بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

الى الامهات والاخوات والرفيقات وام حذيفة وكلشان

 

 

شبكة المنصور

 المقاتل الدكتور محمود عزام

 

أنتي أيتها الأم  والأخت الكبيرة ..

عندما كنا صغارا كنت تبردي لكي ننعم بدفء الغطاء الوحيد.. وتجوعي لكي نأكل ماتيسر من القليل ..ونلبس ماتؤمنيه من جديد وأنت تعودي على نفس القديم.. وعندما كنا نكبر كنت تراقبينا بزهو وفخر..وعندما ذهبنا الى المدرسة كنت ترافقينا الى الصف ..وتنتظري امام المدرسة لنعود معك ..تذودي عنا الريح وبرد الشتاء وتجعلين جسمك لنا واقية من حرارة ولهيب الشمس .. تضعينا تحت ثيابك خوفا من أن يمسنا المطر..ويوما بعد يوم تتلاشى امامنا قلائدك وحليك الذهب لكي نستمر ولانشعر بحاجة ..ولانتذكر مرة خرجنا لفترة قصيرة بدون دعواتك وصلاتك وانت تودعينا الى باب الدار وتربطي لنا الأكمام ورباط الحذاء وتصففين لنا الشعر وترشقين الماء خلفنا ويظل قلبك عند الباب يتلهف لعودتنا سالمين..وعندما نعود كان يجب ان نقص عليك كل شيء وأنت كالطفل الصغير يتلهف ليسمع منا ويضحك لأننا بدأنا نفكر ونختار ونتصرف..كنا ننضج وأنت تذبلين ونكبر وانت تكابري في خدمتنا ورعايتنا والحرص علينا ..وعندما كنا نتحدث بالسياسة كنت تنصتين بخوف وترقب وحذر ..وكنت غير مرتاحة لتأخرنا الطويل وهذه العلاقات الجديدة التي لم نعد نخبرك عن تفاصيلها وعن هذه الكراريس والاوراق التي نهتم بها اكثر من اهتمامنا بامتحان البكالوريا ..عندما كنت تسألين كنا نقول لك انها اوراق ومناشير تخص بيتنا والوطن والعراق ..وكيف بهذه الاوراق تحمون البيت والعراق ؟ ..نحمي العراق بها مثلما ندخل الكليات بهذا الكتب وهذه الاوراق !..ولماذا تجتمعون ؟ نجتكع لنتدارس مهامنا مثلما نجتمع لنذاكر كتبنا ومناهجنا ..وعن أي شيء تتحدثون؟ نتحدث عن هموم الوطن وكيف ننقذه من المحنة والهوان والتبعية والضعف والفقر والامية ..ومن انتم ؟ نحن أعضاء في حزب يهتم بالشعب ويؤمن بوحدة الامة وحريتها ويدعو لتقاسم ثرواتها وتقوية مكانتها بين الامم ..وما هو هذا الحزب ؟ انه حزب البعث العربي الاشتراكي ..يعني موشيوعيين؟ لا يمة لا خية موشيوعيين!..عفية بابني ..عفية باخوية ..بس ديروبالكم على مستقبلكم ودراستكم !

ونجحنا في دروسنا ونجحت الثورة في تموز ..ودخلنا الكلية ..

انت المناضلة الحقيقة ..نضال مستمر..ودواء لكل مرض ووسادة من الم الايام القديمة والجديدة ..كنت معنا في الكلية ..أو في ساحات التدريب ..وتتفاخري ان ابناءك واخوتك هذه ملابسهم .. 

بدلة بيضاء لطلاب الكلية العسكرية..لأن ابني واخي سيصبح ملازم في الجيش العراقي.. 

وهذه لهم لأنهم في كلية القوة الجوية ..لأن ابني وأخي سيصبح ملازم طيار في القوة الجوية العراقية .. 

وابني وأخي سيصبح ضابط طبيب او ضابط مهندس او ضابط بحري .. 

كنت تحسبين الايام يوم يوم ..معنا في كل مكان وزمان ..في التنظيم الحزبي والواجبات والخفارات والتصدي للمؤامرات والتحديات ..في المسيرات والمظاهرات والندوات والاجتماعات والمؤتمرات ..

بلسما لجروحنا وعنوانا للتضحية والايثار .. 

وجاء عام 1980 .. 

ومشينة للحرب .. 

