بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

 لماذا تصاعدت الحملة على البعث ؟

 

 

شبكة المنصور

صلاح المختار

 

ليس صعبا ملاحظة ان اشتداد الحملة على البعث منذ شهور ، والتي وصلت حد انصراف العديدين من متابعة الاحتلال وجرائمه الى متابعة ما يقال حول البعث هنا او هناك ، مرتبط بمجرى حرب تحرير العراق وطبيعة المأزق القاتل الذي وصل اليه الاحتلالين الامريكي والايراني ، نتيجة وحدة المقاومة المسلحة ونجاحاتها المذهلة والفريدة . ان حمى الحملة تؤكد في آن واحد وصول قلق الاستعمارين ( الامريكي والايراني ) ومن يخدمهما الى درجة دفعتهما لاشهار اخر اسلحتهما ضد المقاومة والحركة الوطنية العراقية ، من جهة ، وقلق بعض الوطنيين الصادق والمشروع مما ينشر ويبث من اشاعات حول البعث وحرصهم على رفع اصواتهم للفت انتباه البعث الى قضايا مهمة ، حتى لو تم ذلك بطرق خاطئة ، من جهة ثانية . من هنا علينا ان نكون دقيقين وهادئين في اتخاذ الموقف المطلوب لتجنب الانجرار الى معارك جانبية يجب عدم التورط فيها ولتفهم دوافع بعض الصادقين وشرح الموقف لهم لاجل المحافظة على علاقات الرفقة معهم .

ان الحملة واشتدادها ينطويان على حقائق ومعان ودلالات لا يجوز تجاهلها ، اذا اردنا ان نحتويها ونحيّدها ونمنع تأثيراتها ، لذلك فان اهم ما يجب الانتباه اليه في هذا الصدد هو ان هذه الحملة تهدف الى تحقيق ما يلي :

1 – جرنا ، رغما عنا ، من خلال شدة الاستفزاز وغرابة الاتهامات ، الى موقف رد الفعل ومنعنا من القيام بفعل أصلي خططنا له نحن وليس العدو ، وبذلك نفقد المبادرة وتصبح بيد العدو او من يحركهم العدو المشترك .

وبما ان كسب المعارك ، بل والحرب بكاملها ، مشروط بالإمساك بزمام المبادرة ، وتجنب تحول رد الفعل الى قاعدة العمل ، يجب علينا عدم السماح لعواطفنا مهما كانت صادقة ، بالتجاوب مع كل قرع طبول ورفض النزول الى ساحة الاستعراضات وسيوفنا بيدنا ، مع ان الامر لا يتعدى حدود جس النبض ، غالبا ، لمعرفة مواقع تمركز قواتنا ومصادر قوتنا وتحديدها بدقة لاطلاق النار عليها عند اكتمال الاستعدادات ، كما يقول الرفاق يقول العسكر .

2 – اشغالنا بقضايا تقوم على الشك والتشكيك بانفسنا وبرفاقنا وبحزبنا وبحلفائنا ، وهي حالة تنشر عدم الثقة داخل صفوفنا وبيننا وبين القوى المقاومة الاخرى ومع الشعب ، فتسلب منا القوة الحقيقية لمواصلة القتال حتى النصر .

3 – منعنا من الانصراف لتعزيز وحدة القوى الوطنية وعلى راسها المقاومة المسلحة ، في اطار جبهتين واحدة عسكرية واخرى سياسية داعمة للجبهة العسكرية ، بعد ان تعرضت المقاومة لشرخ واضح ، نتيجة السياسات الحمقاء لعناصر تكفيرية فتحت معارك لا مبرر لها بين المقاومين في لحظة وصولهم الى اقرب نقطة من النصر ! ان الحملة بشدتها وشراسة مفرداتها واصرار من يقوم بها ، رغم كل التوضيحات والشروح الكاملة للمواقف ، تهدف الى منع تحويل العمل الجبهوي العسكري والمدني الى اطار محكم وصلب لكسر اخر حجابات العدوين وابقاء العمل الجبهوي عليلا وضعيفا .

4 – تغليب التناقضات الثانوية على التناقض الرئيسي ، لان هذا التغليب يسمح بتشتيت الجهد الوطني المقاوم ويسمح للعدوين باختراقنا بشكل اسهل كوطنيين . ان الاختلافات الثانوية هي الخلافات والاختلافات الطبيعية بين القوى القوى الوطنية ، والتي يجب ان تحل بالحوار والنقد الهادئين وليس بالاستفزاز والتشكيك المفتعل . أما التناقض الرئيس فهو مع العدوين المحتلين للعراق ويفترض ان تتركز كل الجهود لدحرهما وانهاء احتلالهما للعراق .

5 – اظهار البعثيين بمظهر السذج وقصيري النظر والذين لا يتورعون عن الانفعال والرد بنفس طريقة الهجوم عليهم ، دون تمعن ونظر وبحث في الدوافع والاحتمالات التي تقوم عليها الحملة ومن ينفذها .

