بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

العراق : الفوز بالحرب الصعبة

 

 

شبكة المنصور

د. وائل فاضل علي  / استاذ جامعي و اخصائي نفسي

 

      ان هذا المقال كتب من قبيل خبير في الخارجية الامريكية ومدير لمركز استخباري و مثل هذا المقال يدرس الان في بعض اقسام الجامعات الامريكية ، المهم فيه انه يبين وبشكل واضح ضعف تخطيط السياسة الامريكية في العراق وتخبطها فيه وعدم وجود رؤيا مستقبليه له والدور الذي تلعبه من اجل تعتيم هذا الاخفاق . واذا ما تتبعنا هذا المقال نجد ان الولايات المتحدة قد عملت فعلا على مثل هذه الاسترانيجيات الفاشلة وغير المنظمة من اجل احتلال العراق . لذا أرتأيت انه من الضروري ان يطلع عليه غالبية الافراد ليس في العراق فحسب وانما في كل الدول العربية والاسلامية بل وحتى الاوربية لبيان حقيقة واهداف الاحتلال الامريكي للعراق والدور الذي تلعبه هناك وما ادى اليه من خلق بوادر لحرب طائفية كان العراق بعيد عنها وعن التفكير بها .  كما قمت بعون الله تعالى بتحليل نفسي للواقع العراقي الحالي استنادا الى ما جاء بهذا التقرير سأبدء بطباعته ونشره قريبا باذن الله .

                                                                             د. وائل فاضل علي

                                                             استاذ جامعي و اخصائي نفسي

 

العراق: الفوز بالحرب الصعبة

James Dobbins

من وزارة الخارجية / كانون الثاني / شباط عام 2005

      المختصر : ان فقدان الشعب العراقي الثقة بادارة الرئيس بوش ادى بهذه الادارة الى ان تخسر الحرب. ان العراقييون المعتدلون يمكن لهم ان يفوزوا بها اذا ما انفصلوا عن واشنطن وحصلوا على الدعم من جهة اخرى . واذا ما ارادت الولايات المتحدة ان تكسبهم فعليها ان تقلل من مظاهر وجودها العسكري ، وتدريب العراقيين لضرب التنظيمات في مناطقهم واجتماع الاحلاف الايرانية والاوربية .

       James Dobbins  هو مدير مركز سياسة الدفاع والامن الوطني في الولايات المتحدة  كما انه مبعوث الولايات المتحدة السابق الى كوسوفوا ، هاييتي ، البوسنه ، الصومال ، وافغانستان .

 

المستنقع والرمال المتحركة :

      ان الحملة الامريكية الحالية في العراق لها اثار سلبية كثيرة لانها لم تناقش بجدية مع دول العالم مستقبلها في العراق .كما ان الدعايات والحملات الانتخابية كان لها الاثر الكبير حيث ان كلا المرشحين كانا يصران على القيام بخطوة ما ( عمل ما ) ،  بالرغم من ادراكهم المتاخر لهذه الخطوة الا انهما كانا سيقومان بها وهي التي تم اتخاذها قبل سنتين : اما اعلان الحرب على العراق او التصويت لمن سيتحذون هذا القرار . كما ان الحملة العسكرية كانت تفتقر الى الخيارات الجيدة من قبل الولايات المتحدة . ويتضح الان وبشكل جدي ان الوجود العسكري الامريكي في العراق سوف يؤدي الى زيادة حدة المقاومة ضدهم واتساعها وبالمقابل فان الانسحاب المبكر قد يؤدي الى نشوب حرب اهلية  . حيث ان ولاية الرئيس بوش الثانية كانت بين خيارين لجعل الامور تمشي اسوء في العراق اما بسرعة او ببطيء .

      ان من الحكمة ان ندرك بان استمرار حرب العراق لا يمكن الولايات المتحدة من كسبها وهو نتيجة لعدم وجود خطة منظمة مباشرة ، والاستعدادات غير الملائمة والافتقار الى الحسابات الدقيقة . كما ان واشنطن قد خسرت ثقة الاخرين فيها مما يجعل من الصعوبة استعادتها بل من المستحيل . ويوما بعد يوم تزداد المسافة بينها وبين الشعب باجمعه في العراق .

