الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

قانون أم شحاذة ؟

حول رفض قانون العفو العام في شمال العراق من قبل البرزاني

 

 

 

 

شبكة المنصور

علي الكاش  / كاتب ومفكر عراقي

 

البرزاني من الشخصيات الكاريكاتيرية التي من الصعب أن تجدها مثلها حتى في أفلام الخيال العلمي, شخصية فريدة تجمع كل الموبقات والكبائر من جهة وكل الطرائف والنوادر من جهة أخرى, تشكيلة مدهشة من النقائض والترهات والتخاريف والإرهاصات والحماقات والمزايدات خلطت جميعا في بوتقة اختبار واحدة وخضت بشكل جيد ومتواصل وتفاعلت فولدت أثقل دماغ عرف في تأريخ العراق المعاصر.

البرزاني بالإضافة إلى هذه الصفات المقززة, فقد توجها بعمالة أدهشت الأعداء أنفسهم ورغم اعتراف الكثير من المحللين السياسيين بأن العملاء أقزام, لكنهم انبهروا وصعقوا بعمالة البرزاني فأسبغوا عليه صفة عملاق الخيانة, فرفعوا عنه حجم التقزم بهذه المكرمة السخية وأدخلوه بفخر واعتزاز بسجل غينيز للأرقام القياسية في رياضة القفز على الموانع الوطنية.

أهم ما يميز البرزاني من وجهة نظر السياسيين بالإضافة إلى عمالته وانتهازيته هو صفاقته وقلة حيائه فهو مع تلقيه الصفعات التركية التي أثكلت وجهه, فأنه ما أن يلتقط أنفاسه المتقطعة حتى يخرج لسانه كالأفعى ليهدد من جديد, وهذه حالة غريبة في تأريخ البشر, فبالرغم من التهديدات المخيفة التي أطلقها ضد تركيا والتي جعلتها ترتعد تحت فراشها خشية من بأسه, فأنه طلب بأدب جم من جحوشه الذين تمرغت وجوههم بالتراب عارا, بتحاشي الجنود الأتراك خلال تجوالهم السياحي في شمال العراق, وكي يحفظ القطرة الأخيرة من ماء وجهه الكالح مع جحوشه فأنه التفت إلى العراقيين العرب مهددا باستخدام القوة المسلحة لضم كركوك لإقليمه المسخ.

حاول هذا الكيان الأمريكي الإسرائيلي الإيراني المصطنع أن يجعل من نفسه رئيسا حقيقيا رغم إن السماء أقرب له من تحقيق هدفه هذا, فهو لا يصلح أن يكون أكثر من زعيم قبلي وعشائري يترأس مجموعة من الرعاع والمجرمين والسذج, ولكنه مقتنع كل القناعة بأنه زعيم قومي كلما نظر في مرآته وحاكى نفسه,  ويظن من خلال تلاقحه مع الطالباني سيزرع جنين دويلة في شمال العراق دون أن يدرك عنته وعقمه.

ساعده في بناء هذا الصرح من الأوهام  وجود قوات الاحتلال في العراق واندفاع إسرائيل لاحتضانه رغم إن الحليفين تركوه لقمة سائغة بفم الأتراك ولكن الأتراك قضموها بأسنانهم ولفظوها خارجا في حاوية الأوساخ, وعندما التفت إلى شركائه الإيرانيين وجدهم مشغولين  بقصف إقليمه وقبل أن يفاجأ تذكر المقولة الشهيرة" ما حن فارسي على عربي لا ورب الكعبة" ولكنه بلعها لأن الأمر يتعلق بعربي وليس كردي!  البرزاني غفور رحيم مع كل من يعتدي على شخصه أو إقليمه وينسى الإساءات والأهانات و الصفعات بسرعة البرق عندما يكون مصدرها دول الجوار أو الأمريكان, لكنه يقيم السماء ولا يقعدها إذا لفت نظره مسئول عراقي بأدب واحترام إلى حالة شاذة أو غير مقبولة في إقليمه!

