بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

الا رسول الله ..!

 

 

 

 

 شبكة المنصور

  د. صلاح عودة الله / القدس المحتلة

 

قامت "صحيفة الحقيقة الدولية" الاردنية ومقعها الالكتروني بنشر وتغطية واسعة لما يجري في الآونة الأخيرة من تطاول على ديننا الحنيف ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم, وقامت بعقد ندوة موسعة اشترك فيها علماء ومفكرون وباحثون اسلاميون وكذلك رجال دين مسيحيون, ولا ابالغ عندما اقول بان ما قامت به هذه الصحيفة لم تقم به أية صحيفة بهذا الشكل..وهذا الأمر ليس غريبا عليها فقد كانت سباقة وريادية في الكثير من الحالات التي تهم قضيتنا العربية والاسلامية, فلها مني وللقائمين عليها وعلى موقعها الالكتروني وعلى رأسهم الأستاذ زكريا الشيخ الذي ادارالندوة عظيم الاحترام والتقدير.

يتعرض الاسلام والمسلمون الي حملة استفزازية غير مسبوقة هذه الايام من قبل بعض اجهزة الاعلام الاوروبية تحت ذريعة كاذبة اسمها حرية التعبير، الامر الذي يصب في مصلحة التطرف والمتطرفين في الجانبين.

يقول المولى عز وجل "ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين" والإسلام كرامة وشرف لقوله " ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين". في كل يوم جديد, تشرق فيه الشمس عل هذه ألأرض الواسعة, أدرك أكثر من اليوم الذي سبقه أن" الإسلام" ربما يكون العقيدة ألوحيدة التي لا تجد من يدافع عنها , خاصة في الأوساط والمحافل ألأوروبية. وهذا الأمر يعكس قناعة مؤكدة , أن معظم هذه "المؤسسات" و" المجالس" و" الهيئات" الإسلامية التي تنشأ بفعل أموال المسلمين.. زكاتهم وصدقاتهم, وأعمالهم الخيرية ذات النوايا الطيبة, بالتأكيد تذهب في غير أهدافها السامية المعلنة.. ويبقى الإسلام يتيما. وعرضة للطاعنين به, والمزيفين لأهدافه وممارساته ,وفريسة لذوي الأهداف والنوايا المعادية له. دون أن يجد من يدفع عنه مظالمه..!

وإذا ما تصفحنا وسائل الإعلام الغربية, سنشم على الفور الرائحة المعادية للإسلام, والتي تزداد كراهية ولؤما,واقصائية دينية, وعرقية, في العالم الغربي الذي يفترض أن تتطابق فيه قيم العدالة المنشودة مع الممارسات في الحياة اليومية.. ولربما قال قائل.. إنها الحرية الشخصية التي كفلتها الدساتير الغربية. إلا أن الملفت للنظر أن الأمر لم يتوقف عند الحرية الشخصية ,في الدين, أو المعتقد, أو التعليم, أو السكن, وما إلى ذلك من مقومات الحرية الشخصية. الا انه تعداها إلى الإساءة إلى معتقد سماوي يبلغ عدد أتباعه مليار ونصف المليارمن المسلمين, من بينهم الملايين الذين يعيشون في الغرب, ويسهمون في طاقته الإنتاجية وفي ثقافته وبناء مستقبله. نحن نؤمن بحرية التعبير، ونكافح من اجل ترسيخها في بلداننا العربية المحكومة من قبل انظمة ديكتاتورية، ولكن هناك فرقا كبيرا بين حرية التعبير، وحرية التطاول علي ديانة سماوية بطرق مقززة، ودون اي سبب في دول بنت حضارتها علي اساس المساواة والتعددية الثقافية والتسامح الديني.

فإذا كان من حق الصحيفة الدنماركية ان تنشر الرسوم المسيئة في اول الامر تحت ذريعة الحريات التعبيرية، فلماذا تصر 17 صحيفة، وبعد ما يقرب من العام علي الأزمة، التي تسببت بها تلك الاساءة في حينها، علي اعادة النشر، وهي تعلم طبيعة ردود الفعل الغاضبة التي عمت العالم الاسلامي علي شكل مظاهرات واحتجاجات صاخبة اسفرت عن مقتل العشرات؟

ان هذه الاستفزازات المتعمدة التي تعكس حالة من العصاب العنصري ضد الاسلام والمسلمين، هي التي تؤدي الي انتشار التطرف في اوساط ابناء الجاليات الاسلامية في اوروبا، وتجعلهم فريسة سهلة للجماعات التي تتبني العنف والتفجيرات الدموية مثل تنظيم القاعدة . وهي التي تهدد السلم الاجتماعي واندماج المهاجرين، وترسيخ ولائهم في البلدان الاوروبية.

