بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

كلمة الأستاذ/ عثمان أبو راس ـ نائب أمين سر حزب البعث العربي الاشتراكي قيادة قطر السودان

في ندوة بعنوان : (الموازنة وآثارها على المواطنين) بدار المؤتمر السوداني في يوم 23/ فبراير 2008م

 

 

 

 

 شبكة المنصور

 

 

·   إستخدمت ميزانية هذا العام طريقة إعداد تعتمد على إحصاءات مالية الحكومة (G.F.S) كبديل للطريقة القديمة ، هذا النظام يبشر به صندوق النقد الدولي، حيث يستخدم في (90) دولة، ويتميز بالشفافية والسهولة في التحليل للإيرادات والمنصرفات، وتحديد المؤشرات المالية والاقتصادية، بما يمكن من تحديد التأثيرات السياسية والاقتصادية والإجتماعية، لكن العبرة ليست في الجوانب الفنية والنظم المالية في إعداد الموازنات ودرجة شفافيتها.

إن الأمر يتعدى ذلك إلى النهج السياسي والإقتصادي الذي تعبر عنه الموازنة باعتبارها توظيف تنفيذي لمالية الحكومة التي تخدم القضايا الاقتصادية والإجتماعية، التي تكون قادرة على قيادة تطور وطني يخدم نمو إقتصادي يحقق أهداف الحق في التعليم والرعاية الصحية وتوزيع الدخل بعدالة بين أفراد المجتمع وإمكانية القضاء على البطالة والفقر وتحقيق كفاءة إنتاجية عبر التوظيف الأمثل لرؤوس الأموال الطبيعية دون تخريب للبيئة والمساس بحقوق الأجيال القادمة.

* إيرادات تخرب المستقبل وتصنع الجوع والفقر:

(أ‌)  الأرقام الفلكية هي التي تميز إيرادات موازنة 2008م فقدرت بـ (21502) مليون جنيه، بزيادة قدرها (4212.6) مليون جنيه عن إيرادات موازنة 2007م

(ب‌)  تم تحصيل هذه الإيرادات من المصادر الايرادية الموسومة بالضرائب والمنح والإيرادات الأخرى كالنفط الذي حدد ربطه بما يعادل (11.2) ألف مليون جنيه بسعر 45 دولار للبرميل.

(ج‌)       الضرائب بلغت تقديراتها (8123.5) مليون جنيه توزعت على الآتي:

(1)

ضرائب على السلع والخدمات

5119.1 مليون جنيه

(2)

ضرائب على التجارة والمعاملات الدولية

2079 مليون جنيه

(3)

ضرائب على الدخل والأرباح ومكاسب رأس المال

813 مليون جنيه

(4)

ضرائب أخرى

77 مليون جنيه

(5)

ضرائب على الملكية

35.4 مليون جنيه

·        نبدي الملاحظات الآتية :

(1)   الضرائب نمت بشكل كبير، حيث بلغت (8123.5) مليون جنيه مقارنة بـ (7395) مليون جنيه لعام 2007م و (6760) مليون جنيه لعام 2006م.

(2)   الضرائب في الموازنة عملت على إعادة توزيع الدخل لمصلحة الشرائح المرتبطة بالسلطة، حيث بلغت الضرائب على الدخل وأرباح الأعمال (813) مليون جنيه وذلك بخفض ضريبة أرباح الأعمال إلى (15%) بدلاً من (30%) ومراعاة القطاع (الخاص) في مسألة الإصلاح الضريبي فالقطاع الخاص يعتبر هو قطاع السلطة فبعض المؤسسات تشارك الحكومة في رؤوس أموالها بالإضافة إلى أن أصحاب الأعمال هم منسوبي الحزب الحاكم والأجهزة الأمنية والشرطية ، لذلك جاءت الموازنة لتكرس الثروة لمصلحتهم.

