بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

 

أمر السيد الرئيس !

 

 

 شبكة المنصور

 سعد الاوسي .. رئيس تحرير جريدة الشاهد المستقل

 

جمعني ذات يوم سجن مديرية الامن العامة بشخص يقاربني في العمر تصورت للوهلة الاولى انه سياسي محكوم بجناية ما، ولكني عرفت فيما بعد حكايته التي قصها لي بنفسه حيث قال.. ان خبرا صغيرا في صفحة داخلية في جريدة الجمهورية حمل عنوان (طالب يصفع استاذه)! جاء به الى سجن الامن العامة، واضاف.. ان الرئيس صدام حسين حينما قرأ الخبر المذكور اتصل بعميد الكلية مستفسرا عن الحالة فعرف حينها انني صفعت استاذي وعقوبتي كانت الفصل لمدة سنة واحدة.. واذا بي بعد اتصاله بساعات افاجأ بمفرزة امنية تحمل معها كتاب يقول (امر السيد الرئيس بحجز الطالب الذي صفع استاذه طيلة مدة فصله من الكلية)! وتضمن الكتاب المذكور عبارة (كاد المعلم ان يكون رسولا)!

وفي زمن اخر والمكان عيادة الدكتور محمد علي الطويل اخصائي النسائية والتوليد والذي تربطني به علاقة وطيدة كوني واكبت نجاحاته الطبية اعلاميا وكنت استمع ذات يوم لحديثه مع سيدة وهي تشكره وتقدم امتنانها له كونه نصحها بنشر قضية العقم الذي تعانيه من خلال الصحافة وسرعان ما استجاب لها الرئيس صدام حسين حيث بلغت بكتاب من وزارة الصحة حينها يقول (امر السيد الرئيس بارسال السيدة صاحبة القضية الى لندن للعلاج)!

ومن خلال عملي الصحفي الذي مارسته عندما كان العراق (دولة وعلم ونجوم)! كنت اقوم بنشر الشكاوى للمواطنين وخاصة فيما يتعلق بالكهرباء ومياه المجاري فسرعان ما تنتشر الاليات والرافعات في المناطق والاحياء التي ننوه عنها في الصحيفة حتى وصل الامر ببعض الدوائر الى بناء علاقات متينة معنا حيث ما ان تصلنا شكوى حتى يتم الاتصال بهم عبر الهاتف فتخرج مفارز الكهرباء او الاليات او غيرها لتقوم باصلاح ما يمكن اصلاحه على وجه السرعة والدقة دون الحاجة الى النشر!

كما لا يفوتني استذكار ما نشرته في احدى المرات لصورة عائلة تفترش احد الارصفة وتتخذ منها مأوى لها واذا بي افاجأ في صباح اليوم التالي بأحد منتسبي مكتب الرئيس يحمل ظرفا خاصا حالما قمنا بفتحه حتى قرأنا (امر السيد الرئيس بحضور العائلة المنشورة صورتها في صحيفتكم الى استعلامات القصر الجمهوري)!

وغيرها من التي كنا نقرأها في الصحف المعدودة وفي القناتين العراقيتين حيث سرعان ما تأتي الاستجابة السريعة لأي حالة انسانية او اجتماعية تعرضها وسائل الاعلام على الرغم من الحصار الذي كان مفروضا على العراق في حينه!

اما الان وبعد الانفتاح وظهور عشرات الصحف الممولة من الحكومة والاحزاب والشخصيات ودول الجوار (الدنبكجية)! و(الكيشوانية)! و(العلوجية)! اصبحوا مدراء فضائيات ورؤساء تحرير للصحف، وبما ان وسائل الاعلام مصابة بحالة الانشطار والتكاثر على طريقة (البزازين)! ولازدياد مصائب وويلات العراقيين وتكاثر الحالات المرضية والمستعصية هناك الاف الحالات الانسانية التي تعرض وتنشر في هذه الوسائل ولكني لم ارى ولم اقرأ مثلما لم اسمع اي استجابة لحالة انسانية الا ما ندر وتكاد تكون حالات فردية نادرة جدا!

وهذا ما يجعلني اتساءل دون خوف او خجل الى من تصدوا للحكم في العراق الان.. واقول.. اتركوا كل صفات نظام صدام حسين جانبا.. ولا تنظروا الى ما كان يعمل به وخذوا هذه الصفة من نظامه لما ترونه بعيونكم وتسمعونه باذانكم للحالات المأساوية التي حلت على العراقيين بسبب ديمقراطيتكم وشفافيتكم! والتي تعرضها بعض وسائل الاعلام (الشريفة) والوطنية التي لا تسبح بحمدكم، ولا تبقوا كالنعامات تغرزون الرؤوس في الرمال!

فهل هناك من سيخرج من بينكم ليعيد الينا مرة اخرى عبارات على شاكلة (امر السيد الرئيس)! والاستجابة للحالات الانسانية التي (توذّن)! بها بعض وسائل الاعلام دون رد؟!

واخيرا لابد ان نقول لكم بأن ايام كراسي حكمكم معدودة وعندما تغادرونها سوف لا ينفعكم ساعتها مال ولا بنون!

saadalawsi@yahoo.com

 

 

 

 

شبكة المنصور

السبت  / 24 محـــــرم 1429 هـ الموافق  02 / شبـــاط / 2008 م