انها ليست حرية التعبير، والا لماذا صادرت معظم الصحف ومحطات التلفزة البريطانية حق الاسقف وليامز، وهو المرجعية المسيحية الاعلي، والعالم في الاديان، في التعبير عن رأيه، وشنت عليه هجمات جارحة طالبت في معظمها باستقالته والاعتذار عن خطيئته، لانه تحدث في محاضرة اكاديمية موضوعية، عن القوانين البريطانية، وضرورة تطعيمها ببعض الجوانب التي يراها ايجابية في الشريعة الاسلامية؟ لو عرف الغرب بعامة وإعلاميو الدانمرك بخاصة محمدا عليه الصلاة والسلام وما يجسِّده من أخلاق إنسانية لما أساءوا إليه فقد كان رحمة للعالمين لم يحمل يوما حقدا أو ضغينة على غير مسلم بل كان دائم الدعاء لهم ; بالهداية ويُحسن معاملتهم وجوارهم وعاشوا في ظله وظل أتباعه آمنين مطمئنين ما داموا على عهودهم ومواثيقهم..وفي هذا السياق اليكم بعضا من اقوال العظماء الغربيين في نبينا"صلعم (مع العلم بأنه ليس بحاجة لشهادة اي انسان, فهو خاتم الأنبياء والمرسلين):

يقول " مهاتما غاندي" في حديث لجريدة "ينج إنديا" : " أردتُ أن أعرف صفات الرجل الذي يملك بدون نزاع قلوب ملايين البشر.. لقد أصبحت مقتنعاً كل الاقتناع أن السيف لم يكن الوسيلة التي من خلالها اكتسب الإسلام مكانته، بل كان ذلك من خلال بساطة الرسول، مع دقته وصدقه في الوعود، وتفانيه وإخلاصه لأصدقائه وأتباعه، وشجاعته مع ثقته المطلقة في ربه وفي رسالته.هذه الصفات هي التي مهدت الطريق، وتخطت المصاعب وليس السيف. بعد انتهائي من قراءة الجزء الثاني من حياة الرسول وجدت نفسي أسِفاً لعدم وجود المزيد للتعرف أكثر على حياته العظيمة.

الدكتور شبرك النمساوي:

"إنّ البشرية لتفتخر بانتساب رجل كمحمد إليها، إذ إنّه رغم أُمّيته، استطاع قبل بضعة عشر قرنًا أنْ يأتي بتشريع، سنكونُ نحنُ الأوروبيين أسعد ما نكون، إذا توصلنا الى قمته". فيستشهد بهتلر فيقول" نادراً ما يكون رجل النظريات العظيمة قائداً عظيماً ولكن الداعية المؤثر هو أكثر احتمالاً لأن يملك هذه المتطلبات والمؤهلات ولذلك فهو دائماً ما يكون قائداً عظيماً لأن القيادة أو الزعامة تعني القدرة على تحريك الجماهير البشرية . الموهبة في تصدير الأفكار لا تشترك في شيء مع القدرة على الزعامة ويستمر هتلر في كلامه .. إن اتحاد القدرة على وضع النظريات والتنظيم والقيادة في رجل واحد ، هو أندر ظاهرة على وجه الأرض ففي تلك الحالة تكون العظمة.

توماس كارلايل يكتب عن بطولة نبي الإسلام:

توماس كارلايل فيلسوف ومؤرخ غني عن التعريف. فهو من أشهر الكتّاب الذين تمّيزوا بنظريات خاصة، إذ عرف بتفسيره التاريخ والانبعاثات الحضارية على أساس جهود الأبطال، فهو يؤكد أن تقدّم الأمم انعكاس وتطور للهمّة العالية لدى بطل يظهر في تلك الأمة.

