختزل الشعب العراقي أجمعه بأنه راضي وقانع بالاحتلال! أمسك جانبك وأترك للآخرين جانبهم, فهم ليسوا أوصياء عليك, وأنت ليس بوصي عليهم " لكم دينكم وليً ديني".

وأن كان البعض يتبجح بأن للتيار الصدري صولات في ساحة الجهاد فأننا لا ننكر ولا ننفي ولا نؤيد في الوقت نفسه, ولكن لكي لا تبخس حقوق الآخرين ولا تضيع حقك الجهادي في نفس الوقت, فأن من الأولى أن تعلن صولاتك ولا تتركها لقمة سائغة يبتلعها الغير, فنحن لم نسمع بهذه الصولات ولم تؤكدها صحافة التيار الصدري أو تنسب بعض العمليات الجهادية إليها على العكس من بقية فصائل المقاومة التي تفتخر بما تقوم به من صولات جهادية تنسبها إلى فرسانها الغيارى بعلو صوتها, دون أن تخشى في الحق لوم لائم.
المطب التاسع. وهو الانطواء في جحر التخاذل والنظر من بين ثقوب الجدران لما يجري في العراق, وهذه كبيرة الكبائر, فالجهاد يتطلب مشاركة وليس انزواء, ويتطلب حركة وليس جمود ويتطلب تفاعل وليس تكاسل, ويتطلب آخرة وليس دنيا, ويتطلب عطاء وليس أخذ!

إهمال الحاضر الوطني لمصلحة المستقبل الشخصي قاعدة تعبر عن النرجسية, وترك الأنصار يتلاعب بهم مصير الأقدار ليس من الحكمة أو العدالة أو الضمير, فهناك ارتباط مقدس وليس زواج متعة بين القائد وجنده, وأن عيون الكثيرين ما تزال ترنوا إلى عمامة السيد الشاب وكلها أملا بأن يعود إلى عقله ورشده وبصيرته فالوقت ضيق ولا يصح أن يترجل الفارس عن صهوته مع اشتداد القتال سيما انه يلبس الكفن! لقد أضاع مقتدى الصدر الكثير من الفرص وآن الأوان للرجوع إلى جادة الحق والصواب, فالعراق يغفر لأبناء شعبه عندما يخطأ أحدهم أو يتعثر أو يتمرد أو يعبث ولكنه لا يغفر للعملاء والخونة فقط, فهذا هو الحد الفاصل بين الحق والباطل والمواطنة وغير المواطنة.

في الجملة المفيدة لا خيار أما أن تكون فعل حاضر مرفوع أو فعل ماضي ناقص, والخيار لك والوقت أقصر مما تتوقع, والميدان ملتهب سيما أن بركان المقاومة في جنوب العراق بدأ بالغليان وسيقذف حممه على رؤوس المعتدين, وان هناك شواغر قيادية وطنية تستدعيك بإلحاح, وان بمقدورك أن تعمل الكثير, والساحة العراقية تتطلب طروحات وطنية فقط! والمقاومة العراقية الباسلة فاتحة يديها للترحيب بكل عراقي يرفد ويعزز مسيرتها الجهادية في محاربة قوى الاحتلال الغاشم.

الميدان الوطني وساحة الجهاد وحدهما اللذان يثبتان أو ينفيان إدعاءات المواطنة والذود عن شرف العراق وسيادته وكرامته, الجهاد هو الخيار الوحيد لإثبات الوطنية فمد يدك إلى يد المقاومة الباسلة احتضنها لتحتضنك ولتتوحد الصفوف لإنزال الصاعقة الكبرى على رؤوس الأوغاد المحتلين وعملائهم من سدنة المنطقة الخضراء.

كلنا عيون تنتظر فلا تخيب رجائنا.

 

Alialkash2005@hotmail.com

 

 

 

شبكة المنصور

                                           الاربعاء /  19  ربيع الاول 1429 هـ   ***   الموافق  26 / أذار / 2008 م