بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

بين الانتماء للقومية او الطائفة

 

 

 

 

  شبكة المنصور

  عراق المطيري

 

لابد لكل إنسان من الانتماء الى مجموعة فالفرد جزء من كل له ما لها وعليه التزامات تجاهها , وهذا أمر لا جدال فيه ولا نقاش , وإذا اتجه الحديث عن المجتمع العربي فالشخص ينتمي الى قبيلة والقبيلة تنتمي الى قطر ويذوب الانتماء القبلي إزاء الانتماء للوطن وبشكل اعم الى القومية , فأول ما يتبادر الى الذهن عند الاستماع للمتحدث تحديد قوميته , خصوصا في المجتمعات التي تحافظ على قيم وتقاليد كمجتمعنا العربي , ولا ضير في إن يختلف الانتماء الى الدين ولا ضير في أن يتشعب الانتماء الى الطائفة ولكن شريطة أن لا يتقاطع هذا الانتماء مع المواطنة او القومية , وهذا ما تعارفنا عليه ومارسناه طيلة فترة حياتنا وتربية أولادنا كانت على هذا الأساس الى فترة قريبة وبالتحديد الى عام 2003 حيث دخل الرعاع الأمريكان الى المنطقة العربية واتسع نفوذهم باحتلالهم للعراق فدخلت معهم مفاهيم جديدة وطريقة في التعامل لم نكن نعتدها قبل هذا التاريخ ليس في العراق فقط بل في عموم المنطقة العربية وربما تتسع الى الإسلامية الى حد ما حيث بدأ التعامل وفق منظور جديد وقياسات جديدة .

فمن المعلوم إن الاحتلال الامريكي تزامن معه الاحتلال الفارسي وفق تحالف ستراتيجي بعيد المدى تقوده الصهيونية العالمية يهدف فيما يهدف الى تذويب أواصر المجتمع العربي والقضاء على الالتزام الأخلاقي البديهي للمواطن , فبدل الانتماء الى الوطن والولاء للقومية , أصبح الانتماء الى نظرية ولاية الفقيه ومن ثم الى الطائـفة , وماتت او كادت الانتماءات الأخرى خلاف ذلك بما فيها الانتماء الى الدين وتبني تعاليمه .

ومنذ أن سيطر خميني على مقاليد السلطة في إيران عام 1979 بدعم المخابرات المركزية الامريكية كان شعاره الاول تصدير الثورة التي من المفترض أن تكون إسلامية , فاتجه بها صوب الحدود الغربية لإيران , وبدلا من أن يصدر تعاليمه وسياساته الى من لا يعبد الواحد الأحد العزيز اتجه الى المنطقة العربية , التي كرمها الله العزيز بان جعل انطلاقة نور الإسلام منها فاهتدى به هو وقومه وغيرهم من المجوس ومن لا يعبد الله , فاصطدم بصخرة العراق العظيم الذي تجرع لبطولات أبنائه السم الزعاف كما قال هو , ولان ما يحمل من أفكار كانت قد نبتت في ارض خصبة بالنسبة لهم كقومية فارسية , ظلوا يتحينون الفرص للتغلغل في الوطن العربي والتي كانت لهم فرصة ذهبية مع الغزو الامريكي للعراق إذ تهدمت كل المصدات والحواجز فظهرت هنا أصوات ونعقت هناك غربان فصرنا نرى ونسمع من يقول إن الشيعة كانوا مظلومين وتحت هذه الذريعة وبرعاية أمريكية تغلغل الملايين من الفرس ومنحوا الجنسية العراقية في محاولة لتغيير الواقع الجغرافي للسكان وبذرائع مختلفة اتجهوا الى أقطار الخليج العربي وبدؤوا بتشكيل تجمعات اتسعت مع مرور الزمن باتت تشكل خطرا حقيقيا على انتماء تلك الأقطار القومي بعد السعي لحصولهم على جنسياتها وانتشارهم الواسع في المجالات الخدمية وخصوصا في البحرين والإمارات والكويت حيث الضعف الواضح في سيطرة الحكومات وانخفاض الأيدي العاملة من أبناء تلك المناطق مما أتاح الفرصة للعمالة الفارسية الوافدة أن تبني تكتلات سيطرت الى حد ما في اتجاه ونوعية صناعة القرار ونقل ممارسات طائفية فارسية الى تلك الأقطار وفرض ما يدلل على فارسيتهم .

