بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

مرة اخرى .. مع مشاريع وتحالفات الحزب الاسلامي العراقي

 

 

شبكة المنصور

المقاتل الدكتور محمود عزام

 

 يتذكر العراقيون بشكل جيد كيف ساهم الحزب الاسلامي العراقي باقرار الدستور الحالي وانقاذه في اللحظة الأخيرة عندما طرح وروج لنظرية " القبول بالمتيسر حاليا للوصول الى الهدف  لاحقا" وهذه النظرية تنطبق على مروجي مبدأ"الدخول في العملية السياسية لتفويت الفرصة على الراغبين بالاستحواذ عليها" وما رافقها من مضاعفات وصاحبي مقولة "ان الحكومة الحالية تحصيل حاصل وواقع لابد من الأعتراف به"وهكذا حتى وصل الأمر الى درجة أصبح الحالمون "بالأهداف الكبيرة " التي يسعون لتحقيقها لاحقا من أكثر المروجين لسياسة الحكومة ووصل الأمر بأحد الممثلين الأساسيين لجبهة التوافق وهو سلام الزوبعي من منصبه كنائب لرئيس الوزراء نوري المالكي يقول من على شاشات الفضائيات أنه ( يفخر بكونه لم يعمل في حزب البعث سابقا بالمقارنة مع غيره الذين عملوا في الحزب في الماضي ويعملون في الدولة حاليا!) ثم قوله في ذروة حملة الأغتيالات الهمجية التي قام بها جيش المهدي من ان ( جيش المهدي بريء من هذه الجرائم ) .

وهكذا تبنى ( ممثلي السنة!) خيار المجاملة والأيغال بتقبيل اللحى والسكوت عن الحق من أجل ( حفنة من الدولارات) على غرار أفلام الكاوبوي الامريكية..وتحول الانتماء الى حزب البعث بين ليلة وضحاها الى نقطة ضعف بعد ان كان شرفا وأمنية ..حيث يتذكر الجميع صفات  من يرفض الحزب ضمه اليه!!.

ولانعرف أين الزوبعي الآن وماذا يخطط ونتسائل مالذي استفاد من مجاملاته ومناوراته التي أغضبت العدو والصديق!

نعود الى الحزب الاسلامي العراقي ..الذي حاول اغراء بعض البعثيين بالأنتماء اليه بعد الأحتلال مباشرة.

الحزب الاسلامي العراقي وبسبب وجود تراكم كبير في المعرفة والخبرة الفكرية والسياسية والتحليلية لدى بعض العناصر في قيادته.. كان خلال الأشهر الأولى للاحتلال ( والحق يقال ) أكثر نضوجا وروية في التصرف والتصريح والتحليل للحالة العراقية وخاصة مواقف قادته في حينها وخاصة الدكتور محسن عبد الحميد  في خضم الضجيج الأعلامي والخطابي والغوغائي للأحزاب الدينية الطائفية الأخرى المرتبطة بايران والتي كانت تدق طبول الأنتقام والحقد الأعمى وتمارس ميدانيا أبشع جرائم القتل والأغتيال بحق مناضلي الحزب وكوادر الدولة والضباط والعلماء .. في وقت كان العديد ممن دخلوا العملية السياسية في بداياتها من ( السنة!) مشغولين بالمحافظة على المنصب واستغلاله الى أقصى حد ممكن..وكانت هذه الصفة واحدة من المزايا الايجابية التي استغلها طارق الهاشمي نائب رئيس حكومة الاحتلال في طروحاته وتحليلاته حتى وصف بانه الرجل الأكثر اعتدالا وحكمة ووسطية ( من بين السنة العرب).

وانطلاقا من هذه الصفة ولكونه يشغل منصب نائب رئيس لجمهورية حاليا  وممثلا عن السنة ( بموجب وصف الأمريكيين ) كونهم الجهة المشرفة والمنظمة والمسؤولة عن أداء الحكومة ..فقد استغل الهاشمي هذه الصفة وصلاحيات المنصب ليلعب دور ( الناقد لأداء الحكومة) وأحيانا ( المدافع عن المظلومين الجدد) وأخيرا ( المنقذ للعملية السياسية ).

ولغرض القيام بهذا الدور على أكمل وجه كان لابد من الحديث عن ( حق العراقيين في المقاومة الوطنية ) وضرورة التفريق بين ( المقاومة والارهاب ) وكذلك ( الدور الايراني في زعزعة الاستقرار في العراق ) وأخيرا ممارسة المسؤولية التي يمليها ( الضمير ) من خلال موقعه في مجلس الرئاسة ومصادقته على قرارات مجلس النواب والموقف من اعدام الضباط في الجيش العراقي السابق والمعتقلين في سجون الاحتلال والدولة وأخيرا مشروع الميثاق الوطني الذي طرحه وتحدثنا عنه في مقالة مفصلة سابقة.

