بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

 

معركة الموصل : هل هي معركة مستقبل عروبة العراق ؟
رسالة مفتوحة لقادة المقاومة الوطنية

 

 

  شبكة المنصور

   صلاح المختار

 

قد يكون يوم 3 /2 / 2008 يوما فاصلا في حياة العراق ، شعبا ووطنا وهوية ، فلقد اعلنت حكومة الاحتلال في بغداد عن بدء الهجوم الذي تتوعد به منذ فترة على مدينة الموصل الباسلة ، وقال نوري المالكي رئيس هذه الحكومة بان معركة الموصل ستكون حاسمة ، وانها ستضع حدا لما اسماه تزويرا ( وجود القاعدة ) في العراق ، وهو يشير في الواقع الى المقاومة الوطنية العراقية الباسلة بكافة فصائلها ، وليس الحديث عن القاعدة وحدها الا تكتيك واضح لاخفاء الاهداف الابعد من العمل العسكري ، ومحاولة لزج بعض الناس المناهضين للاحتلال في المعركة ضد القاعدة من منطلق عدم تأييدهم لايديولوجيتها . ان اهم الاسئلة المتعلقة بهذا الهجوم الذي بدء في اليوم المذكور هي التالية : ماذا تريد حكومة المالكي من وراء خوض هذه المعركة وادعاء انها معركة سيشنها الجيش  ( العراقي ) وليس القوات الامريكية ؟ وما هو موقف الادارة الامريكية منها ؟ هل توجد اهداف غير معلنة للعملية  ؟ وقبل الاجابة لابد من تناول بعض الملاحظات حول نينوى المحافظة والموصل عاصمة المحافظة .

1 – ان الموصل وقراها وانحاءها تشكل قوة سكانية عربية متماسكة تعزل مركز الانفصا ل الكردي عن بقية مناطق العراق ، لذلك فانها قادرة على صد التمدد الانفصالي الكردي من الشمال الى الجنوب ، نحو منطاق عربية وتركمانية تريد القوى الانفصالية الكردية ضمها اليها ، كما توضح الخارطة التي نشرها الانفصاليون في شمال العراق ، وصد التمدد من الشمال الى الغرب ، نحو الحدود مع سوريا ، لاحداث تلاق بين اكراد العراق واكراد سوريا تمهيدا لاعلان الدولة الكردية المستقلة . وبما ان المنطقة تسكنها اغلبية عربية واقلية يزيدية فان الانفصاليين الاكراد ركزو جهودهم لتكريد اليزيديين من جهة ، ولتهجير العرب منها من جهة ثانية . وطبقا لذلك فان البيش مركة الكردية حاولت منذ الايام الاولى للغزو ، ان تفرض سيطرتها على هذه المناطق مستغلة الفوضى التي سادت بعد حل الجيش الوطني الباسل ، من خلال الاغتيالات الشاملة للعناصر العربية ، وفتح مقر ات لها في الموصل ومحاولات التحكم باجزاء منها لتكون مراكز انطلاق نحو  بقية الاجزاء المستهدفة . كما انها استخدمت نفس اسلوب الصهاينة في شراء الاراضي من العرب واسكان اكراد محلهم .

2 – ان بقاء الموصل قلعة للعروبة يهدد الهدف الكردي المباشر الاهم وهو الاستيلاء على كركوك ، لانها هي التي ستمول بنفطها قيام دولة كردية كبرى تشمل اجزاء من العراق وتركيا وايران وسوريا وتخلو من مصادر الثروة المطلوبة لقيام دولة مستقلة ، فاذا بقيت الموصل عربية الهوية فان التطويق الخانق لكركوك ، بواسطة محافظة صلاح ا لدين والموصل سيكون كافيا لخنق مشروع تكريدها ، ومن ثم سوف يكون مستحيلا التفكير باقامة دولة كردية شاملة . من هنا فان تغيير هوية الموصل بتمزيقها كليا وتحويلها الى امارات متناقضة هو تمهيد حتمي لتحقيق مشروع الانفصال الكردي . وهذا الهدف هو ذاته هدف ايران ايضا ، لان الموصل بقيت خلال السنوات الماضية عقبة كبيرة امام مشروع اقامة نظام كونفدرالي ( وليس فدرالي كما يروج ) .  ان وجود قوة عربية متماسكة تمثلها مدينة الموصل يقزّم المشروع الانفصالي في الشمال حتى في مرحلته التمهيدية ، من جهة ، ويبقي في العراق مدنا كثيفة السكان متمسكة بهويتها العربية مثل الموصل ذات المليوني مواطن عربي وفيها مركز مهم جدا  للمقاومة المسلحة للاحتلال ، مما يجعل امكانية فصل الجنوب وهو من اهم اهداف ، ايران محفوفا بالمخاطر ، كما اكدت محاولات اقامة الكونفدرالية في الجنوب مرارا ، من جهة ثانية . ان الموصل وفق هذا الفهم الدقيق صارت العقبة الرئيسية امام تنفيذ مخطط تقسيم العراق لصالح ايران والصهاينة من الاكراد .