البرزاني يمنح لآلاف من أكراد دول الجوار اللجوء السياسي في إقليمه ويوزع عليهم الشقق والرواتب, لكنه لا يسمح للعراقيين العرب أن يستوطنوا الإقليم بسبب تردي الأوضاع الأمنية في بغداد وبقية المحافظات إلا بشروط قاسية وكفالة شخص كردي! وفي الوقت الذي يشتري فيه الأكراد القصور ويؤسسوا الشركات التجارية في المحافظات الوسطى والجنوبية فأنه يحظر على بقية العراقيين أن يتملكوا العقارات أو يؤسسوا شركات في الإقليم!

ويعتبر إقليمه جزءا من الدولة الاتحادية كما يزعم وبقية العملاء, لكنه لا يعترف بهذه الدولة إلا وقت الضرورة, مثلما طلب من الجيش العراقي التدخل لمواجهة الاجتياح التركي للإقليم! ويتجاوز البرزاني الدولة الاتحادية ودستورها بإبرام عقود مع شركات أجنبية للتنقيب على النفط دون أن يجرؤ أحد على تنبيهه بأنه أنتهك الدستور الاتحادي, بل إن رئيس مجلس النواب بعد أن انعم عليه الطالباني والبرزاني بقصر كبيروسيارة مصفحة أطل من شرفة القصر معلنا بأنه يحق لصاحب الإقليم أن يبرم اتفاقيات نفطية دون الرجوع إلى مجلس النواب!

مجلس النواب حسبما معروف يضم بعد الائتلاف ثاني اكبر مجموعة وهم النواب الأكراد, وعندما يصادق المجلس على قرارات ما, فأنها دستوريا يجب أن تكون ملزمة وشاملة للجميع على اعتبار إن جميع النواب أو الأكثرية وافقت عليه, ولا يوجد مسوغ قانوني لمناقشتها مرة ثانية من قبل أي طرف مهما كان! ولكن الذي يجري في الإقليم عكس ذلك, وكانت آخر بدع البرزاني أنه رفض مناشدة نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي على تطبيق قانون العفو العام باعتباره قانونا اتحاديا يشمل جميع المعتقلين المشمولين به يضمنهم القابعين في سجون الإقليم, وكان طلب الهاشمي أشبه بالالتماس رغم منصبه كنائب رئيس الجمهورية وشفع توسله بمديح مزوق ومزركش لفظياً ثمن فيه"الجهود الخيرة لتوطيد سيادة القانون في ربوع إقليم كردستان, متمنيا أن نرى اليوم الذي يفرج فيه عن المعتقلين المشمولين بقانون العفو العام، لاسيما وانه قانون اتحادي، وهي بلا شك خطوة تتعدى كونها قانونية إلى أن تكون خطوة إلى الأمام في مشروع المصالحة الوطنية" ومع علمنا بإن القوانين لا تنفذ بطرق الاستجداء, وأن لها الصفة القانونية باعتبارها صادرة من السلطة التشريعية وهي أعلى سلطة في البلاد, فأننا نعذر الهاشمي بمناشدته هذه فقد يكون ورائها حلم وردي بالحصول على مكرمة سخية مثل المشهداني!

مع هذا فأن البرزاني كما عودنا بألعابه البهلوانية رفض هذا الالتماس الرقيق الناعم مؤكدا إن قرارات مجلس النواب غير ملزمة للإقليم إلا بعد أن يناقشها برلمانه الرقيع, وكي نقرب المسافات فأن الحال يشبه طلب يد فتاة للزواج ويفاجئك أبوها بأن موافقته لا تعتبر نهائية إلا بعد موافقة طفله الرضيع!

من المؤكد إن البرزاني كان بإمكانه الموافقة على التماس الهاشمي دون أن يشرع بتنفيذه أو ينفذه  في سجن سوسة بالسليمانية فقط, سيما أن لديه سجون بالمئات غير مسجلة لا في العراق ولا في المنظمات الدولية, ولكنه أراد أن يظهر بصورته المعروفة" خالف تعرف" ويستعلي على منصب نائب رئيس الجمهورية كالطاووس متناسيا أن الغراب غراب ولا يمكن أن يكون طاووس.

