بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

 محنة المشردين العراقيين

 

 

شبكة المنصور

وليد الزبيدي

 

تقف حشود المشردين العراقيين بين أكثر من نار، فما ان سمعت الكثير من العوائل المنهكة والمتبعة، بوجود بارقة أمل لتحسن جزئي في الوضع الأمني داخل العراق، حتى سارعت هذه العوائل المشردة واللاجئة بالعودة الى بيوتهم في بعض المناطق، والفرحة تغمرهم والامل بالوصول الى لحظة الطمأنينة يحدوهم، ولكن واقع الحال ليس كما تحاول الأطراف الحكومية إشاعته بين الناس، ليتحقق لها هذا المكسب الإعلامي أو ذاك، فالأمن مفقود في العراق،واختفاء بعض الميليشيات وعصابات الإجرام من الواجهة، لايعني غيابها التام، لأن الجميع يعرف حقيقة هذه العصابات،وانها تعمل تحت مظلة الاجهزة الامنية الحكومية، وهناك آلاف القصص التي يتداولها العراقيون عن عمليات الاختطاف الفردي والجماعي، التي مارستها هذه العصابات وتوفر لها الحماية التامة أجهزة الشرطة والحرس الحكومي، وعندما تحصل عمليات الاختطاف، فإن العصابات التي تنفذ تلك الجرائم، تتحرك بكل سهولة في شوارع بغداد والمدن الاخرى، وتجتاز عشرات نقاط التفتيش، وتقود الضحايا الى مناطق معروفة،لتبدأ عمليات التعذيب الوحشي ومن ثم القتل وتقطيع الجثث وتشويه الوجوه، ثم رحلة العودة بجثث الضحايا، وترمي أثناء ساعات منع التجوال، عندما لايوجد في شوارع بغداد والمدن الاخرى سوى دوريات الشرطة والجيش والأجهزة الأمنية،وفي الصباح الباكر،يعثر الناس على عشرات الجثث في الشوارع ومكبات الانقاض.

هذه الوقائع والاحداث، مازالت تحصل،وقصة جثث مجهولة الهوية،التي ترمى يوميا اثناء ساعات حظر التجوال متواصلة ، وتشهد احياء بغداد الكثير من عمليات الاختطاف والاعتقال المنظم.

هذا الواقع الذي اثقل كاهل العوائل العراقية،وبث الرعب والهلع والخوف في قلوب الاباء والامهات،خوفا على اختطاف واعتقال فلذات اكبادهم واقتيادهم الى المجهول المعلوم، مازال كما كان و المشهد يتكرر يوميا والضحايا بالمئات، والذين اختفوا يقدرون بعشرات الآلاف.

رغم ذلك فإن الكثيرين يحاولون إقناع أنفسهم بأن نافذة للأمل،قد تلوح في الأفق البعيد، فسارعوا بالذهاب الى المجهول والعودة الى بيوتهم ومدنهم.

ان ظاهرة عودة المشردين،التي حذرت المنظمات الدولية من خطورتها بسبب سوء الاوضاع الامنية في العراق،تدلل على ان الملايين من العراقيين الذين يعيشون في الغربة،يكتوون يوميا بأنواع عديدة من النار الحارفة.

نار الغربة التي تعذب الروح البشرية،ونار الحاجة والعوز التي تمزق الآباء والأمهات لعدم قدرتهم على توفير الحد الادنى من احتياجات الاطفال والابناء، ونار الخوف على مستقبل العراق ومصيره،حيث تتقاذفه الأمواج العالية المدمرة.

هذه حشود من المشردين،تحاصرهم حشود من النيران الحارقة، ولاتزال المحنة متواصلة.

 

 

 

 

شبكة المنصور

الإثنين /  16  ذو القعدة 1428 هـ  الموافق  26 / تشــريــن الثاني / 2007 م