بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

قصر نظر أميركي

 

 

شبكة المنصور

وليد الزبيدي

 

أحاديث ونقاشات وتبادل اتهامات كثيرة تداولتها وسائل الإعلام، حول اجتماعات جرت في منتجع البحر الميت قبل أيام، التقى فيها اكثر من عشرين شخصية عراقية بحضور ريتشارد ميرفي المسؤول السابق في الخارجية الأميركية وسفير بريطاني سابق، ومن يرصد مجمل ما نشر من اتهامات ونقاشات ، يجد أن الجميع تناولوا جانبا واحدا، تمثل في رمي الاتهامات بسبب حضور هذا الطرف أو ذاك من العراقيين على اختلاف توجهاتهم ومشاربهم، ولم يتطرق أحد إلى الدور الأميركي في هذا الاجتماع، ولم يبحث أحد عن الأسباب التي أجبرت إدارة الامبراطورية الكبرى إلى الإصغاء إلى الأطراف العراقية.

للأسف الشديد ما يتحكم بالكثير من العراقيين هو الرغبة في البحث عن مرتكزات الضعف فيما بينهم، ولا يلتفت هؤلاء إلى منابع الوهن في الطرف الأميركي، وفي جميع الأحوال، فإن تقصي حقيقة الآخر، هو المطلوب، والوقوف عند الضفاف الغامضة أفضل بكثير من تبادل السب والشتم على الطريقة العراقية.

لكي لا نذهب بعيدا، لابد ان نتذكر ان الادارة الأميركية قبل عشر سنوات من الآن، لم تتعب نفسها كثيرا في البحث عن أوضاع العراق، واكتفت بمجموعة من الدراسات قدمها معارضون عراقيون سابقون، وبحوث وأفكار أخرى شارك في إعدادها دبلوماسيون وخبراء أمريكيون عملوا في الشرق الاوسط،، وتبنت ذلك مراكز بحوث ودراسات من أهمها مؤسسة( راند ) التابعة للبنتاجون.

وقبل ما يقرب من خمس سنوات اي قبيل الغزو، لم يسأل قادة البيت الابيض العراقيين عن الطريقة التي يجب ان تدار بها الدولة العراقية، وكل ما فعلوه هو الاستعانة ببعض المجاميع من العراقيين، الذين ارتضوا العمل تحت مظلة القوات الأميركية، ودفعت الادارة الأميركية بقواتها المجهزة بأحدث المعدات واحتلت العراق، لتبدأ عملية بسط السيطرة التامة على هذا البلد.

في تلك الاثناء، اعتقد الأميركيون ان العراق والعراقيين يغطون في نوم عميق، وان ابناء هذا البلد في حال من السبات التام، ولن يحصل ما يعكر صفو جنود المارينز.

انقضت الأشهر الاولى من عمر الاحتلال، والأميركيون ما زالوا على تصورهم للأوضاع في العراق، ومع ظهور مؤشرات حقيقية تؤكد الخطا الجسيم الذي وقعوا فيه، وان ما تصوروه من السبات والنوم العميق، لم يكن كذلك،رغم ذلك الا ان القيادة الأميركية، لم تقبل بالاقرار بما يجري على ارض الواقع، وحاولت النأي بنفسها عن الحقيقة ، التي تؤكد دخول قواتهم في مستنقع العراق الأخطر.

ثم توالت الأحداث اليومية، التي اثبتت نهوض أبناء العراق وتصديهم للاحتلال، وبروز الجهد المقاوم على أوسع ما يكون، ما أجبر الإدارة الأميركية على إعادة التفكير والرضوخ إلى الحوار مع جميع الأطراف العراقية، وما حصل في البحر الميت وقبل ذلك في بيروت واسطنبول، إضافة إلى الحوارات المعلنة والسرية مع أطراف عراقية كثيرة، تؤكد ان الأميركيين بحاجة ماسة للاستماع إلى العراقيين، وهنا اعتقد بأن التفكير السليم يجب ان يذهب بالعراقيين إلى التصرف بطريقة ذكية، تنطلق من الضعف الأميركي، وإذا تأكد هذا الوهن للجميع، فإن العراقي المخلص يجب أن يفيد من ذلك، ويذهب صوب الضفة التي تحمي العراق من التقسيم وتحافظ على وحدته الاجتماعية، وان وقت التنازلات قد ذهب، وأن يكون الحوار العراقي في دائرة المصلحة العراقية الخالصة.


wzbidy@yahoo.com

 

 

 

 

شبكة المنصور

الاحد /  08  ذي القعدة 1428 هـ  الموافق  18 / تشــريــن الثاني / 2007 م