بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

العسكري يضع العصا في إطارعجلة الزيباري

 

 

 

 

 شبكة المنصور

  ضحى عبد الرحمن

 

لم يكن التصريح الذي أدلى به المستشار السياسي لرئيس الوزراء سامي العسكري بشأن أداء وزيري الخارجية والداخلية بعيدا عن واقع الوزيرين رغم أن العسكري عرف عنه فيما سبق الجعجعة التي كان يحاول فيها دائما إثارة استفزازات العراقيين من خلال تأكيده بأن العملية السياسية تجري بشكل طبيعي مع سعيه الدؤب لتنزيه غير النزيهين من رجال الدولة والأحزاب الحاكمة, وهناك احتمالات ثلاث حول إطلاق هذا الصاروخ العسكري على وزارتي الخارجية والداخلية, أولهما انه جاء كزلة لسان من قبل المستشار وهذا الرأي يسنده تصريح المالكي باعتبار أن ما أدلى به العسكري يمثل وجهة نظر شخصية وليس وجهة نظر رئيس الوزراء, فأن صح ذلك كانت تلك أشبه بمسرحية أقرب منها لحقيقة, فليس من المعقول أن يتجاوز العسكري وهو نائب في الائتلاف الشيعي ومستشار لرئيس الوزراء حدوده الرسمية ليكيل مثل هذه الاتهامات الحادة لأقوى كتلتين في مجلس النواب وهم نائب في أحداهما! أما الاحتمال الثاني فهو أن تكون هذه التصريحات قد جاءت بوحي مباشر من رئيس الوزراء, فكما هو معروف إن الإخبار تناقلت مؤخرا موضوع إجراء تغييرات وزارية منها تقليص عدد الوزارات من (37) إلى (22) وكذلك تغيير بعض الحقائب الوزارية الحالية خارج أسلوب المحاصصة, وكان العسكري أول من كشف هذا الموضوع وفضح الضجة التي افتعلتها بعض الكتل السياسية الرافضة لهذا الإلغاء ومطالبتها بترميم جدران الوزارات المتداعية للسقوط. وما يؤكد هذا الطرح تحفظ الاحزاب الكردية على هذا التعديل فقد اعتبر رئيس كتلة التحالف الكردستاني في مجلس لنواب فؤاد معصوم أن الحديث عن تغيير مرتقب في الوزارات السيادية سابقا لأوانه مصرا على عدم خلع الشروال الكردي عن جسم الخارجية لحين سلخ العراق من محيطه العربي وطي صفحة العروبة, والعروبة كما هو معروف كلمة تثير حنق وانزعاج الحزبين الكرديين, والاحتمال الثالث إنها جاءت كصحوة ضمير للعسكري بالرغم من أنها جاءت متأخرة عن موعدها الوطني, سيما انه طرح اسمي وزيرين يمثلان أقوى الكتل في البرلمان فالوزير الزيباري من قادة الحزب الكردستاني الديمقراطي الذي يتزعمه وهو خال البرزاني, كما ان الصولاغي من قادة المجلس الأعلى للثورة الإسلامية, وكلاهما يمثل خطا احمرا من الصعب تجاوزه. والذي يثير الدهشة أن يصحو ضمير العسكري دون غيره من النائمين في كنف الاحتلال, فنحن لم نشهد مثل هذه الصحوة عند المسئولين الذين غادروا مناصبهم باستثناء الجعفري الذي تعهد في جولته العربية بأنه سوف يعالج مواطن الخطأ التي ازدهرت في عهده المظلم فيما إذا رجع للسلطة ثانية, وليس من العسير معرفة أن هذا الطرح ليس سوى مناورة سياسية مكشوفة وغير ناضجة في الوقت الحاضر لأن العراقي ببساطة لا يلدغ من جعفري واحد مرتين.

لم يكن تقييم العسكري للصولاغي بعيدا عن الواقع فوزير المالية لا يحمل مؤهلات لتولي منصبه الحساس كما كان سلفه فهو كما أشيع عند توليه وزارة الداخلية مهندسا, من ثم تحول إلى اقتصادي بعد توليه وزارة المالية, وربما سنراه طبيبا إذا تولى وزارة الصحة لاحقا! كما انه غير صالح فعلا لتولي وزارة المالية ولا أي وزارة أخرى سيما انه اثبت عدم صلاحيته في وزارته السابقة بعد أن فضحت انتهاكاتها الصارخة بحق المواطنين العراقيين, كأنما عجز المجلس الأعلى عن إيجاد شخصية أخرى بديلا عنه ففرضه رغم أنف الجميع! سيما أن الوقائع تشير فعلا إلى أنه لم يزور مقر وزارته منذ تسلمه منصبه لغاية في قلب يعقوب. بلا شك أن سكوت المجلس الأعلى عن التعليق أو الرد على العسكري لم يكن مفاجئا لأحد, وهو يعني احتمالين, أولهما: اعتراف المجلس بأن الصولاغي غير جدير بمنصبه ولكنه فرض لأجندة خارجية معروفة أحرجت موقف المجلس أمام العراقيين,وثانيهما: أن المجلس الأعلى بانتظار التوجيهات من الجارة المسلمة بشأن الموضوع, وكلا الاحتمالين أسوأ من الآخر.

