بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

احتفالا بالذكرى الـ 50 لقيام الوحدة المصرية السورية

الاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس يثري الرصيد الفكري الوحدوي بتنظيم ندوة

 حول موضوع الدولة القطرية و الدولة القومية

 

 

 

 

  شبكة المنصور

  ابن تونس

 

أحيى الاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس الذكرى الخمسين لإعلان الوحدة المصرية السورية في 22/02/1958 بتنظيم ندوة فكرية صبيحة يوم الأحد 17/02/2008 قدم خلالها الأستاذ محمد الحبيب الغديري محاضرة تحت عنوان " في الدولة القطرية و الدولة القومية" وتم على إثرها تنظيم حصة نقاش تناول خلالها المتدخلون مواضيع عديدة نجحت في ربط موضوع الندوة بالواقع الذي تعيشه حركة التحرر العربية .

افتتح الأخ سمير الشفي عضو الاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس الندوة بمداخلة قصيرة وضع خلالها موضوع الذكرى في إطاره الزماني و السياسي و النقابي مبينا أن تناول موضوع الوحدة العربية يندرج في إطار التفاعل مع مبادئ الاتحاد العام التونسي للشغل الداعم لحركة التحرر العربية و الاستفادة من المحطات النيّرة في تاريخنا العربي و في اطار المساهمة في مواجهة المخطط الامبريالي الصهيوني. و اعتبر أن الوفاء لإنجازات عظماء أمتنا يحتم علينا إحياء هذه الذكرى العزيزة على كل العرب ذكرى مرور نصف قرن على أول محاولة جادة للوحدة في تاريخنا المعاصر. و أكد الأخ سمير الشفي في خاتمة تدخله أن الاتحاد يحيي هذه المناسبة و هو يؤمن بأن السم القاتل للعدو الامبريالي الصهيوني هو الوحدة لأن النضال من أجل الوحدة هو نضال من أجل الحياة.

بعد ذلك تناول الكلمة الأستاذ محمد الحبيب الغديري ليقدم محاضرته القيمة التي تجنب خلالها إغراق الحاضرين في السرد التاريخي و توخى منهجا تحليليا تناول بواسطته موضوع الوحدة ليس فقط كحدث تاريخي هام بل كذلك باعتباره قضية تلازمنا في الوقت الراهن كأمة عربية و باعتبارها مسألة تؤرق الأعداء الذين يسعون إلى تشويه الواقع لحرف مساره الطبيعي نحو توحد هذا الوطن.

كمقدمة لمحاضرته بين الأستاذ جملة من الحقائق أهمها أولا أن إنجاز الوحدة ممكن حين تحضر الإرادة السياسية لتنفيذها ثانيا أن هذه الوحدة ليست مشروعا للنخبة بل هي مشروع لأوسع الجماهير فالوحدة المصرية السورية كانت استجابة لطلب و ضغط جماهيري كبير. ثالثا أن الوحدة العربية هي مشروع متلازم بشكل حيوي مع النضال ضد الاستعمار و الصهيونية .

ثم بيّن الأستاذ أن دولة الوحدة أجهضت بسبب المؤامرات المحاكة ضدها و ذلك لكونها اعتبرت دولة انقلابية تشكل خطرا على المصالح الاستعمارية و الصهيونية في المنطقة و بسبب قوى العمالة التي دفعت المال لدعم دولة الانفصال .

و ليؤكد على حساسية و خطورة موضوع الوحدة لدى الدوائر الاستعمارية بيّن الأستاذ أن الوثائق السرية الموجودة لدى وزارة الخارجية البريطانية عادة ما يطلق سراحها و يسمح بكشف اللثام عنها بعد 30 سنة ، لكن في ما يتعلق بالوثائق ذات الصلة بموضوع الوحدة السورية المصرية تقرر أن لا يكشف عنها إلا بعد 50 سنة بل إن هناك أربع ملفات تخص هذا الموضوع قررت السلطات البريطانية أن لا تكشف عنها سوى سنة 2055.

إضافة إلى بعدها التحرري أكد الأستاذ المحاضر أن للوحدة أفق اشتراكي إذ هي قررت التأميم و التأسيس لمجتمع التنمية فهي وحدة عمقها شعبي يهدف إلى تحقيق العدل و العيش الكريم لكل أفراد الأمة.

بعد ذلك خصص الأستاذ حديثه عن الدولة القومية و الدولة القطرية و منذ البداية أكد أنه لن يكون محايدا في تناول هذا الموضوع مثلما يفعل بعض الأكادميين بل اختار أن يكون منحازا للمشروع القومي النهضوي لهذا السبب حصر حديثه في تناول سلبيات الدولة القطرية و إيجابيات الدولة القومية فهذان الدولتان يحملان مشروعان متناقضان.

فالدولة القطرية و التي يسميها البعض دولة وطنية لإخفاء طابعها القطري الضيق هي دولة الكيانات المستقلة و المجزأة و هي التي رهن حكامها سيادة القطر لفائدة الاستعمار و هي مصدر الفقر و الأمية . أما الدولة القومية فهي بالأساس دولة شعبية إذ هي تلبية لمطلب جماهيري و هي دولة تهدف إلى خدمة الشعب و تنسجم مع منطق التاريخ . كما أن غايات هذه الدولة تأمين حرية الوطن و المواطن و تحمل أفقا اشتراكيا بدعوتها للتوزيع العادل للثروة كما أن لها بعدا انسانيا فهي ليست شوفينية معتدية.

و في ختام محاضرته بيّن الأستاذ محمد الحبيب الغديري أن الدولة القومية الواحدة ليست حتمية فتحويلها إلى واقع هو نتاج فعل المؤمنين كما أكد أن الطريق إليها شاق نظرا لكون الدولة القطرية أصبح لها منظروها و أنصارها.

بعد هذه المداخلة القيمة فتح الباب للنقاش فتوصل المتدخلون إلى إثراء ماجاء في المداخلة عبر التحليلات التي تناولت موضوع الخطر الحالي للطائفية على مشروع الوحدة و مسألة استهداف الاستعمار للثقافة القومية من أجل زعزعة الأركان التي يستند إليها هذا المشروع و موضوع دعم القوى الاستعمارية و الصهيونية للحركات الانفصالية في وطننا العربي لقطع الطريق أمام دولة الوحدة.

 

 

 

 

شبكة المنصور

الجمعة  /  15  صفر 1429 هـ الموافق  22 / شبـــاط / 2008 م