(3)   الضرائب على السلع والخدمات (من ضمنها القيمة المضافة) قدرت بـ (5119.1) مليون جنيه، مضافاً إليها الضرائب على التجارة والمعاملات الدولية بـ (2079) مليون جنيه وضرائب الملكية بـ (35.4) مليون جنيه والضرائب الأخرى (77) مليون جنيه ، كل هذه البنود الإيرادية تقع على كاهل الفقراء والمعدمين وذوي الدخل المحدود، مما يجعل موازنة هذا العام هي إمتداد لموازنات صناعة الفقر والجوع.

(4)   زيادة ضريبة القيمة المضافة مع الضرائب والرسوم الواقعة على التجارة والمعاملات الدولية، إنعكس على زيادة الأسعار وخنق الشرائح المطحونة بالفقر والمرض والجوع، وهو الاستنتاج الذي قال به الكل فبعد إجازتها مباشرة إرتفعت أسعار السلع والخدمات وتحديداً الأساسية. فهذه الزيادات نتاج ضريبة القيمة المضافة والضرائب والرسوم الإتحادية والمحلية وقد قدمت السلطة إعتذارها للشعب، مؤكده في نفس الوقت أنها لا تؤثر على زيادة الأسعار فذهبت بعيداً في تحميل الزيادات في الأسعار للإرتفاع العالمي للأسعار، فعلى الرغم من الإرتفاع العالمي للأسعار ومدخلاتها، إلا أنها ليست وحدها مسؤولة عن الزيادة ودونكم المثال التالي المتعلق بزيادة الخبز الأخير حيث أنه يوضح مفارقة مخجلة.

- سعر الطن العالمي للقمح

= (940) جنيه يعادل (470) دولار

- رسوم وارد

= (26.8) جنيه

- رسوم مواصفات ومقاييس

= (4.9) جنيه

- وقاية محاصيل

= (14.1) جنيه

- رسوم موانئ

= (47) جنيه

- دمغة علاج

= (9.4) جنيه

- رسوم صومعة النيل الزراعي

= (75) جنيه

- الشحن والترحيل

= (110) جنيه

   كامل التكلفة

= 1227.2 جنيه

فالزيادات الناشئة من الرسوم ترفع سعر الطن من (940) جنيه إلى (1227.2) جنيه بزيادة قدرها (287.2) جنيه بنسبة زيادة (31%) مع العلم أن الزيادة في أسعار الدقيق التي رفعت أسعار الخبز تساوي (20%) ، حيث إرتفع الجوال من (90) جنيه إلى (110) جنيه.

ونستطيع على خليفة المثال أعلاه إيراد العديد من الأمثلة التي تلعب الضرائب العبء الأكبر في زيادتها.

هكذا تتوالى إرتفاعات أسعار الخبز في بلادنا بما يفضح كل شعارات (ما دايرين دقيق فينا إنحنا قمحنا بكفينا) ، وشعار(نأكل مما نزرع) ... الخ.

إن العديد من بلدان العالم تحسبت لإنخفاض إنتاج القمح وبالتالي إرتفاع الأسعار بسبب تقلبات الطقس المرتبطة بتغيرات المناخ، مما جعلها مثلاً تستورد كميات منه (مصر/أمريكا) ، أو حتى بالإستيراد من مناطق إنتاج قريبة بما يقلل تكلفة الترحيل. وكان الواجب على الدولة ذلك وأن تقوم بواجباتها الأخلاقية والسياسية فتتحمل الآثار المترتبة على إرتفاع أسعار القمح عالمياً على الأقل حتى مايو الذي يتوقع أن تنخفض بعده الأسعار وأن تدعم سعر الخبز لمواطنيها إضافة إلى وضع الخطط الجادة لتوطين زراعة القمح وتغيير التركيبة الزراعية في بلادنا بما يؤهلها لمواجهة تحديات المرحلة المقبلة .. (الحرب من أجل المياه) .. (من أجل الغذاء).

إن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي إعتمدته الأمم المتحدة عام 1948م نص على (الحق في الغذاء) أي أن الغذاء إعتبر واحداً من أهم حقوق الإنسان:

-   لذلك دعت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة إلى تجديد الإلتزام الدولي بضمان إحقاق الحق في الغذاء للملايين الجياع في أنحاء العالم.