3 – في اطار تنفيذ خطط المناورة للمقاومة الوطنية العراقية راينا الموصل تتحول اثناء وبعد ضرب الانبار الى منطقة مشتعلة بالعمليات العسكرية ضد الاحتلال ، لتعويض انخفاض العمليات في الانبار وتخفيف الضغط عليها وابقاء الثورة المسلحة حية ومتوسعة ، وهكذا عوضت الموصل عن الانبار مؤقتا . وهذا الامر ينطبق على معارك ديالى ، فما ان بدأت معارك ديالى بعد معارك الانبار ، لاجل تعزيز الانطباع بان المقاومة تتراجع وان الاحتلال يحقق تقدما في ديالى بعد الانبار قاطعا الطريق على المقاومة لتاكيد ان تراجع الانبار مؤقت ، حتى راينا الموصل تشتعل مجددا بالعمليات في رسالة واضحة للاحتلال وهي ان العمل العسكري للمقاومة متناغم ومخطط ويقوم على تشتيت جهد الاحتلال من خلال التصعيد في مناطق لا تتعرض لهجوم ضخم لتخفيف الضغط على مناطق تتعرض لحملات عسكرية كبيرة . وفي الحالتين فان الموصل حدت من قدرة الاحتلال على الانفراد بالمقاومة في الانبار اولا ثم في ديالى ثانيا . واذا اخذنا بنظر الاعتبار ان خطط الاحتلال تضمنت هدفا سايكولوجيا مهما جدا وهو تأكيد توالي انتصارات الاحتلال وتوالي هزائم المقاومة ، من خلال ادعاء الحاق الهزيمة بالمقاومة في ديالى مباشرة بعد عمليات الانبار ، فان موقف الموصل المقاوم كان عبارة عن دبوس فجر بالون الدعاية الاحتلالية . لذلك فان اطفاء المقاومة في الموصل اصبح هدفا ستراتيجيا متعدد الاسباب .

4 – وقبل ان تتمكن قوات الاحتلال من تحقيق تقدم كبير في ديالى نتيجة بسالة المقاومة فيها واصرار الشعب هناك على حمايتها مهما كان الثمن غاليا ، عادت المقاومة لتصعيد عملياتها في الانبار في تأكيد واضح جدا على ان التراجع هناك كان تكتيكيا ومؤقتا ، فرأينا مأزق امريكا يتضاعف لانها تواجه في ان واحد عودة المقاومة للتصعيد في الانبار والفشل في ديالى ، مما عزز القناعة لدى ابناء العراق بان دحر المقاومة مستحيل حتى لو تراجعت تكتيكيا في مكان ما . لذلك اصبح ضروريا توجيه ضربات موجعة لمركز المقاومة في الموصل قبل ان يستمر تصاعد المقاومة في الانبار وقبل ان تنفذ المقاومة في ديالى عمليات ضخمة بعد ان احتوت هجمات العدو عليها في الشهور الماضية .

5 – والاخطر ان حملة الموصل لها صلة بتصاعد المقاومة الوطنية في الجنوب ضد الاحتلالين الامريكي والايراني في تطور خطير اذا استمر سيعجل بتحرير العراق ، لذلك راينا الاحتلال يريد توجيه ضربة قاسية في الموصل لتاكيد انه مازال قادرا على التحرك بحرية بدرجة كبيرة رغم تصاعد المقاومة في مختلف انحاء العراق بعكس ما ادعاه بعد معارك الانبار .

