بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

 

المسرح السياسي
احتجاجاً ورفضاً للاحتلال

 

 

  شبكة المنصور

  د. الحارث

 

ان الفنان هو انسان - قبل ان يكون فناناً - والانسان لا يتربى في فراغ بل نشأ في بيئة اجتماعية معينة ، والفنان صاحب الفكر السياسي القومي عندما يريد ان يتخذ موقف الثائر على البيئة المتخلفة التي يزرعها الاحتلال وعلى القيم الاجتماعية البالية ، فعندما يثور الفنان على شيء قائم داخل المجتمع هو في واقع الحال عاشق محتج على عشيقته .. أي ان الفنان الصادق بثورته على مجتمعه المتخلف وعلى وجود الغازي في بلده وعلى القيم المنافية التي جاء بها المحتل يكون متعلقاً بمجتمعه ، وهو في امراضه هذه اشد التعلق ، فثورة الفنان هي احتجاج على مجتمعه بسبب الركود الذي أصابه او ان ثورته هي حث المجتمع على النهوض من رقاده .

والمسرح السياسي العراقي الذي كان له السبق في مقارعة الاستعمار والاحتلال والظلم الذي يقع على المجتمع العراقي ، حيث يرفض المسرح السياسي العراقي ان يكون بعيداً عن هموم الشارع وان لايكون مؤلف المسرح السياسي مجرد مؤرخ يكتب عملاً في التاريخ عارضاً لمشكلة ما ، بل على العكس من ذلك لابد ان يكون دور الفنان السياسي هو الطليعة في عملية تحرير أرضه من الغزاة الطامعين حيث يكون الهدف الاول للمسرح السياسي هو إشاعة روح رفض الاحتلال لان أهمية هذا المسرح تكمن بإيضاح وفضح نوايا المحتل القريبة والبعيدة ومعالجة كل ما جاء به من ثقافة مدمرة لتقسيم العراق .

فالمطلوب في الوقت الحاضر من المسرح السياسي العراقي ( هو المسرح التعليمي الملحمي ) الذي يقدم نموذج المناضل المجاهد وهو يدافع عن أرضه وعرضه وشعبه ويوحد صفوفه رافضاً للطائفية المقيتة ، حاثاً الجماهير بتحمل مسؤوليتها في بناء الانسان الجديد وفق مبادئ الحق والعدالة الاجتماعية .. وكذلك يعيد صياغة الوعي الانساني بما يتلائم مع مقتضيات الصراع من اجل امتلاك المصير الوطني والقومي والاجتماعي وعلى هذا الأساس يبرز المسرح السياسي العراقي في ظل هذا الظروف ( البطل الشعبي ) الذي يدافع عن بلدته وقريته ومحلته دفاعاً شريفاً ولا يرضى بتقسيم بلده من قبل المحتل من خلال الاشارة الواضحة لابطال المقاومة الوطنية في دفاعها البطولي عن العراق ووحدته بعد ان دنست ارض العراق الطاهرة ، وهنا يلعب المسرح السياسي دورا وطنيا في رفضه للطائفية المقيتة من خلال ابراز الوجه الحقيقي للبطل الشعبي وكيف استطاع هذا البطل في ظل الاحتلال الحالي ان يقدم اغلى ما نجود به النفس وهي الشهادة لتبقى محلته تنعم بالحب والاخاء وان يعري افعال المحتل والعملاء من ان الشعب العراقي المقاوم هو دائما في المقدمة رافضاً التقسيم ورافضاً للطائفية .. ان أي دولة عندما ترفض الواقع الفاسد الذي تعيشه الجماهير تحاول ان تخطو خطوات اولية نحو التحرير فان اهم مرفق ثقافي يمكن الاعتماد عليه لتغيير واقع هذه الجماهير هو المسرح السياسي حيث من خلاله ومن خلال الرفض والاحتجاج على هذا الاحتلال وما خلفه من واقع فاسد تحصل الثورة على الفرد والمجتمع في ان واحد وعند اذ تكون ثورة الشعب من خلال المسرح المعبر سياسيا واقتصاديا وتعبويا باتجاه اخراج المحتل من بلادنا لكون ان المسرح هو المرآة العاكسة .

 

 

 

 

شبكة المنصور

الجمعة  /  01 صفر 1429 هـ الموافق  08 / شبـــاط / 2008 م