بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

الثورالاخير في قائمة الثيران على مائدة النمر..!
نظريات في أحجية "الشرق الاوسط الجديد" بمعطيات الحرب القائمة
هل تنقلب الطاولة؟

 

 

شبكة المنصور

محمد لافي "الجبريني"

 

هل الحرب قادمة؟ سؤال بات يشبه تلك الاسئلة التي تأتي اجابتها على شاكلة.. "نعم سياتي الشتاء"، "ستشرق الشمس"، "يمكن للسمك ان يتنفس في الماء".. وهي الاجابات التي لا يدحضها الا حدث خارق وشاذ حققته ظروف غير عادية..

إذن.. كيف يتنفس السمك؟ متى ستشرق الشمس؟ تبدو الاسئلة الاكثر علمية حول المخاض الذي يعيشه العالم بإنتظار مواليد ومسوخات ستكون عناوينا للإنقلاب التاريخي القادم الذي لن يملك أحد الاجابة عن ماهيتها، الا اذا كان ملما على الاقل بالكيفية التي ستحددها "المتى" قبل الاجابة عن أي سؤال.

الفاعل والمفعول به

مع تصاعد ليس لغة التهديد وحسب، بل والاخبار من الميادين الرئيسية التي بدات تعد العدة لمصيرها، فتهدم متاريس لبناء اخرى، وتوزع بيادقها على اوسع مكان ممكن لها من الرقعة، يخضع الجمهور دائما للتعمية الاعلامية، والقصف المكثف لتشتيت ذهنه ونقاط ارتكاز بصره على ما هو قادم، ليظل الحل والربط دائما في يد القوة الاكبر وجزئيا بمن يتحسس موقفه إن كان خصما او محايدا فيما هو قادم، مالم تنقلب الطاولة لتقلب معها معطيات الموقف.

عمليا، إنها الحرب لا محالة التي يزف أنبائها بوضوح القادة وصناع القرار حول العالم، ولا مكان هنا للتحليل أو التنجيم لتقرير انها قادمة، بدءا من االمنطقة العربية وصولا الى أقاصي الغرب، مرورا بالقارة العتيقة، ولأن الادعاء بالإلمام بكل اهداف هذه الحرب وظروفها يدخل في مجال الدجل، فإن التساؤل عن برامجها الاولية سيكون المدخل لفهم ولو جزئي يعطي الخيال سقفا اوسع ليضع في بحره الشكل المبدئي الذي يظنه.

سوريا ام ايران

تصاعد لهجة التهديد الامريكية تجاه ايران مؤخرا، وتنميط التصرفات الميدانية لتبدو كأنها موجهه اليها، تقف في وجهها افتراضات ليس من السهل تجاهلها، فبغض النظر عن المستوى العالي العدائية بين كلا الطرفين، وتضارب المصالح الاستراتيجية، فإن أمريكا تعلم جيدا الثمن الذي سيتوجب عليها دفعه اذا ما قررت مهاجمة ايران تحت أي مسمى، اكان ضربات تكتيكية لأهداف استراتيجية تخص النهضة النووية في ايران، أم كانت ما هو اوسع من ذلك ليشمل الجمهورية بكامل مرافقها الحيوية وبناها التحتية، مما يعني الانجرار لممارسة احتلال أخر في بلاد شاسعة مترامية الاطراف، تكلفته مقارنة بمردوده لن تقارن أبدا بما جرى ويجري في العراق.

"اليويو" لعبة المحترفين

إيران بطبيعة الحال، ليست افغانستان، وليست العراق.- إنها أحد اهم الجنود المجهولين ممن وسعوا الطريق لتدمير واحتلال كلا البلدين المتاخمين لها- فهي أحد الدول القلائل في المنطقة التي حافظت على خط بياني متصاعد في التطور منذ حربها الاخيرة قبل حوالي عشرين عاما، ونجحت سياستها في ترميم وبناء جيوب حليفة او تابعة في مختلف ارجاء المنطقة لتبدو كخطوط امامية. فهي التي لو شاءت ستجعل من مبلغ المائة دولار ثمن برميل النفط حاليا مجرد أمنية بعيدة المنال، في حال نفذت وعيدها بتحويل مضيق هرمز بوابة الى الجحيم، وطالت يدها الخطوط الغير بعيدة عنها في قزوين ووسط آسيا. أما جيوبها المفترضة فغني عن القول التذكير بجنوب العراق الذي هو ان كان محتلا امريكيا فهو شعبيا مستعمر ايرانيا، أما ملايين الشيعة في الخليج العربي فإن فاعليتهم لن تكون عابرة سبيل في حال صدرت الفتاوى من آيات قم وسادة النجف، ولا داعي للتذكير بأهم تلك الجيوب المتمثلة بحزب الله .