      ويمكن للولايات المتحدة ان تنتصر بالعراق اذا ما استطاعت ان تركز جهودها على كسب تعاون الدول المجاورة وتامين الحدود الدولية للعراق وتقليل الاعتماد عليها ، ولتحقيق مثل هذه الاهداف على ادارة الولايات المتحدة ان تعطي القيادة الى القيادة العراقية والحصول على الدعم الدولي الذي يمكنها من احلال السلام والامن والاستقرار المبني على اساس السيادة واحترام الاراضي الاقليمية .

 

 

القوة والمرونة :

      ان مهمة الامريكان في العراق تنقصها الواقعية والمصداقية وهذا ما يمكن ملاحظته في عيون العراقيين وكل الشعوب المجاورة . ولايمكن تغيير هذه النظرة بسهولة الا من خلال اعادة صياغة دور الولايات المتحدة في المنطقة والى ان يتحقق ذلك فان الوجود العسكري للولايات المتحدة في العراق سوف  يستمر بالتعرض الى مقاومة محلية واستنكار شعبي من دول الجوار ويقلل من الدعم الدولي لها.  اما في  العراق فان الامر المهم والعاجل الان هو كيف اجتياز مرحلة الانتحابات المخطط لها ان تجري في شهر كانون الثاني . حيث ان استمرار الوجود العسكري يمكن ان يؤدي الى منع الوصول او تحقيق  حملات حرة وعادلة في كل العراق وبالمقابل فان تاجيل اجراء الانتخابات يمكن له ان يشعل فتيل حرب اهلية في العراق و من هنا فان للولايات المتحدة خيارات قليلة يمكن لها العمل في ضوئها وبالتالي او بالنتيجة عليها ان تحاول ان تسلم القيادة الى الفئة الشيعية المعتدلة في العراق في هذه الانتخابات الاولية وبالمقابل عليها ان تعمل على تعديل القانون الانتخابي لكي تمكن الاقلية السنية من المشاركة الفعالة في الحكومة الجديدة حتى لو ان الغالبية تصوت او تختار عكس ذلك ورغم مثل هذا العمل قد يؤخر تشكيل الحكومة ولكنه على الاقل سيضمن عدم نشوب حرب اهلية في العراق او جعله على حافة اندلاع مثل هذه الحرب .

      واذا ما افترضنا ان الانتخابات قد حدثت فان الحكومة الجديدة سوف لن يكون لها تمثيل كامل فالشيعة والاكراد سيكون لهم حضور والسنة سيغيبون عنها اذا لم يتمكنوا او يسمح لهم بالتصويت . واذا ما عدل قانون الانتخابات بحيث يسمح بتمثيل عدد المسموح لهم بالتصويت وليس الذين صوتوا فعلا فان ذلك سيمكن السنة من المشاركة والحضور من خلال الافراد الذين لم يمثلوا في البرلمان . ان الانتخابات عملية استقطاب واذا ما كانت هشة فانها يمكن ان تؤدي الى قيام صراع عميق في مجتع مثل المجتمع العراقي ويمكن لها ان تخلق فجوة كبيرة بين السنة من جهة والشيعة والاكراد من جهة اخرى .

      وفي الوقت الحالي فان التمرد الغاضب سوف يستمر ويكبر على الاقل في المناطق السنية واذا لم يتمكن الشيعة المتطرفين من الحصول على نفوذ فعال في الحكومة الجديدة فانهم سيقومون باعمال عنف .  ومما يجدر ارشارة اليه هنا هو ان الوجود العسكري الامريكي بكل الاحوال غير مرحب به لذا فان هذا الوجود قد يكون تحت الضغط اما ان يطلب منه الرحيل او ان يقللوا الى حد كبير من القيام بفعالياتهم ونشاطهم العسكري .

