بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

البعث والمقاومة .. والأفول الأمريكي

 

 

شبكة المنصور

المقاتل الدكتور محمود عزام

 

بعد انهيار الأتحاد السوفيتي وظهور ( زعامة القطب الواحد) ..وتنامي القدرة المريكية المثيرة في كل الميادين ( والأخراج والأنتاج البالغ الجودة لانتصاراتها في عاصفة الصحراء واحتلال أفغانستان ) ..بدأت الأدارة الأمريكية التي ( غاصت في أحلام الغطرسة والغرور ) بالتفكير جديا بتفعيل ( الخطط الجاهزة منذ زمن !) لغزو العراق ..

وتمت عملية الاعداد التفصيلي لهذه ( النزهة!) ..وكانت ( المعارضة العراقية ) التي أثقلت ميزانيات ال CIA والبنتاغون والاستخبارات العسكرية والأمن القومي صاحبة الحظ الأوفر في تلك الأيام لتوضيح أهمية ( تغيير نظام صدام حسين ) ورسمت صورة وردية لما سيحدث عندما يدخل الجيش الأمريكي الى بغداد..وكيف ان ( الجنة العراقية الجديدة ) التي سيبنيها ( الأمريكان مع المعارضة ) ستكون ( قبلة ) المحرومين في كل العالم وليس في المنطقة العربية فقط ..

وعندها ستكون الولايات المتحدة ( العون الجاهز ) لكل الشعوب المضطهدة والمظلومة والمحرومة لتغيير أنظمتها لتحل محلها ( انظمة ديمقراطية ومتحررة وعصرية ) فامريكا ( صديقة الشعوب !) وهي مستعدة دوما ( للتضحية بجنودها وأموالها  من اجل تحرير هذه الشعوب المحرومة !) ..وهكذا ( تم اصطياد العنجهية الأمريكية  في شرك أصدقائها وأعدائها!)    لقد كان ( الفخ العراقي ) الذي وقعت الولايات المتحدة الامريكية فيه من أهم العوامل التي مهدت الطريق لظهور قوى جديدة لم يحسب لها حساب :

-         فهاهو ( الدب الروسي ) ينهض من جديد  تاركا سباته الشتوي الخانق وتبخرت على حين غرة كل الآمال باحتواء ( روسيا غير الحمراء ) بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ..وبدأ اعتماد منطق جديد في التعامل معها بقصد عدم اثارتها وتمثل ذلك في أزمة قواعد الصواريخ المضادة التي اثير حولها الجدل.. واليوم للروس جيش قوي واقتصاد بدأ يهيمن على امدادات أوربا من الطاقة رغم الضغط الامريكي للبحث عن بدائل للطاقة في اوربا ..وخطوط الطاقة التي تمدها موسكو ستكون الورقة الرابحة التي تجرد واشنطن من الهيمنة الفعلية على اوربا اذا لعبها الروس بذكاء ..واليوم روسيا تتحدث عن ( السياسة الفاشلة ) التي تتبعها الولايات المتحدة في معالجة قضايا العالم وخاصة تدخلها في الشؤون الداخلية لكل دول العالم ورفضها للشعور ( بحتمية الوصاية الامريكية على العالم ) ..وعلى الرغم من اثارة امريكا لعدد من المشاكل الداخلية لروسيا الا ان النظام يزداد قوة والتفاف شعبي كبير حوله ..وظهرت من جديد لغة الضد للضد كما حدث في مشكلة الملف النووي الايراني ..والملف الكوري الشمالي ..وروسيا اليوم جمدت معاهدة الحد من انتشار الأسلحة التقليدية واعادة انتشارها في اوروبا ..هم عرفوا الان ( بعد حرب العراق ) كم ان الولايات المتحدة  ضعيفة امام ارادة الشعوب ..حتى تلك الشعوب المحتلة من قبلها مباشرة ..واذا كان من (أحد اهم الخاسرين ) في ( النصر الأمريكي المزعوم في العراق )  فهم الروس أنفسهم..ومن حول (هذا النصر ) الى هزيمة ..وحول امريكا التي كانت تتزعم العالم الى دولة وادارة فاشلة وكاذبة ومزورة فهم العراقيون ومقاومتهم الوطنية البطلة..  فاليوم ليست امريكا تأمر فتطاع ..انها اليوم تطلب ولا من ملبي!..والنظرة اليوم لروسيا هي نظرة الشريك وليس التابع لأن روسيا بوتين ليست روسيا يلتسين ..

-         و( التنين الصيني ) لا يوجد من يستطيع اليوم ان يجمح نشاطه وهيمنته وتطوره واتساع شبكة سيطرته في العالم ..فالصين اليوم لها موقف ..وكلمتها يحسب لها الف حساب ..وولى عهد الانبهار بربطة العنق الامريكية وسيجاير المارلبورو الى غير رجعة ..فاليوم أربطة العنق المصنعة يدويا من الحرير الطبيعي  تباع في ارقى المتاجر الامريكية والفرنسية والسويسرية وأغلب الماركات تصنع في الصين ..والصناعة الصينية تخطت كل الحواجز ووصلت الى الاقمار الصناعية ..