6 – ان فشل الحكومة العميلة والاحتلال في جر اي طرف وطني حقيقي الى الانخراط في العملية السياسية رغم كل الجهود ، يدفعهما لشن هجوم ضخم على مركز اخر للمقاومة وهو الموصل لاقناع من رفض بانه سيخسر فرصة الحصول على مكاسب اذا لم يتراجع ، بدليل ان الحملة على الموصل قد حققت ( نجاحا ) ! واذا اضيف هذا الادعاء بتحقيق تقدم في كل من الانبار وديالى الى ماسيدعيه الاحتلال والحكومة العميلة من تحقيق تقدم اخر في الموصل فان فكرة تراجع المقاومة وتقدم الاحتلال سوف تستغل اعلاميا وسايكولوجيا في العراق لدعم توجه من يريد التعاون مع الاحتلال ، وفي امريكا لدعم من يريد البقاء في العراق وعدم الانسحاب .

7 – ان فشل الاحتلال في كافة عملياته العسكرية ، ورغم ضخامتها ، يعرض مشروع استعمار العراق وتحويله الى اهم قواعد امريكا في الخارج والتي تستخدم لاعادة رسم خارطة المنطقة والعالم ، للفشل الفاضح ، لذلك فان الاسراع في تقسيم العراق هو الرد الحاسم الذي سيوقف هزائم امريكا ، كما يرى العديد من مراكز صنع القرار او المساعدين في صنعه في امريكا . ان قرار مجلس الشيوخ الامريكي تقسيم العراق وتصاعد لهجة التفتيت تقترن بشكل ملحوظ بهزائم امريكا المتكررة وعدم نجاحها في تحقيق تقدم رئيسي واحد . لذلك فان عملية الموصل تستهدف ، قبل كل شيء ، كسر العقبة الموصلية وازاحتها لكي تمر مياه التقسيم والشرذمة منها الى وسط  وجنوب العراق لتدعم الجهود المحبطة والتي تقوم بها عناصر تابعة للمخابرات الامريكية والايرانية . كيف ذلك ؟

الهدف الاساس : شرذمة الموصل

في ضوء الملاحظات السابقة يخطأ من يظن بان العملية العسكرية هدفها ضرب المقاومة فقط ، لان المشروع الاصلي للصهاينة في العراق ، سواء كانو صفويين او اكراد ، يقوم على تقسيم وتقاسم العراق . ان ازاحة الموصل ، كثقل سكاني عربي متماسك شكل احد اهم عوامل افشال تقسيم العراق ، كان ومازال هدفا مركزيا لا يمكن اهماله في المخطط العام الامريكي –الاسرائيلي لتقسيم العراق ، لذلك فان من السذاجة الطوفان في مجرى مياه الهجوم العسكري واهمال الامر الاكثر خطورة الذي يستبطنه هذا الهجوم وهو القضاء على عروبة الموصل . وتحقيقا لهذا الهدف فان طبيعة تشكيل القوات المهاجمة يوضح خطوط المؤامرة ، فهي تضم قوة كبيرة من اكثر عناصر البيش مركة الكردية سفكا للدماء وحقدا على العرب وهو ما اكدته تجارب كثيرة منها مجازر تلعفر ، كما تضم القوات العناصر المتمرسة على القتل الجماعي على اسس طائفية خلال السنوات الخمسة الماضية ، خصوصا في بغداد عقب تفجير مرقد الامام علي الهادي (ر) . واخيرا فان هذه القوات تضم مجموعات مما يسمى ( الصحوة ) والتي عبأت ضد القاعدة لكنها توجه لقتل كوادر المقاومة كلها وليس القاعدة وحدها !

ولئن كان تشكيل القوات يوضح بعض ابعاد الخطة فان قيادتها تكمل ايضاح بقية الابعاد ، فتسليم القوات لنوري المالكي قرار امريكي واضح يستبطن عدة اهداف امريكية ومنها :

أ – ترك النزعة الفاشية الطائفية للمالكي ، ومن تحت امرته ، تقوم باشنع الاعمال ضد اهالي الموصل وعدم تورط امريكا فيها مباشرة . ان امريكا تدراك بعمق ان قيادة المالكي للعمليات سوف تؤدي الى ارتكاب مجازر كثيرة ضد اهل الموصل لانها تعرف مستوى تجذر الحقد الطائفي في نفوس الصفويين ( المالكي ومقتدى والحكيم واتباعهم ) ، وهو الذي تأكدت منه عندما سلمت الشهداء صدام حسين وطه ياسين رمضان وبرزان التكريتي وعواد البندر السعدون للزمرة الصفوية ورات كيف تحولت عملية الاغتيال الى ( عرس ) طائفي انتقامي بشع هز ضمائر كل العراقيين ، خصوصا الشيعة العرب ، لكنه ترك شرخا انتقاميا كبيرا لدى البعض من الطائفيين السنة والذين راو في طريقة الاغتيال تهديدا واهانة لهم ، وهو ما ارادته امريكا بالضبط ، اي ان تزيد الحقد بين العراقيين وتجذره وتجعله القابلة المستعدة دائما لتوليد العمليات الثارية .