      وعليه فاذا ما كان استمرار الوجود العسكري الامريكي يثير مقاومة ضده فان الانسحاب قد يؤدي الى الاسوء كقيام حرب اهلية او ازمات اقليمية ذات ابعاد خطيرة من غير الممكن التنبؤ بها لذا فان الحل الامثل هنا هو الوسط ، اعطاء الوعد بالانسحاب على سبيل المثال يمكن ان يعطي الى واشنطن قوة رفع كبيرة ، وارغام العراقيين وجيران العراق والكثير من المجتع الدولي الى ان تنظر الى رغبة الامريكان   في مساعدة العراقيين في الاستقرار وليس معاقبتهم .لذا فعلى ادارة الرئيس بوش ان تنظم وبدقة كبيرة رسالتين تلقائيتين تتمثل الاولى بالرغبة الصادقة في الانسحاب من العراق وكذلك الرغبة في البقاء الى الى ان تتمكن الحكومة العراقية الجديدة من حماية امنها وسيادتها وحدودها وبدعم من دول الجوار والمجتمع الدولي . واذا تمكنت الولايات المتحدة من تحقيق اهدافها هذه فانها ستقوم بالانسحاب الكامل اذا ما سمحت الظروف بذلك وهي بهذا تثبت للجميع بعدم رغبتها او بحثها الى ابقاء نفوذ عسكري لها في هذه المنطقة .

 

اختيار (التقاط) المعركة العسكرية الصحيحة :

     ان القوات الامريكية قد فقدت الدعم من الشعب العراقي ولا يمكنها استرجاع ذلك ، لذا فان التمرد يمكن ان ينهزم عن طريق قوات عراقية تحت سيطرة قيادة عراقية وخاصة اذا ما استطاعت هذه القوات من  العمل بمفردها دون الاعتماد على الولايات المتحدة . ان العمليات العسكرية يجب ان تحكم من خلال استراتيجية مكافحة التمرد كما انها يجب ان تؤكد على التهدئة حيث ان الاولوية يجب ان تعطى الى حماية المدنيين وليس الى قنص واصطياد المتمردين وبالتالي ينتهي التمرد ليس بالقضاء على المتمردين بل بالحصول على الدعم الشعبي وهذا كفيل بان يجعل المتمردين منبوذين  ومرفوضين من المجتمع .

