بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

شهيد الحج الأكبر مربيا في حياته وفي استشهاده

 

 

شبكة المنصور

عراق المطيري

 

لم يكن القائد شهيد الحج الأكبر شخصية عادية حكمت العراق لفترة من الزمن طالت أم قصرت , وصلت الى السلطة بطريقة ما , ورقما عابرا في سلسلة رجال الحكم في تاريخ العراق المعاصر , بل هو تحصيل لمعانات شعبنا في فترات الظلم والانحطاط والقهر أفرزتها الحاجة للنهوض بالشعب الى مصاف الدول المتقدمة مستلهمة لمشروعها النهضوي من قوميتها ومن امتدادها العميق في التاريخ , لذلك فقد كان القائد الشهيد الأب والأخ والمعلم المربي الذي تغلغل في نفس كل وطني شريف , فكان مربيا في حياته ونموذجا خالدا في استشهاده .

والتربية كمفهوم هو النشاط الثقافي والعلمي والاجتماعي الشامل في المجتمع , وهذا النشاط الشامل يهدف الى إعداد جيل يؤمن بنظرية معينة وقابل لاستيعاب احتياجات العصر وتطور العلوم فيه , وقابل لان يطوع العلوم وفق مستلزمات تلك النظرية , وهذا الجيل الذي يخضع لمثل هذا المفهوم , هو الوسيلة التي تعمل من اجل تطبيق مفاهيم تلك النظرية , وهو " أي الجيل " الوسيلة التي رباها أبو الشهداء من اجل إقامة نظام اشتراكي ديمقراطي ينتفي فيه الظلم والتخلف , وتصبح ممكنات الحياة في هذا النظام اكبر من التراجع او التوقف , أي إقامة نظام يوفر الأمن والعدل والرخاء والرفاهية وتكافؤ الفرص في كل جوانب الحياة , ويتناول الإنسان كقيمة عليا في المجتمع وهو الوسيلة والغاية , يعمق فيه إيمانه بالوحدة العربية باعتبارها طريقا لتحقيق أهداف الأمة في بناء كيانها القومي الاشتراكي التحرري الذي يعزز ثقة الإنسان العربي بنفسه وبأمته وبلغته وأخلاقه وتاريخه وتراثه .

إن المفاهيم التي عمل الشهيد الخالد على تنميتها لدي المواطن العراقي , كانت مصدر قلق ورعب لدى دول معسكر الشر العالمي الذي تزعمته امريكا وتحالفت معها الصهيونية العالمية والفارسية المجوسية , الأمر الذي دفعهم بعد عجزهم عن تحطيم تلك القيادة التاريخية من الداخل فدافع شعبنا عن قيادته , واسقط كل مشاريع التأمر , نقول دفع معسكر الشر الى فرض حصار جائر ظالم استمر أكثر من ثلاثة عشر عام شمل كل مرافق حياة المواطن العراقي في محاولة منها للفصل بين القيادة والشعب , فكان صمود العراق ملحمة صنعها الفارس الشهيد في أروع تحد , وهذا ما دفع ذلك المعسكر البغيض الى الهجوم العسكري المباشر للقضاء على كل الأواصر في المجتمع العراقي , فإذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية قد شنت هجومها بآلتها العسكرية المتطورة وبأسلحتها الفتاكة المحرمة دوليا , فان حلفائها الفرس قد شنوا هجومهم بأسلحة عجزت الآلة العسكرية عن تحقيقها , فقد عمل الفرس وعملائهم على تحطيم العلاقة بين الإنسان وانتمائه الى وطنه تحت عباءة الدين , فعملوا على إثارة الفتنة الطائفية لدى المواطن العراقي ليصبح الانتماء للطائفة بدل الانتماء الى العراق ورسخوا ذلك بجدران الكونكريت التي قطعت أوصال بغداد بعد أن هجروا سكانها , ثم قادوا حملات منظمة من القتل والترهيب والتهجير على يد فرق الموت والمليشيات التي انشأوها في كل المدن العراقية وأصبحت الممارسات المجوسية في تعذيب النفس تسود تجمعات الشباب بدل طلب العلم وأصبحوا يقتنون السلاح وأداة التعذيب بدل الكتاب , وأصبحت البطالة بحجة الممارسات المجوسية بدل العمل , وتغلغل الفرس وانتشروا في شوارع العراق فأصبح السروال الزى السائد بدل الكوفية والعقال العربي وكأنك في شوارع مدينة فارسية إذا مررت ببعض مدن العراق .

