الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

بعد مرور خمس سنوات
الغزو الأمريكي في عيون الأمريكان

 

 

شبكة المنصور

علي الكاش / كاتب ومفكر عراقي

 

ما يزال العراق هو ورقة الجوكر في الانتخابات الأمريكية القادمة وتضغط الأطراف المتنافسة والمرشحة للرئاسة الأمريكية على بعضها البعض من خلال رؤيتها للحرب في العراق وموقفها تجاه إبقاء أو سحب القوات الأمريكية من هذا المستنقع الدامي, سيما إن كلفة الحرب بدأت تنهك الاقتصاد الأمريكي الذي يعاني من حالة الانكماش باعتراف معظم الاقتصاديين واستنزفت من الخزينة أكثر من ثلاثة تريليون دولارا ومن المرشح أن تصل إلى(450) تريليون في حال استمرارها, إضافة إلى أكثر من(4) آلاف قتيل, وعشرة أضعافه من الجرحى وعشرات الآلاف من المرضى العقليين والنفسيين بين صفوف الجنود العائدين إلى بلاد العام سام. هذا مع تحفظنا على هذه الأعداد الرسمية للخسائر التي اعترفت بها الإدارة الأمريكية.

وحاولنا في هذا المقال أن نستقصي بعض الآراء حول هذه الحرب وتداعياتها على الولايات المتحدة الأمريكية من جهة وعلى منطقة الشرق الأوسط من جهة ثانية, وحاولنا أن نستعين بمن لهم تجربة سياسية مهمة أو ممن ساهم في صنع القرار السياسي سابقا أو في الوقت الحاضر. و لعل المرشحة الرئاسية هيلاري كلينتون تستحق أن تكون أول من يعتد به في هذا المجال فهي زوجة الرئيس السابق بيل كلينتون وقد صاحبته طوال فترة رئاسته السابقة ودارت حينها إشاعات بأنه كان لها نفوذ كبير على زوجها الرئيس وكانت أنفاسها قد أنعكست على الكثير من قراراته, كما أنها من جهة ثانية احدى أهم المرشحات للرئاسة الأمريكية القادمة عن الحزب الديمقراطي مما يعطيها وزن خاص, ففي معرض ردًها على التقييم الذي قدمه قائد القوات الأمريكية في العراق الجنرال ديفيد بيتريوس وزميله السفير ريان كروكر بشأن تطور الأوضاع في العراق بعد مرور خمس سنوات عجاف, علقت السيناتور هيلاري بأنه من الخطأ الاستمرار في الفشل الأمريكي في العراق, واستطردت" لقد آن الأوان لسحب قواتنا من العراق بهدف التركيز على بقية مصالحنا" معزية الأمر إلى" أن التقدم الذي أحرزته قواتنا غير مجد خلال الشهور الستة الأخيرة, إضافة إلى فشل الحكومة العراقية في التصدي للميليشيات في جنوب البلاد, مما عكس الفشل في تحقيق ما هو مطلوب".

وفي الوقت الذي رفض فيه المرشح جون ماكين الدعوة إلى انسحاب مبكر للقوات الأمريكية من العراق معتبرا الأمر بأنه" تخطيط متهور" فأن رئيس لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ كارل ليفين شكك من جهته في نتائج زيادة القوات الأمريكية في العراق, مستشهدا بارتفاع مستوى العنف مؤخرا.

بالنسبة إلى رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي, فأنها بعد جلسة الاستماع للجنرال بيريوس وكروكر, ذكرت بأن أفادتهما تدل على أن الحكومة العراقية ما تزال غير راغبة أو غير قادرة على اتخاذ خطوات لتحقيق المصالحة الوطنية, معتبرة أن عدم سحب أو تخفيض القوات الأمريكية يعتبر إمعانا في تنفيذ سياسة لا تعكس التكلفة البشرية الهائلة للحرب وهي على الضد من إرادة الشعب الأمريكي, وانتهت إلى القول بأن الحكومة العراقية لا تستحق التضحيات التي يقدمها الجنود الأمريكان!

أما زبغنيو بريجينسكي مستشار الأمن القومي الأمريكي في عهد الرئيس كارتر, فأنه اعتبر أن الحرب ضد العراق أمست للولايات المتحدة, مأساة وطنية, وفاجعة اقتصادية, وكارثة إقليمية, ومصدر ضرر عالمي, وان إنهائها يخدم المصالح الوطنية العليا للولايات المتحدة, و اعتبر تنبؤات الرئيس بوش والمرشح الرئاسي جون ماكين عن النتائج الكارثية في حال انسحاب القوات الأمريكية من العراق, بأنها تذكره بتوقعات الدومينو المتساقطة التي استخدمت لتبرير التورط الأمريكي في فيتنام, وذكر بأن الأمريكان لو استفتوا قبل أكثر من خمس سنوات, عما إذا كان الهوس الجنوني للرئيس بوش بإزالة نظام صدام يستحق مقتل أكثر من أربعة آلاف وجرح أكثر من ثلاثين ألف أمريكي وإنفاق عدة تريليونات من الدولارات, علاوة على فقدان أمريكا مصداقيتها ومشروعيتها وهيبتها على المستوى العالمي, فإن الجواب سيكون بالنفي مؤكداً! ويخالف بريجينسكي رأي الجمهوريين باعتبار الانسحاب يشكل كارثة, معتبراً أن فك الارتباط وإدارته إدارة عقلانية ستجعل العراق أكثر استقرارا على المدى البعيد. وان إنهاء الحرب في العراق هي الخطوة الأولى الضرورية لتهدئة الشرق الأوسط، معترفاً "لقد بدأنا هذه الحرب بتهور ولكن ينبغي أن ننهي تورطنا بتصرف مسئول, يجب أن ننهيها, لان البديل (ن لم نفعل ذلك) هو المضي في حالة من الشلل الناجم عن سياسة الخوف التي تؤبد الحرب, وتلحق الضرر بأمريكا تأريخيا".