ب – ان وجود البيش مركة ( بقرار امريكي ) والسماح لها بارتكاب مجازر جديدة في الموصل سيعمق كره العرب والتركمان للاكراد ويهيئ لاعمال انتقامية ضخمة ضد الاكراد الابرياء لاحقا ، ومنها محاولات اخراج كل كردي من الموصل ومحيطها ، وانتقال ذلك الى بقية مناطق الشمال ، وهو ما تريده امريكا بالضبط ايضا .

ج – ان اشتراك عناصر الصحوة وقيامها بقتل اهالي الموصل وبشكل خاص عناصر وكوادر المقاومة الوطنية وليس القاعدة فقط سيولد نزعة ثأر ضد العشائر التي تنتمي اليها عناصر الصحوة ويحدث شقا فيما تسميه امريكا ( السنة العرب )  ، وهو هدف تريده امريكا ايضا .

د – يريد بوش ان يكون بعيدا عن العمليات الميدانية وان تكتفي قواته بدعم القوات المهاجمة للموصل ، لعدة اسباب منها انه لا يريد ان يغامر بخوض معركة يدرك العسكريون انها لن تؤدي الى اضعاف المقاومة او الحاق الهزيمة بها ، لان الحرب ليست حربا نظامية بل هي حرب عصابات . وهذه الحقيقة ادركها بوش جيدا من خلال نتائج معارك الانبار وديالى والتي استخدمت فيها امريكا اعظم مالديها من قوات وامكانات ، ولكنها فشلت في تحقيق الهدف وهو القضاء على المقاومة . ان ابتعاد القوات الامريكية عن ميادين المعركة الارضية سيوفر لها الافراد والخسائر الضخمة ويجعل ما يسمى ( القوات العراقية ) تتحملها . وهكذا يمنع بوش الديمقراطيون ومعارضو الحرب داخل امريكا من تصعيد الحملة ضده ويمكن مرشح الجمهوريين للرئاسة  من الدفاع عن موقف الادارة بسهولة .

هـ - يريد بوش ان يهيأ القبر للمالكي وحكومته وان يحجم النفوذ الايراني في العراق منذ الان ، لانه سيحمل المالكي مسؤولية الفشل وارتكاب كل الاخطاء التي ستحدث في الموصل وسيطيح  بالحكومة التي تخدم ايران اولا ، وسيؤكد بان ايران وليس امريكا هي من تسبب كوارث العراق .

و – كما ان بوش سيتمكن من القول بان من رفض الانخراط في العملية السياسية يتحمل ايضا مسؤولية مجازر الموصل لانه لو اشترك فيها لتمكن من منعها او على الاقل حل المشاكل مع ( المتمردين ) بالتفاوض ! وهكذا فان بوش يهيأ لاقامة حكومة ما يسمى ب ( المصالحة الوطنية ) .

ز – ان اطلاق يد المالكي واتباعه في الموصل يقصد به شرذمة الموصل بتقسيمها الى مناطق ، اولا  بحجة تسهيل السيطرة عليها عسكريا وامنيا ، كما حصل في الانبار ، لكن هذا التقسيم سيأخذ فيما بعد شكل تغييرات سكانية رئيسية اذا نحج المالكي في تحقيق تقدم ولو ثانوي ، فالزعامة الكردية تريد اخذ احياء كاملة من الموصل باسكان اكراد فيها يجلبون من الخارج ( خصوصا من تركيا وايران وسوريا ) ، والصفويون يريدو اسكان صفويين من خارج الموصل ( خصوصا صفويين مجلوبين من ايران ) في الاحياء التي يمكن السيطرة عليها بالعمل العسكري . اما اهل الموصل فانهم سيهجرون بالقتل العشوائي والجماعي نحو سوريا وغرب ووسط العراق لاكمال ترتيبات اقامة ثلاثة دويلات في العراق ، دولة كردية في الشمال واخرى عربية سنية في الوسط والغرب وثالثة شيعية في الجنوب ، كما توضح في المخطط الامريكي – الاسرائيلي . لذلك فان المعركة تستهدف تحويل الموصل من مدينة عربية الى مدينة مختلطة لا اغلبية فيها لاي قومية او طائفة ، مثلما حاولت ايران عبر مقتدى الصدر تحويل بغداد في عام 2006 من مدينة مختلطة الى مدينة ذات لون طائفي غالب .

