بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

ليس دفاعاً عن عبد اللطيف هميم .. ولكن ... لكي لا نزور التأريخ

 

 

 

 

شبكة المنصور

خطاب عمر الدليمي

 

قرأت بكثير من الاستغراب والحزن ، ما جاء بمقال ، لكاتبه ( عبد الكريم الشمري ) ، المنشور على موقعي ( البصرة ) و ( المنصور )، بعنوان : ( ابن هميم .. حذار من السقوط في الهاوية )، مستغلا الثقة التي منحتها المواقع المجاهدة للكتاب.. حيث اختلطت على كاتبه الأمور ، فشرق مع المغربين وغرب مع المشرقين ، وجرجر حبلاً ليس فيه ناقة ، ولا بعير ، ذكرنا بذاك الشاهد الذي شهد ذات يوم على أعرابي أمام أمير المؤمنين بأنه لم يحج إلى بيت الله ، فقال المشهود عليه لأمير المؤمنين : يا أمير المؤمنين سل هذا الشاهد الذي ظلمني أن يصف لنا بئر زمزم ! .. فقال الشاهد : يا أمير المؤمنين لقد حججت قبل أن يحفروا بئر زمزم ! .

لقد أراد كاتب المقال أن يمنح الآخرين شهادات الوطنية والتربية والأخلاق وحسن السلوك بحسب مزاجه الشخصي ، واعتبره كوثيقة ، فراح يعلم الآخرين شهادتهم ، وصلاتهم ، وصيامهم ، وزكاتهم ، وقيامهم ، وقعودهم ، وإسلامهم ، ووطنيتهم ، وعروبتهم ! .

أعطني قلباً صبورا ، وامنحني الحكمة لكي يستقيم نظري وأفهم .

وإذا كنا نريد أن نلتمس لأخينا سبعين عذراً، كما علمنا نبينا الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم.. فما عذره سوى نوازع النفس ، والنفس أمارة بالسوء ، ومع ذلك فليكن عذري مقدمًا إزاء أي خطأ: بأن البشر بشر.

بدأ ( عبد الكريم الشمري ) وهو يقيناً اسم مستعار ، بقوله : ( أحياناً يصادفك شخص ما فتبهرك كلماته وتثيرك آراؤه وتحلق معه في آفاق واسعة من الخيال ) ، غير موفقة بالمرة ، بل خرجت عن سياق الموضوع ، والتأريخ ، ومنطق الأشياء ، لأن الشيخ الدكتور عبد اللطيف هميم هو ليس شخصا عادياً جاء إلى الساحة السياسية العراقية بالمصادفة كآخرين صنعهم الاحتلال ، ولمعت وجوههم شاشات التلفزيون بكثير من المساحيق والماكياجات ومنظفات تلميع الصورة ، بل هو جزء فاعل ومؤثر من الحراك الجهادي والإسلامي والسياسي والاجتماعي والاقتصادي سواء قبل احتلال العراق ، أو بعده .. صنعته محنة العراق، وقضيته، وحرائقه، وهمومه، ومآسيه، ولم يكن ذات يوم مزيفا نفسه وواقعه وتأريخه

لقد ذكرنا ما ورد بالمقال بمعلقة عمرو بن كلثوم التغلبي :

ونشرب إن وردنا الماء صفواً           ويشرب غيرنا كدراً وطينا

وبالنتيجة شربنا نحن الوحل والطين ، وشرب غيرنا من مياه دافنشي !!.

لذلك كان الأجدى ب ( عبد الكريم الشمري ) أن يتحرى الصدق والصواب والإنصاف والحق والحقيقة ، لا أن يبحث عن جنازة يشبع فيها لطما ، فلقد شبعنا لطماً ونواحاً وندباً ودموعاً وبكاءً على الأطلال ، في زمان تحول فيه العراق إلى مجلس عزاء كبير ، ولافتات سود .

أما أننا نبقى ننحت في الصخر ، وننال من رموزنا الوطنية بهذه الطريقة أو تلك ، فإننا آنئذ ، لن نضيع العراق وحده ، بل سنضيع معه أمتنا العربية بكاملها من محيطها الهادر إلى خليجها الثائر ، ونضيع أنفسنا ، وتتوه أمامنا بوصلة الاتجاهات في عالم تلاشت فيه المسافات على الأرض وفي الفضاء .

لا أعلم أين كان الكاتب، يوم حمل الشيخ الهميم بندقيته وقاذفته على كتفه ، وعبأ الجماهير للمقاومة ، وقاد ( سرايا الجهاد العربي الإسلامي ) في ملاحم ومواقع مشرفة عابقة بنكهة البطولة في محافظة الأنبار وخارجها ، حتى بعد احتلال العراق ؟ .

ولا أعلم أين كانت صورة كاتب المقال معلقة ، حين علق الاحتلال الأميركي صورة الشيخ المجاهد عبد اللطيف هميم على جسري ( الورار ) و ( الجزيرة ) في مدينة الرمادي الصابرة الصامدة البطلة ، ومعها صور عدد من كبار المجاهدين الأبطال ، والمقاومين البواسل ، رحم الله من استشهد منهم ، وفك أسر من وقع أسيراً في معتقلات الاحتلال ، وحفظ من نجا منهم بحفظه .

ولا أعلم أين كان كاتب المقال مقيماً ، وفي أي مكان ، يوم اعتقل الاحتلال الأميركي الشيخ الهميم وأخضعه للتحقيق القاسي ؟ .

