بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

رسالة قائد المقاومة العراقية الباسلة وبعض دلالاتها

 

 

 

 

شبكة المنصور

اسماعيل ابو البندورة

 

الرسالة التي وجهها قائد المقاومة العراقية الباسلة وامين عام حزب البعث العربي الاشتراكي الاستاذ عزة ابراهيم الدوري للمثقفين والاعلاميين العرب تحمل اكثر من فكرة واكثر من دلالة, وتعبر تعبيراً واضحاً عن المرارة التي يحياها اولئك الابطال الذين دحروا الحملة الامريكية - الصهيونية - الايرانية في العراق وتعرضت تضحياتهم وبطولاتهم للتهميش والتشويه والتعتيم المتعمد بفعل مؤامرة إعلامية متكاملة ارتبطت ارتباطاً واضحاً بالمشروع الاستعماري الكبير الذي اراد ان يغطي على جرائمه بالاكاذيب والاباطيل الاعلامية, وان يزين للامة العربية (في لحظة تراجعها) صورة الاستعمار وتجلياته الجديدة.

ارادت الرسالة ان تشير الى الضعف غير المبرر واللامبالاة والسلبية التي تتلبس الامة العربية وهي تقف صامتة ازاء ما يحدث في العراق, مع ان العراق بنظامه القومي وبقيادة حزب البعث العربي الاشتراكي قد سخر ووضع كل امكانياته لاستنهاض الامة العربية واخراجها من حالة الانحسار والعجز, وارادت الرسالة ان تعري العجز وتفضح اسبابه ودلالاته سواء على المستوى الرسمي او الشعبي, فاذا كان النظام العربي الرسمي لا يدرك مهماته ومسؤولياته ويقع تحت وطأة استلاب وتبعية قاتلة لامريكا, فلماذا ينتقل العجز الى الشعب العربي وأحزابه ونقاباته وجمعياته وتياراته المختلفة? ولماذا لا يصل الوعي والانتباه الى ابناء الامة وهم يشاهدون إنجاز المقاومة العراقية الباسلة? ثم لماذا لا يحرك ذلك فيهم الوعي بالمخاطر الآنية والمتأتية عن اللامبالاة والصمت المطبق?.

الرسالة تقول: انظروا الى ما جرى ودققوا فيه ولاحظوا ما قامت به امريكا وما يمكن ان ينتج عن لقاء الاستعمار والعملاء, واذا كان العرب يقبلون هذا الذي يجري او يصمتون عليه فان في ذلك الضلال المبين والطامة الكبرى, ذلك ان هذا القبول يوحي بقابلية جديدة لقبول الاستعمار والذل والدمار وفيه تخلِ مطلق عن كل معطيات التراث الايجابي النضالي للأمة لا بل هو في حد ذاته تخلِ عن فكرة الامة الواحدة والعروبة الناهضة والقومية الجامعة, وعلى الامة بكافة طلائعها ونخبها وافرادها ان تتأمل بذلك وان تخرج من شرنقته بأسرع ما يمكنها من خطوات, لانه إذا تكرر ما يجري في العراق في بقية اقطار العرب أو اذا تمت إستساغة وقبول ما يجري في العراق على انه نموذج لما تريده امريكا للمنطقة واهلها وتم التواطؤ مع معطياته فان الامة تكون قد دخلت المرحلة الفعلية والواقعية للتبعية والخروج من التاريخ.

وتشير الرسالة الى ان الاعلام الظلامي - التدليسي الاستعماري هو الذي قلب وقولب منطق الامور ومجراها واظهر الاسود ابيض والابيض اسود وعلى هدي الاكاذيب تم تغيير منطق الحال وفحواه فاصبح من يقاوم الاحتلال ارهابي او خارج عن المسار والمستعمر المحتل محرراً والعميل وطنياً وهكذا حتى يتم إغفال كل ما يجري من جرائم ومعطيات وتنحرف بوصلة الوعي باتجاه الالتباس والتخبط ويتم تمرير ما يدبر تحت غبار هذا الاعلام التشويهي الظلامي والذي اصبح يتشارك فيه الاعداء وبعض الابواق ومكبرات الصوت في الوطن العربي.

