بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

تعقد المشهد العراقي في ظل الديمقراطية المزعومة

 

 

شبكة المنصور

سعد الدغمان

 

مع أتساع رقعة السوء التي تشهدها الأوضاع العراقية وتتقلص أمامها مساحة الديمقراطية التي تدعوا لها زورا الجهات الأمريكية ومن ورائها ما يسمى بالحكومة؛فقد خرجت تلك الديمقراطية التي تبشر بها الولايات المتحدة عبر سياساتها القمعية عن مساراتها ولم يعد بالإمكان مواجهة الوضع المضطرب إلا من خلال رؤية جديدة لاتقصي الأخر مهما كان ولا تروج للمحاصصة أو الطائفية في منهج العمل؛والذي أثبتت الأيام عدم جدوى اعتماده خلال التجربة المريرة التي يعيشها المجتمع العراقي بعد الاحتلال.

فالتسلط والفوضى هما السمتان الغالبتان على الساحة العراقية في العهد الذي يطلقون عليه تسمية الجديد؛ولا جديد فيه سوى القتل الذي أضحى صفة ملازمة لسياسات الحكومات الأربعة التي أنشأت في ظل الاحتلال؛إن اعتلال الطرح الطائفي الملازم لطروحات ما يسمى بالحكومة قد جلب على العراق والعراقيين مصائب جمى لاتعد ولا تحصى ناهيك عن عدم بروز سياسي ناجح على مستوى الساحة العراقية أجمع وهذا ما أثبتته الأزمة الأخيرة مع تركيا بما فيهم المتآمرين الأكراد ونقصد زعامات الحزبين الكرديين وليس أهلنا في شمال الوطن الحبيب.

لقد خرج الخلاف بوجهات النظر بل حتى في منهج العمل على السطح منذ الأيام الأولى للاحتلال وتشكيل ما يسمى بمجلس الحكم كهيئة سياسية حكومية تدير البلاد في الظاهر إلا أن بواطن الأمور كشفت أن ذلك لم يكن سوى مجلس صوري يدار من قبل مجرم الحرب(بريمر) وقد ورد أكثر عن تصريح لما يسمون بأعضاء هذا المجلس يدينون تصرفات ذلك اليهودي واستبداده بآرائه وعدم التفاعل مع الآراء التي كانت تطرح رغم إننا نشك بأن هناك أراء كانت على الضد من قرارات بريمر في حينها؛ أو حتى سبل لمناقشتها؛مما أدى بالنتيجة إلى استفحال فتيل الأزمات وتعاظمها بعد أن فض مجلس السوء هذا ورحل عرابه المجرم والذي كان يقوده ليترك خلفه بوادر إنشاء حكومات طائفية تنتهج التفريق والتقتيل والسير بالبلاد نحو الهاوية.

ولا نريد هنا الخوض في تفاصيل ما اقترفت تلك الحكومات المتعاقبة على خدمة المحتل وطمس الهوية العراقية العربية؛بل نحاول الإشارة إلى أن الوضع العراقي وبصورة عامة يقترب من مرحلة غاية في الصعوبة والتوجس تم التأسيس لها عبر ما مر من زمن الاحتلال وطبقت وفق أجندات باتت واضحة للمتتبع؛ تلك التي تؤسس لمرحلة الصراع الطائفي على نطاق واسع أو بمعنى أصح لمرحلة المواجهة الحتمية فيما بين مختلف طوائف الشعب العراقي مستندين في طرحنا هذا إلى عدم إمكانية استمرار الحال على ما هو عليه الآن؛وعدم مقدرة مايسمى بالحكومة من معالجة الأزمات المتلاحقة التي يعيشها الوطن العراقي وأهله بعضها بفعل المحتل وبعضها الأخر بفعل الدول التي تعتبر لاعب أساسي على الساحة العراقية وتأثيرها في القرار بل فرضها لأجندتها من خلال أحزاب طائفية دينية عميلة؛ونقصد بها إيران والأحزاب التابعة لها.

لذلك ومن منطلق حرصنا على بلدنا الحبيب ومواطنيه نعتبر أن الأشخاص القائمين على مايسمى بالحكومة الحالية كما على الاحتلال الغاشم تقع على عاتقهم مسؤولية تجاوز النهج السابق والأعداد لتقديم رؤى جديدة في معالجتها للواقع الراهن؛بل نطمح أن نذهب أبعد عن ذلك لنقول أن مايسمى بالحكومة الحالية قد فشلت في معالجة الأوضاع بل وزادتها سوءا من خلال انتهاجها للطائفية كمنهج كرس لجعل محافظات برمتها تدار من قبل المخابرات الإيرانية؛أي التأسيس لحكم العصابات وهو ما يحدث الآن في كربلاء المقدسة؛والبصرة؛والديوانية وغيرها؛ناهيك عن بغداد العاصمة.

المشهد العراقي اليوم يزداد تعقيدا والمواطن من يدفع الثمن في خضم هذا الصراع المقيت على المناصب والمصالح بعيدا عن المصلحة العامة ومصلحة الشعب الذي غيب رأيه عن الساحة لصالح المليشيات والأحزاب والزعامات الدينية المزعومة ولا سبيل لإعادة التوازن إلى الساحة العراقية اليوم إلا بالرجوع إلى تحكيم العقل أولا وتغليب مصلحة العراق على مصلحة الطائفة والحزب؛ومن خلال إدراك وتشخيص حالة العنف بل التبعية التي تعاني منها المؤسسة الحكومية بكل مفاصلها والدعوة إلى انتخابات جديدة تتجاوز الصيغة السابقة التي تعتمد القوائم والتي أثبتت فشلها؛كم تتجاوز الأحزاب العميلة التي تنفذ أجندات خارجية على حساب الشعب؛ناهيك عن ضرورة التفريق بين الدين والدولة أو السياسة وعدم اعتماد نهج الأحزاب الدينية كمنهجية سياسية في العمل الحكومي والذي أثبت فشله؛كما فشلت الحكومة في أدارة الدولة أو التأسيس لمؤسسات نزيهة تخدم العراق بل كانت تخدم أشخاصا وعوائل ومسميات تتجاوز معنى الدولة وتؤسس لنظام التبعية.

وقد تكونت تلك الأطروحات ضربا بعيد المنال عند البعض؛ وحلم عند الأخر كما ذكر( أحد الأفاقين) بأن من يحاول تغيير حكومة المالكي كأنه يحلم؛ نظرا لطبيعة المصالح التي تدير الواقع العراقي اليوم وتتحكم به؛ألا أن ذلك لايحصل إلا من خلال العمل الصادق والدعوة الصادقة أولا وأخيرا لخروج المحتل بكل أشكاله وأوله الأمريكي والإيراني ومن ثم العمل على دعم توجهات المنصفين وهم الغالبية العظمى من أبناء شعبنا المناضل الصابر.

أن أبرز وصف يمكن لنا أن نصف به مايجري في العراق اليوم هو أزمة حقيقية؛بل كارثة حقيقية؛أزمة يجسدها عجز العقل الذي يدير مايسمى بالحكومة عن إدارة مجريات الأمور والتأسي لخط واضح وصريح يدعوا لخدمة العراق وأهله وانحراف في مسيرة الديمقراطية المزعومة التي أدعتها الإدارة الأمريكية كنهج واتخذتها ذريعة لاحتلال العراق والتي تحولت عن قصد إلى أداة تخريب.

 

 

 

 

شبكة المنصور

الاربعاء /  04  ذي القعدة 1428 هـ  الموافق  14 / تشــريــن الثاني / 2007 م