      ان حملة القضاء على الارهابيين تتطلب تقارب كبير بين جهود الشعب ( المدنيين ) وجهد القوات  العسكرية  على ان تعطي اولوية الى الاهداف السياسية لا العسكرية . ان هذه الخطوة تحتاج الى تخطيط تكتيكي ذكي والذي يمكن للعراقيين فقط ان يطوروه من خلال تدريب القوات العسكرية وجعلها تتقرب بشكل يومي من الشعب ويجب ان ياخذ هذا البرنامج الاولوية ( المتمثل بتدريب وحدات خاصة من ضمن وحدات الجيش لقتال المتمردين ) على كل البرامج الاخرى من اجل بناء قوات عراقية عسكرية ذات كفاءة . وبما ان المملكة المتحدة لها خبرة اكبر وافضل في مكافحة الارهاب وقتال المتمردين لذا فيجب ان تعطى لندن فرصة افضل لتدريب وحدات خاصة لهذا الغرض ضمن قوات الشرطة العراقية .فليس هناك شعب يساند قوات غير قادرة على حمايته لذا فان تحقيق الامن للشعب العراقي يجب ان يعطى الاولوية على تحقيق الاهداف المدنية والعسكرية الاخرى حيث ان هذا العمل يتطلب تحرير الشعب من خوفه من قبل المتمردين وهو ما سيتطلب القيام بعمل عسكري ، لذا فاذا ما قامت الولايات المتحدة بمثل هذا العمل من اجل تطبيق النظام ، فانها ستوقع اصابات عديدة بين الابرياء لذا فانه سيكون برنامج غير مجدي وعليه فان نجاح او فشل مثل هذه الخطوات العسكرية كالتي حدثت بالفلوجة في شهر نوفمبر لايمكن حسابه من خلال عدد الجثث بل من خلال وجهة نظر الشارع العراقي او وجهة نظر الشعب ، حيث اذ ما ظهر ان الشعب لا يساند مثل هذه العمليات التي تجرى  من قبل حكومته ويقوم بدعم المتمردين فاننا هما يمكن لنا ان نقول ان المعركة بل يمكن القول ان الحرب خاسرة . ان سحق المدن لغرض استئصال جذور المتمردين قد يمكن الحكومة من اعادة السيطرة على البلاد ولكنها ستؤدي الى نتائج سلبية على المدى البعيد حيث ان مثل هذه العمليات ستطول الكثير من لابرياء حيث لايمكن للشعب ان يقبل بالتضحية بالمواطنين الابرياء من اجل حماية الامريكان وعليه فانه من الافضل ان تستخدم القوه البشرية بدل من القوة النارية ( قوة الرصاص ) _ صوت العقل خير من صوت الرصاص _ ومن الطبيعي للولايات المتحدة الان ان تبذل جهدها للحصول على دعم الراي العام للشعب الامريكي ومساندته لها في هذه الحرب لكن على واشنطن الان ان تبدي اهتماما خاصا لكسب ثقة المدنين العراقيين لان التهديد الذي يمكن ان تواجهه هذه الادارة من فقدان مثل هذا الدعم في العراق  سيكون اكبر من التهديد المحتمل مواجهته في اميركا اذا ما فشلت في الحصول على الدعم هناك . ان مثل هذا السبب يبدو خطيرا على الولايات المتحدة حيث ان المتمردين في العراق يختلفون بشكل كبير عن الشيوعيين والمتمردين الاخرين في ايام الحرب الباردة : حيث يعاني من افتقار للقيادة والايديولوجية . لكن العامل الوحيد الذي يجمع الان بين مجاهدي المسلمين والبعثيين الصداميين والمتطرفين الشيعة هو الرغبة المشتركة لهم للقضاء على القوات الامريكية _ وهو الهدف الذي يبدو ان كل العراقيين يشتركون فيه ايضا . واذا ما رغبت الولايات المتحدة في اضعاف مثل هذه التنظيمات فعليها ان تحاول تجزئتها وابعاد بعضها عن استخدام العنف والاشتراك في العملية السياسية بينما تحاول القضاء على الفئات الاخرى . كما ان على الولايات المتحدة ان تشجع النظام العراقي لمثل هذا العمل بما في ذلك الجهود المبذولة لاقناع من يحمل السلاح على الانضمام الى العملية السياسية وترك العنف .

 

 

دور دول الجوار :

     من اجل العمل على استقرار البوسنة كان على الولايات المتحدة ان تعمل مع الرئيس الصربي (سولوبودان ميلوسيفيتش ) ومع الرئيس الكرواتي ( فرانكو تودجمان ) اللذان يعتبران مسؤولان شخصيا عن المذابح التي كانت تجرى هناك وتحاول الولايات المتحدة ان توقفها . وفي عام 2001 حاولت الولايات المتحدة العمل مع كل من ايران ، باكستان ، الهند وروسيا من اجل انجاح حملتها ضد طالبان لان هذه الدول عملت على تمزيق افغانستان كل على حدة . ومن المثير للدهشة ان تقوم الولايات المتحدة بالعمل العسكري ضد العراق بدون اللجوء الى تحديد استراتيجية معينة للتعامل مع دول الجوار لغرض الحصول على دعم هذه الدول . وفي الحقيقة رغم ان هدف الحملة التي قامت بها الولايات المتحدة طان عرضها المعلن هو ارساء الديمقراطية في العراق الا ان دبلوماسيتها العامة المعلنة لم تستطيع ان تكسب التعاون الدولي او الاقليمي . ان كل الجهد الذي بذلته ادارة الرئيس بوش لحشد التاييد والتعاون الدولي كان ينصب في محاولة ارساء الديمقراطية والقضاء على الارهاب ، وقد لاقت كلتا الحملتين استقبالا وشعبية واسعة فعلا للقضاء على الارهاب في مكانه وان هذه الشعوب تستحق الديمقراطية ولكن ولسوء الحظ فان هذين الهدفين لم يحظيا بالترحيب والقبول في الدول العربية وذلك لان الولايات المتحدة اختارت ان تختبر فرضياتها واهدافها في احد الدول العربية . وبالتالي فان محاولات الولايات المتحدة ارساء الديمقراطية سواء في العراق او فلسطين وما قامت به من اجتياح واحتلال عسكري افقدها الكثير من التعاون معها من دول المنطقة وبالتالي لم يصبح وجودها هناك مرحبا به .