كما عرف عن كارلايل موقفه الإيجابي المنصف عن الدين الإسلامي والنبي محمد الذي يعده من أبرز الأبطال في التاريخ ، ويخصص له ثاني فصول كتابه الذائع الصيت "الأبطال". وفي الندوة التي اقامتها "صحيفة الحقيقة الدولية" الاردنية مشكورة والتي اشترك فيها علماء مسلمون ومسيحيون والذين أجمعوا فيها على أن ما قامت به الصحف الدنمركية مجتمعة في إعادة نشر الرسوم الكاريكاتورية بقصد الإصرار على الإساءة إلى رسول المحبة والتسامح سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم تجاوز كافة القيم والخطوط الحمراء في احترام الرموز الدينية ولا يمت بصلة إلى حرية التعبير والرأي، بل هو انتهاك صارخ وصريح لتلك الحرية مشيرين إلى أن هذا التطرف ينتج عنه تطرف مضاد يقود لمستقبل دموي في العلاقة بين الأمم والشعوب.

اننا نطالب بموقف عربي - إسلامي رسمي موحد وصارم وواضح وعاجل لوضع حد لسلسلة الإساءات التي يتعرض لها ديننا الإسلامي الحنيف في عدد من العواصم الغربية بالإضافة إلى ضرورة أن تضطلع الكنائس الشرقية بدورها في تبيان المخاطر المترتبة على مثل هذه السلوكيات الشاذة والتي لا تمت إلى أية ديانة بصلة. ان هنالك حقائق ومعلومات وأدلة دامغة تثبت تورط أتباع الفكر المتطرف لـ "المسيحيين المتصهينين" في الوقوف وراء تلك الإساءات بغية إشعال الصراع الحضاري والديني بين أتباع الديانة الإسلامية والمسيحية، لافتين إلى أن العديد من زعماء الحزب الجمهوري الأمريكي يتزعمون ويغذون هذه العقيدة المتطرفة في إذكاء العداء بين الإسلام والمسيحية من خلال مثل هذه الانتهاكات وردود الفعل التي تلحقها. وإننا ندعو عقلاءَ الغربِ ممن يجنح للسلم ويشعر بأهمية الانفتاح واحترام الآخر والتعايش المشترك ندعوهم إلى الوقوف بحزمٍ أمامَ حملاتِ التشويهِ والإساءةِ المتعمدةِ للإسلام ورسولِه العظيم وقرآنه الكريم لأن ذلك لا يمت بصلة إلى حرية التعبير إنما هو أذى وشتيمةٌ يترفع عنها العقلاءُ والأحرار، وإن مثل هذه التصرفاتِ غيرِ المسؤولة فيها إساءةٌ بالغةٌ لسُمعةِ الغرب وتحريضٌ على الكراهية، وهي شراراتٌ يطلقها متطرفون في كل مكان يُغذيها عناصر صهيونية يؤججون بها نارَ الصراعِ والمواجهة بين الإسلام والغرب ، بينما ينبغي أن تُصغي جميعا بخشوع لنداءِ ربِّ العالمين إذ يقول:( يا أيها الناسُ إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائلَ لتعارفوا إن أكرمَكم عند الله أتقاكُم). المهم ماذا بعد؟ ماذا بعد هذا الصراخ والاحتجاج؟! هل من عمل سديد؟ هل من اتجاه للوحدة التي نستعيد بها هيبتنا، وتجعل القوم يفكرون ألف مرة قبل أن يسيئوا إلى ديننا ونبينا، ولنتذكر الأمس القريب ماذا فعل السلطان عبد الحميد حين فكرت إيطاليا وفرنسا نشر مسرحية فيها إساءة للرسول الكريم، لقد لبس البزة العسكرية وخرج بها على السفير الفرنسي ووضع السيف أمام السفير ؛ ففهم السفير رسالة خليفة المسلمين وامتنعوا عن عرض المسرحية.

لا نستعيد ريحنا وقوتنا ما دمنا مفرقين ... وهذا مربط الفرس الذي ينبغي أن يدركه المخلصون ويعملوا له.

**تم الرجوع لبعض المصادر.

 

 

 

 

شبكة المنصور

السبت  /  16  صفر 1429 هـ الموافق  23 / شبـــاط / 2008 م