بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

هي الرباط وان قست بسنواتها الخمس

 

 

 

 

 شبكة المنصور

 غفران نجيب / عنه

 

أيام قلائل تفصلنا عن نهاية العام الخامس من الاحتلال البغيض ، وإذ كان القادم من الأيام مجهولا ، فالمعلوم للجميع أن ارض العراق معطاء، وان شعب العراق لا يقل عطاءه عن أرضه ، وان كلاهما لا يبخل عن ولادة ما يخدم العراق شعبا ، أرضا ، تاريخا ومستقبلا . والأكيد المعلوم أن أية ولادة وان تعسرت ستصيب الاحتلال مقتلا مهما تطاول أو كابر ، وانه يجني و سيجني ثمار ما صنعه من حماقات ، جهدا مجاهدا جسورا يليق بناصع تاريخ العراقيين وضياء حاضرهم الذي سعى المحتلون بكل خسة ودناءة لإطفائه . ليطيح بكل أحلامه المريضة .

ها هي الأعوام تمضي ترمي بثقلها الهالك على الإدارة الأمريكية من دون أن تتمكن الأخيرة من تحقيق مكسب لها على صعيد أهدافها الإستراتيجية في العراق أو في المنطقة يكافئ حجم خسائرها أو أطماعها بل العكس ، حيث قوة الدفع التي جاءت بها مدعومة بهالة إعلامية وسياسية جبارة ارتعدت منها بلدان وحكومات بان خطلها ، وآخذة بالانحسار وعرف القاصي والداني زيف الادعات التي سوقتها إدارة الشر وطرق الابتزاز التي اتبعتها ولا زالت لإجبار العالم السكوت عن أفعالها إن لم يكن مؤيدا لها . وما إقدامها على فعلها الأرعن المتمثل بجريمة قتل الرئيس الرشيد الشهيد صدام حسين المجيد إمام المجاهدين ،سادس الخلفاء الراشدين في سابقة خطيرة وجريمة بشعة لم تقدم عليها أكثر الدول تخلفا ، ولا تتجرأ القيام بها أقذر الأيادي والعقول عدا إدارة الشر الأمريكية المهووسة بالخيال الأجوف والطموح غير المشروع ، سوى الإعلان الرسمي عن إفلاس هذه الإدارة ، عن أية حجة تدعم استمرار احتلالها للعراق قادرة أن تقنع الرأي العام الأمريكي قبل غيره في ضرورة ديمومة هذا الاحتلال ، وتؤشر ضمنا مستوى الدرك الذي سقطت إليه . يقابل ذلك تصاعد متعاظم فرض حضوره عراقيا ، عربيا ودوليا لوتيرة الأعمال الجهادية والفعل المنظم المناوئ للاحتلال وعملائه ، وان ما تحقق لقوى الجهاد وفصائله من انجازات توشح صدور أشراف العراق رغم عظم التضحيات ، التي من دونها لأدركت قوات الاحتلال أهدافها ، لهو خير رد ميداني على رفض المحتل شعبيا و متجاوزا بصلابة جميع سدود الصد الاعلاميه التي حاول المحتلين أن يفرضوها بوجه انجازات المقاومة الوطنية العراقية .

نعم ، أعوام خمس أوشكت على الانقضاء من زمن الاحتلال ، حاولت الإدارة الأمريكية خلالها وبمسعى خارق للعادة ( مسخرة كل إمكاناتها السياسية والاقتصادية والعسكرية والإعلامية وما لديها من إمكانات هائلة في التزوير والتزييف للحقائق والمعطيات ) أن تكرس في ذهن العالم بصواب احتلالها للعراق ، غير إن الأحداث والفعل الجهادي المقاوم والرافض للاحتلال كان لها بالمرصاد ، وليكشف كذبها ويضعها عارية أمام الشعب الأمريكي وأمام العالم ، وليضع عددا ممن كان له القدم المعلى في مشروع الاحتلال بتسابق للتبرؤ بأي ثمن من مشاركته قرار الاحتلال.

