بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

 بوش يفشل في انابولس و العراق

 

 

شبكة المنصور

د فيصل الفهد

 

عندما قررت الإدارة الامريكيه عقد قمة أنابوليس واجراء مفاوضات الوضع النهائي أو( تصفية ما تبقى من قضية فلسطين) فانها لن تكون أفضل من سابقاتها و الاداره الامريكيه تتحرك لغاية في نفس بوش أملا في تحقيق أي انجاز يسجل لها فيما يسمى بعملية السلام الإسرائيلية العربية.

لقد اصبح هذا الجهد الدبلوماسي أولوية كبرى للرئيس الأميركي،لاسيما وأنه اراد أن يستغل مؤتمر أنابوليس لصرف الأنظار عن العراق وتمرير اتفاق بوش مع خادمه المالكي لبيع العراق ومستقبله كما لم يعد هناك وقت لهذه الإدارة لانجاز شئ على الارض يثبت ان هناك جديه امريكيه حول ما إذا كانت الطريق السالكه إلى القدس يمكن ان تؤدي إلى بغداد.

ان مهمة بوش تكاد تكون شبه مستحيلة في تحقيق ما قد يمكن اعتباره نجاح في هذا المؤتمر او غيره فالقضيه ليست مجرد لقاءات ومفاوضات بين غرماء لايجدون انفسهم الا أسيري الابتساه الكاذبه الصفراء امام عدسات كامرات التصوير ارضاءا للسيد بوش وانقاذا له...

فالمهم ليس ما تم مناقشته او اتفق عليه من قرارات في مؤتمر انابولس بل ما سيترتب على ادارة بوش بعدها ...ومنها على سبيل المثال لا الحصر ان على الولايات المتحدة ارسال فريق مراقبة يرتب الأوضاع على الأرض، ويكون مستعدا لمراقبة تنفيذ التزامات كل الأطراف. وأن تضمن الاداره الامريكيه تجميدا إسرائيليا للمستعمرات والتزاما فلسطينيا بتعقب( مرتكبي العنف!!)، فعليها أن تكون مستعدة للتحقق من نجاح أو فشل الأطراف في أداء ما عليها من التزامات يشك الجميع ان الكيان الصهيوني سيلتزم باي منها !.
لقد أخفقت إدارة بوش في الضغط على الصهاينة للوفاء بأية التزامات طيلة السنوات ألماضيه فلا قيمة لعملية السلام المنشوده إذا لم يصاحبها، مراقبة، ومحاسبة، ونوع من المعاقبة في حال الفشل في تنفيذ الالتزامات. فلن يحدث أبدا أن يتحقق إنجازا في عملية( السلام) خال من المخاطرة لأي من الأطراف، وكل اختراق كان مصحوبا بردود افعال قاسية على القادة العرب والإسرائيليين.

ان جل ما قدمته ادارة بوش هو وعود وتطمينات وضمانات ودعم سياسي ومساعدات اقتصادية وأمنية وغيرها الى المشاركين العرب. وبعمل دبلوماسي اميركي جدي لتجاوز المشاكل المستعصية وحلها بطرق مبتكرة مع( وعود ) بتأكيد المواقف الأميركية حول قضايا الوضع النهائي ( الأراضي والأمن واللاجئون والقدس).و لكن تجربة السنين الماضيه اثبتت ان الولايات المتحدة لم تنجز أي من فروضها التي تعهدت بها ، وأخفقت في تحقيق كامب ديفيد ثانية وخارطة الطريق. ولم تتعظ ولم تتعلم الدرس من تلك الإخفاقات.
في هذه الاجواء الملبده بغيوم الفشل تتهاوى على رأس بوش الضربات الموجعه لاسيما سقوط جميع حلفائه الذين سايروه في جريمة احتلاله للعراق ابتداءا من اثنا وبرلسكوني وبلير ورئيس وزراء بولونيا وو... وليأتي اخرهم المجرم هاورد رئيس وزراء استراليا فماذا تبقى للسيد بوش يتمشدق به للبقاء في العراق فقواته في العراق تشكو الآمرين ابتداءا من هروب الضباط والجنود بشكل غير مسبوق والمعلومات تتحدث عن ارقام تتجاوز عشرة الاف وعشرات الالاف من المصابين بامراض عقليه والاف اصيبوا بامراض لم يكتشفوا سرها اضافه الى تدني غير مسبوق بالروح المعنوية بعد مقتل اكثر من خمسين الف عسكري منهم وتعويق واصابة ضعفهم في وقت اصبح فيه الحصول على متطوعيين جدد امر بالغ الصعوبه فالكل يرفض الذهاب الى العراق حيث الموت في انتظارهم... وهذا لم يتوقف عند العسكريين بل شمل حتى الدبلوماسيين الذين رفضوا الخدمه في العراق رغم كل المغريات الماديه والحوافز هذا عدا المعركه المفتوحه مع الكونكرس المهيمن عليه من الحزب الديمقراطي الذي يطالب بوش بتحديد جدول عملي لانسحاب القوات الامريكيه المحتله من العراق كشرط للموافقه على تخصيص مبالغ اضافيه لادامة التواجد العسكري هناك.