-   وقال الدكتور (جاك ضيوف) في كلمته بيوم الأغذية العالمي في روما 16/10/2007م والذي أقيم تحت شعار (الحق في الغذاء) ، قال : (إن كوكبنا ينتج ما يكفي من الغذاء كماً ونوعاً لإطعام سكان العالم أجمعين، ومع ذلك لازال 854 مليون رجل وإمرأة وطفل يخلدون إلى النوم وبطونهم فارغة .. وتساءل قائلاً "أي حق هو ذلك الذي لا يمكن المطالبة به؟").... وقال أن : (820 مليون من هؤلاء يعيشون في البلدان النامية مؤكداً أن "الحل النهائي إنما يكمن في النهوض بالزراعة لا سيما في أفريقيا") .. الإستثمار في الزراعة.

-   كما جاء في رسالة البابا بنديكت السادس عشر التي ألقيت نيابة عنه : (إن الغذاء هو حق عالمي من حقوق البشرية بلا إستثناء وبلا تميز ... وإن عدم الإيفاء به يعد إنتهاكاً لكرامة الإنسان).

وهكذا يتضح من الأرقام التي أوردناها أن الدولة لا تكتفي فقط بالتنصل عن مسئوليتها في دعم أسعار الخبز أو القمح بل وتضيف على ذلك أعباءاً إضافية على المواطنين من خلال الرسوم التي أوردنا أرقامها.

-   ثم أن إعتذار الوزير للشعب إنما يعني إدراكه لحجم المعاناة التي تسببها موازنات الحكومة على المواطنين ... وهذا إعتذار لا معنى له سيما وأنه لم يرتبط بالإلتزام بأجل محدد يتم فيه التراجع عن الزيادات أو بتحقيق أهداف منفعية للمواطنين، لذلك كان الأجدر من إعتذاره إستقالته أو إقالته هو وحكومته ولكن ذلك يعكس أيضاً حقيقة أخرى هامة وهي علاقة النظام الحاكم ومؤسساته بالسياسات الاقتصادية والمالية أي أن هذه الحقيقة لوحدها (أجازة المجلس الوطني لمشروع الموازنة) تكشف حقيقة الديموقراطية التي ينادي بها النظام وأوهام التحول الديموقراطي التي يسبح فيها بعض الذين إرتضوا لأنفسهم مكاناً في مؤسسات النظام التشريعية بما يضفي مشروعية على النظام غير الشرعي وبما يفك عزلته عن الشعب بحكم سياساته المعادية والمتناقضة مع المصالح العليا لشعبنا.

·        موارد مهدرة وصرف غير رشيد:

(أ‌)      توزعت بنود الصرف على حسب نظام إعداد الموازنة الجديد على العناوين التالية:

-   تعويضات العاملين + شراء السلع والخدمات + تكلفة التمويل + الإعانات + المنح   + المنافع الإجتماعية + المصروفات الأخرى

-         بلغ الصرف التقديري على البنود أعلاه (22.450) مليون جنيه.

(ب‌)  الصرف على الحكومة الإتحادية بلغت تقديراته (7135.4) مليون مقسمة على الآتي:

·   مكان الفصل الأول، حلت ما يسمى بتعويضات العاملين حيث قدر الصرف عليها بـ (6050) مليون جنيه، مقارنة بـ (5208) مليون جنيه لعام 2007م و (4183) مليون جنيه لعام 2006م ... التقدير الأعلى في تعويضات العاملين يذهب إلى المرتبات والأجور بمبلغ (5547) مليون جنيه، ثم المساهمات (380) مليون جنيه وإحتياطي تعويضات العاملين (123.4) مليون جنيه.

·   شراء السلع والخدمات للقطاعات الحكومية حل محل الفصل الثاني (التسيير، البنود والممركزة) حيث بلغ تقديره (1085.4) جنيه.

ملاحظاتنا على الصرف الحكومي نلخصها في الآتي:

-   السمة المشتركة لكل الموازنات هي الإنفاق المتزايد لقطاع الدفاع والأمن والشرطة وقطاع الأجهزة السيادية، حيث ذهبت موازنة العام 2008م في ذات الإتجاه حيث إستحوذ قطاع الدفاع والشرطة والأمن على (4284.6) مليون جنيه من مرتبات العاملين و (554) مليون جنيه من مستحقات شراء السلع والخدمات.