امريكا، هي من يعي هذه الامور وغيرها أكثر من سواها، وايران أيضا تعي ما تبحث عنه أمريكا، وكلاهما يجيد اللعبة.. تهديد بوش بحرب نووية مقابل تهديدات نجاد بمحو "اسرائيل"، الإفراج عن المعتقلين الايرانيين التسعة الذين رافق اعتقالهم ضجيج اعلامي، بدعوى انهم لا يشكلون خطرا، يقابله تماهي من رجل الوفاق الامريكي الايراني نوري المالكي مع مواقف امريكا منذ اخر اتهامات بوش له، الضغط على الشركات والبنوك الاوروبية لسحب مشاريعها من ايران مقابل غض الطرف عن عقود كبرى تقوم بها شركات المانية وفرنسية كبرى بصمت، المسماح بفتح قنصليتين ايرانيتين جديدتين في كل من السليمانية وأربيل مترافق مع اتهامات لا تنتهي عن تمويل المليشيا الطائفية في العراق، ثم السماح ببدء مفاوضات تثبيت الحدود وغض الطرف عن الاراضي التي استولت عليها ايران من العراق ابان حكم احمد البكر عام 1975 لكبح جماح التمرد الكردي شمال العراق الذي كانت تسيطر عليه ايران الشاه، مقابل اتهامات مستمرة بتمويل حزب الله وغير ذلك الكثير..

بكل ما تقدم، هل حقا ايران هي المستهدفة مع ماستجره من ويلات؟ طيب! إذا لم تكن هي المستهدفة فمن إذن؟ سوريا مثلا؟ ولكن لما كل هذا التحشيد والتهويل ضد ايران؟

كما يتم الاستنتاج مما مر أعلاه،فإن ما يجري هو لعبة الابتزاز،ايران تعلم أن لا غنى عنها لضبط المنطقة ، وأنها البعبع المفضل للدول العربية بعد أن تجاوز معظمها قضية معاداة الكيان الصهيوني بإتجاه ايران، وبالتالي تظل الذريعة حاضرة دوما ل..

1- بقاء القواعد الامريكية بل وتوسيعها في الوطن العربي.

2- ابقاء تلك الدول قيد جداول افضل الزبائن لشركات الاسلحة الاوروبية عموما والامريكية خصوصا. وصفقات الطائرات في الايام القليلة الماضية لكل من الامارات وقطر بمليارات الدولارات تكفي الى جانب حالة الطوارئ التي تعيشها الجيوش الخليجية منذ وقت ليس بالقصير بدعوى الاستعداد لحرب محتملة.

3- نفس الاسباب اضافة الى نمط الحياة الحر.. تسويقا لبقاء نهج الادارة الحالي هو السائد في امريكا بين شعبها.

ايران بدورها تستفيد من ذلك بما ليس خافيا، بدءا من النفوذ في العراق، مرورا، باللعب على وتر المنافسة الروسية الامريكية، وليس انتهاءا بالضرورة بإبقاء ايران أحد أقوى الدول الممكن محافتها في المنطقة الى جانب الكيان الصهيوني.وهذا لا يلغي بقاءها قيد التهديد في حال اختل ميزان الربح والخسارة الامريكي لمصلحة الهجوم على ايران، وسط الاوضاع العالمية والسياسية الغير مستقرة والتي تفرض وقائع جديدة في لمح البصر.

الخنجر بعيد، لكن السم في الوريد

أما للإجابة على ما تبقى من أسئلة فربما يكمن اختصارها في المثل الصيني "اذا أردت أن تهاجم الشرق فتحدث دائما عن الغرب". والاتجاهات هنا ليست بالضرورة اقليمية جغرافية، بل قد تكون تكتيكية، وهنا المغزى من الحديث عن الغرب "الحرب العالمية الثالثة"، وعن تهديد وجود "اسرائيل" وعن احتمالات استخدام السلاح النووي..الخ، إذن فأين هو الشرق؟

الشرق موجود في كل الاحتمالات المؤدية بدورها الى اعادة رسم الخارطة وإخراج المواليد الجدد –المسوخ- الى الوجود، وفق شهادة ولادة إسمها "الشرق الاوسط الجديد".