     وهكذا كانت حرب واشنطن على الارهاب . ان العراقييون لم يكونوا بحاجة الى دروس في ما يخص الارهاب ، لانهم فقدوا الكثير من المواطنين الابرياء وهو اكثر بكثير مما فقدته امريكا في كل ما تعرضت له من عمليات ارهابية على مر التاريخ . واذا ما اخذنا بنظر الاعتبار حجم سكان العراق مقارنة بالولايات المتحدة فان العراقيين يعانون كل شهر او بعض الاحيان كل اسبوع من سقوط قتلى ابرياء اكثر من الذين قتلوا في احداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 عندما هوجمت الولايات المتحدة ، وان غالبية العراقيين يعزون هذه الخسائر في الارواح نتيجة لحرب الولايات المتحدة على الارهاب وهي اكثر بكثير من الخسائر التي يتعرضون لها من قبل الارهابين او من خسائر الارهابين انفسهم . ان الاستراتيجية التي يمكن من خلالها ان تدفع العراقيين الى تحمل المسؤولية على عاتقهم يجب ان  تتضمن تحقيق الامن ، الاستقرار والسيادة الوطنية وهذه ايضا يمكن لها ان تحصل من خلالها على دعم دول الجوار لكي تحصل على  حكومة- في بغداد - معتدلة وممثلة لجميع فئات الشعب كما عملت دول جوار افغانستان في كابول كما يجب ان تعمل على توفير حماية دولية لحدودها ودعم لجهودها في تامين تلك الحدود  .

 

المسارات المتوازية :

     على الولايات المتحدة ان تسمي مبعوثا خاصا لها في العراق تكون له مهمة استشارية لمثل هذه المسائل كما عملت ذلك سابقا مع البلقان في منتصف التسعينات ومع افغانستان بعد احداث سبتمبر .وهذا يتطلب عقد تحالفات للولايات المتحدة مع دول لها تاثير في المنطقة والعالم وبصورة خاصة مثل فرنسا ، المانيا والمملكة المتحدة  وقد تتمدد هذه التحالفات لتشمل منظمات وحكومات في كل مكان بما يسمح لها من المساعدة في استقرار العراق مثل اليابان ودول الاتحاد الاوربي والدخول في مناقشات تضم دول جوار العراق ودول المنطقة وايضا العمل مع الامم المتحدة ، الناتو ، والمنظمات الاسلامية التي تضم 56 دولة اسلامية حيث جميعها يمكن ان تساهم في دعم جهود الولايات المتحدة لاستقرار العراق .