إن إعمال مبدأ المقارنة يجعلنا غير محتاجين للتعليق، فمرتبات منسوبي الدفاع والشرطة والأمن تساوي (52) مرة مرتبات العاملين بقطاع الزراعة .. وأكثر من (25) مرة لقطاع الصحة .. وأكثر من (16) مرة لقطاع التعليم ويساوي أكثر من (3) مرات للقطاعات المختلفة !! وإن مشتروات قطاع الدفاع والأمن والشرطة المقدرة بـ (554) مليون جنيه تساوي أكثر من (20) مرة مشتروات قطاع الزراعة ، وأكثر من (7) مرات مشتروات قطاع الصحة وأكثر من (4) مرات قطاع التعليم .. وتزيد على كل مشتروات القطاعات مجتمعة من السلع والخدمات بـ (23) مليون جنيه !!

إذا هذه الأرقام لوحدها تلقي الضوء على إتجاهات الصرف في الموازنة .. كل ما قيل عن ثورات التعليم العالي والصحة والنفرة الخضراء والمشروع الحضاري يؤكد أن إنحياز الدولة إنما يمضي ناحية تأمين كراسي السلطة وفي ذلك فالعجب كل العجب أنه وبرغم ذلك فإن الدولة تبدو (بموافقتها) عاجزة عن توفير الأمن أو الإستقرار أو السلامة لمواطنيها بدلالة الموافقة أو الرضوخ لمطلوبات نشر قوات هجين وزيادة سعر العجين ـ الوصف بيهو نائب رئيس الحزب الحاكم القوات الهجين.

·   إن الصرف على قطاع الأجهزة السيادية تبلغ تقديراته بـ (681.8) مليون جنيه موزعة على المرتبات والأجور (507.1) مليون جنيه ومشتروات السلع والخدمات (174.7) مليون جنيه.

·   ونلاحظ أن مرتبات قطاع الأجهزة السيادية أكثر من مرتين مرتبات القطاع الصناعي، النقل، الطاقة والتعدين، الاقتصادي والمالي... كما نلاحظ أن:

مشتروات سلع وخدمات الأجهزة السيادية تعادل أكثر من (6) مرات قطاع الزراعة ، وأكثر من مرة واحدة قطاع الصحة ، وأكثر من مرة واحدة قطاع التعليم.

·   هذا يؤكد أن الموازنة ميزانية حرب رغم إدعاءات السلام ، فهي تصرف على قوى الحرب في ميدان المعارك وفي ميدان السلطة.

·   صرف بذخي على القطاعات التي لا علاقة لها بالإنسان السوداني المطحون ، في حين يبلغ الحد الأدنى للأجور (200) جنيه فإن جدول معيشة من قبيل الجدول التالي يؤكد هذه المفارقة:

جدول معيشة لأسرة تتكون من (5) أفراد

 

-         خبز = 16 خبز في اليوم = (4) جنيه

-         سكر = رطل في اليوم = (1.2) جنيه

-         زيت = نصف رطل في اليوم = (1.5) جنيه

-         لبن = 2 رطل في اليوم = (2) جنيه

-         غاز

-         كهرباء

-         ماء

-         إيجار

-         ترحيل

-         لحمة بمعدل كيلو واحد إسبوعياً

-         فواكه (موز فقط)

-         مصاريف دراسية

-         علاج

المنصرف الشهري

المنصرف الشهري

= (120) جنيه

= (36) جنيه

= (45) جنيه

= (60) جنيه

= (15) جنيه

= (15) جنيه

= (15) جنيه

= (400) جنيه

= (180) جنيه

= (60) جنيه

= (30) جنيه

= (100) جنيه

= (59) جنيه

(1126) جنيه

ومن ذلك نستشهد بأقوال شهود من أهل النظام :