ان البعثي قائد وطليعي في مجاله الجهادي لذلك فان الرد الانفعالي والسريع يجرده من طليعيته وجهاديته ويجعله مساو لاي ساذج وبلا خبرة نضالية ، مما يسمح بالتشكيك بحرصنا على المصلحة الوطنية العامة وبأهليتنا لقيادة النضال الوطني العام ، بصفتنا الحزب الوطني الجماهيري الوحيد الذي يشمل العراق كله .

6 – اثبات ان اغتيال سيد شهداء العصر صدام حسين كان بداية مبرمجة لشرذمة البعث وانهاء عنصر الاستقطاب والتوحيد فيه ، كما قيل قبل الاغتيال من قبل العدوين المشتركين ، لان الانسياق وراء رد الفعل الانفعالي يفتح كافة الابواب امام التشرذم والانقسامات ويضعف الديمقراطية المركزية والانضباط الحزبي .

وهذا هو اهم مكونات قانون اجتثاث البعث وليس التصفيات الجسدية لمناضلي الحزب رغم خطورتها .

حينما فشلت التصفيات الجسدية للبعثيين في اجتثاث وانهاء البعث كحزب جماهيري مناضل ، رغم استشهاد عشرات الالاف من البعثيين على يد الاحتلالين ، اصبح ثنائي الشيطنة ، أي تشويه صورة البعث ، و الشرذمة هما المحتوى الرئيس لقانون الاجتثاث .

لذلك فان الواجب الاساسي للبعثي الان هو المحافظة المستوى العالي للانضباط الحزبي وللكياسة والتعقل عند التعامل مع الهجمات علينا ، لتحقيق هدفين اساسيين ، الاول هو منع اختراق الحزب وشرذمته ، والثاني تأكيد ان الحزب الذي انجب الشهيد صدام حسين قادر على انجاب الف صدام وانه بطن ولود ولا تعقر ابدا .

7 – اقناع الجماهير بانه لا يوجد فرق بين اياد علاوي واحمد الجلبي ، من جهة ، وبين القوى الوطنية وعلى راسها الحركة الوطنية الام ( البعث ) ، والتي يتركز الامل بتحرير العراق عليها من جهة ثانية . ان نشر الاشاعات حول مشاركة البعث في اجتماعات مشبوهة كاجتماع البحر الميت ، ومساهمة علاوي شخصيا بنشر الاكاذيب ، كادعاءه الكاذب انه نظم لقاء بين عناصر من البعث ومسئولين امريكيين كبار ، ودخول مسئولين ايرانيين كبار في حلبة اتهام البعث بانه يتصل مع الامريكيين ، وكتحصيل حاصل قيام المالكي شخصيا بترديد ما قاله المسئول الايراني الكبير ، ان ذلك كله وغيره كثير ، محاولات لئيمة لتصوير البعث وكانه لا يختلف عن المتعاونين مع الاحتلال !

ومن الضروري جدا ملاحظة اهمية تصوير البعث وكأنه اجنحة وتكتلات وجماعات في تنفير الناس منه ، وهي محاولة تقوم بها عناصر مختلفة ، واذا ترسخت هذه الصورة فان الجماهير التي اعادت اكتشاف ان البعث هو الامل الرئيس في التحرير ، بعد ان جربت الجميع ، سوف تقع في فخ اليأس القاتل ، وهكذا تحرم الحركة الوطنية وقيادتها الشرعية المقاومة المسلحة من الدعم الجماهيري والذي يعد من اهم شروط استمرار المقاومة المسلحة .

8 – تسهيل اكمال الترتيب الامريكي الجديد وهو ابراز ضباط ، كانوا يحسبون على الجيش الوطني ، ليكونوا البديل عن البعث وكافة فصائل المقاومة ، لذلك راينا تحركا يتحدث باسم ( القوات المسلحة العراقية ) ويسطو على برنامجها واسمها ، لكنه يتحدث عن وظيفة الجيش على اساس انه جيش محترف لا دخل له بالعمل الحزبي او السياسي ! وكاننا نعيش في الولايات المتحدة او بريطانيا وليس في العراق ، قطر التخوم ( الحدود الشرقية للوطن العربي ) الذي تفرض عليه وعلى قواته المسلحة قوانين الجغرافية والتاريخ كامل دروسهما ، ومنها ان تسييس القوات المسلحة أمر حتمي ، ورغما عن الجميع وقناعاتهم ، نتيجة تحديات الجوار والتي نراها في اوضح صورها منذ الغزو .

ان الترتيب الامريكي الجديد هذا اعد لاجل استقطاب من ييأس من العمل الحزبي المنظم ، والذي يراد تصويره على انه محض حماقات صبيانية تفتقر الى النضج والخبرة ، او انه عمل يقسم القوات المسلحة . واذا اخذنا بنظر الاعتبار ان القوات المسلحة المجاهدة قد اعيد بناءها تحت الارض، وتم تعيين امرين وقادة للفرق والوية وتحددت مناطق المسئولية لهم استعدادا للحظة التحرير وامساك الارض ، ندرك ان تشويه صورة البعث وشرذمته ممهدان ضروريان لتعزيز الترتيب الجديد والاعداد لتسليم العراق لضباط كبار واقامة ديكتاتورية عسكرية دموية باشراف امريكي .