كنا مع كل معركة نراك قربنا تقاتلين معنا ..مرة تناولينا القذيفة للمدفع ..ومرة تعطينا شاجور البندقية..تجلسين قربنا داخل الدبابة ..وعلى المدرج تودعينا ونحن نقلع بطائراتنا المقاتلة لنضرب اوكارهم ونذود عن سماء العراق ..وعندما كنا نعود كنت تتفاخري ببدلاتنا العسكرية ونتذكر انك لم تتغيري على الرغم من شدة وطأة الدهر ..تقومين لنا بنفس الادوار ونفس الاعمال..   

وخرجنا سالمين بعد ثمانية سنوات ومنتصرين وأكتافنا ازداد بريقها ذهبا وصدورنا مليئة بالاوسمة والنياشين والانواط  التي نفتخر بها لأن كل وسام او نوط كانت يد الرئيس القائد صدام حسين قد لمسته وثبتته على صدورنا..وأنت مع الأيام تزدادين فخرا وكبرياءا ويزداد ذبولك وتعبك..والاعداء يزدادون شراسة وحقد وتآمر ..وطوقونا بعد أن حميناهم وأبعدنا عنهم الشر ..ودخلنا الكويت ..

ودخلنا منازلة جديدة ..أخذت منك بقدر كل تلك السنين ..وهذه المرة حاصروا العراق ومنعوا عنك الدواء ..وهم يزدادون غيا وحقدا ..حتى جاء آذار عام 2003... 

عندما واجهنا العدو هذه المرة كانت معركة ولا كل المعارك التي سمعنا عنها او التي درسناها أو قرأنا عنها..العراق أمام كل العالم ..وكل قوى الشر تواجه العراق والحزب ..أمريكا بكل قوتها مع حلفائها تواجهك انت أيها الأم الحنون والأخت المضحية..في مواجهة كل تلك الليالي من السهر والتعب والتضحية والايثار والترقب والتأمل والأمل..يريدون ان ينالوا من الفخر الذي بنيتيه طيلة هذه السنين من التربية والتعب والصبر والتضحية .. 

وعندما احتلوا العراق ..هدموا بيتنا الذي تسكنين فيه وسرقوا كل ذكرياتك ..وانت كما انت .صامدة ومضحية وصابرة .. 

ايه أيها الصبر.. 

تعال منها تعلم ..واكتب عنها ..وذكرها بالليالي الطوال التي كانت تسهر فيها لننام ..وتقتر على نفسها لتعطينا ..اليوم كل العالم الكافر يواجهها ويتقصدها .. 

أنت يا أمي وانت يا اختي .. 

انا وان كنت  اليوم عليكم بعيد..فانا اقرب اليكم من أي وقت مضى ..انا في كل شارع وبناية وحي ..في كل قرية وسهل ووادي ..انا اليوم مقاتل ..اقاتلهم وجها لوجه ..ببندقيتي وقاذفتي وراجمة صواريخي ..تركت اليوم دبابتي وطائرتي ..وألقابي وانواطي ورتبي وشهاداتي ..لهذا اليوم انت نذرتيني ..أنا اعرف انك لازلت كما انت رغم كل هذا الضيم والظلم ..انت لازلت تنتظريني ..تذكري اني خرجت من قبلها في كل المنازلات منتصرا ..فكيف لا اخرج من هذه ظافرا وانت مصدر الدعوات والالهام والبركات..فوالله لن يهنأوا بيوم في العراق فيه مثلك امهات واخوات.  

وستبقين لي صدرا حنونا ..وبلسما شافيا لجروحي التي ما عاد جسمي يسعها ..احفظي لي دفاتري وصوري وملابسي والنياشين وانواط الشجاعة  والاستحقاق واوسمة الرافدين .. 

أنا عائد اليك من منازلتي لهم اليوم لأغفو بحضن وطني قليلا..  

لأبكي في صمت ذكرى رحيل معلمي وقائدي وأبي وأخي ورفيقي وعنوان رفعتي وعزي وفخري وشموخي وصبري وتضحيتي وصمودي.. 

 شهيدنا القائد الخالد صدام حسين .. 

أنا عائد اليك  لتضمدي لي جراحي ولتربطي لي الأزرار.. وتشدي لي على عضدي..

 وحضري لي الماء لتلقيه لي بعد ان اخرج لملاقاة اعدائي .. 

 

mah.azam@yahoo.com

 

 

 

 

شبكة المنصور

السبت  / 20  ذو الحجة 1428 هـ  الموافق 29 / كانون الأول / 2007 م