الرئيسية

من نحن

للاتصال بنا

إبحث في شبكة المنصور

 

 

 

 

ماذا بعد مسلسل اغتيال الأكاديميين العراقيين

 

 

شبكة المنصور

د. ابو حمزة الاعظمي

 

ان السبب الرئيسي في حرب أمريكا وبريطانيا ومعهم قوات الاحتلال الأخرى ، هو ( الانسان العراقي ) أولا هذا الانسان الذي بنا حضارة حضارة وادي الرافدين وهو الانسان الذي ساهم مع كل الجهود الخيرة في العالم لبناء اول حضارة عرفها التاريخ وعلى أديم هذا البلد المعطاء سالت دماء ألاف الشهداء ، للدفاع عن قيم الحق والعدالة والشرف والدفاع عن الأرض والعرض ومنذ فجر التاريخ ولحد ألان كان العراق عرضه لهجمات الفرس والمغول وغيرهم من الأقوام الأخرى التي لديها اطماع في بلاد وادي الرافدين .. وكل هذه الهجمات التي كان سببها الرئيسي هو القضاء على قدرات وامكانيات وابداعات الانسان العراقي ، بالدرجة الأولى وهو صاحب الإرث الحضاري وحتى في العصر الحديث كانت جميع الهجمات والغزوات التي تحصل بالعراق بما فيها الحروب الحديثة كان هدفها الأساسي ( الفرد العراقي ) وما أوصله ابداعه من بناء شامخ في كل المجالات العلمية والاقتصادية والثقافية والسياسية والاجتماعية .

وبعد هذه المقدمة البسيطة نجد ان الغزو الأمريكي للعراق كان ولا يزال هدفه هو تدمير ( مستقبل العراق ) من خلال اغتيال ( علماءه ) وحرق مجلداته العلمية في مراكز الأبحاث التي هم خلاصة لأبحاثه العلمية وقد انفق عليها أكثر من ( عشرة مليارات دولار ) وبعد الاحتلال الانجلو - أمريكي للعراق وتدمير البنى التحتية والمؤسسات العلمية ، فأن العراق فقد أكثر من (5500) وان (80%) من عمليات الاغتيال استهدفت العاملين في الجامعات العراقية ، ويحمل أكثر من نصف القتلى لقب ( أستاذ ، وأستاذ مساعد ) وان أكثر من نصف الاغتيالات وقعت في جامعة بغداد ومن ثم جامعة البصرة ، ثم جامعة الموصل ، والجامعة المستنصرية ( التي أصبحت وكرا للميليشيات الطائفية ) وهناك إحصائية أكيدة تشير الى ان (62%) من العلماء المغتالين الذين يحملون شهادات الدكتوراه ، وثلثهم مختص بالعلوم والطب .

ومن هنا نرى ان التقدم التقني كان من الأسباب الرئيسية لغزو العراق وهنا نستذكر تصريح ( مادلين اولبرايت ) وزيرة الخارجية الأمريكية ( في زمن الحرب ) والتي قالت بالحرف الواحد ( ماذا نستطيع ان نفعل مع العراق غير تدمير عقوله ) التي لاتستطيع القنابل الذرية ان تدمرها ، فتدمير العقول العراقية لدى العدو الأمريكي - الصهيوني أهم من ضرب القنابل ولهذا عندما غزت أمريكا وبريطانيا ، كان اول عمل همجي قاموا به هو ( ضرب المؤسسات العلمية والبحثية والجامعات والمدارس ) وإحراق المكتبات والتراث العراقي كما حصل في سوق ( المتنبي ) وبعد هذا الحرق والتدمير تم نهب كل ما تبقى من نفائس هذه المكتبات والتراث العراقي العامرة ، بالإضافة الى قتل العلماء والمفكرين وتهجير العديد منهم خارج العراق حيث هاجروا قسما منهم شرق اسيا وشرق اوربا وآخرين تم اعتقالهم وبعد ان علموا العلماء العراقيين ان هناك هجمة لتصفيتهم حيث أدركوا أنهم يعيشون أجواء لم يعيشوها منذ سقوط بغداد على يد المغول عام 1285م وهناك كثير من الأساتذة تلقوا تهديد بالإضافة الى قتلهم وعوائلهم ان هم واضبوا على الدوام في الجامعات وعلى اثر ذلك قدم كثير من الأساتذة في مختلف الجامعات العراقية اجازات بحثية طويلة الأمد خارج العراق ، او وجدوا فرص عمل في احدى الدول العربية ، والبعض الأخر منهم ذهب الى أمريكا واوربا ، وهنا يشعر الأستاذ الجامعي بالمرارة ، لان علمه سوف لايكون في متناول الطالب العراقي .. وفعلا أوفت بوعدها ما تسمى بأكبر قوة في العالم ( أمريكا ) على لسان ( جيمس بيكر ) عندما التقى الأستاذ طارق عزيز في جنيف عام 1991 حيث قال له ( اذا لم تتعاونوا معنا فسنعيدكم الى عصور ما قبل الوسطى ) .. وكان المقصود تدمير العراق وتقويض هذه الحضارة الشامخة .