على خلاف ذلك انفجر البركان الكردي متقيئا جمرات من الغضب وألسنة من نار الحقد على تصريحات العسكري الذي وصف وزارة الخارجية بأنها الأكثر فشلاً والأشد فسادا بين الوزارات, واتهما بأنها تحمل لون طائفة من مكونات الشعب العراقي. ونوه بعدم عدالة توزيع الوظائف, وان معظم طاقم الوزارة من الأكراد مع وجود فساد مالي وإداري كبير, وتحدث العسكري بجرأة كبيرة عن الليالي الحمراء التي يقضيها الوزير في الخارج في إيفاداته الماراثونية غير المتوقفة وغير الموفقة وآخرها فضائحه في مصر واعتبرها غير لائقة بالوزير ولا البلد الذي يمثله. مضيفا بأن الوزارة ماتزال تعج بأعضاء من حزب البعث.

من المعروف أن الزيباري وهو وزير خارجية مزمن منذ تشكيل أول حكومة في ظل الاحتلال, كما أنه لا ينتسب لقائمة محبي آل البيت وهو ليس كذلك من المعممين فهو معرف بإدمانه شرب الخمر وولعه بالليالي الحمراء قبل وبعد إستوزاره وهذه حقيقة لا يمكن لعربي أو كردي أن ينكرها, كما أن الوزارة حشر فيها الأكراد بطريقة بعيدة كل البعد عن النزاهة والعدالة ومنحوا درجات دبلوماسية البعض منها تحتاج إلى خدمة وظيفية تزيد عن عشرين عاما, كما أن الحراسات والحمايات جميعها من البيشمركة, إضافة إلى أن السفارات العراقية أصبحت واجهة كردية أكثر منها عربية حتى تلك التي يشغلها سفراء عرب بحكم ظاهرة التملق للوزير للحفاظ على الامتيازات الخيالية التي حصلوا عليها رغم أن العديد منهم مجنسا بجنسيات أجنبية بما فيهم الوزير نفسه, كما أن الكثير من العراقيين ازكمتهم رائحة العلاقة المفضوحة بين الوزير وسكرتيرته البريطانية الجنسية والتي عينت بدرجة مستشار, فعلام التذمر من كلام العسكري؟

ويبدو أن الزيباري خسر من الجولة الأولى في معركته مع العسكري عندما بدا بمخالفة أصول اللعب الدبلوماسي بالضرب تحت الحزام, فقد كان رده غير بروتوكولي وبعيدا عن اللياقة الدبلوماسية التي يفترض أن يتحلى بها, لقد ضرب مثلا غير لائق الاستشهاد به, متناسيا بأن العسكري يشغل منصبا رفيعا لا يقل رفعة عن درجة الزيباري نفسه, سيما أن القافلة التي تحدث عنها الزيباري" القافلة تسير ولا يهمها نباح الكلاب" لا تسير إلى الأمام وإنما تتراجع للخلف بجهد العملاء ونباحهم المتواصل, ثم نسأل الزيباري ألستم من رفع بيرق الديمقراطية عاليا كما تدعون؟ فلماذا ترفضون النقد؟ أليس النقد من أسس البناء الديمقراطي وهو ظاهرة صحية أم ماذا؟ يضاف إلى ذلك أن مسألة إقامة دعوى قضائية على العسكري بحجة تشهيره بسمعة دول وأشخاص تثير الحيرة! فلم يعرفنا الزيباري أي الدول أو الأشخاص خوله ليقيم مثل هذه الدعاوي؟ ولماذا لم يقيم مثل هذه الدعوى على الوزير الصولاغي عندما تهجم على السعودية وحكومتها؟

انه لأمر محير أن يثور الأكراد كلما استفزهم إنسان عربي بمكاشفة صريحة مبنية على الحقائق لمواقفهم السلبية تجاه الوطن في حين أنهم يتناسون استفزازاتهم الكبيرة لمشاعر العرب والمبنية على الباطل؟ مهما كانت ردة الفعل الكردية فأننا نقول للعسكري: لقد قلت حقا فأسمعته والساكت عن الحق شيطان أخرس؟

 

 

 

 

شبكة المنصور

السبت  /  16  صفر 1429 هـ الموافق  23 / شبـــاط / 2008 م