إن انهيار الحكم الوطني في العراق الذي كان يمثل دعامة أساسية باتجاه المشروع القومي والفعل الوحدوي أدى الى اتساع بوابة التغلغل الفارسي ليس في المشرق العربي بل وحتى في وسطه ومغربه , ومن نتيجة ذلك وبفعل ضعف الحكومات وبغطاء الديمقراطية ظهرت فقاعات تنامت واتسعت برعاية فارسية تجرأت الى أن تعلن ولائها الى غير العرب تحت ذريعة الانتماء الإسلامي وأصبحت لها من القوة والقدرة على التأثير في أوساط المجتمع كحزب الله في الكويت وحركة وعد في البحرين والمجلس الإسلامي الأعلى وحزب الدعوة ومليشيات مقتدى الصدر في العراق وحركات التشيع والولاء للفرس في جنوب السودان وفي مصر والجزائر وحزب الله في لبنان الذي يعتبر أقوى تلك التكتلات وأكثرها تأثيرا بحكم الواقع السياسي اللبناني وتأتي حادثة تفجير وقتل الإرهابي الفارسي الولاء عماد مغنية لتعطي مؤشرات واضحة على جسامة الدور الذي يمكن أن تقوم به المجموعات التي تتظاهر بتبني القضايا الوطنية وتخفي تحت عمائمها ولائها الحقيقي لصالح الفرس وتنفيذ سياستها بذريعة المنهج الذي تتبناه في ولاية الفقيه , ومع إننا لسنا بالضرورة ضد مبدأ التشيع لآل بيت الرسول محمد ( ص ) إلا بالقدر الذي يمنع الولاء المطلق للفرس والتخلي عن النهج القومي العربي والخنوع الى الأجنبي ومهادنة الاحتلال فعلا ومعاداته قولا.

والآن وفي هذا الظرف الذي تتعرض فيه الأمتين العربية والإسلامية الى أبشع حملة صليبية تهدف الى تنصيرها وتهويدها بل وتستهدف وجودها ومن عدة جهات حيث أخذت تلك الحركات تجير الفعل الوطني والقومي التحرري لصالح الفرس في الوقت الذي تمارس الإرهاب ضد المواطنين العرب بمختلف الانتماءات وحتى الشيعية منها, إلا يحق للمواطن العربي والمسلم البسيط على حد سواء أن يتساءل ماذا قدمت تلك التوجهات الى المشروع النهضوي الوطني والقومي والإسلامي سوى المزيد من التفتيت والشرذمة والضعف والخنوع ؟

إن ما تقدم لا يعني إن باقي المذاهب الإسلامية هي من الوطنية في القمة او أنها تخلوا من مسببات إضعاف الوجود القومي العربي والإسلامي فمثلا ما يقدمه الحزب الإسلامي العراقي من تنازلات ومهادنات من مشاركته بما يسمى بالعملية السياسية في العراق وإعطائها صفة العمومية هو دعم للاحتلال الامريكي – الصهيوني – الفارسي للعراق , بمعنى إن المشاركة في حكومة الاحتلال إنما يساعد في تقوية ساعد الاحتلال وتنفيذ إرادته بما يبدوا كأنه إرادة تمثل أطياف المجتمع العراقي .

أما الأطراف الإسلامية المتشددة كتنظيمات القاعدة التي تنتشر في الوطن العربي وتتعداه الى العديد من الدول الإسلامية فإنها حتى وان كانت في صراع ظاهر مع الاحتلال وحملة التنصير الصليبية ومن يتعاون مع هذه الحملة من مجوس إلا إنها فقدت شعبيتها من خلال استهداف الأبرياء من المواطنين بحيث أنها ركزت فكرة الإرهاب في الدين الإسلامي وفقدت صفتها الوطنية التحررية ومقاومة الاحتلال .

إن ساحة الصراع واسعة تشمل مصالح قوى الاحتلال في الوطن العربي في كل مكان وان احتمى بالوسط الجماهيري بحيث انه ينشر قواعده على شكل مجموعات مكثفة تحوي أعداد كبيرة على مساحات من الارض صغيرة وسط الأحياء الشعبية المحلية ليستمد منها الحماية كخطوط دفاع عند استهدافه , فذلك لا يعني التخلي عن مقاومته وإنما استغلال فرص خروجه منها وتنقله واقتناصه بأقل الخسائر إضافة الى قطع خطوط إمداداته وجعل المعارك خارج المدن والتجمعات السكانية مما يغني عن تعريض مواطنينا الأبرياء الى القتل .

لعل من المهم لشعبنا العربي ولشعوب الأمة الإسلامية وليس حكوماتها فهذه تأكد بالدليل القاطع إنها لا تعدو عن كونها أداة حقيرة بيد الهيمنة والسيطرة الأجنبية في إبادة شعبها والتنكر لمصالحه التي تتقاطع مع المصلحة الجماهيرية العامة , نقول من المهم إعادة تقييم لعموم الأحزاب التي تعمل في الساحتين العربية والإسلامية والتي تضم بينها عناصر القتل وعصابات ومليشيات ولائها المطلق خارج أمتهم تحت الغطاء الإسلامي والطائفي ومحاسبتهم بشدة حيث حساب الشعب قاسي وعسير.

Iraq_almutery@yahoo.com

 

 

 

 

شبكة المنصور

الخميس  /  14  صفر 1429 هـ الموافق  21 / شبـــاط / 2008 م