بل ، لا أعلم ، ما الإثم الذي ارتكبه الشيخ الهميم ، حتى يبعث له ( عبد الكريم الشمري ) تحذيرأ من السقوط في الهاوية ؟! . لأن ما جاء في مقال (ألشمري ) عن الهميم كلام باطل أريد به باطل ...

عبد اللطيف هميم يتحرك دائماً في الضوء والنور ، لا في العتمة والظلام .. ويتكلم بحنجرة خطيب بارع يهز ما تحت القبة وخارجها ، ويشد إليه الناس ، ( كما شهد له الشمري نفسه في مقاله ) فيسمع من كانت آذانه صمم ، لا يهمس همسأ.. وإزاء ذلك مطلوب من كاتب المقال أن يقدم للقارئ حتى يصدقه ويثق بكلامه وثيقة واحدة ، أو محضر اجتماع ، أو بيان ، أو أي كلمة مرئية ، ومسموعة ، ومقروءة ، قالها الشيخ الدكتور عبد اللطيف هميم ، أو وافق عليها ، لم تكن في مواجهة الاحتلال الأميركي والطائفية المقيتة التي جاء بها الاحتلال .

ثم كيف علم كاتب المقال إن الشيخ الهميم لم ينبس ببنت شفة ، أو حسب ما جاء في مقاله ( تجالسك وتنصت لها دون أن تنبس بكلمة واحدة وفي أحضان الدولة التي تنشر الرسوم المسيئة إلى مقام الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم..) هل كان حاضراً معهم الاجتماع، وإذا كان حاضراً ، فانه يدين نفسه بنفسه ، وان لم يكن كذلك ، فليأتنا بشاهد ودليل على أن عبد اللطيف هميم لم ينبس ببنت شفة ، وألا فانه يجور على الحقيقة والتأريخ ؟! .

أقول ، ومن أجل تنوير ( عبد الكريم الشمري ) فقط :

دعي فضيلة الشيخ الدكتور عبد اللطيف الهميم بصفته الأمين العام لجماعة علماء ومثقفي العراق ، إلى حضور مؤتمر للحوار الديني والطائفي في العراق ، شرط أن يعقد هذا ( الحوار ) في دولة محايدة من احتلال العراق .. لا يعقد في إيران التي ذكرها كاتب المقال ، ولا يعقد في (السعودية ) التي تجاهل ذكرها الكاتب في مقاله ، وتجاهل أنها مهدت للاحتلال ، كما تجاهل مقولة بندر سيئة الصيت القائلة : ( لن أحلق لحيتي حتى أرى سقوط نظام صدام حسين ) ! .

ولا أريد الخوض في تفاصيل الحوار .. لكنني أقول ، وبحسب معلومات مؤكدة ، انه حضر للمؤتمر ممثلون من كافة الطوائف والأقليات الدينية في العراق بهدف الحوار والاتفاق لمواجهة الاعتلالات والفتن الطائفية التي نتجت عن الاحتلال ، فسالت دماء عراقيين أبرياء في أتون محرقة لا بد أن نواجهها بحزم وشجاعة ، لا أن نبقى نسمع شتائم هذا ، وتخوين ذاك ، والعراق يحترق وينهار ، وينزلق إلى كارثة .

أما ما قال به ( الشمري ) من أن الشيخ الهميم لم يقل شيئاً ( في أحضان الدولة التي تنشر الرسوم المسيئة إلى مقام الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ) فإنني أدعوه ، بكل محبة ، إلى قراءة البيان الذي صدر عن الاجتماع والذي أدان خلاله المجتمعون ونددوا بتلك الرسوم ، وطالبوا من أصحاب القرار الرسمي في الدول العربية والإسلامية اتخاذ إجراءات ومواقف عملية كفيلة بضمان عدم الإساءة إلى الإسلام .. بل إنني أدعوه مخلصاً ومن كل قلبي إلى سماع خطبة الهميم ، أو قراءة نص كلمته ، إنصافا للحق والحقيقة .

ثم، لنقل إن موفق الربيعي حضر المؤتمر.. فما مسؤولية الشيخ الهميم ، وما ذنبه في حضور الربيعي من غيابه ..؟ .

هل نقيس وطنية عبد اللطيف هميم على حضور موفق الربيعي هذا المؤتمر .. لأننا ، آنئذ ، سنقيس وبأثر رجعي وطنية الشيخ حارث الضاري وهيئة علماء المسلمين .. ونقيس وطنية أجنحة من المقاومة العراقية الباسلة .. ونقيس وطنية أحزاب قومية ووطنية عراقية .. ممن حضروا مؤتمر المصالحة الوطنية في القاهرة.. ولم يحضر موفق الربيعي وحده ذلك المؤتمر، إنما حضره كل الطاقم السياسي العراقي الذي جاء مع الاحتلال.. من نوري المالكي ، إلى إبراهيم الجعفري ، إلى جلال الطالباني ، إلى عادل عبد المهدي ، إلى جلال الصغير ، إلى اخره ، إلى اخره .. فأي منطق سياسي ، هذا الذي يقيس به ( عبد الكريم الشمري ) وطنية الآخرين ومواقفهم ؟! .

نصيحة للأخ ( عبد الكريم الشمري ) أن لا يكون معلما للآخرين في الوطنية، التي نؤمن بالمطلق إن الشيخ عبد اللطيف هميم هو أحد أبناءها وأهلها ومفكرها وخطيبها .
والله من وراء القصد .

 

 

 

 

شبكة المنصور

                                           الاربعاء /  05  ربيع الاول 1429 هـ   ***   الموافق  12 / أذار / 2008 م