هذه السنوات شديدة القسوة التي مرت، من الرابح من مجرياتها ومن الخاسر. ورغم إن المعركة سجال بين كر وفر لا يمكن الجزم لمن تعود الغلبة والنصر فيها ، غير أن الثابت معطياتها والتي هي ليست خافية على كل ذي بصيرة ، تؤكد فشل المشروع الأمريكي في العراق وانتحاره على المدى القريب بأذن الله . وعلى مدى السنوات التي مرت شهدت المنازلة مع الباطل من الانجازات لقوى التحرير الشيء الكبير ، بذات الوقت الذي عانت فيه من إخفاقات وتراجعات نسبية بفعل مجموعة من العوامل ، بعضها كان مؤشرا مسبقا ومتوقع حدوثه ، والآخر شكل في حجمه بداية الأمر مفاجئة مؤلمة للمناضلين أبطال الجهاد ، على سبيل المثال اختيار عدة شرائح كانت محسوبة للخط الوطني ، الخنوع والارتماء بحضن المحتل وعملائه ، وكذلك الانهيار السريع للبعض وخيارهم النجاة بالنفس وهربهم إلى دول الجوار ، مقدمين مصلحتهم الخاصة على حساب مصلحة الوطن وعلى حساب ما كان يعتقد حمله من مبادئ ومتنكرين لها وعلى حساب قيم الرجولة حتى ، وغيرها على هذا المستوى والاتجاه ، وإذ كانت صدمة الاحتلال قد دفعت بعدد لا يستهان به في بادئ الأمر أن يسابق الأحداث وينأى بنفسه عن أية أعباء يفرضها الشرع والأخلاق والقانون لبلد احتلت أرضه وأزيح كيانه ، فأن الأحداث التالية المتمثلة بالسلوك العام لقوات الاحتلال المستهدف لكل من لا يقف بصفهم وتسخير عصابات القتل للأحزاب العميلة في تصفية وملاحقة الوطنيين أو ممن كان لهم مواقف وطنيه في ظل حكم الحزب . دفع البعض الاحتماء بالفعل الوطني استدراكا وقبل فوات الأوان ، والأنكى من ذلك أن البعض ممن رهن مصيره في بادئ الأمر بيد المحتل وجد نفسه وبعد أن استنزف في مفترق طرق رهيب ، فالمحتل رافضا له وسوء أفعاله لا تؤهله العيش دون خوف مما آثر الفرار هلعا إلى خارج العراق ، وبات الكثير من هؤلاء على قناعة تامة والمعبّر عنها بأوساطهم الخاصة ،أنهم اخطئوا بحق أنفسهم وبحق العراق ، بيد أن عظيم الثمن الذي استلموه سحتا حراما وخشيتهم من انتقام الوطن منهم ، لازال يجبرهم على عدم التصريح بما هم به يؤمنون .

إن الظرف الذي نعيش وما اكتنفه من مخاطر وصعاب ، وما امتاز به من وضوح جليّ للمواقف ، الايجابي منها أو السلبي رغم جعجعة التقولات ، أوضح بما لا يقبل اللبس أن ما تحقق في ظل الحكم الوطني للعراق بقيادة البعث وابن البعث ،ابن العراق البار الشهيد صدام حسين رحمه الله وعلى الرغم من كمّ العقبات التي وضعت بطريقه ، لهو المستحيل بعينه في نظر الآخرين ، (ولكن هذا هو قدر البعث .)وان لا بديل لما هو قائم في العراق اليوم غير دحر الاحتلال وقبره ، ولا سبيل لرجال العراق أشراف العراق واصلائه غير تصعيد وتعظيم نضالهم على كافة الصعد وتعميق أفعالهم ( من دون إغفال الإحاطة الكاملة بكل عناصر الفعل المضاد للمحتل ، المنظور منها وغير المنظور )، واللجوء إلى كافة السبل والوسائل التي تمكن العراق من تحقيق النصر الناجز ، آخذين بالاعتبار حسن فهم وتوظيف كل المعطيات التي أفرزتها قسـوة السنوات المنصرمة على جميع الأصعدة والإفادة من المستجدات. 1 . إذا كان شعبنا قد اصـدر حكمه العـادل بحق كل المشاركين بجريمة تدمير العراق والمتواطئين معهم ، وهو حكم لا رجعة فيه ، فأن على اللذين خنعوا وآزروهم دجلا ونفاقا ، أو موقفا اعتقدوه صائبا لتظهر لهم الأيام فيما بعد حجم خطأهم وفداحة الخسائر التي سببوها لوطنهم ، عليهم حسم موقفهم وطنيا بالتوبة وان يقدموا ما يقنعوا به جماهير شعبنا التي لفضتهم ، بسلامة نيتهم وموقفهم الرافض للاحتلال كي تقبل توبتهم ، وان تكون عودتهم فعلا نضاليا لا تثلم من مكانتهم لحظة غفلة أو خاطئ تقدير وقعوا فيه (ليس مجرد نقد وندم ) ، كي يواصلوا جزءا حيويا في خط المواجهة والنضال لتحرير العراق . وأما اللذين قبلوا باملاءات العدو ورضوا في أن يكونوا عناصر هدم من داخل فصائل الفعل الوطني والتي اغلب أسماؤهم معلومة رغم قليل عددها ، فعليهم المبادرة والتقدم بجرأة لكشف ما هم فيه قبل فوات الأوان ولينجوا بأنفسهم على اقل تقدير .