وتزامنت حملة طارق الهاشمي مع خطب صلاة الجمعة التي تبثها قناة بغداد الفضائية ومقابلات القنوات الفضائية الاخرى لمسؤولي الحزب الاسلامي ..الى ان تتوجت هذه التحركات هذه الايام بتوقيع اتفاق وصف بأنه ستراتيجي بين الحزب الاسلامي العراقي والحزبين الكرديين الديمقراطي والاتحاد الوطني الكردستاني.

لقد تباينت رؤية القوى السياسية للأهداف الحقيقية لهذا الاتفاق ..

سامي العسكري مستشار المالكي ..قال ( انه يرحب بهذا الاتفاق الذي سيقوي التحالف الرباعي بين الائتلاف والأكراد وبالتالي سيقوي الحكومة)..

ممثل آخر عن الأتلاف يقول ان هذا الاتفاق هو ( اتفاق المحبطين ! لأنه يستهدف انشاء جبهة سنية بين العرب والاكراد لعزل المالكي!)..في وقت قلل المتحدث باسم الحكومة العراقية علي الدباغ من أهمية هذا الأتفاق !

ما يقوم به الحزب الاسلامي العراقي اليوم يذكرني بفتوى بعض الجهلة حول اقامة الصلاة للمدمن على الخمر وهي : بأن يؤدي فريضة صلاة العشاء ثم يتوجه بعد ذلك  لمائدة الخمر العامرة مع أصدقائه ومؤانسيه الى ان يهديه الله ليترك الخمر !

أما الأتلاف العراقي فهم أقرب الى الصراحة من ( ممثلي السنة !) فهم يقولونها بصراحة وبلا خوف وبلا غموض وبلا مجاملة :

-         هم ضد المقاومة العراقية بمختلف توجهاتها وفصائلها وانتماءاتها وبرامجها سواء تلك التي تهاجم الاحتلال وحده أوتلك التي تهاجم  الشرطة والجيش وانه لا يوجد شيء اسمه مقاومة بل هناك ارهاب وكل مايجري من عمليات عسكرية ( ارهابية ) يقوم بها ويشرف عليها ( ازلام ) النظام السابق والصداميين والبعثيين .بينما الحزب الاسلامي يثقف أعضاءه للعمل على الصاق تهم التفجيرات التي تستهدف الابرياء بالبعثيين ( والتي يعرفون ان ايران وميليشيات الأحزاب الحليفة لهم هي التي تقوم بذلك)..وقادة الحزب الاسلامي يشترطون الكسب السياسي لهم للوقوف الى جانب المقاتلين في فصائل المقاومة العراقية البطلة ..يتقاسمون الليل والنهار في الدعم والتأييد والادانة والتنكيل .

-         وأن هدفهم الأساسي هو القضاء على حزب البعث العربي الاشتركي وقياداته ومناضليه وتزوير تاريخ ومبادئ ونهج الحزب ومحاربة اصدقاءه والمدافعين عنه .والحزب الاسلامي يتحين الوقت الذي يقوم الأئتلاف بهذه المهمة ليتخلص من الحزب الذي لايريد ان يفتح جبهة علنية ضده.

-         وان ايران هي منبع أفكارهم وتوجهاتهم وعلى السياسة والادارة والاقتصاد العراقي ان يرتبط ارتباطا مباشرا بايران .والجماعة أصدقائهم وأعدائهم متغيرون حسب الظروف.

-         وان كل تحركات الاشخاص والاحزاب الداخلة معهم في العملية السياسية والتي تنتهج سياسة معارضة ونقد توجهاتهم هي تحركات مريبة يراد منها (اعادة النظام السابق) .والجماعة لايريدون ان تلصق بهم تهمة الرغبة باعادة النظام السابق وعلى الرغم من عدم حاجة حزب البعث ورجال النظام السابق لتزكية من أحد ..الا ان الجماعة يبتعدون عن ذكر حقائق التاريخ وحق المواطنة وحق الانتماء للعراق عندما يستوجب قول الحق الكلام والتنويه لصالح الحزب ومناضليه.