ان النجاح في تحويل الموصل على هذا النحو سيمهد لجعل الموصل منطقة اضطراب مستمر نتيجة القتال بين سكانها الموزعين بصورة طائفية وعرقية مقصودة ، الامر الذي سيحجم المقاومة من جهة ، ويسمح بتحويل الصراع من صراع ضد الاحتلال الى صراعات عبثية حول السيطرة الفئوية لا تخدم الا الاحتلال . وفي هذا الاطار فان عرب الموصل سيصبحون معزولين في جزر متناثرة محاطة باكراد مجلوبين من ايران وتركيا وشمال العراق ، وبصفويين مجلوبين من ايران وجنوب العراق .

ماهي نتائج هذا التحويل ؟

النتيجة الاولى هي تحييد الموصل كقوة عربية متماسكة تمنع تمدد الانفصاليين الاكراد نحو الجنوب ونحو الغرب باتجاه الحدود مع سوريا لتحقيق اتصال مع الاكراد السوريين في القامشلي .

النتيجة الثانية هي التخلص من قوة الضغط الموصلي التي تمنع تكريد كركوك .

النتيجة الثالثة هي تحطيم اكير قوة عربية متماسكة في العراق كانت ومازالت تمنع التقسيم بحكم ثقلها السكاني والعسكري والسياسي . واذا اخذنا بنظر الاعتبار ان الاحتلال نجح في العثور على عناصر سنية تدعمه كالصحوات لسبب معروف ، اضافة لمن دعمه منهم عند بدء الاحتلال كحزب الاخوان المسلمين ، وهو وضع سمح بشق الصف السني ، بعد ان شق الصف الشيعي منذ بداية الاحتلال ، فاننا سنجد انفسنا امام عراق ممزق تنهشه العصابات المتبرقعة بوجوه كردية وسنية وشيعية والتي ستنتشر في كل العراق بعد تفتيت الموصل اخر اهم القلاع العربية المتماسكة سكانيا .

لقد فشل الاحتلال حتى الان في تحقيق هذه الشرذمة رغم بشاعة الجرائم التي ارتكبتها العصابات الايرانية والامريكية والكردية ، ولذلك فان المحاولة الاخيرة والحاسمة لشرذمة العراق يراد لها ان تنطلق من الموصل بعد اغتيلها وتدميرها كليا . ان السؤال الاهم الان هو : هل تسمح المقاومة الوطنية العراقية بكافة فصائلها بجعل معركة الموصل المدخل الحاسم لتقسيم العراق ؟ ام انها ستكون بمستوى التحدي وتتجاوز عوامل منع وحدتها وتواجه المؤامرة برد موحد صاعق يحفظ للعراق هويته ووحدته ارضا وشعبا ؟

شروط أفشال المخطط ا لامريكي – الصفوي

ان اهم شروط تحقيق النصر وسحق الهجوم الفاشي الامريكي - الايراني هي :

1 – تشكيل قيادة عسكرية موحدة فورا لمحافظة نينوى كلها تتمثل فيها كافة الفصائل الجهادية والتخلي عن اسلوب القتال وفقا لمواقف منفردة . ان المعركة ليست ضد القاعدة على الاطلاق بل هي ضد كل الفصائل المجاهدة دون استثناء ، لان تصفيتها هو الممهد الطبيعي لتصفية عروبة الموصل ، لذلك .

 تذكروا ما صنعته عصابات المقبور مصطفى البارزاني الكردية والشيوعية في عام 1959 من مجازر شنيعة في الموصل ، تذكرو كيف علقو الجسد الطاهر للشهيدة حفصة العمري بعد سحلها في شوارع الموصل ، انتقاما من عروبة الموصل ، واعلمو ان الاحقاد الان اكبر واعمق واوسع ، لان امريكا وايران تغذيها مباشرة ، لذلك فان ما ينتظركم ان تقاعستم بعدم تحقيق وحدة المقاتلين اخطر واسوأ بمئات المرات مما واجهته الموصل البطلة في عام 1959 ، وسوف لن يجد من سيبقى حيا منكم اطفاله ونساءه الا جثثا مشوهة لن يستطيع التعرف عليها  . بالوحدة المقاتلة فقط سننتصر على الهجوم الامريكي الايراني .