2 . إن الحالات آنفا والتي شكلت حينها مكسبا للعدو تشدق بها وترك إعلامه يتحدث عنها طويلا لتوظيفها لصالح مشروع الاحتلال ، عادت وبفعل انجازات المقاومة الباسلة لترتد بوجه الاحتلال فعلا رافضا صامتا أخذ طريقه كحالات رافضة أمدّت المقاومة الوطنية والجهد المناوئ للاحتلال بكثير من العطاء بادئ الأمر ،ولكن سرعان ما ستأخذ طريقها فعلا جهاديا عاما مصوبا بدقة وكفاءة نحو المحتل ومشروعه ، ولتشكل محصلتها انجازا وطنيا كبيرا وان كان خارج دائرة الضوء . ولتتحدد صيغ توظيفه وفقا للحاجات النضال الآنية أو الإستراتيجية.

3 . إذ يعز علينا خسارة أي مواطن عراقي حتى إن كان سيئا ، فان الانفتاح الواعي والاختيار الدقيق والتحرك بذكاء على من بقي متعلقا بأوهام الاحتلال وشدهم للحالة الوطنية ، من شأنه أن يضيف لقوى الفعل الوطني الشيء الكثير وان يكون أداة مهمة في تعدد الطعنات بجسم المحتل ودفعه نحو الهاوية ، ولكن شرط الانتباه الشديد والفرز العميق المتخصص ، لأنه سلاح ذو حدين بفل ضبابية ولاء هذه الشريحة وانسياقها الوحيد لمصالحها وتورطها بقتل وترويع أبناء جلدتها دون أي وازع من ضمير أو خلق أو إيمان .

4 . كي يكون الفعل ميدانيا قادرا على أن يشكل نقطة استقطاب واضحة لكل أبناء شعبنا لأحقية انتمائهم للمشروع الوطني ، بات الأمر ملحا في أن يكون هناك حضورا منهجيا لجميع المؤسسات الوطنية الجماهيرية والتي عملت ولحد هذه اللحظة بشيء من التكتم المبالغ فيه رغم انجازاتها الهامة التي حققتها تجنبا لملاحقات المحتل وأذنابه . وان تشكل فروع هذه المؤسسات والاتحادات المتواجدة خارج القطر جسر التواصل بينها وبين الجماهير من جهة ، وبينها وبين مثيلاتها من المؤسسات الصديقة والشقيقة في أقطار العالم ، وان تأخذ النشاطات الجماهيرية والدبلوماسية الجماهيرية طريقها وبحماس عال في تعبئة الرأي العام العربي والعالمي باتجاه إنهاء الاحتلال ، وليشكل هذا الفعل رديفا مهما لعمل المقاومة الوطنية المسلحة ، وان يكون هذه الفعل محسوبا على أساس عدم الإساءة لمتطلبات التواجد في هذه الأقطار ، وان لا يكون سببا في تمكين المحتل وعملائه من اختراقه آو ضربه .