-         وان ( ممثلي السنة! ) المشاركين في الحكومة والبرلمان هم شركائهم في العملية السياسية..ويتحملون حسناتها ومساوئها ..بينما الحزب الاسلامي يصر على عدم مسؤوليته عما جرى في سياسة الدولة في وقت هو جزء من التوافق ..والتوافق يشغل اعضاءه مناصب نواب لرئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب اضافة الى الوزراء والمدراء العامون وغيرها من المناصب .

-         وهم يرون ان مفهوم المصالحة الوطنية هو المصالحة مع الحلفاء وليس مع الأعداء ..أما حزب البعث فأنه من ( المحرمات الحديث عن مشاركته بمفاوضات المصالحة!) ..والأخوان يرون ان المصالحة تكون بين ( جميع الأطراف) واذا ذكر حزب البعث فهو ( ضمن الجميع !) ولا تتم الأشارة اليه بشكل صريح خوفا من ردة فعل الأئتلاف.

وهكذا ..عين في النار.. وعين في الجنة..

ولأننا لايمكن ان نعتب على الأئتلاف وشخوصه ورموزه ولا على الاحتلال ..نقول للحزب الاسلامي العراقي وقياداته ومنهم الى كل مكونات جبهة التوافق العراقي والقوى الأخرى المشاركة في العملية السياسية وتنتهج الآن منطق المعارضة لها :

في الوقت الذي يحدد الأخرون موقفهم يبقى موقف الاخوان متذبذبا ..غامضا..كحالهم منذ ان أسسوا حركتهم ..تراهم في منتهى الثورية والوطنية وفجأة ينقلب موقفهم الى أدنى درجات المهادنة والمراوغة ثم يتحول فورا الى النقد اللاذع والذي سرعان ما ينتهي بأتلاف او اتفاق أو وثيقة عهد ستراتيجية ..

الغريب أن الكثير من قادة وكوادر الحزب الاسلامي يعرفون بشكل جيد الفرق الواضح بين الأبيض والأسود..بين الحق والباطل ..بين الشرعية وكيف تم اغتصابها من أهلها وبين الدخلاء والغزاة الذين نصبوا انفسهم بدلاء عن اختيار الشعب لقيادته الوطنية ..ولأن أغلب قادة هذا الحزب ومفكريه كانوا ضباطا او اساتذة في الجامعات العراقية في زمن النظام الوطني السابق فهم يعرفون جيدا الفرق بين ديمقراطية البعث وديمقراطية الأمريكان ..وديمقراطية الحكيم والمالكي..

ولأن السيد طارق الهاشمي كان ضابطا سابقا في الجيش العراقي البطل..فهو يعرف ويعلم علم اليقين ان ايران هي التي ضربت حلبجة بالسلاح الكيمياوي فهل ذكر هذه الحقيقة  خلال زيارته لمقبرة حلبجة في صبيحة عيد الأضحى المبارك هذا العام..ام انه تعلم اسلوبهم في قول ما لا يؤمن به القلب ..وهو لن يقول ذلك ..ولن يشرح ما دام على حاله الآن ماذا تعني ( الأنتفاضة الشعبانية ) ولماذا قاومها الشعب والجيش..لأن المطلوب منه الآن ان يجامل على حساب الحق ..

ويعرف المفكرون في أيديولوجية الفكر للحزب الاسلامي العراقي أن الهرب من الحالة لايعني اتخاذ   موقف منها .. ودعوة السيد الهاشمي لعدم تنفيذ أحكام مهزلة ودجل محكمة الانفال بحق السيد وزير الدفاع العراقي الشرعي لا يعفيه من سكوته على اعدام سيد شهداء العصر والأنسانية الشهيد الخالد صدام حسين وبقية رفاقه وفي محكمة لم نسمع أي رأي أو تقييم منهم عليها ..وسكوته على الدعوة لأعدام بقية المقاتلين في قضية الأنفال ..والسبب معروف ( ويعرفه مفكروا الحزب الاسلامي  ) ..وهو اما أنهم مقتنعين بكل ما جرى ويجري ..أو هي مجاملة للحكيم والمالكي والصدر والطالباني والبرزاني ..خياران أحدهما أتعس من الآخر.

هل هي سياسة الحزب ..ام انه الغياب الواضح للنظرية الفعالة..أم هو التيه بين ماتعلموه طيلة عشرات السنين وما يمارسوه الآن..

هل هي خياراتهم الدائمة بالاتجاه الى أضعف الايمان!..

أم هي ميزات اللعب على الحبال ..

mah.azam@yahoo.com

 

 

 

 

شبكة المنصور

الاحد  / 21  ذو الحجة 1428 هـ  الموافق  30 / كانون الأول / 2007 م