بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

غـزة .. همزة الوصل بين مشرق الوطن العربي ومغربه

 

 

 

 

  شبكة المنصور

  تونس /  لجنة دعم المقاومة العربية ومناهضة التطبيع

 

زحفت الجماهير الفلسطينية في غزة فجر يوم 23/1/2008 في كتلة بشرية إلى الحدود مع مصر وتجمعت أمام بوابة رَفـَحْ وأطاحت بها ثم فتحت ثغرات في الجدار الذي يُـقـَسِّم مدينة رفح إلى قسمين قسم في فلسطين وآخر في مصر.

تدفقت الجموع سيلا جارفا وتجاوزت الحدود ودخلت سيناء ووصلت إلى مدينة العريش والتحمت مع أبناء سيناء الأبطال الذين ذاقوا الويل من الصهاينة فكان أبناء مصر العروبة في استقبال إخوانهم الفلسطينيين والاحتـفاء بهم واستضافـتهم وإيـوائهم أيضا وتلبية حاجاتهم.

وَصَفَ البعض ما حل بالحدود التي أقامها الاستعمار والصهاينة بالزلزال، ذلك أنه لم يسبق أن قامت جماهير عربية بالإطاحة بحدود صنعها الاستعمار بهذه الشاكلة. مما يؤشر إلى أنـّـنا ندخل مرحلة جديدة وهي إطاحة الجماهير بالحدود التي صنعها الاستعمار في الوطن العربي كحـل لمشاكلها.

و لقد ظهرت بوادر الإطاحة بالحدود منذ عقود حينما عَـبَـرَ المتطوعون العرب الحدود للالتحاق بالمقاومة في فلسطين منذ الثلاثينات من القرن الماضي ثم نجدة المتطوعين العرب والجيوش العربية وجيش الإنقاذ للثورة الفلسطينية في مواجهة العصابات الصهيونية سنة 1948. وقد تكرر ذلك في حروب 1967 و1973 حيث عبرت الجيوش العربية الحدود وشاركت في مواجهة الصهاينة وعلى الأخص أثـناء حرب أكتوبر1973 في حين تدفق المتطوعون العرب على الأردن ولبنان في نهاية الستينات والسبعينات وفي حرب 1982 للالتحاق بصفوف المقاومة الفلسطينية. هذا فضلا على ما شهده الوطن العربي من دعم جماهيري ومن الأنظمة الوطنية للثورات التحريرية في مختلف الأقطار ولعـل أبرز مثال على ذلك دعم ثورتي الجزائر واليمن في الستينات ودعم المقاومة العراقية حاليا.

لقد أراد الأعداء تضييق الخناق على غزّة وعزلها وضربها فإذا بها تدوس الحدود وتـَعْـبُر إلى عمقها العربي الإسلامي الذي هبّ لنجدتها، وسيمدها حتما بما هو أكثر.

أراد الأعداء أن يُحدثوا انقساما جديدا فيما هو مُـقـَسَّم فإذا بغزّة تفرض واقعا استراتيجيا جديدا هو الإطاحة بحدود رسَمها الأعداء منذ عقود وخُـيِّـل لهم أنها ستبقى أبدية.

لقد قادت حماس الجماهير الفلسطينية في هذه العملية الإستراتيجية والتاريخية، استجمعت كل ما ركـّمته الأمة من تجارب في مواجهة الإمبريالية والصهيونية وكرّست خياراتها العربية والإسلامية في فتح فلسطين على مصر وفتح الشام والمشرق على المغرب العربي.. جعلت مصر في موقعها الطبيعي في صفّ المواجهة بعد أن خـُيـِّـل للأمريكان والصهاينة إمكانية حبس مصر طويلا في حدودها وعزلها عن قضايا أمتها بفعل اتفاقية "مخيم داوود" السيئة الصيت. فتحت مجال المواجهة على كل منطقة المغرب العربي لكي يشارك، في وقت يُحَضِّرُ الأعداء منطقة المغرب لتكون عمقا لهم ولتكون مسرحا لحروب أهلية على قاعدة نشر"الفوضى الهدامة" و"الديمقراطية" المزعومة.