     اما ايران فيبدو انه من الصعب اشراكها في هذه العملية حيث انها تكن عداء الى الولايات المتحدة وليس لها علاقات معها لفترة طويلة اضافة الى دعمها الى المقاومة الفلسطينية وغيرها ، ولكن في الحقيقة ان العراق لايمكن له ان يستقر بدون دعم ايران وتعاونها . اما اذا لم يستقر العراق  فان ذلك قد يمكن ايران من تحقيق طموحاتها في امتلاك القنبلة النووية والحل البديل في هذه الحالة هو اللجوء الى استخدام القوة او اللجوء الى الحصار الاقتصادي لها . واستطاعت الولايات المتحدة ان تتواصل مع ايران اثناء حرب افغانستان بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر لذا فيمكن لها ان تطور هذه العلاقة بما يخص موضوع العراق وبالفعل فقد حاولت الجهود العسكرية والقنوات الدبلوماسية الايرانية من توسيع التعاون مع اميركا في افغانستان لكن الولايات المتحدة فشلت في استغلال هذه الفرصة كما ان دعم ايران الى الفلسطينين ادى الى عدم امكانية استمرار الحوار . ولكن ايران استمرت بدعم حكومة كرازاي في طرق عدة ولم تساند او تدعم اي تهديد او تحديات ضد السلطة في كابول . ان السلام في العراق والسلام في منطقة الشرق الاوسط  يجب ان يكون من اوليات استحقاقات العرب وما تقوم به الولايات المتحدة من اعمال عسكرية واحتلال وتدمير وقتل للابرياء لا يختلف كثيرا عما تقوم به اسرائيل في فلسطين رغم ان اسرائيل تحقق انتصاراتها من خلال قتل الناس في فلسطين الا ان الولايات المتحدة لا يمكن لها ان تكون مثل اسرائيل ، سواء كان ذلك في العراق او اي من دول المنطقة . وعلى الولايات المتحدة ان تعمل على احلال  الامن والسلام في فلسطين فاذا لم تتمكن من ذلك فكيف سيكون لها ان تحقق ذلك في العراق ؟ وبالفعل فان التقدم الحاصل الان في الضفة الغربية وغزة ومرتفعات الجولان يشير الى ان الولايات المتحدة تعمل بجد في هذا الموضوع . وهناك خطوة اخرى رئيسية ومهمة على الولايات المتحدة ان تقوم بها تتمثل في الحصول على دعم وموافقة الامم المتحدة والدول الخمسة الدائميين فيها وكل دول الجوار كما حصل من سلام في البوسنة اوعندما تمكنت من الحصول على تعاون اكبر قوتين ( روسيا والولايات المتحدة ) اضافة الى مجموعة من دول الجوار وهي ست ( الصين ، ايران ، باكستان ، طاجكستان ، تركمنستان  واوزبكستان ) للتعامل مع ازمة افغانستان .ان هذه المجموعة الرئيسية يمكن لها ان تتمدد لتشمل دول عربية لتلعب دور اكبر بل حتى مشاركة عسكرية ووجود لها عسكري في العراق . وبالتوازي مع هذه الجهود الاقليمية فعلى الولايات المتحدة ان تحاول مواصلة جهود الحوار مع دول اروبا مثل باريس وبرلين ولندن وما يمكن ان تحصل عليه من دعم من دول الاتحاد الاوربي والناتو والدول الثماني الصناعية الكبرى .

 

استراتيجية الخروج :

     ان تحقيق الولايات المتحدة لاهدافها في العراق من امن واستقرار لايمكن لها ان تحصل عليه بدون تعاون الشعب العراقي ودعمه لها والى ما تقوم به من عمل ، والى دعم وتعاون دول الجوار وللحصول على مثل هذا الدعم فان على الولايات المتحدة ان تعيد تعريف وتحديد اهدافها في العراق بطريقة ان تجعل شعوب وحكومات المنطقة تتعاون معها . ان محاولة الولايات المتحدة في القضاء على الارهاب وتحقيق الديمقراطية هو سبب قيام حملتها العسكرية في العراق كما تحاول عمل ذلك في فلسطين المحتلة ، وهذا العمل ليس من السهولة ان يحقق او يدرك من قبل العرب حيث ان الحرب على الارهاب والديمقراطية ليست الافكار الرئيسية التي من الممكن ان توحد العراقيين ودول المنطقة . لذا فان على ادارة الرئيس بوش الحالية يجب ان تدعم الحكومة العراقيية الجديدة والانتخابات وان تؤكد على اهمية تحقيق السلام والاستقراروحفظ السيادة في العراق . وان الولايات المتحدة على استعداد تام للانسحاب من العراق اذا ما تمكنت الحكومة الجديدة من فرض الامن والاستقرار كما ان عليها ان تعمل على تحقيق السلام بين الاسرائيلين والفلسطينين لكسب ثقة الشعوب بها وتطوير استراتيجية جديدة للتعامل مع دول جوار العراق اضافة الى عقد التحالفات مع دول الاطلنطي والحصول على تعاونهم من اجل العمل على استقرار العراق وهذا هو فقط ما يمكن الولايات المتحدة من الانسحاب الجزئي ومن ثم الانسحاب كليا  من العراق  .

 

 

 

 

شبكة المنصور

الاحد  / 21  ذو الحجة 1428 هـ  الموافق  30 / كانون الأول / 2007 م