لقد عملت امريكا على توفير الغطاء العسكري اللازم لتفكيك المعامل العراقية ومقومات بناء اقتصاد الدولة لحلفائها وعملائها وسرقتها , فسادت البطالة والجوع بين الشباب الذين كانوا منخرطين في البناء فأصبحوا مضطرين للانخراط في المليشيات التي تدفع لهم ثمن الجرائم التي يرتكبونها بينما ظل المؤمنون بتربة هذا الوطن عرضة للقتل او التهجير الى خارج الحدود , أما الفلاح الذي وفر الغذاء للشعب متحديا الحصار , فقد أصبح عاجزا عن ممارسة مهنته لأنهم قد أضاعوا عليه كل مقوماتها ابتداءا من البذور والسماد وانتهاءا بشحة المياه مقابل إغراءات الانخراط في غفوة العشائر .

إذا كان الرفيق الشهيد قد عمل من خلال موقعه الاول في هرم الدولة الشرعية العراقية على تربية شعبنا على سن القوانين والتشريعات التي تنتقل بالقطر الى مصاف الدول المتقدمة كقانون تأميم النفط والحل النموذجي للمشكلة الكردية لتقوية الوحدة الوطنية ومحو الأمية وبناء جيش من العلماء والكوادر التربوية والعلمية وغيرها من التشريعات , فان تحالف الشر قد مكنوا عملائهم من قلب موازين الحياة العراقية لتمرير مخططاتهم فسادت الفوضى في كل شئ , فقانون النفط بدل التأميم , والفدرالية بدل الوحدة , والأمية بدل محوها وتهجير العقول والكفاءات بدل استقطابها وفرق الموت وإرهاب الدولة والمليشيات بدل سيادة الدولة والأمن .

إن الرفيق الشهيد عمل على التزام منهج تربوي واقعي وطني قومي إنساني يعزز الوحدة الوطنية بين أبناء الشعب , ويبتعد عن إثارة النزعات العرقية والطائفية , ويحكم الموازنة بين الحقوق والواجبات , ويعمق العمل الجماعي دون إهمال المبادرات الفردية , ويحقق التوازن بين ما هو مادي وما هو معنوي , ويعمق الوعي الديمقراطي والإيمان بالعمل المتميز والمبدع لبناء الوطن دون إغفال تنمية العمق القومي العربي .

إن مبادئ الرجولة وقيم الشجاعة العربية التي عرف بها قد مارسها أبو الشهداء طيلة جلسات المحكمة المسرحية الهزيلة , فكان بشجاعته وفي ثباته يغيض أعدائه رغم أساليبهم الخبيثة ومغرياتهم , ومن خلال تحديه يشد من عزم رفاقه في ساحات المقاومة , لأنهم قد تربوا على استيعاب توجيهاته وحتى في ارتقائه سلم المجد فقد أذل جلاده بكبريائه وشموخه فأكد قدرته الفائقة في قيادة شعبنا في حياته وفي استشهاده فقدم نفسه قربانا لحرية وكرامة العراق فكان رمزا وعنوانا .

عاش العراق حرا عربيا موحدا يتحدى أعدائه وعملائهم .
المجد والخلود لشهداء العراق وفي المقدمة منهم أبو الشهداء شهيد الحج الأكبر وعهدا على الانتقام والثأر
عاشت المقاومة العراقية الباسلة بقيادة عزة النفس شيخ الجهاد والمجاهدين .
والله اكبر ... الله اكبر.


Iraq_almutery@yahoo.com

 

 

 

 

شبكة المنصور

الجمعة / 12 ذو الحجة 1428 هـ  الموافق 21 / كانون الأول / 2007 م