فتحت الإطاحة ببوابة رفح المجال لمنطقة المغرب العربي للتوجه وجهة الوحدة حول قضية فلسطين وتحرير الأرض المغتصبة ورسمت للجماهير العربية الدرب الذي يجب أن تتبعه.. درب الوحدة العربية والإسلامية في مواجهة الأعداء الحقيقيين للأمة.

ثم إن حركة حماس وجماهير غزة بطابعها الإسلامي والعروبي، وإطاحتها بالحدود، تقدم أنموذجا هاما للقوى الإسلامية والقومية لتوجه قواها في مواجهة الأعداء الرئيسيين وتخضع ما عدا ذلك لهذه الحلقة الرئيسية.

إن فتح فلسطين على مصر معناها بداية قبر لاتفاقية "مخيم داوود"، ولذلك بكى الضباط الصهاينة حين شاهدوا بأعينهم جدارا أقاموه ينهار تحت أقدام الجماهير الفلسطينية في دقائق مثـلما بكوا يوم أطاح الجيش المصري بخط "برليف" في أكتوبر 1973. بكوا لأن مصيرهم في الميزان وكيانهم مهما بدا عاتيا فهو هش محاط بجدران هشة قابلة للنسف إذا ما اجتمعت عليه الأمة بجماهيرها وقواها الوطنية وجيوشها في كتلة واحدة تماما كما فعلت ذلك جماهير غزة بقيادة حماس.

فحماس تقدم أنموذجا في الجمع بين ما هو إسلامي و عروبي، وتبشر بتوجهها هذا بأن المرحلة القادمة ستكون مرحلة الوحدة بين القوى العروبية والإسلامية ومرحلة اهتزاز الحدود والكيان الصهيوني.

أمّـا فلسطينيا فقد تمكنت حماس من تعرية خيار الاستسلام لزمرة عبّاس التي أضحت تتحرك مع الصهاينة بصفة فجة ومكشوفة وتقوم بما يُرضي الصهاينة، تحاصر الجماهير الفلسطينية وتغتال قـواها الوطنية وتضيِّـق الخناق على مقاومتها المسلحة وتساهم في محاصرة مصر نفسها.

لقد وصلت حماس إلى هذه المرحلة عبر مسيرة سنوات من المقاومة والاستشهاد والمواجهة والعمل الجماهيري الدؤوب قادها إلى تزعم تحرير غزّة من الصهاينة وأخذ زمام السلطة بانتخابات شرعية حازت فيها على ثقة الأغلبية الساحقة لجماهير الأرض المحتلة في الضفة الغربية وغزة مما مكنها من حماية المقاومة المسلحة في الأراضي المحتلة وإحباط المؤامرات التي كانت تستهدف وجودها من طرف زمرة الخونة المتمثلة في رئيس السلطة وأعوانه. وقد عمل هؤلاء وما زالوا يعملون على تفجير الوضع الداخلي الفلسطيني قصد الإطاحة بحماس خدمة للصهاينة، مما جعل حماس تطهر غزة منهم. فأي "انقلاب" في كل هذا؟.. أتـُـبْـقي حماس على الخونة من أمثال دحلان وغيره وهم يستهدفون وجود المقاومة ويعينون الصهاينة على اغتيال قادتها؟.. يستهدفون وجودها ويبيعون فلسطين بتعلة "الانقلاب" ليُـبْـقـُوا على عباس وزمرته يبيعون الوطن ويغتالون ويرتعون.

 

لجنة دعم المقاومة العربية ومناهضة التطبيع
تونس في 1 فيفري 2008

 

 

 

 

شبكة المنصور

الثلاثاء /  12  صفر 1429 هـ الموافق  19 / شبـــاط / 2008 م