إن ادارة بوش تبذل جهود مضنيه في محاولة للتوصل الى نوع من الاتفاق بين الاسرائيليين والفلسطينيين، بينما يبقى الوضع في العراق بلا حل، و من الواضح ان زيادة عدد القوات الاميركية في العراق لم تؤدي الى الحد من العنف وهذا ما يعني فشل الخيارات العسكريه والحاجه الى حلول دبلوماسية .

ان مايبدو ظاهرا على السطح في جهود الاداره الامريكيه كما لو انها تريد الابتعاد عن العراق ( اعلاميا ) وتأمل في انها ستصبح ضمن مسؤوليات من سيخلف بوش في البيت الأبيض حيث سيتحمل الارث السئ لهذه الحرب الخاسره سلفا فليس أصعب على خليفة بوش من ان يكون رهينه الوجود بلا نهاية في العراق وتحمل استمرار المواجهه مع الشعب الاميركي الرافض لهذه الحرب.

ان اغلب الامريكيين لم يعودوا يفهموا شيئا مما يجري في العراق ، ومن ذلك انه لن تكون هناك اية مصالحة سياسية رسمية في العراق، ولا مفاوضات كبرى ولا احتفال توقيع في البيت الابيض. و زيادة القوات الامريكيه في العراق لم تجعله اكثر امنا، ولم توفق ادارة بوش بكل ما فعلته واستغلته في تحقيق مصالحة سياسية ولكن الذي انجز هو اتفاق كل الاطراف في العراق على اقتسام المغانم وسرقة الثروات وكل ما تفعله حكومة المالكي صنيعة الاحتلال هو دعم جيش المليشيات وجماعات الامن التابعه للاحزاب العميله وتوزيع عوائد النفط على امراء المحافظات وشيوخ القبائل.

ان أي تحسن او تغيير ايجابي لن يتحقق في العراق الا بعد خروج الاحتلال... عندها يمكن ان يتحسن الوضع بصورة كبيرة ويعود اعداد كبيرة من اللاجئين لأنهم سيرون حينها اقتصادا مزدهرا، وحكومة تقدم خدمات وتحالفات سياسية بعيده عن المحاصصه الطائفيه والعرقيه وقوات امن يمكن الثقة بها في الاحياء. الا ان شئ من هذا لن يتحقق الان وفي المسقبل القريب... بل ويبدو ان الاحباط وصل الى كونداليزا رايس نفسها التي نأت بنفسها عن مشاكل العراق الامر الذي يثير كثير من التساؤلات وعلامات الاستفهام.. فلماذا لم تعد وزيرة خارجية بوش غير مكترثه بأخطر قضيه تواجه إدارتها؟ ولماذا تبتعد عن فوضى العراق؟ فهل تريد إنقاذ صورتها ام هي تعلم ان السياسيين العراقيين لم ولن يرغبوا في التوصل الى اتفاق رئيسي لانهم لايحبذون تقديم اية تنازلات اساسية علنية كبرى لبعضهم البعض في بلد تعم فيه الفوضى؟.

و السؤال الذي يطرحه الشعب الامريكي على بوش هو متى يصل عملائه الذي شاركوا فيما يسمى بالعمليه السياسيه الميته والتي راهنوا عليها.... الى اتفاقية يمكن ان تؤمن لقوات الاحتلال الخروج ( بشرف من العراق ) ؟ ان الرهان على من تحالف بوش معهم رهان خاسر لان هؤلاء لايمتلكون قدرة الدفاع عن انفسهم وليس من مصلحتهم خروج الاحتلال الذي اصبح وجوده ضمانه لاستمرار بقائهم في كراسي السلطه التي اتاحت لهم ان يصبحوا من اصحاب المليارات والملايين وهذا ما تضمنه الاتفاق الاخير بين بوش وبليرومرر على العراقيين دون ان يعرفوا عنه شئ.

ان امال بوش وحديثه عن تقدم امني واسقرار (قد تحقق) في العراق هو حمل وهمي كاذب وعلى السيد بوش ان يستعد لمواجهة الخلايا النائمه لتنظيم القاعده التي ادعى قادته في العراق انهم قضوا عليها وستكون هناك مفاجئات كثيره.... فالمالكي يبني بنفسه قوات تابعه لحزبه مستغلا امكانيات الحكومه وميزانياتها والصحوات لديها اجندات خاصه باصحابها الذي سيصبحون امراء حرب والوضع القادم اشبه بحقل الغام لااحد يعرف اين زرعت فيه هذه الالغام..... فمتى سيتعظ بوش ويركن لمنطق العقل ويتعامل مع قضية احتلاله للعراق بطريقه تحفظ له ولقواته ماء الوجه وتوقف نزيف الدم العراقي والامريكي والخطوه الاولى التي عليه اتخاذها هي ان يتوجه لممثلي الشعب العراقي الحقيقيين وهم رجال ألمقاومه لاسيما وهو قد جرب خلال خمسة سنوات الاحزاب والقوى العميله ولم يحقق أي شئ فلماذا لايجرب الضفه الاخرى ولن يخسر شئ بل سيختم تاريخه الاسود بحسنه واحده ..... ولكن هل سيفعل ذلك ؟

 

 

 

 

شبكة المنصور

الجمعة / 27  ذو القعدة 1428 هـ  الموافق 07 / كانون الأول / 2007 م