2 – اتحاد كافة القوى السياسية ورجال الدين في الموصل في اطار واحد يخطط لكيفية ادامة المعركة ودعم المقاتلين .

3 – قيام العشائر بقطع امدادات العدو وعدم السماح له باستغلال اي عنصر عشائري لتطويق المقاومة ، وليكن في علم شيوخ العشائر العرب في مناطق نينوى بان هزيمة المقاومة ستنكس رؤوسكم وستسمح لحثالات ايران والمجتمع بالتحكم فيكم واهانتكم كما حصل لشيوخ الجنوب الصامدين الماسكين على جمرة عروبتهم ، لذلك فان كرامتكم وكرامة عشائركم وكرامكم عراقكم هي المقاومة المنتصرة ، ولا تصدقو الاحتلال حينما يدعي انه يريد القضاء على القاعدة ، فاليوم يقضي على القاعدة وغدا سيقضي على كل من يحمل البندقية للدفاع عن العراق وعروبته  ، وهذه حقيقة يجب ان لا تغيب عن بال احد .

4 – ان شيوخ العشائر والمواطنين كافة يتحملون مسؤولية ابقاء امدادات المقاومة مستمرة سواء الغذائية او الماء او السلاح ، او المعلومات عن تحركات العدو .

5 – على القادة العسكريين للمقاومة ان يتذكرو الان وبقوة واحدة من اهم قواعد حرب العصابات وهي عدم الاشتباك مع العدو حينما يحشد قوات ضخمة بل العمل بكافة الامكانات والطرق على التملص من المعركة هذه ، لان حرب العصابات تقوم اساسا على تحييد عوامل تفوق العدو العسكرية باجباره على القتال وهو غير مستعد له او عارف بتوقيته ومكانه والوقت الي يستغرقه . لقد اعد العدو لمعركة كلاسيكية يملك هو التفوق فيها ، لذلك حاولو تجنب الاشتباك معه ، ومارسو عملية الاختباء او الانسحاب الى مناطق امنة ، واذا اضطررتم فقاتلو من اجل رد الهجمات فقط ثم الانسحاب . لا تكرروا اخطاء معركتي الفلوجة الاولى والثانية بخوض قتال عسكري تقليدي بين جيش وجيش ، فلقد خسرنا فيها الكثير من كوادرنا المقاتلة ومن جماهيرنا مما سمح له بدخول الانبار بقوة بعد ان كانت محرمة عليه . ناوروا كثيرا ، واشغلو العدو باشتباكات محدودة ، ولكن اياكم وخوض حرب نظامية معه لانه اعد لكم قوة نارية هائلة . ومن المؤكد انكم اعددتم العدة لمستلزمات معركة الكر والفر هذه واهمها تنفيذ خطط الاختباء او الانسحاب المنظمين والتمسك بعدم ظهور المقاتلين من مكان اختباءهم وهو ما يريده العدو لاستخدام عوامل تفوقه العسكري .

6 – فتح القنوات الكثيرة لتامين السلاح للمقاتلين في الاماكن الشديدة القتال ، وبغض النظر عن الانتماء التنظيمي للمقاتلين ، لان احتفاظ فصيل بامكانيات عسكرية لا يستخدمها مع ان فصيلا اخرا يقاتل بامكانيات قليلة سوف يلحق الضرر بالجميع . يجب توفير متطلبات مواصلة القتال للجميع ومن الجميع .

7 – ان تمركز المقاومة في مناطق شعبية من الموصل اسلم من البقاء في مناطق حديثة مكشوفة شوارعها عريضة تسمح بمرور الدروع والاليات والافراد ، لذلك يجب حشد اغلب القوات في مناطق ضيقة الطرق لتقليل قدرة العدو على الدخول واذا دخلها فانه سيدفن فيها ، وتخصيص فرق صغيرة متنقلة للعمل في الاحياء الحديثة كالقناصة لتعطيل العدو وتشتيت قواه وارباكه في معارك صغيرة ومتعددة لم يخطط لها ولا يريدها ، وحرمانه من القدرة على شن هجمات حرة وبلا عوائق ، اضافة لاستنزافه .

