بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

العفو .... العجيب

 

 

شبكة المنصور

وليد الزبيدي

 

 من أغرب ما سمعت ، والأشياء الغريبة في العراق تترى ولا تتوقف ، وليس لها حدود ، ما أعلنته حكومة المالكي ، من اتخاذها القرار الذي يصدر لمناسبة عيد الأضحى المبارك ، يتم بموجبه ما قالت الحكومة : إطلاق سراح المعتقلين الذين لم تثبت إدانتهم ، وهذا أمر غريب حقا .

ويمكن مناقشته من ثلاث زوايا هي :

الأولى : أن العفو عن السجناء ، وحسب ما هو متعارف عليه، يكون بإطفاء ما تبقى من المدة المقررة قانونا بحق شخص أو مجموعة أشخاص ، وهذا يحصل في العديد من الدول ، وتكون هناك موجبات سياسية أو اجتماعية لإصدار مثل هذا العفو، وبالتالي لا تتنازل السلطات عن حقها من الجناة ، مع المحافظة على حقوق الضحايا ، وبهذا المعنى ، لا نجد شيئا من ذلك ينطبق على ما تقول الحكومة العراقية ، من أنها ستتخذه على هذا الصعيد .

الثانية : إن الذين لم تثبت إدانتهم وهم بعشرات الآلاف من الأبرياء الذين يقبعون داخل السجون الحكومية ومعتقلات الاحتلال الأميركي ، قد وقع عليهم الظلم ولحقت بهم الخسائر المادية والمعنوية ، وتعرضوا إلى أبشع أنواع التعذيب والإهانة والإذلال ، وهناك من فقد حياته من جراء التعذيب ، والكثيرون أصابتهم الأمراض المزمنة والخطيرة ، والكثير من المعتقلين أمضوا سنوات عدة داخل أقبية السجون وفي ظروف قاسية وصعبة جدا ، وبعد كل هذه السنوات الطويلة، بكل ما فيها من تدمير للشخص وعائلته ، تخرج علينا السلطات لإصدار عفو عنهم ، وبهذا الوصف وضعته رغم أنفه في خانة المجرمين ، الذين تتفضل عليهم السلطة الحاكمة من خلال إصدار العفو عنهم .

ثالثا : إن جميع القوانين والأعراف تقول : إن الذي يتم اعتقاله بدون وجه حق ، فله حقوقه المشروعة للمطالبة بالتعويض عما خسره بسبب هذا الاعتقال، وهذا ينطبق على من يمضي ليلة في السجون المعروفة ، فكيف بالذين أمضوا السنوات الطويلة ، وتعرضوا خلالها إلى التعذيب والإهانة ، وخسروا وظائفهم أو أعمالهم وتشردت عوائل الكثير منهم ، وعاشوا أسوأ وأتعس أيام حياتهم رغم ذلك ، تريد الحكومة أن تختصر كل معاناتهم وتعكس الصورة ، وتقول لهم وللعالم ، إن هذه الحكومة تتفضل على هؤلاء الضحايا وتقدم لهم هدية من نوع جديد ، وهو الحصول على الحرية ، التي افتقدوها بلا ذنب ارتكبوه ، أو جناية فعلوها.

ما يضاف إلى هذه الزوايا الثلاث ، لابد أن ننظر إلى المعاناة الحقيقية التي يعيشها الآخرون من القابعين في المعتقلات الذين لم يشملوا بالعفو الغريب جدا، وأن تكون هناك تحركات وطنية حقيقية، وهذه مسؤولية كبيرة تقع على عاتق منظمات حقوق الإنسان واتحاد المحامين العرب ونقابات المحامين في الدول العربية والإسلامية ، وأن تجد طريقة للتدقيق في ملفات من إدانتهم محاكم الحكومة، لأن الغالبية العظمى من الأحكام التي صدرت ، استندت إلى اعترافات تم أخذها تحت وطأة التعذيب الوحشي الذي يتعرض له المعتقلون ، وهذه فضائح تزكم الأنوف في العراق ، وبرنامج قناة العراقية التي أسسها الاحتلال وتتبع للحكومة ( في قبضة العدالة) كشف عن مئات الاعترافات ، التي أدلى بها أصحابها تحت التعذيب الوحشي .

لذلك فإن الذين سيفرج عنهم يجب أن يطالبوا بحقوقهم القانونية ، ويطالبوا بإيداع من اعتقلوهم في السجون في مرحلة وطنية مقبلة ، أما الذين يقبعون في المعتقلات ، أو صدرت الأحكام بحقهم ، فلابد من إحقاقهم وإنقاذهم من الظلم الذي وقع عليهم ، وأن تكون هناك جهات عربية ودولية تدقق في ملفاتهم التي تزخر بالتلفيق واعترافات وقعوا عليها تحت سياط الجلادين .

wzbidy@yahoo.com

 

 

 

 

شبكة المنصور

الاحد / 29  ذو القعدة 1428 هـ  الموافق  09 / كانون الأول / 2007 م