وفيما يتعلق بوزيرة الخارجية الأمريكية السابقة مادلين اولبرايت, فأنها اعتبرت أن رأس المال الأمريكي السياسي الذي تراكم في زمن الرئيس كلينتون, قد تبدد مع تسلم الرئيس بوش دفة الحكم, وتعيينه مسئولين غير مناسبين في الوظائف العليا للدولة, وتغليبه الايدولوجيا على المهنية, وسمح للأكاذيب أن تلبس الحقائق, واعتبرت إن الخطأ المأساوي الذي ارتكبته إدارة بوش هو الحرب على العراق, مؤكدة أنها أدت إلى تعرض أمريكا لأربعة مخاطر:- أولها تصاعد وتائر الإرهاب الدولي وكراهية أمريكا من قبل الشعوب العربية والإسلامية. والثاني: تراجع الإجماع الدولي بشأن الانتشار النووي. والثالث: تنامي الشكوك بشأن أهمية الديمقراطية وقيمتها, وتستدرك في حديثها " لأنّنا عندما نتكلم عن الديمقراطية، يفكّر كثيرون في نموذجنا في العراق, وهو النموذج الذي لا يرغب أحدا فيه. والرابع: اتساع الهوة بين الأغنياء والفقراء بسبب العولمة.

أما زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ السيناتور ريد, فأنه تساءل فيما إذا كانت الحرب قد جعلت لولايات المتحدة أكثر أمانا؟ وفيما إذا أصبحت القوات الأمريكية بإمكانها إعادة سرعة الانتشار خارج العراق؟ فذكر" مما لاشك فيه أن الجواب هو كلا"! وأعترف بأن القوات الأمريكية تتعرض لضغوط شديدة وأنهم غير قادرين على الرد على تهديدات صادرة من مناطق كثيرة من العالم, وان دافعي الضرائب ينفقون(12) مليار دولار كل شهر في العراق على حساب الأولويات التي تحتاجها بلاده, وأضاف ريد بأن الرئيس الأمريكي "يسير خطوة للأمام إلا انه يتراجع خطوتين إلى الخلف بسبب إصراره على إبقاء(142) ألف جندي في العراق إلى مالا نهاية, وهذا الأمر يلحق الضرر بأمننا القومي وإمكانيات قواتنا المسلحة". وأضاف بأن الرئيس بوش لا يفهم أن موارد أمريكا المحدودة لا يمكن أن تدعم حرب يخوضها إلى ما نهاية.
ولنستمع الآن إلى شهادة الجنرال الركن المتقاعد وليام أودم أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي حول الوضع في العراق, حيث ذكر فيها إن زيادة قواتهم في العراق أدت إلى عدم الاستقرار بدلاً من توفير شروطه, واليوم توجد دلائل موثقه بأن الحالة السياسية أصبحت أكثر تمزقا من السابق وخاصة في البصرة وبغداد " إننا نواجه وضعا سياسيا مأساويا بجيش متمدد أكثر من اللزوم, وعندما يظهر أمامكم شهود الإدارة الأمريكية فأن عليهم أن يوضحوا إلى متى يتمكن الجيش الأمريكي أن يتحمل عبء هذه الإستراتيجية الترقيعية ؟".

إن الإستراتيجية المنطقية الوحيدة, هي الانسحاب المنظم وبسرعة, بتلك الخطوة فقط يمكن إنهاء الشلل القابض على إستراتيجيتنا في المنطقة. ويخلص إلى القول بأن " قواتنا في العراق وتهديدنا بتغيير النظام في إيران هو ما يجعل المنطقة غير مستقرة, أولئك الذين يربطون عدم الاستقرار بانسحاب الولايات المتحدة يقلبون الأمور رأساً على عقب, إن إستراتيجية النعامة القائمة على إبقاء رؤوسنا مدفونةً في رمال العراق لم تفعل شيئاً سوى خدمة مصالح أعدائنا".

بهذه الصورة القاتمة ينظر المسئولون الأمريكان إلى نتائج غزوهم للعراق, ويعترفون بحجم ورطتهم وتداعيات هذا الغزو على العراق والمنطقة وعلى الولايات المتحدة نفسها, إنها كارثة عالمية لكن العراق هو الذي يسدد فاتورتها من دماء أبنائه.

ولاشك أن مرجع لبس الإدارة الأمريكية النظارة السوداء في رؤيتها للعراق ترجع إلى عدة عوامل لكن من أهمها المقاومة العراقية الباسلة التي كبدت قوات الاحتلال خسائر كبيرة, ويوم بعد آخر تتصاعد قوتها وتتوسع وتتعمق روافدها, ويزداد عطائها الجهادي, ويوم بعد آخر يزداد زفير الأمريكان ويعضون على شفاههم البليدة لتورطهم في العراق, انه نهاية لأحلامهم التوسعية و إهانة لغطرستهم وعنجهيتهم, وكشف لحقيقتهم الشريرة, إنها العتبة الأخيرة لمرحلة القطب الواحد.

 

Alialkash2005@hotmail.com

 

كيفية طباعة المقال

 

شبكة المنصور

                                          الخميس  /  10  ربيع الثاني 1429 هـ   ***   الموافق  17 / نيســـــــان / 2008 م