وبالعودة الى سوريا، فبعيدا عما تحدثنا عنه سابقا عن خطورة اسقاط النظام فيها وإخواء البلاد من سلطة قوية كالقائمة حاليا، والقادرة بيدها الحديدة على ضبط أي توجهات جذرية في المقاومة، وتدجين باقي القوى السياسية الحليفة لها لمصلحة فرص "السلام" والعمل السياسي، فإن اليد الامريكية تبحث عن عمل جراحي أكثر دقة، واوسع خيالا، بإستئصال وزراعة مايلزم، وهكذا كان دور الورقتين اللبنانية والفلسطينية المتماهيتين مع البرنامج الغربي –تيار السلطتين في لبنان وفلسطين، وأخيرا اتلفيقات المشأة النووية شمال غرب سوريا.

فبعد النجاح الذي تحقق من تدمير مخيم نهر البارد، وقبل أن تحظى نتائجه بالاضواء التي يستحقها من الاعلام العربي، يجري ملاحظة العمل الجدي نحو اشعال مواجهات جديدة في مزيد من المخيمات، بالتزامن مع ما سيتمخض عنه مؤتمر انابوليس، الذي مهما كانت نتائجه وفق البيان الختامي –الشكلي بالضرورة- فسيكون بمثابة الضوءالاخضر لساعة الصفر الاسرائيلية تجاه قطاع غزة بعد مباركة الفلسطينية والعربية المستنبطة من الصمت او رسائل الاستنكار الخجولة المحتملة التي ستلي ذلك. وبعد نضوج الاحداث الدامية في كل من لبنان وفلسطين، ننتظر الذريعة.. نسخة جديدة من بيرل هاربر، اطلاق النار على السفير الصهيوني في لندن لاجتياح لبنان 82، السفينة ماينا لإجتياح كوبا 1889، ضرب البارجة لينكولن لإعلان الحرب على فيتنام.. الا ان الامر هذه المرة سيكون بمباركة دولية تساعد على انزال قوات متعددة الجنسية من حيث الاسم، أمريكية بالمضمون، تسيطر على الشواطئ اللبنانية وتحاصر سوريا وتجبرها على توقيع وثيقة استسلام تحت اي مسمى، بعد عدد من الضربات الجوية، وبعد عزلها دوليا واقصاء حلفائها الروس عن طريق اتفاقية تمنحهم بعض الحقوق، والايرانين كما اسلفنا اعلاه، وبالتالي يبقى الرهان على مستوى صمود سوريا امام كل هذا وقدرة الشعب العربي على تغيير مسار الحرب.

تقسيم المقسوم

سوريا بلا شك غير متجاهلة لكل ما ورد، وهذا يفسر الهدوء الحذر في تعاملها مع الاحداث، الى درجة مجاملة عباس وإلغاء مؤتمر فصائل المعارضة في دمشق، كما تعلم إن القول اعلاه لا يعني بالضرورة نفي احتمال شن حرب كبرى بالمعنى الكلاسيكي الشبيه لما جرى في العراق، الا ان المشروع المستهدف من الضخامة بحيث لا تكفيه تلك الطريقة وحدها، وبذلك فإن الاحتمال الاقرب نظرا لظروف الاحتلال في كل من افغانستان والعراق لا تساعد على فتح جبهات جديدة بنفس الطريقة، هو استخدام ورقة التدخل الدولي تحت غطاء الناتو او مجلس الامن وفرض شكل استعماري انتدابي يستفيد من الاشتعال الذي ستعانيه المنطقة لمصلحة فرض خارطة تقسم جديدة وفق التوزيع الطائفي والقومي، بعد دعم وترويج وتعميم مسمى تلك القلاقل على انها اقليمية، وخلق دول على شاكلة بلجيكا، تكون استهلاكية واقتصادية، وبالتالي المزيد من السيطرة بعد أن تتحول مصادر الانتاج بأياد الخبرات والشركات الغربية، دون الحاجة الى تدمير الجيوش التي ستحول ولائها وفق القيادات السياسية التي ستأتي على ظهور الدبابات، وبالتالي اإبقاء الامن النسبي على الحدود العربية الفلسطينية وتثبيت أمن الكيان الصهيوني، الذي لا تات استعداته الحالية من نصب مضادات طيران وصواريخ باتريوت حول مرافقه الحيوية والنووية، وقيام الجيش بوضع اليد على مصادر التموين الا من باب الحيطة والحذر خوفا من خروج الامر من يد الاحتلال، وهو كما اسلفنا سيكون الرهان الوحيد لقلب الطاولة وتغيير شروط اللعبة.


www.ezza3tar.spaces.live.com

 

 

 

 

شبكة المنصور

السبت /  07  ذي القعدة 1428 هـ  الموافق  17 / تشــريــن الثاني / 2007 م