ولابد من التذكير بأن قانون العفو العام الذي طالبت به كتلة التوافق لم يأت بطريقة اعتباطية وإنما مرر بصفقة سياسية بين الأقطاب الثلاثة, الطالباني والهاشمي وعادل عبد المهدي, مع قانوني المحافظات والموازنة لعام 2008 والذي حقق للأكراد حلمهم بزيادة نسبة حصتهم من واردات العراق من 13% إلى 17%, وقد ذكر بيان لمجلس الرئاسة بأنه تسلم المشاريع الثلاثة بعد إقرارها من مجلس النواب, وقد أقر مجلس الرئاسة قانوني الموازنة الاتحادية والعفو العام وأرسلا إلى وزارة العدل لغرض نشرهما في الجريدة الرسمية, في حين تعثر مشروع قانون المحافظات وأعيد ثانية لمجلس النواب للنظر بمدى دستورية المواد التي اعترض عليها, ومن المعروف أن القانون لن ينظر فيه إلا في منتصف مارس المقبل وسيحتاج تمريره ثانية إلى صفقة جديدة, ومن المؤكد أن البرزاني يتلمظ شرها لقطع المزيد من الكعكة العراقية فقد يرفع سقف مطالبته من الموازنة إلى 20% أو ربما في عب شرواله مشاريع شيطانية أخرى وهذا ما سيكشف عنه في حينه, طالما إن المسألة هي اقتناص فرص وليس مصلحة شعب طن.

المثير للسخرية أنه ورد في قانون العفو" بموجب قانون العفو فانه يعفى عفواً عاماً المحكومون العراقيون ومن كان مقيماً في العراق عما تبقى من مددِ محكومياتهِم ويطلقُ سراحهم بقرارٍ من اللجنةِ المشكلةِ بموجب المادة (5) من هذا القانون, على أن يستثنى من العفو المحكومـون بالإعـدام بموجب قانـون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969"

ولا نعرف إن كانت كلمة " المحكومون العراقيون" كما جاء في القانون تشمل" المحكومين الأكراد" أم أن الأكراد غير عراقيين؟

ربما يحتاج القانون إلى شرح وتوضيح أكثر كأن يحدد شموله" المحكومين من العرب السنة والشيعة, والأكراد, والفيليين والتركمان والآشوريين والأيزيديين والصابئة وبقية القوميات والأديان"!

نعتقد أن السيل قد بلغ الزبى! وان عنجهية وغطرسة البرزاني والقادة الأكراد لابد أن تقف عند حدها, وإذا عجزت الحكومة عن اتخاذ نفس الإجراءات التي يتبعها البرزاني في إقليمه, بمنع الأكراد من السكن والامتلاك في بقية المحافظات العراقية وعدم السماح لهم بدخولها إلا بكفالة عربي ضامن أسوة بإجراءات البرزاني, فحري بنا كعرب أن نرفض تسمية (إقليم كردستان) ونمنع كتابتها في الصحف العراقية الوطنية ونستخدم بدلا عنها "المحافظات الشمالية الثلاث" أو نسمي البرزاني( رئيس عشيرة البرزاني) بدلا عن " رئيس إقليم كردستان" أو أية تسمية أخرى تغيض البرزاني وتطفأ جذوة غروره الأعمى.

ومعذرة من أبناء شعبنا الكردي البطل وفصائله الوطنية التي ترفض سياسية الهيمنة والانفصال التي ينتهجها الحزبين الكرديين العميلين, ونحن على علم ودراية بأنها مغلوبة على أمرها, لكن ساعة الخلاص قادمة بإذن الله.

إنها دعوة لكتابنا الوطنيين وربما تتبناها المنابر الصحفية والاعلامية الوطنية وتطرحها لاستفتاء القراء, أو أن يتم تطوير الفكرة من قبل الكتاب والقراء وتتبلور بطريقة أفضل!

 

Alialkash2005@hotmail.com

 

 

 

حول طباعة المقال

 

شبكة المنصور

                                           الاثنين  /  01  ربيع الثاني 1429 هـ   ***   الموافق  07 / نيســـــــان / 2008 م