ان الرسالة في فحواها ومضامينها ارادت ان تقدم »جملة معترضة« على ما يجري في الاعلام وفي الواقع العربي, وارادت ان تقلب الصورة السائدة وان تأخذها الى مدارات جديدة وايجابية لكي يرى فيها العربي المؤمن بعروبته وأمته إنجاز اخوانه من افراد المقاومة الباسلة في العراق على صعيد دحر المحتل وان يدرك طبيعة ومدى وتداعيات هذا الانجاز, لقد ارادت الرسالة ان تبقي في الذاكرة مسألتين: لماذا تم اختيار العراق العربي المناهض لكي تقام فيه وعلى ارضه عملية تصفية الحساب السياسي والتاريخي مع المشروع النهضوي العربي, وان يعدم هذا المشروع على ارضه في عملية استئصالية غير مسبوقة وفيها كل نفحات العداء والوحشية??.

وكيف تصدى اصحاب مشروع النهضة من مناضلي حزب البعث العربي الاشتراكي والقوى الوطنية والاسلامية (التي لم تنطل عليها لعبة الاستعمار او النفاق السياسي الايراني) لاسقاط القوة الجبارة الغاشمة التي غزت العراق تحت ظلال وعي إفتراسي وزائف ووحشي بان في العراق فراغ وانه مفتوح للشهوات والمطامح الاستعمارية??.

ان التفكير ملياً بالمسألتين يتيح المجال لاي وعي عربي او عالمي حتى اشتقاق الاجابات والمواقف الواضحة والمحددة, واستدراك ما تم التأخر في حدوثه على نطاق واسع وهو وعي اهمية انجاز المقاومة العراقية الباسلة وعظمته, ومحاولة إسناد هذه المقاومة حتى تحقيق كل عناصر مشروعها الاستراتيجي والمتمثل بدحر قوات الاحتلال وتحرير العراق وإقامة الحكم الوطني الديموقراطي الجديد المنبعث من أتون المقاومة ومن داخل الوطنية المتعالية وإعادة بعث المشروع النهضوي والحضاري العربي بعناصره الواضحة والقائمة على الحرية والنهضة والاستقلال ورفض التبعية.

اشارات

* لا نعرف الحكمة من مسارعة وسائل الاعلام العربي الى تسمية المجاهد العربي الصامد في سجون الاحتلال الامريكي والذي حكمت عليه محاكم الغزاة والعملاء بالاعدام (المناضل علي حسن المجيد) بالكيماوي وهي التسمية التي الصقت به زوراً وبهتاناً ولم تثبت حتى هذه اللحظة, إلا اذ كنا مكبرات صوت لما تقوله امريكا وابواقها في المنطقة.

وهي مناسبة لتحية هذا المقاتل الصامد الذي دافع عن وطنه وأبلى بلاءً حسناً وبقي وفياً للعراق حتى آخر قطرة من دمه وحياته.

* لا نعرف إن كان احمدي نجاد قد جاء الى بغداد ثأراً من النظام القومي (وهو عبر عن ذلك فور حضوره) ام انه جاء لتفقد قواته السرية والعلنية (بدر وحرس الثورة واخواتها) التي تحتل العراق فعلياً, ام انه جاء الى العراق المحتل ليقول للشيطان الاكبر ان الخلاف لا يفسد للود قضية, وان جدلية النفاق السياسي الايراني تتيح الخلاف والائتلاف في اللحظات الشيطانية التي يراد منها دمار العرب!!..

 

عمان / الاردن  - جريدة " الوحدة "

 

 

 

شبكة المنصور

                                            الثلاثاء /  04  ربيع الاول 1429 هـ   ***   الموافق  11 / أذار / 2008 م