8 - شن هجمات مباغتة ، استشهادية وغيرها ، على العدو في مناطق تمركزه ، وفي مؤخرات قواته ، بالصواريخ وبالاسلحة الخفيفة لايقاع اكبر الخسائر بين صفوفه ومنع تكون انطباع لدى جنوده بانهم بمأمن من الهجمات ، وان التفوق لهم وابقاءهم دائما تحت شعور غامر بانهم الطرف الاضعف في المواجهة .

9 – ان عدم خوض معارك كبيرة مع العدو في مناطق الموصل المفتوحة سيجبره على دخول المناطق الشعبية وعندها ستقع قواته في فخ مميت ، لانها لن تستطيع استخدام كل عوامل تفوقها العسكري كالدبابات والدروع وبعض الطائرات الحربية ، وسيكون العامل الحاسم هو الاستعداد القتالي وهو في صالح المقاومة بالتاكيد . من هنا فان الاضطرار للقتال يجب ان يترجم بالتخطيط لخوض المعارك في المناطق الشعبية وليس في المناطق المفتوحة من الموصل .

10 – ومن اهم عوامل النصر قيام فصائل المقاومة في مختلف انحاء العراق بتصعيد العمليات العسكرية ضد قوات الاحتلال والقوات التابعة لها ، لاجل اجبار العدو على نشر قواته  في مناطق عديدة وعدم تركيزها في الموصل . ان هذا الشرط حاسم وحيوي ويجب تحقيقه فورا وبلا ابطاء . وهذه الحقيقة تعرفها فصائل المقاومة لذلك لم تكن صدفة ابدا ان تصعد عمليات المقاومة في الانبار وبغداد وديالى وغيرها قبل ومع بدء هجوم الموصل . ان هذا الاجراء الصحيح يجب ان يوسع ليتحول الى اهم عناصر اجبار العدو على نشر قواته ومنعه من تحشيدها في الموصل . وفي حالة النجاح في اجبار العدو على ذلك فان معركة الموصل ستتحول تلقائيا الى معركة الحسم الستراتيجي للصراع المسلح في العراق لصالح المقاومة العراقية لان القوات  الحكومية التي اعدها الاحتلال للقتال نيابة عنه سوف تسحق بصورة شبه تامة ولن تقوم لها قائمة ، فتضطر امريكا لزج قواتها في حرب تحرير العراق وهو ما تريده المقاومة للتعجيل باقناع صناع القرار الامريكي بان البقاء في العراق هو محض خسائر وان لا امل في تحقيق النصر .

هل هي معركة الصفويين فقط ؟

ان الجواب الحاسم هو بالتاكيد كلا فهذه معركة كل الاستعماريين في العراق وفي مقدمتهم امريكا وايران ، وما استهداف الموصل ، في الاطار الستراتيجي الذي ذكرناه الا تنفيذ للخطط الامريكية – الاسرائيلية - الايرانية الاصلية وهي تقسيم العراق كمقدمة لتقسيم الاقطار العربية كلها ، لذلك فان الانتصار في الموصل هو انتصار للمقاومة العربية في العراق وفلسطين ، وهزيمة للاحلام الامبراطورية الاستعمارية الامريكية – الاسرائيلية - الايرانية . ان تصاعد المقاومة الطبيعي في الانبار ، والتي ادعت امريكا بانها سيطرت عليها ، وصمود ديالى وانتشار الثورة المسلحة في جنوب العراق ، هي مقدمات حتمية لهزيمة امريكا الحاسمة ، لذلك فان خيارنا الوحيد الان هو التصعيد الشامل للمقاومة المسلحة ورفض اي حل تساومي مع الاحتلال وقبر الادوات التي يستخدمها الاحتلال بكافة اسمائها وواجهاتها ، ويجب ان نجعل من معركة الموصل معركة كسر ظهر امريكا وايران في العراق .

تحية لكافة المقاتلين من اجل تحرير وعروبة العراق .

عاشت الثورة العراقية المسلحة .

عاشت المقاومة العراقية المسلحة الممثل الشرعي والوحيد للشعب العراقي .

النصر او النصر ولا شيء غير النصر .

alah_almukhtar@gawab.com

 

 

 

 

شبكة المنصور

الاثنين  /  27 محـــــرم 1429 هـ الموافق  04 / شبـــاط / 2008 م