بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

تخريب التعليم في العراق

الحلقة الرابعة

 

 

شبكة المنصور

وليد الزبيدي

 

لمعرفة حجم التخريب الذي شهده التعليم في العراق، لا بد من العودة إلى جذور هذه العملية، التي ابتدأت بعد احتلال بغداد مباشرة، فقد سارعت الأحزاب الدينية بدون استثناء الى تحويل الحرم الجامعي الى ساحة للتثقيف الطائفي والعرقي، وانتشرت الكثير من المظاهر الغريبة، التي لم يألفها الجو والوسط التعليمي العراقي، وبرزت تلك المظاهر في الجامعات والمعاهد، وكانت على مستويين، الأول يتعلق بطموحات شخصية لتولي مناصب وزعامات في الأقسام والكليات والجامعات، فانتشرت ظاهرة تهديد الكفاءات والعلماء والعمل على ازاحتهم عن مناصبهم أو طردهم خارج الأوساط الجامعية، واستغلت الحكومات التي جاءت منذ مجلس الحكم بزعامة بول بريمر وحكومات الاحتلال الأخرى قانون اجتثاث البعث، لطرد وإبعاد آلاف الكفاءات من العلماء في مختلف الاختصاصات، كما شمل ذلك عشرات الآلاف من المعلمين والمدرسين في الدراسات الأولية، وهنا حصل تخلخل كبير في البنية التعليمية، ما فتح الكثير من نوافذ التخريب في قطاعي التربية والتعليم .

أما في الجامعات، فقد انتشرت ظاهرة استخدام صور لسياسيين ورجال دين بصورة مثيرة للاستغراب، وفاق عدد تلك الصور ما موجود من مراجع ومؤلفات وكتب في مكتبات تلك الكليات والجامعات، وتحولت المكتبات من أماكن للبحث والتقصي العلمي، الى مقرات للأحزاب والتجمعات الطائفية والعرقية، التي حرصت على إقامة الندوات الخاصة والشعائر الدينية، وأصبح تواجد الطلبة في هذه الأماكن أكثر من وجودهم داخل قاعات الدرس والمعرفة، ومن هذه الزاوية،بدأت واحدة من أخطر النوافذ التي تقود الى تخريب التعليم، لأن الحضور الأكبر لم يكن للمحاضرات العلمية، وإنما لكلمات وخطب وأحاديث ممثلين للأحزاب المشاركة في العملية السياسية .

لقد هيأت تلك الممارسات الى مرحلة أخرى في غاية الخطورة، ففي العام الدراسي للسنة الثانية من الاحتلال عام 2004، برزت مسألة تقسيم غالبية الجامعات العراقية على أساس طائفي، ورغم أن ذلك لم يعلن بصورة رسمية، إلا أن الجميع يعرفون أن هذه الجامعة أصبحت من حصة الطائفة الفلانية وتلك الجامعة من حصة الطائفة الاخرى، وتساوق ذلك التقسيم الخطير مع الخطوات المدروسة لتكريس الطائفية والعرقية في العراق، والتي جاءت منسجمة وأسس العملية السياسية، التي ابتدأت بتشكيل مجلس الحكم في يوليو عام 2003، ومن المعروف أن تكريس الهوية الطائفية في الجامعات، لم يكن اعتباطيا، وإنما جاء وفق دراسات وخطوات ممنهجة، هدفت الى تقسيم المجتمع العراقي وتهيئة الأجواء لإثارة الفتنة بين أبنائه،وعلى الطرف الآخر، فإن مثل هذا الزرع ساهم بقوة في تخريب العملية التربوية والتعليمية في العراق .

wzbidy@yahoo.com

 

 

 

 

شبكة المنصور

الاربعاء /  28 رمضان 1428 هـ  الموافق  10 / تشــريــن الاول / 2007 م