9 - تسهيل انخراط عناصر او كتل ما زالت تحسب على الخط الوطني حتى الان لكنها مترددة في الانخراط في العملية السياسية خوفا من الروادع الوطنية ، فاذا صور البعث على انه يساوم ويحضر للانخراط في العملية السياسية فان هذه العناصر سوف تسارع للانخراط في العملية السياسية والمزايدة في الخضوع للاحتلال .

10 – نشر فوضى الشك والتشكيك بين الفصائل الجهادية المختلفة وتعزيز مناخ الصراع من اجل السلطة وجعله اهم من الصراع من اجل التحرير ، وهذا هو بالضبط ما يريده الاحتلال الامريكي .

هذه بعض الملاحظات حول الاهداف والغايات والمعاني الكامنة خلف الحملة ضد البعث ، والان علينا ان نحدد كيفية مواجهة تلك الخطة ، وهنا يجب التذكير بما يلي :

1 – ان وضوح موقفنا من كافة القضايا الخاصة بالاحتلال وتحرير العراق يجب ان يكون حاضرا في الاذهان دوما ، خصوصا وان الحزب كرر في اكثر من مناسبة تأكيده على ثوابته الخاصة بالتحرير ، وفي مقدمتها رفض عقد مساومات او صفقات تتناقض مع المنهاج الستراتيجي والسياسي للحزب والمقاومة ، والذي اعلن في عام 2003 ويعد المرجع الاساسي لمواقف البعث والناقض لكل ما يخالفه من مواقف وتصرفات ، وفي مقدمة اسسه الانسحاب الكامل وغير المشروط ورفض التنازل عن حقوق العراق ، بما في ذلك التعويضات . لذلك اكتفى الحزب ، متعمدا ، اصدار تصريح باسم ناطق مخول للرد على اتهام البعث بانه حضر اجتماع البحر الميت ، وهو اتهام خاطئ اكده من حضر بقوله انه حضر بصفة شخصية ، والصفة الشخصية هذه غير موجودة في قواميس البعث التنظيمية عند حضور مؤتمرات خصوصا المشبوهة .

ان الحزب هو الحركة التاريخية الاكبر والاعظم في الواقع العربي الحديث ، وقدم اعظم التضحيات واكبر رقم من الشهداء ، وانه كان ومازال مصرا على مبادئه ولم يخرج عن مهامه الوطنية والقومية ورفض الانحراف عنها بقبول مساومات مذلة ومهينة ، واختار القتال والمقاومة وضحى بالسلطة من اجل المبادئ المقدسة .

من هنا فان من السذاجة نسيان هذه الحقائق والوقوع في فخ سوء فهم موقف البعث من الاحتلال ، الا اذا كان ذلك نتاج سوء نية وقصد مسبق .

وحزب كهذا لا يتوقف عند محطات الضجيج او ضربات اياد نحيلة او نظرات عيون منهكة مصابة بحول ايديولوجي .

2 – ان تأكيد مواقفنا ضروري ولكنه يجب ان لا يكون ردا على الضجيج وقرع الطبول بل لابقاء ذاكرة الجماهير والقوى الوطنية منتعشة دائما بعطر مواقف البعث المشرفة .

3 – تجنب الانجرار وراء مهاترات يريد البعض جرنا اليها لتاكيد اتهامات خطة الشيطنة لنا باننا دون مستوى تحمل المسئولية التاريخية ، وعند الرد يجب ان نرد على مواقف وليس على شتائم او على اشخاص ، مع ضرورة اهمال الاسماء عند الرد لمنع أي طرف من التسلق على ظهورنا وتحقيق مأربه على حسابنا .


4 – ان اهم قواعد العمل الاعلامي والحرب النفسية هي اطفاء الحملات بتجاهلها ، او بالرد الهادئ عليها اذا كان الرد ضروريا ، وغلق الملف وعدم السماح بابقاءه مفتوحا وتتوالى حلقاته كل يوم ! يجب ان نقتل الاشاعة بتجاهلها وعدم اعطاء الفرصة لتضخيمها وتكبيرها من خلال الاخذ والرد مما يجعلها كرة ثلج تكبر كلما ازداد تدحرجها .

عاش البعث طليعة تحرير العراق وأما ولودا لا تعقر وتنجب كل يوم الف صدام .

عاشت المقاومة المسلحة الممثل الشرعي والوحيد لشعب العراق .

عاشت الفصائل المقاتلة من اجل تحرير العراق ووحدته الوطنية .

المجد للعقلانية والحكمة والتأني .

Salah_almukhtar@gawab.com

 

 

 

 

شبكة المنصور

الاثنين /  09  ذي القعدة 1428 هـ  الموافق  19 / تشــريــن الثاني / 2007 م