5 . إذا كان العدوان الأمريكي عل العراق قد شكل ذروة المجابهة بين صف الحق الذي للعراق وأبناءه ومعهم الإنسانية شرف تمثيله ، والباطل الذي قادته الولايات المتحدة الأمريكية ومعها صف العملاء من الأنظمة والحثالات ، فان إقدامها على جريمتها الكبرى باغتيال الرئيس الرشيد عز العراق والعرب الشهيد صدام حسين رحمه الله وكما أسلفنا ما هو إلاّ عنوان لهزيمتها ، وبالقدر الذي أرادت فيه الإدارة الأمريكية أن يكون عنوانا لانتصارها وسببا رئيسيا لسحب البساط من تحت أقدام العراقيين المقاومة للاحتلال لما يمثله الشهيد من قيمة عليا لأبطال المقاومة وكل الوطنيين العراقيين ورمزية جهادية عالية المعاني والدلالات ، فان فعلهم الغادر هذا ورغم ما بذلوه من جهد وما سخروه من إعلام كاذب لإقناع العالم عن مكاسب مزعومة ونجاحات باهرة على صعيد الأمن في العراق . وبعد مرور أكثر من عام على جريمة الاغتيال ، فان المتتبع يجد تصاعد نوعي في عمل المقاومة واستقطاب جماهيري لصالح الصف الوطني و أن الأصابع الأمريكية التي نفذت أدوارها عملا قبيحا قذرا تمثل في التقتيل المشاع للإنسان العراقي وحسب المخطط الأمريكي ، وتدمير الممتلكات ، هي ذاتها التي انزوت وبقرار أمريكي لتعطي الانطباع الواهم على ايجابية قرار الاغتيال وايجابية استمرار الوجود الأمريكي في العراق .

بعد كل هذا الذي جرى ، هل غير الولايات المتحدة مسؤولا عنه ، بصرف النظر عن حجم القذارة التي غطس بها العملاء، وإذ كان للإدارة الأمريكية مبرراتها( اللااخلاقية ) الداخلية والكونية في أن تمارس هذا القدر من الإجرام والكذب والتزييف ، فما هو مبرر من يتحدث وهو متلبس لبوس الإسلام وأين منه الإسلام ، وان كانت الإدارة الأمريكية في فعلها الحقير هذا عازمة على إقناع ( تظليل ) الرأي العام الأمريكي ، لإدامة تغذية آلة الحرب العدوانية ، فمن يقنع المواطن العراقي الذي سكن الموت والدمار مدنه وقراه وقصباته وأريد له أن يسكن قبل ذلك نفسه ، ولكن هيهات هيهات، وإذ حذفت عن شاشات الإعلام ووسائله الأخرى صور التفجير والتقتيل بالعراقيين وهي الصورة التي أرادت بها الولايات المتحدة الإساءة للمقاومة الوطنية ، فان التقتيل لازال مستمرا وفرق الموت لم تقف عند حدود لان الداعم لها هو من يمسك بجميع خيوط اللعب وان الحاكم نيابة عن الاحتلال هم قادتها . وان كان البعض ولشديد الأسف يتغابى قاصدا خلط الأوراق رغم وضوح الفرز فيها ، ويتصرف كالنعام ضاحكا على نفسه أولا وأخيرا ، فأنهم يدركون جيدا حجم المأزق الذي هم فيه وصاحبة نعمتهم الإدارة الأمريكية ، ويدركون أيضا جيدا إن أشراف العراق ، أحرار العراق لم ولن تنطلي عليهم حماقات مفضوحة وان تغلفت بكل المنمق من الكلام أو بحسن العطور ، فبشاعة الصورة فاضحة ونتن ريحتها لا يطاق ، فالمسعى بإذنه تعالى خائب ولا خروج لقوات الاحتلال من العراق إنشاء الله بل اندحارهم وقبرهم ، ولتسقط العروش المهلهلة التي تآمرت علي السيد العراق طمعا في إرضاء الطاغوت على حساب الدين والأخلاق والمبادئ .

سخروا إعلامكم أنّا شئتم ، صعّدوا إجرامكم ، اجمعوا جحوشكم على كل الفتات والقاذورات ، ولكن لن تصدح حناجركم بغير الآهات ، بفعل جند الله في أرضه ، أبطال الجهاد ، أبناء ورفاق سيد شهداء عصره الشهيد صدام حسين المجيد ، وان غد لنضاره لقريب .

 

 

 

 

شبكة المنصور

الاحد  /  17  صفر 1429 هـ الموافق  24 / شبـــاط / 2008 م