-   فلقد طالب الإتحاد العام لنقابات العمال بلسان الأستاذ / هاشم أحمد البشير في صحيفة السودان طالب الدولة بتنزيل البنود الخاصة بدعم الشرائح الضعيفة المخصصة في ميزانية العام الجاري ، وضرورة مراجعة الأجور التي كانت تغطي نسبة 35% من تكلفة المعيشة وتراجعت الآن إلى نسبة 20% موضحاً أن الحد الأدنى للأجور البالغ (200 جنيه) لا يكفي أسرة متوسطة لشراء الخبز بغض النظر عن بقية الإحتياجات الأخرى وطالب الدولة بدفع أجور حقيقية للعاملين فيها إلا أن استمرار إرتفاع الأٍسعار وتدني الأجور ستكون نتائجه سالبة.

-   وقال د. عبد الرحيم حمدي ـ وزير المالية الأسبق ـ في معرض تعليقه على زيادة القيمة المضافة إلى 15% وتأثيرها على التضخم بأن الحل يكمن في التوجه نحو الإنتاج مشيراً لضعف الصرف على الإنتاج باعتبار ان الصرف موجه نحو الحرب والتشغيل (مرتبات) في ظل شح الموارد ... وقال أن تخفيض الإنفاق الحكومي يحتاج إلى إنضباط شديد لكنه غير مجد في ظل حكومة منقسمة على نفسها ... وأوضح ان ارتفاع نسبة التضخم يعكس الوضع الحالي وهو مؤشر لوجود علة في الاقتصاد .. وأضاف بأن الحلول معروفة لكنها تحتاج لإرادة وقرارات شجاعة ... عندها ستنخفض الأسعار .. كتر خيرك إنت أخيراً قلت القلناه.

-   ومن جانب ثالث توقع أحد خبراء الانقاذ الاقتصاديين أن يرتفع التضخم لهذا العام لأكثر من 100% ، وإفترض أن يكون الحد الأدني للأجور 800 جنيه حتى يتناسب مع نسب التضخم المتزايدة .. محذراً من خطورة إمتداد تأثير التضخم على الشرائح الضعيفة في المجتمع من ذوي الدخل المحدود

-   ويقول أحد الاقتصاديين (إن أي سياسات أجور عادلة وفاعلة تقوم على مبادئ أساسية هي مبادئ الأجر المتساوي للعمل المتساوي والأجور المقارنة أوالإنتاجية أو مبدأ تكاليف المعيشة ، وبالتالي الحد الأدنى للأجور .. لكن في السودان هذه المبادئ غائبة تماماً .. وإن المبدأ السائد هو مقدرة المخدم على الدفع ، فالمبدأ يستخدم دون أسس اقتصادية ومعايير علمية .. فالحكومة تتمسك بمقدرة الدولة على الدفع دون الإلتفات إلى توصيات المجلس الأعلى للأجور بزيادة المرتبات مما أدى إلى تدهور الأجور بشكل كبير وتدهور مقدرتها الشرائية.

·        المنح:

بلغ تقدير المنح (10.532) مليون جنيه توزعت على الآتي بين الصرف على المشاركة في المنظمات الدولية بـ (35) مليون جنيه والإنفاق على الوحدات الحكومية بـ (10.497) مليون جنيه ، تحول منها لحكومة الجنوب (3.952) مليون جنيه وللحكومات الولائية الشمالية (3187) مليون جنيه واغتناء الأصول الرأسمالية (3358) مليون جنيه.

نبدي بعض الملاحظات الآتية:

-   نصيب تحويلات حكومة الجنوب قدر بـ (3952) مليون جنيه لم يكن هناك تضمين لإمكانية صرفه لكنه حسب تجربة الأعوام السابقة والنهج السياسي والاقتصادي السائد فمن المتوقع أن يحظى الصرف على قطاعات الجيش الشعبي بالنصيب الأوفر فقد كان نصيب الصرف عليه قد تجاوز (70%) من تحويلات الجنوب.

-   بلغت التحويلات الجارية المخصصة للولايات الشمالية (3187) مليون جنيه سوف تذهب كلها للصرف على المرتبات وشراء السلع والخدمات حيث إستقطع منها للشرطة (273) مليون جنيه.