-         وعودة ( البازار الايراني ) للعب على حبال السياسة المستفزة للامريكان جعلت الخارجية الأمريكية والأمن القومي مثار للسخرية فهم اليوم أقوى من الأمس ويزدادون قوة وتحدي كل يوم ..والملف الأيراني النووي بات مهينا لأمريكا أكثر من كونه مقلقا ..والتواجد الأيراني في كل مفاصل الحياة السياسية والعسكرية والأمنية العراقية وتأثيره  أصبح عارا جديدا ( للهيمنة الأمريكية) ..فأمريكا التي تريد ان تقود العالم عاجزة اليوم على التحكم بشؤون العراق الذي يرزح تحت احتلالها بدون ( المساعدة الايرانية!) ..وايران اليوم هي التي تضع الشروط لمساعدة امريكا على الخروج من مستنقع الوحل الذي وضعت نفسها فيه..واذا ارادت امريكا ان تلوي ذراع ايران باعتقالها لخمسة ايرانيين في العراق ..فان ايران قادرة على لوي ذراع امريكا لأنها حسب ادعائها (تحتجز كل القوات الأمريكية في العراق!!).

-          و ظهور ( تغيرات مهمة ) في افغانستان والباكستان لم تكن في الحسبان ولم يتم ادخالها في ( برنامج الحاسوب الأمريكي الخاص بهذه المنطقة الحساسة من العالم) وخيبة أملها في باكستان وحاكمها.. بسبب تجاهل السياسة الأمريكية لعوامل ارادة الشعوب وتطلعها للتحرر من الهيمنة الأمريكية .

-         وهاهي الهند تسير بخطى صناعية وتنامي سكاني وبشري هائل ليمثل قنبلة موقوتة في أي وقت.

-         وبدات ( معالم قيادات نفطية معادية ) تأخذ حيزها في سياسة الطاقة ..وخاصة الدور الفنزويلي المعادي لأمريكا .

-         ما نتابعه اليوم من تقلبات سياسية وتحولات اقتصادية، وتراجع نفوذ أمريكا في مناطق كثيرة من العالم،

-         وتزايد موجات العداء لسياسة الولايات المتحدة  في تركيا الحليفة الستراتيجية التي مثلت لفترة طيلة ( طبيعة النظام العلماني المطلوب امريكيا) .

-         وما نقرأه اليوم من العناوين الرئيسية عن أميركا، تبدو مألوفة إلى حد ما، إلى درجة تبعث على الملل، قراءة وكتابة، فأميركا زجت بنفسها في حرب غير قابلة للكسب في بلد بعيد، هو العراق، الى درجة ان  سمعة الولايات المتحدة وصلت الى الحضيض سياسيا وعسكريا ..وجعلت الكونغرس، بل والشعب الأميركي نفسه، يندمان على تأييدهما لتلك المغامرة في البداية..اضافة الى تريليونات الدولارات التي تنفق ونعوش آلاف القتلى الامريكان  التي تصل تباعا من اجل مغامرة فاشلة  و قضية خاسرة.

هذا هو حال الامبراطوريات عبر التأريخ..لا بد ان ياتي اليوم الذي تغرب عنها الشمس ..وامريكا سوف لن تسقط فجأة بل ستضعف بالتدريج والخبراء الستراتيجيون الامريكان اقترحوا ستراتيجية ملائمة للغروب الامريكي وهي السياسة التي تعرف ( بمسالك الأفول النسبي الامريكي الذكي ) الذي يتضمن الكثير من الاتجاهات والسياسات اتي تعتمد على المرونة والتكيف والانسحابات المدروسة على الرغم من تناقض اتباعها مع السياسات المعلنة وستركز هذه السياسة على الابتعاد التدريجي عن الاستفراد بالعالم وتتجه الى الاثراء والاستثمار ..

المهم سواء كان هذا الاندحار الامريكي في العراق بداية لأفول امريكا.. او انحسارها.. أو نهايتها ..

فان الذي يقف وراء هذا الاندحار هي المقاومة الوطنية العراقية البطلة وضميرها الحي حزب البعث العربي الاشتراكي..رمز المقاومة وعنوان تصديها واقتحامها وتضحياتها..

الحزب ومناضليه الذين كانوا  هدف الغزو الأمريكي ..البعث منبع التضحيات من أجل الحق والشرعية ..ومن أجل العراق..

تحية للبعث الخالد الذي قدم ويقدم قرابين الشهادة فداءا للعراق ..

المجد والخلود لشهيد الحج الأكبر ورمز الشهامة والبطولة والرجولة والعز والفخر ..الشهيد الخالد صدام حسين ..

عاش البعث ..وبوركت أيادي مناضليه مع كل ضربة للعدو الامريكي ومرتزقته العملاء والجواسيس الذين نصبهم لنهب العراق وقتل خيرة شبابه..

عاش البعث والمقاومة الوطنية التي شرخت وحطمت صنم الهيمنة الأمريكية ..وحجزت لها مقعدا في قوافل الآفلين..الى الأبد..

ومع كل ضربة للبعث والمقاومة في جسم الأحتلال وأعوانه ..نقترب من النصر .. وبواخر المعتدين.. تهرب الى الغروب ..

حيث طريق اللاعودة ..

mah.azam@yahoo.com

 

 

 

 

شبكة المنصور

الاحد / 29  ذو القعدة 1428 هـ  الموافق  09 / كانون الأول / 2007 م