لقد بنا الرئيس المرحوم صدام حسين ( منظومة علمية - وتكنولوجية متكاملة ) تضمن للبلاد استقلاله الوطني ، وتجعل منه عنصرا قويا لايمكن التطاول عليه مهما تكالبت قوى الشر ، بعد احتلال العراق من قبل أمريكا في 9/4/2003 فكان اول فعل مشين قامت به هذه القوات الغازية قتل واعتقال من الأساتذة والعلماء والكوادر العلمية التي كانت تدير المؤسسات العلمية والتربوية وفي جميع مفاصل الدولة العراقية .. وبعد الاحتلال مباشرة اغتيل الدكتور ( محمد الراوي ) نقيب أطباء العراق ورئيس جامعة بغداد ، وتلت ذلك عملية اغتيال في وضح النهار وتصفيات علنية لمجموعة من (1500) كفاءة عراقية ومنهم الدكتور ( محي حسين ) أستاذ ( مادة الايروديناميك ) وهندسة الطيران بالجامعة التكنولوجية ايضا والدكتور ( غالب الهيتي ) أستاذ الهندسة الكيماوية بالجامعة ذاتها وكذلك تعمد الاحتلال في عملية تخريب المعامل والمختبرات ومراكز الأبحاث ، ولقد لعبت اسرائيل دورا خطيرا ايضا في عملية قتل الكفاءات العلمية العراقية ، بل ان مخابرات العدو الصهيوني عمدت الى تكوين جيش سري بـ (150) عضوا ( للجيش الجمهوري السري وكان لديهم قوائم بـ 800 عالم عراقي مطلوب تصفيتهم او نفيهم الى اسرائيل ) حيث استقبلت اسرائيل خلال فترة الاحتلال أكثر من (150) أستاذ محاضر و (4000) طالب وكذلك منح المدعو( كنعان مكية ) سيء الصيت الدكتوراه الفخرية في جامعة تل أبيب ودرجة الماجستير لـ ( طاهر لبيب ) و ( محمود أبو صالح ) وهذا يرسخ لدينا قناعة بأن اغتيال علماء العراق جزء من إستراتيجية ( الفوضى المنظمة ) التي مارسها الاحتلال منذ الغزو لتطويع العراقيين وإخضاعهم .

وكذلك أمريكا شجعت ايران التي تمتلك هي الأخرى ( إستراتيجية ) قتل وتشريد العلماء والكفاءات العلمية ، والخبراء كذلك ضمن هذه ( الإستراتيجية ) الايرانية تصفية الرموز القيادية في الدولة وكذلك القادة العسكريين والخبراء العسكريين الذين ساهموا في تطوير السلاح العراقي سواء في معركة ( قادسية صدام المجيدة ) او في ( أم المعارك الخالدة ) او المعارك الأخرى ، وكذلك استهدفت ايران الطيارين العراقيين المشهود لهم كفاءتهم العسكرية وقدراتهم الفنية ، ومن خلال الحرس الثوري والميليشيات المرتبطة بـ ( ايران ) وفرق الموت عمدت ايران على اختطاف العلماء والأساتذة الجامعيين والخبراء والقادة العسكريين ونقلهم الى ايران حيث تتم تصفيتهم جميعا ، بالإضافة الى ان ايران لعبت دورا خبيثا بتهريب كل المصانع والمعامل العملاقة والمختبرات وكثيرا من الأسرار الصناعية والطائرات الحربية والمدنية والأسلحة العراقية وكل ما كان يعزز الصناعة العراقية وتطويرها سعت ايران الى سرقتها وتهريبها عبر الحدود للاستفادة منها وبالمقابل صدرت الدمار والتخريب الى العراق والقتل وصدرت الأدوية والأغذية الفاسدة والمخدرات ( الحشيش ) الى العراق ، وكذلك لعبت ايران دورا بتشريد وقتل العشرات من المثقفين العراقيين والفنانين والصحفيين والشعراء وكان لهذا الاستهداف هو إطفاء جذوة الحضارة المتقدة في العراق .

 

 

حول طباعة المقال

 

شبكة المنصور

                                           الثلاثاء  /  02  ربيع الثاني 1429 هـ   ***   الموافق  08 / نيســـــــان / 2008 م