 

·        العجز:

-   السمة الأساسية لموازنات السلطة هو العجز المقيم فقد بلغ عجز موازنة هذا العام (948) مليون جنيه ، وهذه الأرقام هي أرقام تقديرية لكن عند حساب التمويل بالعجز ورقمه الحقيقي يتجاوز دوماً الرقم المحدد للربط. إن التمويل بالعجز يفقد الدولة سنوياً (1469) مليون جنيه تذهب كتكلفة فائدة لمؤسسات التمويل المحلي والأجنبي.

·        المخرج:

لجعل الموازنات باعتبارها البرنامج التنفيذي للدولة تتجه نحو تمكين الإنسان وجعله المحور المستهدف بالفعل الاقتصادي والسياسي لابد من مراعاة ذلك:

(1)       الرجوع إلى الدعم الحكومي للسلع والخدمات الأساسية عبر الآتي:

-         إلغاء وتخفيض الضرائب والرسوم التي تعمل على زيادة الأسعار المؤثرة على حياة المواطن.

-   ضبط نفقات جهاز الدولة المتضخمة وتحديداً الصرف على قطاعي الدفاع والشرطة والأمن والأجهزة السيادية وتوجيهها نحو القطاعات ذات الأولوية للمواطن ، فلو تم تخفيض شراء السلع والخدمات بجهاز الدولة الذاهبة للإتصالات والكهرباء والسيارات والأثاثات والوقود بـ (50%) وتوظيف مواردها في الدعم والتنمية.

(2)   توسيع ماعون الموارد المالية ولا يتم ذلك إلا بالصرف على القطاعات التي تصنع المستقبل ، فالأولوية يجب أن تتوجه إلى القطاع الزراعي والصناعي والتنمية البشرية المصاحبة لذلك ، عبر تنمية تعمل بهذا الإتجاه ، فلو تم توظيف (50%) من موارد البترول الناضبة وتخطيط ذلك مع القروض الميسرة لأمكن توسيع قاعدة الاقتصاد وجعله غير مرتبط بالضرائب والموارد البترولية التي تجعل الاقتصاد السوداني معرض للأزمة دوماً.

(3)   إن الاعتماد على سياسات التحرير الاقتصادي وقيادة القطاع الخاص (قطاع سلطة) المرتبط بالرأسمالية العالمية ، سوف يضع حاضر ومستقبل المواطن السوداني في مهب الريح ، إن التخلي عن هذا النهج هو مفتاح الحل عبر إنتهاج طريق تنمية وتطور يعتمد على الذات والمصالح القائمة على العدالة والتكافؤ.

(4)       التأكيد على أن الموازنة قانون والتعدي على القانون يقتضي المسائلة والمحاسبة.

ولن يتم ذلك مع بقاء نظام الإنقاذ بشركائه من نيفاشا إلى أبوجا مروراً بالقاهرة وليس من رهان على إصلاح إقتصادي أو تنمية مع غياب الديموقراطية وليس من طريق للإصلاح والتنمية في ظل الخضوع لسياسات صندوق النقد والبنك الدولي... ولا مجال للرهان على موارد النفط الناضبة وليس من بديل غير الاعتماد على الموارد المتجددة (موارد القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني) بما ينهض بالريف وإنسانه الذي يعادل 75-85% من سكان القطر.

وإذا كانت ديون بلادنا الخارجية قد بلغت حتى 31/12/2006م (28.457) مليون دولار فإن معرفة أن فوائد تأخير سداد الدين قد بلغ نصيبها من هذا المبلغ (11.526) مليون دولار (أي تقريباً ما يعادل أصل الدين البالغ 12.825 مليون دولار.

كما بلغ نصيب الفوائد الأساسية التعاقدية 4016 مليون دولار ، فإن هذه الأرقام تنذر كل حادب على الوطن وإستقلال قراره بخطورة الاعتماد على الدين الخارجي وشروطه المجحفة وما ينبغي توجيه الصرف منه عليه.

 

 

 

 

شبكة المنصور

الثلاثاء  /  19  صفر 1429 هـ الموافق  26 / شبـــاط / 2008 م