بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

من قصص البطوله الشهيد نمر زوبع

قصه حقيقيه في قريه من اطراف بغداد

 

 

 

 

  شبكة المنصور

  فيصل الجنيدي

 

كان عمر سالم اربعة سنوات حين قُتل اباه من ابن عمه ولم تَقبل عائلته الديه ادى الى رحيل اهل القاتل عن المنطقه التي يقطنها آبائهم واجدادهم وبقي الامر هكذا لاكثر من خمسة عشر عاما , نشأ سالم وهو يحمل صورة قاتل ابيه دون ان يفصح لاحد عن مايغلي بداخله وهو ينتظر ان يشتد ساعده . كان حريصا على التدريب على فنون القتال وبناء قوته الجسمانيه مما دفعه انجاز المهام الصعبه التي تتطلبها اعمال عشيرته وهذا جعله مميزا بينهم سيما وانه اصبح طويل القامه مفتول العضلات اضافة الى جمال وجهه وحسن اخلاقه , في هذه الفتره اندلعت الحرب بين العراق وايران واستدعيت مواليده وكان في هذه الاثناء يعد العدة للبحث عن قاتل ابيه واخذ الثار الذي ظل يراوده منذ طفولته الا انه اجلَ ذلك والتحق بوحدات الجيش العراقي وكانت وحدته ضمن القطعات الاماميه التي اشتبكت مع العدو فأظهر شجاعه فائقه حازت اعجاب قادته مما دفعهم لتكريمه بأكثر من نوط شجاعه كان فخورا بها , خاصة امام اهل قريته حين يتمتع بالاجازه الدوريه التي كان يستغلها للبحث عن قاتل ابيه , الا ان قصر المدة لاتسعفه في كل مره لنيل مراده . استمر سالم على هذا الحال لستة اعوام بعد ان دامت الحرب كل هذه المدة خلافا لاكثر التوقعات لتشترك وحدته بأحد المعارك الطاحنه والتي تحولت الى القتال بالسلاح الابيض ابلى فيها بلاء حسنا هزم فيها العدو الا انه اصيب بطعنه في بطنه نقل على اثرها الى المقر الخلفي للطبابه ومن ثم الى المستشفى الرئيسي للجيش منح على اثرها اجازة طويله في قريته الى ان تماثل للشفاء . دفعت اصابة سالم للتفكير جليا في الاخذ بثار ابيه بعد ان ادرك بأحتمال استشهاده كما ان وقت الاجازه المرضيه الطويل اعطاه الفرصه للبحث وهو ماحدث فعلا بعد ان علم ان من قتل ابيه قد فارق الحياة واخيه (اخ القاتل ) اصبح كهلا وهومالايرغبه سالم الذي يريد قتل احدهم من الشباب بما يقابل ابيه فوقع اختياره على ابن الشيخ الكهل وعلم انه يعمل في بلدية القضاء فذهب اليه بعد ترصده وقتله داخل الدائره وتم اعتقاله من قبل الشرطه .

لم يظهر سالم ندما ازاء ذلك فالعصبيه القبيليه اكبر من ان تشعره بالندم وظل متماسكا داخل السجن الى حد ان اعمامه طلبوا منه تغير افادته الا انه تمسك بها وكان يكرر كلامه امام القاضي الذي كان يسأله لما لم يأخذ الثأر من الرجل الكهل كونه من شارك بقتل ابيه الا انه اي سالم يجيب لايقابل الكبش الا بكبش !

حكم على سالم بالسجن المؤبد واودع بقسم الاحكام الثقيله , اكرمه احد اعمامه بنته لشجاعته ليتزوج وهو في السجن فتنجب له ثلاثة صبيان وافرج عنه بعد تسوية مع اهل القتيل وهم من اعمامهم كما اسلفنا ليعودون الى ديارهم ويفرج عن سالم بعد ان امضى ربع محكوميته وتنجب له زوجته بعدها خمسة صبيان آخرين .

في اثناء الغزو الامريكي للعراق كان سالم مع ابناء قريته قد استعدوا مع ابناء الشعب وقواته المسلحه على مواجهة الغزاة وشاء القدر ان يكون محور الغزو على بعد عدة كيلوا مترات من قرية سالم فما كان منه الا ان يحث ابناء القرية على مواجهتهم ومنعهم من الوصول الى بغداد مستفيدا من خبرته العسكريه فشكل مجاميع قتاليه صغيره تسليح كل منها قاذفه ار بي جي سفن وقناصه وبي كي سي اضافه الى الرمانات اليدويه , كان كلما يتقدم رتلا تتم معالجته بهذه الاسلحة ومن ثم الاختفاء حيث كانت المنطقه تساعد على ذلك رغم التواجد الكثيف والمستمر لغربان العدو التي تمكنت من قتل عدة اشخاص ضمن مجاميعه الا ان ذلك لم يثنيه على مواصلة تصديه للغزاة , وبسبب معرفته بمنطقته بما فيها من المبازل واكتظاظها بالاحراش بما تساعد على الاختفاء اضافه الى البساتين والمنازل الطينيه المتروكه على عكس الغزاة الذين كانوا يجهلون بتفاصيل المنطقه رغم قدراتهم الاستخباريه العاليه والامكانات التكنلوجيه المتفوقه , استمرت مجاميع سالم بالقتال وفي كل مره يتناقص عددهم بسسب استشهادهم الى ان بقي اثنين معه فقط احدهم شقيقه والآخر ابن عمه , لم تثني سالم قوة اسلحة العدو واستشهاد رفاقه على مواصلة قتالهم وبينما كان سالم يهم بتناول فطوره جاء احد ابناء القريه ليخبره عن تقرب احد الارتال من منطقه كان يتمنى تقرب العدو اليها لكثافة الاحراش بها ,ترك سالم فطوره ونادى على شقيقه وابن عمه قائلا (يله اخوتي هذا يومكم) ذهب الثلاثه مع اسلحتهم متسليين بين الاحراش وتوزعوا في اماكن متفرقه متفقين ان تكون الضربه الاولى لقاذفة سالم وتكون التغطيه لرفيقيه فَهّمَ سالم واطلق قذيفته الاولى على اول دبابه في الرتل ادت الى احراقها وتعطيل الرتل الا ان الدبابات الاخرى سارعت بأطلاق حممها على الثلاثه ليستشهد سالم في الحال كما استشهد ابن عمه ايضا اما شقيقه فقد بترت احدى يديه واستطاع الوصول الى اهله وهو ينزف وروى لهم القصة كامله باستشهاد سالم وابن عمهما وكان اولاد سالم الثمانيه يستمعون الى عمهم الى ان فارق الحياة بعد فتره قليله وكانت عيون اولاد النمر سالم تقدح من الحزن والغضب لقاتل ابيهم وعميهما ولسان حالهم يقول لن ننسى قاتلي اهلنا ومغتصبي وطننا مهما امتد الزمن .

 

 

 

 

شبكة المنصور

الخميس  /  14  صفر 1429 هـ الموافق  21 / شبـــاط / 2008 م