بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

 

إرادة الشعب العربي اكبر من الحكام

 

 

 شبكة المنصور

 عراق المطيري

 

اعتادت أنظمة الحكم العربية إن تتفرد بقراراتها دون الرجوع الى الشعب العربي في أي قطر من أقطارها حتى بات ذلك كسياق عمل ثابت لها جميعا ونحن نعلم الطريقة التي تسلطت بها تلك الأنظمة على شعبنا , فما من نظام حكم عربي إلا وقد فرض سيادته بالقوة العسكرية , ولكن بدعم وحماية اجنبية وان اختلفت في مقدارها , وجهة الدعم وهذا ليس بالشيء الجديد , فدول الاحتلال ما إن تنسحب من القطر العربي حتى تنصب حكومة تدين لها بالولاء المطلق ومرتبطة معها باتفاقيات ومعاهدات تكبل الشعب بشكل مطلق وفق مبدأ تبادل المصالح او المنافع , أضف الى ذلك المستشارين مدنيين او عسكريين الذين يأخذون على عاتقهم مسؤولية محاربة محاولات النهضة والتحرر , وحتى وان قامت ثورة تحررية في هذا القطر العربي او ذاك وان نجحت فسرعان ما يمتد إليها إخطبوط الهيمنة الأجنبية لتنحرف بمسارها نحو الرذيلة ومجافاة الشعب فتعود الى سابق العهد مع تغيير في الوجوه والأسماء وطريقة جديدة في الحكم القمعي وتغيير القناع , وإلا فان للقوى العالمية الكبرى أساليبها في تطبيق الديمقراطية على الطريقة الامريكية كما في العراق خصوصا بعد إن انفردت كقطب واحد موجه لكل السياسات العالمية .

وإذا كانت فرنسا في عهد الرئيس جاك شيراك قد حاولت إن تتجه بأوربا الغربية صوب التحرر من الهيمنة الامريكية فإنها في عهد رئيسها الجديد ساركوزي عادت لتنظم الى عجوز أوربا النتنة بريطانيا في الارتماء في أحضان الولايات المتحدة الامريكية كتابع ذليل يتودد رضاها ورضا لقيطتها الكيان العنصري الصهيوني لتنهي التمرد على سياسة القطب الواحد .

وفي عصرنا هذا هلل الشعب العربي واستبشروا خيرا بعد قيام ثورة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر عام 1952 في مصر تبعته ثورة تموز 1958 في العراق بعد مخاض عسير للأمة العربية بالاتجاه القومي المنشود الذي لم يكن الغرب ليسمح بتحقيقه فاصطنع التحديات لتحجيم مصر وشل حركتها وطنيا وقوميا ابتداءا من العدوان الثلاثي عام 1956 حتى اغتياله مرورا بانتكاسة الأمة وفشل الوحدة المصرية السورية , أما في العراق فقد انحرف عبد الكريم قاسم بمسار بالثورة بعد إن تسلط على قيادتها حتى انبثاق الفجر الجديد بثورة 17- 30 تموز المجيدة , فعقد تحالف الشر العزم على مصادرة مشروعها القومي النهضوي ابتداءا من عدوان الفرس مرورا بحرب الكويت الاقتصادية والحصار الذي شمل كل مفاصل الحياة وانتهاءا بأبشع غزو لم تعرف له البشرية مثيل استهدف سلخ العراق من بعده ومداه القومي بعد استهداف القوى الوطنية فيه وتصفيتهم .

أما قضيتنا المركزية كأمة عربية في فلسطين فقد تعاون حكام الأقطار العربية دون استثناء على قبرها وتصفية قياداتها فأصبحت أموال العرب عامل مهم لذبح الفلسطينيين ليس أولها نكسة حزيران 1967 ولا آخرها حصار غزة , فهرولوا مسرعين الى انابولس, حتى أصبح الحكام وكأنهم في تشفي إزاء المذابح اليومية في القطرين العربيين العراق وفلسطين, فبدلا من القضية المركزية الواحدة أصبحنا في قضيتين بينما تهيأت عوامل قيام مذابح جديدة في لبنان والصومال والسودان الاحواز بينما لا تخلوا باقي الأقطار من استعداد مشابه لها , لا لسبب إنما لأنهم فقط عرب ومسلمون .

ولكن .... حكام العرب هؤلاء أعماهم التسلط والقمع الذي يمارسونه على شعبنا في كل أقطاره واطمأنوا الى حماية أسيادهم كأنها خالدة فراحوا ينحرون ويراقصون ويتهادون ويجددون عقد اتفاقيات الحماية حتى السمسرة وكأنهم خالدون متناسين يوم خرجت الجماهير مثل جيوش النمل من أزقة القاهرة وجبل لبنان ومن دمشق وبغداد سنة 1967 وكأنما توحدها عصا سحرية لتعلن رفض الهزيمة ولترتفع فوق أخطاء الحكام , لتنطق بحكمة وحدة الوطن في مواجهة الخطر... الوحدة الصادقة التي تنزوي أمامها كل الصيغ والشعارات الخاوية.

لقد كان إصرار الجماهير العربية دائما على التحرير والتقدم والخلاص أكثر ثباتا وعمقا بجذوره التاريخية الممتدة في أعماق التاريخ , فكان عطائها ابعد كثيرا مما قدر الأعداء فغلبت دائما تناقضاتها , فهذا هو الدرس الذي يجب أن يعتبر منه كل منصف لتاريخ شعبنا العربي ولنا في ذلك كثير من الدروس .

لقد آن للوطنيين العرب مهما تباعدت انتماءاتهم الفكرية والمذهبية إن يعوا هذا الدرس ويتوحدوا وفق أساسه , فقد كنت الوحدة العربية في لحظات الخطر هي حجر الأساس , وليس هناك اخطر من التحديات التي تواجهنا اليوم , فان الاعتماد على تلقائية الشعب وغرائزه النضالية هو ألعاصم من كل خطر , وهذه مسؤولية الأحزاب والمنظمات الوطنية للتغلب على ضيق الأفق وعلى المصالح والمسارات الآنية العاجلة لإنشاء أوسع الجبهات فالخطر يهدد الجميع وكما نرى لم ولن يرحم أحدا في هذا القطر او ذاك , فلننهض لمواجهة التمزق الخطير داخل الأقطار العربية وعلى النطاق القومي , فيتوجب على كل القوى إن تتدارس وتتمسك بالمبادئ لوحدة كافة القوى الوطنية في مواجهة الخطر .

 

Iraq_almutery@yahoo.com

 

 

 

 

شبكة المنصور

الاحد  /  25 محـــــرم 1429 هـ الموافق  03 / شبـــاط / 2008 م